من هو المرتد ؟؟ |
محمد تقي باقر(1) |
كثر الكلام في الارتداد عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، وافتى بعض أهل العلم ـ سامحهم الله وسدد خطاهم ـ بارتداد البعض ـ لما صدر منهم جهلاً ـ وحكم عليهم بالكفر والزندقة و... حتى أن البعض حكم بالقتل!! وكل من اصدر حكماً في الارتداد بنى حكمه على أساس الشرع والدين من دون شك. إلا أن تعريف الارتداد يحتاج إلى بعض الدقة. وللتوضيح راجعنا كتب اللغة والمصطلحات الكلامية وغيرها لنتوقف عند بيان ذلك في نقاط خمس: |
|
الإسلام في اللغة هو الإخلاص، الاستسلام والخضوع لله. (التوحيد للمانزيدي 395). هو الانقياد للأحكام الشرعية (الحدود والحقائق 219). هو الإذعان والانقياد وترك التمرّد والإباء لعناد (قواعد العقائد للغزالي 236). هو الاستسلام ظاهراً باللسان والجوارح وتسليم الظاهر بالقول والعمل، وهو التسليم أما بالقلب واما باللسان وإما بالجوارح، وافضلها الذي بالقلب (المصدر نفسه). هو الانقياد والخضوع لألوهيته تعالى، أي التسليم لكونه خالقاً للكل مستوجباً للعبادة (شرح العقائد النفسية 1/161). هو معرفة الله بلا كيف ولا شبهة. ومحله الصدر (الكليات 41). هو الدين المنسوب إلى نبينا (ص) وعُرّف الدين بأنه وضع إلهي، سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير بالذات (شرح العقائد النفسية 1/6). واخيرا هو تصديق النبي (ص) فيما علم مجيئه به ضرورة بالقلب واللسان (مفتاح الباب 77). هذا في كتب اللغة. وفي المروي عن الرسول (ص) في معني الإسلام قال: بان تشهد أن لا اله الا اله وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت (التوحيد 393). وفي كثير من الروايات الواردة: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل. وكذا عن علي … في الغرر. |
|
ففي كتب اللغة: هو المنقاد للأحكام الشرعية (الحدود والحقائق 229). والمصدق بالأشياء على ما هي عليها والذي يعزي إليه الأمن والامان (علم اليقين في أصول الدين 1/112). ومن كان عارفاً بالله وبنبيّه وبكل ما أوجب الله عليه معرفته، مقراً بذلك مصدقاً به (الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد 140). بل والعارف بالله ورسوله والأئمة (عليهم السلام) (الحدود والحقائق 229). وفي روايات كثيرة: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه. وبالإضافة إلى مواصفات أخرى مذكورة في كتب الروايات. |
|
ويتضح لنا من خلال متابعة كتب اللغة. الكافر هو من عبد الاسم دون المعنى (رسائل الشريف المرتضى 1/258). ومن ترك الإيمان (الذخيرة في علم الكلام 101). وكل من عصى الله تبارك وتعالى بمعصية، كبيرة كانت أو صغيرة (المصدر 537). أو هو اسم لمن لا أمان له (شرح المقاصد 2/268 والكليات 279). وعن الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي (4/131) هو من حارب أمير المؤمنين وضرب وجهه ووجه أصحابه بالسيف. |
|
المرتد في كتب الفريقين هو من يعرف منه الإسلام ثم وجد منه الكفر، ولم يوجد منه الإسلام بعد الكفر (أصول الدين 213). وفي شرح المقاصد (1/268): الكافر اسم لمن لا إيمان له فان اظهر الإيمان خصّ باسم المنافق، وإن طرأ كفره بعد الإسلام خصّ باسم المرتد لرجوعه عن الإسلام. |
|
الشبهة والفتنة هو رد فعل قد يحصل من جراء غزو روسي ثقافي وتطرح شكوك وتساؤلات عقائدية في أوساط المجتمع غير الواعي دينياً، فتحصل ما يشبه الارتداد مما هو ليس بردة ولا عن عقيدة، بل عن جهل بالمعارف الإسلامية0 والشبهة: تقدير مقدمتين فاسدتين أو إحداهما يظن فيها انهما صحيحتان مشبّهة بالدلالة (الحدود والحقائق 163). أو ما يتصور بصورة الدلالة، ولا يكون كذلك (الرسائل العشرة 85). أو بالأحرى، هو: ظن الشيء المشاهد على صفة وهو على خلافها (الحدود والحقائق للمرتضى 155). وفي المروي عن علي … : إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق. |
|
وفي ختام البحث لابد أن نعرف الحدود ونتعرف على التطبيقات، فمن هو المسلم قبل الارتداد، ومن هو المرتد بعد الاعتقاد؟ وملخص الكلام: إننا إذا توسعنا في دائرة التعريف، فالارتداد شامل لاغلب الأمة!! إذ أن (كل من عصى الله بمعصية صغيرة أو كبيرة) يشمل الأغلب. وإذا قلنا بالتضييق فلا ارتداد إلا نادراً؟ فتأمل. وعليه، فالحكم بالارتداد أو الزندقة على أفراد أو جماعات تأثروا بأفكار منحرفة أو صرّحوا ببعض ما يفهم منه الاعتراض على الدين أو التشكيك في بعض المعتقدات وما إلى ذلك، يعني طرد شريحة من شرائح المجتمع بدل تصحيح معتقداتهم. وهذا مما لا يقوله به أحد. والله العالم. |
|
(1) الأمين العام لـ (المسلم الحر). |