2000 تشرين الاول |
1421 رجب |
العدد |
|
مجلة |
الضوء |
من |
ضوء |
--- جوزيف الهاشم(*)--- |
عرينــــة الشــــام، غنّــــي يــــوم طلّتـــــه، وسبّحــــــي الله فــــي ذكــــرى ولادتــــــــه يطلُّ (كالضوء من ضـــــوء)(1) وينشــــره كالبدر يعكـس شمســــاً وهــــجُ جبهتـــــــه هو الإمــــام (حســــام الديــــن) فارســـــه، ما زغــــرد السيــــف إلا بيــــن قبــضتـــــه يــــدُ النبــــوة شــــدّت عــــزم ســــاعــــده، وأطلقـــتــــهُ إمــــامــــــاً مــــن طفــولتـــــه فــكــــان ظــــــــلّ رســــول الله، (كاتبــــه) وأوّل القــــوم إيمــــانــــاً بــــدعــــوتـــــــــه سيــــد البيــــان، (وباب العلم)(2) مشترعاً والفقه مذ كـان، نهــــجٌ مــــن بلاغتـــــــــه |
* * * |
هو الفتــى، أم هو المفتيُّ(3) (قاصعةٌ)(4) وقفاتُ منبــره فــــي (شقــــشقـيتــــه)(5) محجّةُ الشــــرع، (أقضاكم)(6) وإن سلفت (خلافةٌ، هلكــــتْ)(7) مــــن دون حكمتـــــه يُعــــبُّ مــــن منهــــل القــــرآن، يحفـظــــه (والنهج)(8) كالبحر، فاغرف من غزارتـــه يغوص في موجه القرصـــأن، إن لمســــتْ يــــداه دُرّاً، هــــوى فــــي قعــــر لجّتـــــــــه أعــمــــاقــــه قُـــلــــَلٌ، أغــــواره قــمــــــــمٌ إلى مدى الله، تــــوقٌ نحــــو رحمــتــــــــــه أنّى التفتَّ نهـــىً، أنّــــى اتجهــــت هــــدىً وحيث أبحــرت ضــــوء مــــن منــــارتــــــه هنــــا العــــدالــــةُ، نــــورُ الله مــــذهبُهــــا ودولــــــــةُ الحــــقّ آيٌ فــــي شريعــتــــــــه هنــــا الفضيلــــةُ عنــــوانُ الحيــــاة هنـــــا عنـــوان مجتــــمــــعٍ، عــــنوانُ قــــادتــــــه هنا السياســــة مصبــــاح السمــــاء تُقــــىً يا ليتهـــم فهمــــوا معنــــى سيــــاستـــــــه! كــــأنّ دونــــك دســــتور الوجــــود، فـمــــا زلّــــت شــــرائعــــه فــــي دنــيويّــتـــــــــه.. هـــو الفتــــى، نبــــويُّ العبْــــقِ، محـتــــدهُ (كالملح في الأرض)(9) فاذكر بعض قصتـه أيــأم (بــدرٍ)، (حنيــــنٍ) (خنــــدقٍ)، (أحدٍ) والبيدُ والصيدُ تحكــــي عــــن بطولـــتـــــــه ويــــوم (خيبــــرَ) في حصــــن اليهود دوى لذي الفقــــار صليــــلٌ قبــــل صــــولــتــــــــه تزعزع الحصن، مــن هــول الدويّ، ومـــــا جــــادت بثانيــــة نجــــلاء ضــــربتــــــــــه.. على (يديه يتم الفتـــح)(10)، كـم خفقـــت (سيوف ربك)(11) ظـــلاً فــــوق جنتــــــــه! يذود عـن حُرمــات الحــــوض، يحرسهــــا، والحمد والحُلم بعـــضٌ مــــن طهــــارتـــــــه يشــــــــدُّ درعَ نـــبــــــــي الله مبــــتهجـــــاً، وطيف جبريــل يثــــوي فــــي عمــــامتــــــه لســــانُــــــه حــجــــةٌ للمشــــركـيــــــــن إذا ضــــاقــــوا بحجّتــــه، هانــــوا بساحتــــــــه ما كــــفّ إلا مــــع التكبــــيـر ســــاعِـــــــدُه وللصــــلاة انحــــنــت هيفــــاء قامــتــــــــــه هذا الامــــام، فتــــى الإســــلام، ملحــمـــــةٌ أيامــــه الغــــرُّ، مــــاذا عــــن خلافــتـــــــه؟ (يوم الغدير) وقل من قبل، كــــم طـــربــــتْ أذنُ النبـــي، وزفّــــتْ همْــــسَ عــــزتــــــه؟ (أنذر عشيرتك القربــى)(12) فأنــــذرهــــا فــــأطــــرقَ الــــقــــومُ إلا زوجُ ابنــــتــــــــه (وزيـــره) فــي (حديــث الــــدار) وارثــــه، وصــــيُّــــه، وولــــيُّ بـــعــــد غربــــتـــــــــه (كمثـل، هـــارون مــــن موســى بمنزلــــةٍ، إلا النبوّة، تبقى رهــــن ساعــتــــــــه)(13) هلّ الغديــــر باســــراب الحجيــــج، ومـــــا تباطأ الركـبُ، يشــــدو فــــي مسيـــــرتــــــه فـــي صوتــــه نغمــــات الحــــزن يخنقهــــا رجْــــعُ التشهــــد، إذعــــانــــاً لسنَّــتــــــه.. دنــــا الــــوداع، كمــــا الروح الأميـــن دنا، ينـــــــــزّل الآيَ مغـــمـــــوراً بفــــرحــــتـــه هـــو العلــــيُّ، وصــــيُّ الأرث، فأبتهجــــوا ووزّعــــوا البُشْـــر، واحكــــوا عن ولايتـــه: (ولــــي مـــن كنتُ مولاهُ)(14) وسيــــدهُ.. يــــا أيهــــا القــــومُ سيــــروا تحــت رايتـــه (يحبّـــه مــــن أحــــب الله)(15) يبغضــــه من أبغض الله)، يقضـي فــــي ضلالتـــــــه.. اليــــومَ اكملــــتُ، يــــا إســــلام، دينكــــم، فسبِّحوا الله فــــي إتمــــام نعمتـــــــه..(16) علامً يختلـــف الانصــــار؟ كيــــف غــــدتْ؟ قرائنُ النـــاس احجــــى مــــن نبــــوّتــــــه؟ ما بالُ حــــزب قريــــشٍ قــــام منتفضــــــاً، يوم (السقيفة) فـــي إثبـــات حـــجّتــــــــــه؟ إن يجهــل النــــاس، والتنزيــــل مـرتســـــمٌ (قمْ يا رسولُ وبلّــغ وحــــي آيتــــــه)(17) |
* * * |
مــــا ثــــار فــــي سيّــــد الزهّــــاد ثائـــــره (سلامة الدين أشهى)(18) من إمـــارتـــــه أعطــــاه كــــل نفيــــس، كـــــل تضحيـــــة، وروحــــه لازمــــت أهــــوال راحــــتــــــــه حبــــاهُ فلــــذتــــه، والفِلــــذتيــــن ومــــــــا عزّت عطـــاءاتــــه مــــن أجــــل أمّتـــــــــه وسار في دربه (السبطان)(19) ما اختلفت معالم الدرب، حتـــى فــــي شهــــادتـــــــــه كأنها (درب عيسى)(20) طبتَ مـــن مثـــلٍ والجود بالــــروح قســــطٌ مــــن رسالتـــــه من أجل دينــــه، لا دنيــــاه، كــــان فـــــدىً والديــــن اسمــــى معانــــي هاشميّــــتـــــه ليس الإمام فتــــى الإســــلام وحــــدهُـــــم، وليــــس وقفــــاً علــــى أبنــــاء شيعــتـــــه مـن كــــان بالشِّــــيم الغــــراء معـتـصمــــاً بالبـــرّ، بالرفــــق، بالتقــــوى، بخلّتـــــــــه بالنبــــل بالحــــق، بالأخــــلاق مكــــرمــــةً وبـــالشمــــوخ، فهــــذا ابــــن بيعــتـــــه... |
نهج البلاغة والفكر الإنساني المعاصر/ ص38/ مؤتمر نهج البلاغة/ دمشق/ 1993 |
* - شاعر مسيحي ووزير لبناني سابق 1 - قول للإمام علي (أنا من الرسول كالضوء من الضوء). 2 - إشارة إلى قول الرسول(ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها).. 3 - (لا يفتينّ أحد في المدينة وعلي حاضر) عمر بن الخطاب. 4 - خطبة للامام، تضمّنت تكوين الخليقة وتحذير الناس من ابليس وهي تعني: القاطعة. 5 - إحدى خطب الإمام جسدت لواعج نفسه، تعني: (هادرة هدرت ثم قرت).. 6 - قول للرسول(ص) (اقضاكم علي). 7 - قول لعمر بن الخطاب: (لو لا علي لهلك عمر). 8 - أبيات في نهج البلاغة (حتى كأنه دستور الوجود). 9 - من وصف للجاحظ في بني هاشم. 10 - قال النبي يوم خيبر: (لاعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه).. 11 - من أقوال الرسول(ص): (الجنة تحت ظلال السيوف). 12 - (انذر عشيرتك الأقربين) سورة الشعراء، (يوم الدار) نزل قوله تعالى (وانذر عشيرتك الأقربين) وقد جمع النبي بني هاشم وانذرهم، ثم قال في الإمام علي (هذا أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا).. 13 - إشارة إلى قول الرسول(ص) للإمام علي وقد خلّفه في غزوة تبوك (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبوة بعدي).. 14 - قول للرسول(ص): (من كنت مولاه فعلي مولاه).. 15 - من قول للرسول(ص): (من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن ابغض علياً فقد أبغضني، ومن ابغضني فقد ابغض الله).. 16 - اعلن الرسول(ص) ولاية علي فنزلت عليه الآية (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي).. سورة المائدة.. 17 - بعد (حجة الوداع) نزل قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك) فأخذ النبي(ص) بيد علي فرفعها ثم قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) ثم نزلت الآية (اليوم اكملت لكم دينكم) وجاء عن الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس للسيوطي: (إن قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) إنما علي معني بها.. 18 - وضع علي يده في يد أبي بكر مبايعاً منعاً للفتنة والشقاق بين المسلمين وقال (سلامة الدين أحب إلينا).. 19 - الحسن والحسين حفيدا الرسول(ص). 20 - من قول الرسول(ص) للإمام علي (إن فيك مثلاً من عيسى، ابغضه اليهود واحبته النصارى حتى انزلوه بالمنزل الذي ليس به).. |