ومن الأشياء المهمّة التي يجب على
الدولة الإسلامية التأكيد عليها والمبادرة
إلى تنفيذها هي الدستور الذي يستند على:
(1) الكتاب أي القرآن الكريم (2)
السنة النبويّة الشريفة التي تدخل في ضمنها
سنّة أهل البيت(ع). (3) الإجماع الذي يجمع آراء
العلماء في اتخاذ النقاط التي يحتويها هذا
الدستور (4) العقل الذي عرف به الرحمن وكسب به
الجنان؛ ويذكر سماحة الإمام أن لا وجود
لدستور ثابت عند الدولة الإسلامية كما يوجد
عند بقية الدول «بل هو يتغير حسب استنباطات
واجتهادات شورى الفقهاء الذين ارتضتهم الأمة
مراجع لها جيلاً بعد جيل وفترة بعد فترة». لأن
الدستور الثابت لا يضارع مسيرة الأمة لأنه
يوضع في زمان لا يمكن تعديه إلى زمان آخر بعده
مما يولد ثغرات سياسية واجتماعية وأزمات
جذرية حادّة «أما القانون الإسلامي فيستطيع
أن يواكب جميع التطورات» ومن كمال هذه
الأطروحة هو بيان الأخوّة الإسلامية حيث يذكر
سماحة الإمام هنا أن الفقهاء الذين يستنبطون
الأحكام هم مراجع المسلمين شيعة وسنّة كل
لأهل مذهبه -«إذاً –لا قانون أساسي في
الإسلام... وإن عمر القانون الأساسي في بلاد
الإسلام هو عمر دخول المستعمرين فيها –
والجدير بالذكر أن بريطانيا التي كانت وراء
إيجاد القانون الأساسي في تركيا وإيران ليس
لها في بلادها دستور ثابت بل يتبعون ما أسموه
بالعرف الدستوري» -وإنما أنشئوا الدساتير في
بلاد الإسلام لإيقاف عجلة التقدم أو وضع بديل
للأدلة الأربعة، وإدخال المجتمع الإسلامي في
تقييدات القوانين الجاحدة وتكبيل الناس.
ثم يذكر سماحة الإمام أمثلة من
الأطروحة الإسلامية في القانون والدستور وهي
القوانين الحيوية حيث يقول «إن كل قوانين
الإسلام حيوية حيث أنها دساتير من قبل إله
قدير رحيم... ولكن بعض قوانينه هي أكثر ظهوراً
في الحيوية..» عن البعض الآخر مثل قانون بيت
المال، وقانون الناس مسلّطون على أموالهم،
وقانون (من سبق إلى ما لا يسبقه إليه مسلم فهو
أحق به).
وقانون (الأرض لله ولمن عمرها)
وقانون الأخوّة الإسلامية، ويشير سماحته إلى
أهمية كل واحد على حدة وضرورة تطبيقه لأن فيه
رضا الله سبحانه ورضا الأمة لأنها تقودها نحو
مدارج السعادة والكمال.
وعلى هذا المنوال عرّج سماحة
الإمام الشيرازي (حفظه الله) بالمرور على كل
نقطة يجب التوقف عليها وتوضيحها إجمالاً
كافياً لتكوين صورة بينة واضحة للمُثل التي
يدعو لها الإسلام المحمدي الأصيل الذي لابدّ
أن يأتي ذلك اليوم الذي يُرفع فيه لواءه
عالياً شامخاً لسمو أهدافه وشعاراته.
إن ما ذُكر من النقاط كان صورة
لطريقة البيان الذي تبنّاه سماحة الإمام
الشيرازي (حفظه الله) في أطروحته. واستمر في
البيان ليشمل كل النقاط الضرورية واحدة تلو
الأخرى ولا يفوتنا ذكرها عنواناً (داعين كل
المثقفين -أياً كانوا- من الرجوع إلى متن
الأطروحة) وهي كالتالي:
- تحديد نظام العقوبات التي يقررها
الشرع الإسلامي.
- امتلاك القدرة الرادعة الموجبة
لاستقرار الأمن واطمئنان الأمة.
- الاهتمام لإيجاد حالة التنافس
الإيجابي وطريقته.
- إطلاق كافة الحريات ضمن الإطار
الإسلامي.
- الاهتمام بالخبراء وتربية خبراء
أمناء ضمن منهج مرسوم.
- التعايش السلمي مع كل الأقليات
والأحزاب.
- حسن العلاقات الدولية وحسن
الجوار سواء مع الدول الإسلامية وغيرها.
- النهوض بالاقتصاد إلى استقلاله
ضمن برمجة شاملة ودقيقة.
- وضع الحلول اللازمة الناجحة
لإزالة البطالة.
- تشكيل لجان لإزالة الفائض من
الموظفين وتحويلهم إلى القطّاع المنتج.
- تحلّي الأجهزة الحكومية بالبساطة
إلى أقصى حد (وهنا يشمل القيادة أيضاً).
- محاربة الفساد بكل أقسامه -الإداري-
الاجتماعي - الاقتصادي.
- الإصلاح الاجتماعي من تعديل
مواطن الانحراف وتوجيه الانحرافات
الاجتماعية نحو الأعمال السليمة والشريفة.
- مراعاة العدالة والمساواة بكل
إتقان.
هذه هي العناوين التي أشارت لها
أطروحة الإمام الشيرازي دام ظله وقد بيّنها
سماحته بتفصيل دقيق وتعريف بسيط مقروناً
بالاستدلال والمثال. ونحن بينّا بعضها
وأجملنا في الآخر داعين القارئ الكريم أن يقف
على كل ذلك عند الرجوع إلى أصل الأطروحة
ومبادئها النظرية وتلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً
والعاقبة للمتقين.
|