2000 |
آب |
1421 |
جمادى الاولى |
48 |
العدد |
النبأ |
مجلة |
الانفتاح أو التعصب |
||||||||
السيد مصطفى السادة |
العمل الإسلامي يرتكز على عدة عوامل تمثل وجهاً مشرقاً للإسلام نفتخر به، ومن أهم تلك الركائز الانفتاح على فكر الآخر وثقافته. والانفتاح مفهوم واسع يشتمل على كثير من الجدل، لأنه يحتوي على جانبين أحدهما مطلوب والآخر مرفوض إلا أننا نقصد الانفتاح الإيجابي على الرأي الآخر، وهو أمر عايشه الناس منذ الفترة الأولى لظهور الإسلام واستمر بشكل ملحوظ في زمن الخلافة الإسلامية الأولى مع اعترافنا بمرور فترات عصيبة على الأمة حيث سياسات الانغلاق والتحجر على الرأي الواحد، وكان الأمر بين مد وجزر مرة نحو الاستبداد الفكري وأخرى إلى الانفتاح مما كان له الأثر السلبي على مسيرة الأمة ونموها وتطورها، فمتى ما ساد الانفتاح ساعد على التقدم، ومتى تراجع تراجعت مسيرة الأمة. وفي واقعنا المعاصر يعتبر الانفتاح على الآخر من أهم عوامل نجاح الدول والتجمعات والجماعات المتمثل في التجمعات الكبيرة والاتصالات الدائمة ـ سواء على شكل لقاءات قمة أو عقد مؤتمرات أو جلسات أو ندوات مختلفة ـ المباشرة وغيرها، حتى أصبحت الاستفادة والاستعانة بالآخر سمة من السمات البارزة التي تميّز هذا العصر عن العصور السابقة وبات تبادل الخبرات والتجارب المختلفة سمة التجمعات المتحضرة. وبالرجوع إلى واقعنا الإسلامي المعاصر لأجل استشراف هذا الأمر نجد جهتين. 1 ـ جهة التنظير لهذا المفهوم والدعوة إليه وانزاله منزلة الضرورة التي ينبغي أن يتمتع بها الجميع وقد بلغ الحال ببعضنا أن يلوم الآخر على عدم توفير هذا الجانب في أدبياته وفكره. والأدبيات الإسلامية جميعاً لا تكاد تخلو من إعداد التنظير والتأصيل لهذا المفهوم فنحن من هذه الناحية أعطيناه حقه، وافضنا عليه الصبغة المطلوبة ولكن: 2 ـ جهة التطبيق والسلوك وتحقيق ما ندعو إليه على ارض الواقع، وهي المشكلة التي تفصل بين النظرية والتطبيق، بعبارة صريحة الازدواجية التي أوقعت ما نهى عنه الدين. إذ ليست الأزمة في العقل إنما في التعقل ـ فكل منا يدعو إلى وضع الجرس ولكن المطلوب من يعلق الجرس. ولهذه الحالة صور عديدة يمكن للمتتبع تشخيصها من خلال سلوكياتنا الحركية اليومية مع فكر الآخر ونظريته، وهي انعكاس لما نؤمن به وليس ما نكتب فيه، لأن البون شاسع والفارق واضح بين الجهتين ـ جهة الدعوة وجهة العمل ـ. |
حالة التعصب للرأي وعدم الانفتاح والتواصل مع الآخر لها صور عديدة ومنها: * حالة العزوف والزهد في فكر الآخر المتمثل في الأدبية والصحيفة والكتاب... وجعلها من المحرمات والممنوعات لأنها تمثل فكر الرأي الآخر. مع أنها قد تكون أكثر عمقاً وفائدة، ولكن لجهة الصدور أهمية في التعاطي وعدم التعاطي مع الصادر، وقد يصل الحال بنا إلى إدراج تلك الأدبيات في قائمة كتب الضلال التي يحضر التعامل معها. * منع انتشار الرأي الآخر، وذلك عن طريق نشر الدعايات ضد هذا الكتاب أو ذاك أو هذه الجهة وتلك والعمل على وضع العقبات والعراقيل مما قد يخرجنا عن حالة كوننا دعاة يجب أن نتحلى بأكبر قدر من الرويّة والرؤية والتشبع والرصد التام لأي حالة من الحالات نريد محاكمتها فكرياً أو ثقافياً. مع أننا قد نجد في واقعنا الإسلامي المعاصر من يلقي التهم جزافاً ضد هذا الطرف أو ذاك، فقط لأنه الآخر ـ المختلف أو المخالف. استخدام النفوذ الجهوي والشخصي أحيانا للحيلولة دون إخراج هذه المطبوعة أو تلك، وبذل الجهود في سبيل ذلك، ولأجل حب هذه الصحيفة وتلك الأدبية وذاك المهرجان أو الاحتفال... هذه وغيرها قد تكون مشخصات تفشي هذا المرض في واقعنا العملي السلوكي وهي نوع من الغلو في الانتماء إلى الرأي الواحد والجهة الواحدة، ورفض كل ما يمثل الرأي الآخر، مع أن الغلو والتعصب الفكري لشخص وجهة أو فكر يمثل أهم العوائق أمام مسيرة التطور والنمو. ومما ينبغي أن يعلم أن مسيرة المسلمين إنما نجحت ونمت وترعرعت لمساهمة عامل الانفتاح والبحث عن الحقيقة وأن بعد مكانها أو طال زمانها. فقد ورد عن النبي الكريم(ص) (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد). وورد عن الإمام علي… (العلم أول دليل والمعرفة آخر نهاية)1. وورد عن الإمام الباقر… (لا يقبل عمل إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل ومن عرف دلّته معرفته على العمل ومن لم يعرف فلا عمل له)2. حيث تقرر هذه النصوص مبدأ طلب الحقيقة والبحث عنها وهذا إنما يكون بغربلة الرأي وضرب بعض ببعض حتى يتولد منه الصواب. |
الإسلام دين العقلانية والبحث والاقتناع بالحقيقة، وهو دين دعى إلى المعرفة والحقيقة منذ فجره الأول ودعى أيضا إلى الحوار والانفتاح ولم يقف يوماً ضد العقل أو الفكر فهو ما برح يدعو إلى التلاقي والحوار والاستفادة من الآخر ويعمل على تحقيق كل ذلك فالمصدر الأول للمسلمين وهو القرآن قرر في عدد من آياته أهمية التفكير والتدبر فقد ورد قوله تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)3 وأيضا قوله تعالى (...كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون)4. وقوله تعالى (افلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها)5، وكذلك بالنظر إلى مادة (فكر) (وعلم) (وعقل).. نجد الكثير من الآيات تدعو إلى تحقيق هذه المفردات في الواقع الخارجي والإسلام يدعو إلى الانفتاح والتلاقي ورفض التعامل مع الآخر من منطلق إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ومهتدون. ولذا يرفض الإسلام أخذ الأمور عن طريق التقليد الأعمى، ويطلب أخذها عن طريق المعرفة والاقتناع وهذا لا يتأتى إلا بعد الانفتاح على مجمل الآراء ومعرفة الصواب منها. ومن هنا تأتي فتاوى العلماء بضرورة الإيمان بالأصول عن طريق الاستدلال والبرهنة وفي ذلك إعطاء الفرد فسحة ومتسعاً من الحريــــة فـــي الإيمان وعــدمه كما يـــقرر ذلك القرآن (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.. )6 وبهذا تكون حرية الاختيار حق مكفول للجميع (ولو شاء ربك لأمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)7 وقوله تعالى (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات.. )8. وقراءة سيرة الرسول الكريم(ص) تحقق لنا ما ذكره القرآن من الدعوة لحرية الرأي وسيرته العملية دليل صدق على ذلك، فقد احترم الرأي الآخر ولم يقلّل من شأنه كما في قوله تعالى (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)9 ولم يعمل على إسقاطه والتاريخ يحدثنا عن دخول النبي(ص) في حوارات ولقاءات مع الرأي الآخر كما في قصة المباهلة مع وفد نصارى نجران، بل أقر لهم العمل بدياناتهم ـ مع غض النظر عن فسادها وصلاحهاـ والزمهم بما التزموا به من عقائدهم ومعاملاتهم... وقد رفض النبي(ص) أن يعاقب أحد على دينه يهودياً كان أم نصرانياً، ولذا تجد أهل الديانات الأخرى انخرطوا في الدفاع عن المسلمين رغم تباعد الديانة والثقافة كما في قضية سهيل بن عمرو، عن الواحدي في كتابه المغازي حين فتح المسلمون مكة أرسل ابنه عبدالله إلى النبي(ص) يطلب له جواراً فلما التقى عبد الله بالنبي(ص) قال تؤمن أبي يا رسول الله(ص)؟ قال نعم هو آمن بأمان الله فليظهر لعمري أن سهيلاً له عقل وشرف وما مثل سهيل جهل الإسلام.. فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره فكان يقبل ويدبر وهو أمن دون أن يسلم بل وخرج بعد ذلك في جيش النبي(ص) إلى حنين وهو على شركه حتى اسلم بعد ذلك في الجعرانه10. ونجد هذا الجانب جلياً في سيرة أهل البيت(ع) حيث اعطوا مجالاً واسعاً للرأي الآخر وساعدوا أصحابهم على الاجتهاد فقد كان الصادق… يرجع الناس إلى أبي بصير الاسدي ومحمد بن مسلم الثقفي، وقال لأبان بن تغلب (اجلس في المسجد وأفت الناس فأني احب أن يرى في اصحابي مثلك). وفي سيرتهم ليس فقط المساعدة على الاجتهاد، بل وافساح المجال للرأي الآخر ومناقشته وهذا يتضمن الإقرار بوجوده، فقد ورد عن الصادق… (كل قوم دانوا بشيء يلزمهم حكمهم). وفي روايات متواترة نرى الزام الإسلام أهل كل طريقة بما يلتزمون به حيث يقر لهم بالحرية في دينهم كما ورد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال سألته عن الأحكام؟ قال تجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلون. ولذا نرى أن الإسلام لا يتعرض للمجوسي ونحوه إن التزم بشعائره وبما يخالف الشعائر الإسلامية ـ وإن كان دينه في الواقع مزيّفاً، ولكن الإسلام لا يريد الإكراه للقاعدة المعروفة (القسر لا يدوم) وإنما يريد إعطاء الحرية لكل إنسان فيما يعمل حسب معتقده وإنما يناقشه بالمنطق11. كل هذا وغيره يدلل على انفتاح الإسلام على الآخر وفكره وانه يحاول الاستفادة من الرأي بما هو رأي بعيداً عن الجهة التي صدر منها ما دام ايجابياً ومفيداً والحادثة التالية تدلل على ذلك: نقل إلى سمع النبي(ص) أنه يوجد سلاح جديد ظهر في اليمن فارسل الرسول(ص) من المسلمين من يتعلم صناعة هذا السلاح يفيد بها المسلمين. وأيضا حين اسر عدد من المشركين في معركة بدر جعل الرسول(ص) فدائهم أن يعلم كل منهم عشرة من أطفال المسلمين الكتابة. وهذا أمر قدّره حتى المستشرقون والمفكرون من غير المسلمين وعدّوه نقطة قوة في الإسلام. فالمستشرق الفرنسي كلود اتيان سافاري الذي وصف رسول الله(ص) في مقدمة ترجمته للقرآن بالعظمة قائلاً: أسس محمد ديانة عالمية تقوم على عقيدة بسيطة لا تتضمن إلا ما يقره العقل من إيمان بالإله الواحد الذي يكافئ على الفضيلة ويعاقب على الرذيلة..12. هذا كله دليل على عظمة الإسلام من هذه الناحية ولكن مشكلتنا الأساسية في المجتمع المسلم بدأت حين أخذ بعضنا البعض الآخر بالغلو العقائدي أو الفكري فأخرجنا بعضنا من الدائرة الواحدة التي وسعت كل الألوان واقمنا السدود ووضعنا القيود على كل رأي يخالفنا أو يختلف معنا مما أدى إلى أزمات مختلفة وفي أوقات مختلفة. ولقد دلت جميع التجارب التي عاشها المسملون على أن الاستبداد حين يبدأ فهو يبدأ بالرأي الواحد والذي يحاول إلغاء الآراء الأخرى حتى لا تعود هناك معارضة حقيقية لهذا الواحد وليصير المجموع خاضعاً لجميع نزواته واهوائه تلك المعادلة التي أفرزها التاريخ الإسلامي والسياسي منه على وجه الخصوص أدت بهذا الصراع الذي كان يبدأ بسيطاً في القاع ليصعد ناشطاً وعنيفاً إلى القمة. ومن هنا نجد بعض الخلفاء يتخذ كما يذكر الطبري في تاريخه تلفيق بعض التهم للخصوم فيقذفهم بالزندقة لا لشيء إلا لأنهم يختلفون معه في الرأي، ومن هنا يأتي اتهام الخليفة العباسي المهدي لابن داود بن علي ويعقوب بن الفضل بالزندقة. ولأن الخليفة المهدي مرتبط بعهد عدم قتلهما أمر بسجنهما ليقتلا في عهد من يحكم من بعده. |
وجود الرأي الآخر حقيقة أقر بها الدين وأشار إليها القرآن الكريم في مواضع عديدة وكانت امراً واقعاً على طول المسيرة الإسلامية الأولى، وهذا الواقع لابد من الإقرار به سواء كان الرأي الآخر ضمن الدائرة الواحدة ـ القريبة والبعيدة ـ أو الدوائر المختلفة عنا فهو أمر واقع، فعلى سبيل المثال لا يمكن انكار وجود المسيحية وهي تقاسمنا العالم عقائدياً، أو انكار وجود اليهودية كدين، فكيف يمكننا أن ننكر ذواتنا ونتحارب معها ومن هنا لابد من الاعتراف بالأخر وهذه اللابدية تأتي من: 1ـ أنه واقع تكويناً وتشريعاً تكويناً لأن الكون بأكمله قائم على الثنائية في كل شيء كما يقرر القرآن (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)13. (وإنه خلق الزوجين الذكر والانثى)14 فالكون قائم على الثنائية (والليل والنهار، السماء والأرض، الذكر والانثى) ولم يعرف الكون الوحدة في شيء أبدا، وهذا اقرار للتعددية تكويناً وهي مبدأ جمال الكون كما يشير القرآن (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف السنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)15. وتشريعاً يقول القرآن (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين؟؟؟)16. وفيها تقرير لمبدأ حرية الإنسان في الإسلام وعلى أساسها يكون اختلاف البشر في عقائدهم وآرائهم وطرائقهم ولم يحاول الدين قسر الناس على الإيمان به، وإنما فسح لهم المجال والحرية في الاختيار، وفرض الإسلام مبدأ (لا إكراه في الدين). ومن هنا تأتي فتاوى الفقهاء العظام وتقريرهم لمشروعية الرأي الآخر بقولهم: (الأصل في الإنسان الحرية في قبال الإنسان الآخر بجميع أقسام الحرية إذ لا وجه لتسلط إنسان على إنسان آخر فالإنسان حر سواء أقر به فرد أو جماعة أو دولة أو لا)17 ويذكرنا التاريخ بحرية الرأي في الإسلام وكيف عاشها الناس سواء كانت عقيدية كما في معاهدات الرسول(ص) مع اليهود والنصارى في المدينة أو نجران ولذا ورد عن الرسول الكريم(ص) (من ظلم معاهداً كنت خصمه) وقال (من أذى ذمياً فقد آذاني) ويقول الإمام علي بن الحسين(ع) في رسالة الحقوق (وأما حق أهل الذمة أن تقبل ما قبل عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده وكفى ما جعل الله لهم من ذمته وعهده.. وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة). أو كانت سياسية كما هو الحال في خلافة الإمام علي… حين عارضه الخوارج ورفضوا رأيه وحكمه فأعلن مبدأ الإسلام في كيفية التعامل مع الآخر حيث قال لهم (إن لكم علينا أن لا نبدأكم بقتال وأن لا نقطع عنكم الفيء وأن لا نمنعكم مساجد الله). وبذلك يكون الإمام قد بين لهم حقوق المعارضة وهي ثلاثة. الأول: حق إبداء الرأي من غير الصد بالقوة. الثاني: حق الفيء ومالهم على الدولة من رواتب ونصيبهم من الغنائم والصدقات. الثالث: حق التردد إلى مساجد الله والتي كانت حينئذ مراكز الحكم فمنها كانت تصدر القرارات صلحاً أو حرباً وفيها كان القضاة يحكمون في المرافعات18. إن وجود الحرية في بعض فترات التاريخ الإسلامي ـ كما كان في عهد الإمام علي… مثلاً ـ قد أدى إلى ازدهار العلوم والثقافة وامتلاء المكتبة الإسلامية بالذخائر الثقافية المختلفة من شتى العلوم والفنون في الفلسفة والمنطق والتوحيد والأصول والفقه والكيمياء... وغير ذلك مما ساهم في تقدم البشرية خطوات كبيرة على طريق البناء الحضاري وقد كان ذلك التقدم العلمي أساسا في إقامة النهضة الأوربية الحديثة19. وهذا ما يؤكده مفكرو الغرب فقد ذكر سير. ت. ارنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام أن القوة لم تكن عاملاً حاسماً في تحويل الناس إلى الإسلام فمحمد نفسه قد عقد حلفاً مع بعض القبائل المسيحية وأخذ على عاتقه حمايتهم ومنحهم الحرية في إقامة شعائرهم الدينية كما أتاح لرجال الكنيسة أن ينعموا بحقوقهم ونفوذهم20. ويؤكد هذه الحقيقة آدم متز في كتابه تاريخ الحضارة الإسلامية حيث يقول: أن الكنائس والبيع ظلت في الدولة الإسلامية كأنها خارجة عن سلطان الحكومة معتمدة في ذلك على العهود وما أكسبتهم من حقوق وقضت أن يعيش اليهود والنصارى بجانب المسلمين فأعان ذلك على خلق جو من التسامح لا تعرفه أوربا في القرون الوسطى وكان اليهودي والنصراني حراً أن يدين بدينه21. 2ـ الرأي الآخر مجال للتنافس الإيجابي ومن أجمل ما قـــرره الإســــلام للعمل على تـــطويــــر المجتمع مبدأ التنافس الإيجابي (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)22 وبه تحققت الذات الإسلامية وهو سر تقدم الفرد والمجتمع. حقق الإسلام هذا المبدأ في أفراده فقد كانوا جميعاً يتنافسون على عمل الخير والتاريخ يذكر لنا نماذج من التنافس بين المسلمين سواء في أعمال التنمية الداخلية للبيت الإسلامي المتمثلة في بناء المساجد للصلوات والعبادة وكيف أنهم كانوا يتنافسون على حمل اللبنات لوضع أسس المسجد، أو على الدفاع عن الدين الجديد كما في قصة عمرو بن الجموح الذي منعه أولاده عن الخروج فرفض وقرر الدخول معهم في الجهاد والدفاع عن الإسلام ـ مع سقوط الفرض عنه بسبب مرضه ـ ولكنه أبى وقرر أن يطأ بعرجته الجنة. وأيضا عالمنا المعاصر قائم على أساس هذا المبدأ وعليه اتكلت الدول في تحقيق ذاتها والجماعات في نموها، والافراد في تحقيق طموحاتها الفردية والجمعية. يقول الكاتب الإنجليزي في المجال السياسي (جون استيوارت مل) في كتابه حول الحرية (إذ لا شك أن الحياة السياسية لا يمكن أن تقوم على أساس صحيح إلا إذا اجتمع فيها عنصران متعارضان حزب المحافظة وحزب التقدم وسيستمر ذلك حتى يتمكن أحد الحزبين من توسيع نطاق غاياته حتى يصير حزب محافظة وتقدم على السواء، ويصبح قادراً على تمييز ما هو جدير بالابقاء مما هو خليق بالالغاء، وكل من هذين العنصرين المتناقضين يشتق مزيته من نقائض ونقائص العنصر الآخر إلا أن معارضة كل منهما للآخر هي السبب الأكبر في عدم خروجهما عن دائرة العقل، وأحادية التفكير بطبيعتها الفردية تقتل التنافس الحر إذ توصد الابواب في وجه المحاور الأخرى.. وتموت المعنويات ويوأد التقدم ذلك لأن القائد الواحد لا يرى في الساحة من ينافسه ولا هو ينافس احداً...23 . كل هذا يثبت لنا أن الإسلام شجع على التنافس الإيجابي بين المسلمين الأمر الذي يعود بالفائدة على المسلمين جميعاً وتقديم كل ما هو جميل لخدمة الدين وبناء الكفاءات العلمية والفكرية والسياسية والقيادية... وتعددها ومن ثم تنافسها يصب في نهاية المطاف في بوتقة واحدة وهي خدمة الاستيراتيجية الواحدة وبعد هذا كله هل يوجد مسوغ لأحدنا من أجل اقصاء الآخر من الواقع لأن وجود مثل هذه المسوغات يعني وجودها أيضاً كمبرر لإلغاء الذات فيما لو تمكن الأخر من السيطرة والحلول محل الذات، وهو أمر لا يقبله الذات عندما يكون في موقع الآخر ومن حق الآخر أيضاً أن لا يقبله من الذات عندما يكون الأخير في موقع القوة والنفوذ والسيطرة فالمواقع قد تتغير فالذات قد يكون هو الآخر، والآخر قد يحل محل الذات وعلى كل واحد منهما أن يقبل بحق الطرف الآخر في الوجود وهذا ما يقره العقل فضلاً عن الشرع والقانون24. |
التعصب كمفهوم واسع تندرج تحته أشياء كثيرة فقد تكون العصبية للمال وقد تكون للاولاد وقد تكون للعائلة أو العشيرة أو الجماعة أو الفكر والرأي... الخ وعادة ما تنشأ العصبية السياسية ويستبد صاحبها بالأخر من عصبية فكرية وهذا ما تثبته مسيرة الاستبداد على طول التاريخ، فالاستبداد بالرأي منشأ لقهر الآخر سياسياً أو عقائدياً ـ وما تكفير الآخر وقهره على ترك عقيدته إلا دليل على ذلك واكثر المشانق والمقاصل التي نصبت للآخر منشأها هذا الآخر ومحنة القرآن جزئية شاهدة. ومن هنا يكون الغلو والتعصب للرأي منشأ لأمور أخطر وأفدح، ، ولذا توجهت الخطابات والنصوص الشرعية ضد هذا المفهوم السلبي، ورفضت التعامل مع الآخر من هذا المنطلق. فقد ورد في القرآن ذم لإبليس وطرد من ساحة القرب الإلهي لأنه أصيب بهذا المرض (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، وبهذا أستحق أن يكون مبدعاً للعصبية وإماماً للمتعصبين كما ورد عن الإمام علي… في خطبته الموسومة بـ(القاصعة) في ذم ابليس (فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لأصله فعدوّ الله إمام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية..)25 ومن هنا جاء الذم للعصبية ووصفها بالمقيتة فقد ورد في القرآن قوله تعالى (إذ جعل في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية... )26 (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً)27 وقوله تعالى على لسان فرعون (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين)28. وورد في الحديث عن الرسول(ص) (من تعصب أو تُعصب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه)29. (من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع اعراب الجاهلية)30. وأيضا (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية)31 هذا كله للتعصب بما هو مفهوم عام تندرج تحته مصاديق كثيرة، وعن التعصب للرأي والتقليد الأعمى بما هو مفردة جزئية ورد قوله تعالى (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)32. وفي آية أخرى مشابهة لها (...إنا على آثارهم مهتدون)33 وقوله تعالى (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا.. )34. والسؤال المهم ما هو منشأ التعصب للرأي؟ لماذا يصل الحال بنا في الغلو إلى حد التقديس الأعمى للجهة التي ننتمي إليها ونعتبر سيئتها حسنة وحسنة الآخر سيئة خلافاً للمفاهيم الدينية القائمة على أن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين يجدها؟ يمكن ذكر بعض الأسباب |
المعرفة أكبر قيمة للإنسان وبها كرّمه الله تعالى على سائر المخلوقات كما في قوله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)35 وهذه الآية نزلت في سياق الاستفهام الذي طرحته الملائكة بغية معرفة الغرض من تنصيب آدم… ـ النوع ـ خليفة في الأرض مع حبه للفساد وتعطشه لسفك الدماء، فتكون المعرفة ميزة اودعها الله تعالى في الإنسان وفُضّل الإنسان بسببها، والمعرفة رديف الدين لأن الدين هو المعرفة الحقيقية، وهي وعي في عالمنا المعاصر للمعاصرة وهمومها ومشاكلها لأن العارف بأهل زمانه لا تهجم عليه اللوابس وهي تفضيل كما ورد عن الرسول(ص) (افضلكم إيماناً افضلكم معرفة)36. ومما يجدر الإشارة إليه أنه توجد مرتبتان. 1ـ مرتبة الوقاية (المعرفة). 2ـ مرتبة العلاج (الجهل). والإسلام يدفع إلى الأولى أولاً فالوقاية خير من العلاج، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج، ولا تكون الوقاية إلا عن معرفة، فالعالم بقدرة السم على قتل الإنسان إذا أكله أو بقدرة الثعبان على اللدغ المسبب للقتل أحيانا يتقي التعرض لكل هذه الأمور، ومن يجهل قدرة النار على الاحراق يقترب منها، وهل يقترب عاقل من فكي الاسد. فالجهل منشأ لأكثر مصائب الانسان، ولجهلنا بخطورة نتائج هذه الآفة ـ التي يمكن أن تعد الصنمية والاستبداد احداها ـ نجد البعض منا يقف ويتحجر على الرأي الواحد منطلقاً من (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)، ولا يتحرر من هذه العقدة ودافعه إلى ذلك كله العصبية. وقد يبلغ الحال بنا أحيانا أن نكون من مصاديق قول الإمام علي بن الحسين(ع) (لما سئل عن العصبية قال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين..)37. 2ـ النظر إلى الذات يذكر علماء النفس أن للشخص الإنسانية جوانب ثلاثة كما تقرر مدرسة التحليل النفسي حيث يرى مؤسس هذه المدرسة أن هذه الجوانب هي (الهو Id) (الأنا Ego) (الأنا الأعلى superego)38. ومنبع التعصب للرأي هي (الأنا ego) وهي تختلف من شخص لآخر حسب المستوى والعمر والطموح. وتشكل ضغطاً على النفس عندما يفسح لها المجال التوسعي فترى ذاتها فوق الآخر. وهذه الانانية قادت ولا شك إلى الكثير من النزاعات والصراعات التي قد تصل أحياناً إلى حد العنف المختلف ويرى توكفيل: أن الفردية بحد ذاتها صيغة مخففة من الأنانية التي تدفع كل فرد من أفراد المجتمع إلى عزل نفسه والابتعاد عن الآخرين وهكذا تبدو الفردية..)39. ويمكن أن نذكر أسباباً أخرى لمنشأ التعصب ومنها: الشخصية النفعية وضيق الأفق عند البعض، والاستقاء المعرفي الخاطئ... الخ. |
ويتفرع على كل ما ذكرنا ضرورة التحذير من خطر سريان وانتشار هذا المرض في الوسط الإسلامي لما يجده المتتبع لبعض الأدبيات الإسلامية من أنه توجد شرائح ليست قليلة بما فيها بعض التيارات ذات النفوذ الواسع لا ترى أهمية أو ضرورة في التعاطي مع الرأي الآخر وذلك على خلاف ما تعيشه التجمعات والدول الكبيرة وأخذ الحال بنا وكأننا نعيش القرون الوسطى التي حجر فيها الرأي الآخر وأغلقت الابواب دونه ونصبت محاكم التفتيش فقد أحرق جيوردانو برونو من اجل افكاره حيث اعتقلته محاكم التفتيش في البندقية عام 1592م بسبب آراءه وتم احراقه حياً في 17 شباط فبراير عام 1600م وكان عمره 52 عاماً، وأهم كتبه العلة والمبدأ الواحد الذي كتبه عام 1584م40. وواقعنا الإسلامي وإن لم يعرف هذه الحدة من الصراع العنيف بين الرأي والرأي الآخر إلا أن التراشق الإعلامي الاسقاطي في بعض ادبياتنا وكتبنا يلوح بخطر السير قسراً إلى هذا المستوى من الصراع. ومن هنا كان لابد من التحذير من خطر التعصب للرأي ومن أهم الاخطار التي يخلفها الغلو والتعصب. 1ـ الهدم والجمود ذكرنا أن الإسلام دين العقل والحرية ـ ضمن ضوابط معينة ـ ولذا نجد القرآن يتحدث في عدد من آياته عن العقل والتعقل والتفكر التي هي دعوة إلى وجود الثنائية والتعددية في الرأي لأن العقل يعني الاختلاف المسبب للتنافس البنّاء ومن هنا كان التفكر عبادة يثاب عليه المرء لما يحويه من قدرة على النقلة النوعية واستصدار القرارات الكبيرة التي قد يكون لها الأثر الفعال وحين تسود أجواء الاستبداد والتفرد بالرأي يسود معها الجمود والتحجر والعجز عن استيعاب وفهم الآخر. ومؤدى ذلك إلى ظهور حب السيطرة الفكرية وموت الإبداع وسيادة مفهوم التفرد ما هو إلا تمثل للفكرة القائلة (لا تفكر فنحن نفكر عنك) وهذا قتل للإبداع وموت للعقل وضمور للفكر. وفي ذلك يكمن سقوط الجماعات والدول والأمم والحضارات والقراءات التاريخية لمعظم الأمم والحضارات تعطينا هذه النتيجة الحتمية وهي أن سقوطها مرهون بتفردها ونموها مرهون بتعاطيها مع الغير والقرآن يجعل سقوط حضارة قوم فرعون بسبب تفردها كما يقرر القرآن الكريم على لسان فرعون (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين). وواقعنا المعاصر يعاني من مشكلتين في آن واحد، فالمشكلة الأساسية ليست هي عدم فهم المشكلة وحسب، وإنما أن نعمم فهمنا على الآخر ونقسره على الإيمان به والتعاطي معه من خلال نظرتنا التي قد لا تكون الأفضل والأصح، وهذه من أهم المشكلات التي ورثناها من التخلف الفكري للجماعة والتجمع والجهة... ومن المفاهيم الخاطئة التي انتحلناها من غيرها. 2ـ صنمية الفكرة والجهة.. لأن الانفتاح على الآخر ضرورة يقرها النظام الكوني والتشريعي والاجتماعي باعتبار حاجة الإنسان إلى الآخر وهو النظام الأكمل الذي جبل الكون عليه وحين يسير الفرد في الوجهة المعاكسة فإن ذلك محاولة لخرق هذا القانون مما يترك آثاراً سلبية سيئة ومن أهمها صنمية الفكر والشخص وقد يؤدي إلى التقديس الأعمى لكل هذه المفردات وهذا بداية السقوط غير المحسوس، لأن مرد هذا إلى الانانية والاعجاب بالنفس والفكر.. وهو من أبرز عوامل الجمود والتوقف عن السير في الخط الإيجابي كما يقول علي… (الإعجاب يمنع الازدياد). وهو مهلكة لصاحبه كما ورد عن الصادق… (من دخله العجب هلك(. وقديماً قال ارسطو: من يعيش الاكتفاء المطلق فهو وحش أو آلة وكثيرة هي المدارس الفكرية التي عبدها اتباعها بسبب التعصب واضفاء حالة القدسية عليها أو على مبدعيها، والرأي الآخر في قبالها ما هو إلا اجتهاد مقابل النص ومن هنا أقفل باب الاجتهاد عند بعض المدارس الإسلامية مكتفية بما توصل إليه علماء السلف مما أدى إلى تعطيل جانب كبير من العقل. 3ـ الترهل الفكري وكنتيجة طبيعية وحتمية للتعصب ـ بعد الجمود والصنمية ـ يأتي نشوء الفكر المترهل البسيط غير القادر على الابداع. لأن الجمود ينعكس على تراجع دور الفكر والتثقيف داخل الحركات السياسية بما فيها العقائدية، فإذا كان الكسل الفكري هو الوجه الأول لضحالة بعض هذه الحركات والأحزاب فإن انعدام التثقيف الداخلي هو الوجه الآخر لهذه الضحالة التي كثيراً ما تجعل هذه الحركات تفقد بريقها ووهجها وقدرتها على الاستقطاب ناهيك عن قدرتها على التجديد والابتكار والابداع الذي هو في النهاية ثمرة تراكم جهد فكري وثقافي ونضالي.. |
لابد من الإيمان سلوكياً بمبدأ الحرية والتعاطي مع الرأي الآخر، والوقوف بعيداً عن الأنا الشخصية والجهوية والفكرية، والتعاطى مع الرأي الآخر باعتباره مسلمة يقوم عليها الكون والحياة فما دام الخلق احراراً في الإيمان وعدم الإيمان بأكبر قضية وهي التوحيد حيث لم يقسر الفرد على الإيمان بها، بل رفض الدين الإيمان بها تقليداً واتباعاً وبيئة فكيف يقسر بعضنا بعضاً على الإيمان بفكرته أو رأيه مع احتمالية الخطأ والصواب وقديماً قيل (رأي ورأي غيري يحتملان الخطأ والصواب) ولا يوجد أحد في مستوى العصمة إلا من قدر الله تعالى لهم ذلك. ومن هنا يكون من حق كل فرد أن يمتلك رأياً سواء كان موافقاً أم مخالفاً وأن يمارس عقيدته ورأيه بعيداً عن السرية والخوف من عقوبة الاظهار وهذا ما تؤكده الشريعة بكل قيمها ومفاهيمها وتعاليمها. |
1 ميزان الحكمة، ج3، طبعة دار الحديث باب المعرفة. 2 ميزان الحكمة، ج3، طبعة دار الحديث باب المعرفة. 3 العنكبوت، 43. 4 الروم، 28. 5 الحج، 46. 6 البقرة، 256. 7 يونس، 99. 8 المائدة، 48. 9 سبأ، 24. 10 مجلة النبأ عدد 42، ص110. 11 الصياغة الجديدة، الإمام الشيرازي، ص311. 12 مجلة النبأ، عدد 46، ص61. 13 الذاريات، 49. 14 النجم، 45. 15 الروم، 22. 16 هود، 118. 17 الفقه السياسي، ج106، ص213، آية الله العظمى الشيرازي. 18 أخلاقيات أمير المؤمنين، هادي المدرسي، ص298. 19 مجلة الكلمة عدد 6، ص53. 20 مجلة النبأ، عدد 47، ص21. 21 نفس المصدر. 22 المطففين، 26. 23 نقلاً عن مجلة النبأ، عدد 46، ص46. 24 مجلة الكلمة، عدد6، ص47. 25 نهج البلاغة، خطبة رقم 192، القاصعة. 26 الفتح، 26. 27 الفتح، 81. 28 الزخرف، 52. 29 ميزان الحكمة، ج3. 30 ميزان الحكمة، ج3. 31 ميزان الحكمة، ج3. 32 الزخرف، الآية 23-22. 33 الزخرف، الآية 23-22. 34 لقمان، 21. 35 البقرة، 31. 36 ميزان الحكمة، ج3، باب المعرفة. 37 نفس المصدر، باب التعصب. 38 علم النفس العام، د. أحمد عزت راجح ـ جامعة دمشق ـ كلية الآداب. 39 النبأ، عدد 47، ص11. 40 مجلة الكلمة، عدد 4، ص91. |