أثناء
الصيام تحدث في جسم الإنسان متغيرات
فسيولوجية كثيرة. فما مدى تأثير هذه
المتغيرات في جسم الصائم من الناحيتين
الجسدية والصحية؟
أثبتت
الدراسات العلمية أن حجم الدم في جسم
الصائم يبقى ثابتاً نسبياً أثناء الصوم.
لكن ثمة متغيرات تحدث داخل تكوين الدم
فقط مع ثبات حجمه. وقد لوحظ أن عدد كريات
الدم تزيد في اليوم الثاني عشر من الصوم
على مليون ونصف المليون كرية إلى ثلاثة
ملايين كرية (أي الضعف) ولوحظ في جسم
الصائم أيضا زيادة كمية صباغ الدم (الهيموجلوبين)
وتحسن نوعيته. ومما هو ثابت علمياً أن
الدكتور (هاي) قد عالج 101 مريض اصيبوا بفقر
الدم الخبيث المعند (بطئ الاستجابة
للحديد) بالحمية الغذائية الجيدة
والصحيحة ونجح بهذا في شفاء 93 مريضاً
وفشل في علاج 8 حالات فقط. وقد وصف هذا
الطبيب ذلك فقال أن عدد كريات الدم
الحمراء تنقص خلال العشرة أيام الأولى في
الصيام ثم تظهر الكريات الشابة تدريجياً
لتختفي الكريات الحمراء الشائخة التي
كانت متواجدة في بداية الصيام. وكذلك
يظهر في جسمه احمرار خفيف قد يكون غير
ملحوظ للشخص غير المتخصص كما تطرأ بعض
النعومة بالجلد مما يؤدي إلى تحسن ملحوظ
في دوران الدم بالجلد. واحب أن أشير إلى
أنه ليس هناك برهان يثبت أن حالة العظام
تسوء أثناء الصوم، فهي تستمر في النمو
والتكاثر والتعويض بصورة طبيعية فقط
بنقص حجم مخ العظام قليلاً وهو شيء
مستغرب لاحتوائه على كميات غذائية كبيرة.
واثبتت
التجارب أن الأسنان يقل بها نشاط السوس
والبكتريا أثناء الصوم وتزداد كمية
الأجسام المضادة في اللعاب، وربما أن
هناك حكمة خافية عنا تفسرها هذه الحقيقة
العلمية في قول الرسول الكريم (لخلوف فم
الصائم اطيب عند الله من ريح المسك).
ولا
يطرأ أي تغيير عليه أو على الجملة
العصبية، ويظل الدماغ محافظاً على وزنه
أثناء الصوم. وإذا اعتاد الإنسان على
حدوث الصداع خلال الأيام الأولى فهو لا
يعود إلى احماض الدم الخفيف الواصل إلى
المخ كما يعتقد فيما قبل، بل التفسير
العلمي الحديث يميل إلى كون هذه الظاهرة
تعود إلى عوامل نفسية بحتة.
ومن
المتغيرات الفيسولوجية الأخرى في جسم
الصائم ينتقص وزن الكبد أثناء الصيام،
وكلما زادت فترة الصيام زادت نسبة النقص
في الوزن، إلا أن هذا ليس بسبب نقص
الخلايا المكونة للكبد بل بسبب نقص الماء
والجليكوجين المدخر داخل الكبد، ويؤدي
ذلك إلى مردود ايجابي، كما سيرد فيما بعد.
وتبقى
الكليتان بوزنهما الثابت تقريباً أثناء
الصوم وخصوصاً عند الشباب.
وينقص
وزن الرئتين قليلاً جداً ولكن تزيد نسبة
الالستيسية في نسيج الرئة بسبب غير معلوم
حتى الآن، ولكن لوحظ أن الصوم ساعد في
شفاء كثير من الأمراض الرئوية كالتدرن.
أما
عضلات الجسم فتفقد حوالي 40% من وزنها الذي
كانت عليه قبل الصوم، أما عضلة القلب
فإنها لا تخسر إلا 3% فقط من وزنها، غير أن
عدد الخلايا العضلية يبقى ثابتاً في جميع
الاحوال، ويعلل ذلك بنقص الحجم وليس
العدد.
القلب
يبقى على وزنه إلا انه لوحظ أن القلب يدق
80 دقة في الدقيقة أي ما يعادل 115200 دقة في
الـ24 ساعة، أن عدد الضربات يقل إلى حوالي
60 دقة/ دقيقة من الأيام الأولى وبعد ذلك
يثبت عند هذا الحد حتى نهاية الصيام. هذا
النقص يوفر 28800 دقة/ 24 ساعة وهذا معناه قلة
المجهود الملقى على القلب وراحته بقدر
كبير هذا من ناحية الكم. أما الكيف فقد
لوحظ أن الصوم يحسن قوة دقات القلب وكمية
الدم المندفعة عند كل دقة. البنكرياس لا
يحدث به تغير يذكر عند الصوم.
أما
الطحال فينقص وزنه بفقدانه لكمية كبيرة
من الماء الموجود به.
والمعدة
يلاحظ إنها تقوم بتجديد شبه كامل
لخلاياها أثناء الصوم، ويزداد نشاط
الغدد الميونسينية مما يوفر مزيداً من
الحماية للغشاء المبطن ويزيد حجم عددها
وقوة عضلاتها مما يعود بمردود إيجابي على
عملية الهضم.
أما
بالنسبة للتبدلات الكيمائية في جسم
الصائم فان الجسم لا يفقد المعادن
والمركبات غير العضوية بالسهولة التي
تفقد بها المركبات العضوية، وكلما كانت
المادة اكثر أهمية للجسم قلت نسبة ضياعها
مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم.
فيما لوحظ أن العضلات تفقد كثيراً من
الصوديوم وكذلك كريات الدم الحمراء مما
قد يكون له مردود على اعتدال ضغط الدم في
بعض النظريات العملية، فيما لا يفقد
الدماغ والطحال والكبد أية معادن هامة.
أما عنصر الحديد الهام والناتج عن تكسر
كريات الدم الحمراء الشائخة فان الجسم
يختزنه داخل الكبد والطحال، الأمر الذي
يؤدي إلى توفير مادة الحديد الضرورية
لميلاد كريات شابة جديدة.