على أمل اللقاء |
في ذكرى الأقمار |
ما بين الولادة والموت .. تاريخ من مسرّات .. وآلام .. نحتفي بشيخ الثوار .. وسيّد الشهداء .. نحاول الاقتراب منه .. لازالت قطرات الدم نديّات بحرارتها .. والدم ثمن الوجود .. والبقاء. كان أبوه المسيح في زهده .. وأيوب في صبره .. وكان خلاصة الأوصياء .. وكانت أمه صفوة الطهر .. والنقاء .. وكان بيته مباركاً بالحضور الملائكي .. تحرسه عين الله التي لا تنام .. أي الأزاهير قطفها من دوحة القدس الطهور .. وخبئها في فراشة .. أو دسّها بين ثيابه .. ليشمّ أريجها وعرفها المتفوع .. وكانت نشأته ما بين حضن جده .. ومحراب أمه .. يروح ويغدو .. وشفاه الشيبة الوقور .. تُتمتم إذ تراه يتعثر بخطواه .. اسم الله يا قرّة عيني .. هو أخوك.. يصدّ عنك الجراح ويلاعب الأسنّة بصدره.. يرمقك بعين دامعة.. وخوف في القلب أن تطالك السيوف.. كيف يصطبر على هذا الجزع وأنت محاط بحصار العطش الحاقد.. والقتل.. يجيء إليك.. يستمدُّ من وجهك الوضّاء المهيب طمأنينة الله.. يطالع في عينيك.. مفردات الرحيل.. يشرع صدره للإعصار القادم نحوك.. تنحني له هامة التاريخ.. وتندبه الغيرة اليعربية .. هو ابنك .. ذاك الشاهد على مسرّات الحضور وآلام الغياب.. انهكه المرض.. وإذ يقف واهناً على قدميه.. تربّت على كتفيه.. وتأخذه إلى أحضانك.. يمسح حمّى رأسه في صدرك .. يشمّ عبق الأبوّة للحظات.. ومرارة اليتم .. وفاجعة الرحيل .. تؤسس لحضورها في القلب .. تصير آخر النهار .. نشيجاً .. ودموعاً ساكبة .. هل كفكفت دمعك يوماً .. والسنوات تلهث خلفك .. لا تحمل إليك بادرة سلوى .. أو تحية عزاء .. ونسأل أنفسنا نحن فرسان الكلام والهذيان .. ولم يكن الحسين هل نكون نحن؟ |