|
الحرية الإسلامية من أسباب العزة |
تعتبر الحريات الإسلامية من الركائز الأساسية لبنيان الإسلام الشامخ ومصدر قوتهم وتفوقهم على العالم لسنين طويلة من عمر التاريخ. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الدين الإسلامي يمتاز عن سائر الأديان الأخرى بالشمولية العامة لجميع نشاطات الحياة وأن مبادئه تشكل بمجموعها منهاجاً للحياتين الدنيا والآخرة وهو بذلك يختلف عن المسيحية بكونها تقتصر على الروحيات والطقوس الدينية والعبادية وعن اليهودية التي أعطت الأمور الدنيوية والمادية جل اهتمامها فهو دين الاخوة، والامة الواحدة، ودين الحريات الإنسانية والسياسية، والعدل، والمساواة، بالإضافة لاهتمامه بالجوانب المعنوية والعبادية في حياة الفرد والمجتمع وبذلك أشبع عطش الإنسانية إلى هذين الجانبين. وكما هو واضح فإن كل ذلك لا يمكن أن يتحقق دون إيجاد فضاء واسع من الحرية تمارس خلاله جميع تلك المبادئ والتعاليم السامية وتطلق للإنسان عنانه في الإبداع والإثراء من أجل سعادة البشرية وهنائها. وحين وطأ الاستعمار بلاد المسلمين فطن إلى أهمية هذه المسألة فبدأ بمحاربتها سعياً للقضاء عليها فاستطاع ذلك بما امتاز به من مكر ودهاء ومن خلال عملائه وأذنابه الذين سلطهم على رقاب أمتنا بطولها وعرضها. فالحكومات التي تنكرت لمبادئ الإسلام في الاخوة، والامة الواحدة وحاربت الحريات الإسلامية بذرائع شتى هي بعيدة كل البعد عن الإسلام وان تظاهرت بمحاربة بعض تعاليمه العبادية كالصوم والصلاة والحث على الحجاب أو تطبيق جزء من القوانين الجزائية كقانون القصاص، وقطع يد السارق وما شاكلها. ذلك لأن مبادئ الإسلام وتعاليمه وحدة متكاملة لا يمكن تجزئتها وتفكيكها، يقول الله سبحانه وتعالى (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) البقرة 85، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن القوانين الجزائية الإسلامية لا يمكن تطبيقها إلا بتحقق شرطين أساسيين. 1ـ تطبيق كافة الأحكام الإسلامية بحذافيرها بحيث لا يبقى حكم واحد من أحكام الله معطلاً. 2ـ نشر العدل الإسلامي والرحمة الإسلامية والقضاء على الفقر والعوز والحاجة وتوفير العمل والسكن والزواج وغيرها من الحاجات البشرية المادية الملحة. عندها يمكن للبعض أن يطبق القوانين الجزائية التي جاء بها الاسلام، وهذا ما يؤكد عليه القرآن وتقرره السنة النبوية الشريفة. فلو لم يتحقق الشرطان بصورة تامة لا يحق للبعض تطبيق القوانين الجزائية لأنها تشوه سمعة الإسلام وتعرفه للعالم على أنه دين العنف والقسوة والجفاء والحال أنه دين الرفق واللين والرحمة والسماحة. وهذا من اكبر الخيانات التي ترتكب بحق الإسلام وتعاليمه السامية. وعليه فإن الحريات الإسلامية الشاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية ومجالاتها الفكرية والعلمية هي من أهم ركائز ودعائم عزة المسلمين ورقيهم كما دلت عليها الآيات القرآنية والروايات الشريفة المأثورة عن رسول الله(ص) والأئمة من أهل بيته الطاهرين(ع). |
اقتباس من كتاب (المتخلفون مليارا مسلم) لسماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف |