نجوى مع الفجر

في مولد الإمام الحجة المُنتظَر (عج) – 15 شعبان 1423هـ

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إليكَ أيُها النورُ الكامِنُ خلفَ السَحاب، إليكَ أيُها البريقُ المتلألأ في عينِ الليل، إليكَ أيها الأملُ المخبُوءُ في رَحِمِ السنين... إليكَ يا رِيَّ الصحاري الظامئة، إليكَ يا دِفءَ القلوبِ الخائفة، اليكَ يابسمةَ الشِفاهِ الذابلة، إليكَ يا أَعذَبَ قصيدةٍ تغنَّى بها الشِعر... إليكَ أيها الفجرُ الموعود... إليكَ سيدي يا أبا صالح هذه الأنشودة التي احتبست خلف الشهيقِ المبحوحِ حتى سرت همساً تنَفَّسَ حين تنفس الصبح... فكان زفيره نجوىً حالمةً مع الفجر.

 

قَبَّـلَ الشَمسَ وارتَقَى لِلثُريَّا

 

خافِقٌ فيهِ قد نَبَضتَ دويَّا

وانتشى خفْقُهُ المُــرَنَّمُ لمَّـا

 

شمَّرَ الليلُ رِدْنَهُ الغَسَقِيَّا

وجَرى دفْقُهُ السخينُ هديراً

 

يُسْكِرُ العِرْقَ، يصطليهِ لِظيَّا

واعتلى نبضُهُ فأحْنَتْ عليهِ

 

أضلُعُ الصدْرِ تحتويهِ قِسِيَّا

وسَرى همسُهُ المُجَنَّحُ عِشقاً

 

أطرَبَ الكونَ فاقتَفاهُ صِغِيَّا

وَهَمى رَجْعُهُ مع الموجِ سِحراً

 

ينثُرُ الوجْدَ فيهِ نشراً وطَيَّا

وتَثَّنَت على هَوَاهُ القوافي

 

يملأُ السمعَ عَزْفُها القُدُسِيَّا

وغدت حولَهُ خِماصُ المعاني

 

ضامِراتُ الحشا تعودُ رُوِيَّا

وانْثَنَى صوتُهُ يَهُزُّ الرواسي

 

ويَجُوبُ السَمَا ويهطِلُ رِيَّا

ويُدَوِّي على السُرادِقِ لَحناً:

 

إنَّ في كُلِّ نَبْضَةٍ مَهْدِيَّا

*********

**

*********

ليلَةَ النِصْفِ ياغديرَ القوافي

 

يتجارى على القلوبِ مرِيَّا

هاكِ أرواحَنا أتتكِ عُجالى

 

تلثِمُ البدرَ إذ يَلوحُ فتِيَّا

هاكِ أحداقَنا تَصُولُ حَيارى

 

تَرْقُبُ الفَجرَ ترتأيهِ نجيَّا

هاكِ أسماعَنا إليكِ تناهت

 

رنِّمِيها على هواكِ ملِيَّا

هاكِ آمالَنا تموجُ سِراعاً

 

وُلَّهاً بين ناظِرَيكِ جِثيَّا

هاكِ أورادَنا تُتَمْتِمُ شوقاً:

 

أَطْلِعي فَجْرَكِ المُؤَمَّلَ فَيَّا

هاكِ أنفاسَنا تطوفُ وتسعى

 

وتُلَبِّي بين الضلوعِ مِشِيَّا

نرجِسُ العِشقِ في يديكِ تَثَّنى

 

فإلى (نرجِسٍ) خُذيهِ جَنِيَّا

وارتوى خَدُّهُ الأَسِيلُ نميراً

 

قدِّمِيْهِ إلى (حكيمَةَ) رَيَّا

وانتشى عِطرُهُ فسالَ عبيراً

 

فخُذِيهِ (للعسكَريِّ) نَدِيَّا

وأطِلِّي على الدُنا بِوَلِيدٍ

 

هذِهِ الحورُ تحتريهِ نَغِيَّا

وعلى ثغرِها تَمَلَّي نشيداً

 

هَنِّئِي أحمَداً..هَبِيهِ سَمِيَّا

فانجلى فجرُهُا لِيَبزَغَ وِتْراً

 

كانَ بالخُلدِ والخُلودِ حَرِيَّا

وانتهت رَقْدَةُ الزمانِ وأهدت

 

ليلَةُ النِصْفِ للهُدى مَهْدِيَّا

**********

**

********

ياربيعَ الهوى وغيثَ الفيافي

 

هاكَ أنَّاتَنا أتَتكَ شِكِيَّا

ياغديرَ الرَجا ورِيَّ الأماني

 

هاكَ آمالَنا أتتكَ صِدِيَّا

وارتَقَبْنَاكَ في بُطونِ الليالي

 

أملاً كامناً وحَمْلاً خفِيَّا

ونَحَتْناكَ في صًخُورِ البَلايا

 

مَبْسَماً حالِماً وخدَّاً طرِيَّا

وارتَوَينَاكَ في جفافِ الصَحَارِى

 

منبَعاً صافِياً وغَيْثَاً هَمِيَّا

وانتَزَعناكَ من رَمادِ الرَزايا

 

عَسجداً لامِعاً وتِبْرَاً نقِيَّا

نحنُ أيتامُكَ الذين سَكَبْنا

 

دمعةَ اليُتمِ للشِفاهِ سِقِيَّا

نحنُ عُشَّاقُكَ الذينَ كَتَمْنا

 

همسَ نجواكَ في الصُدورِ خِشِيَّا

وإذا صوتُنا اليكَ تَعَلَّى

 

خنَقَتْهُ العِدى فعادَ خفِيَّا

هذه عبرةُ العُيونِ تَجَارَىْ

 

فمتى جَفْنُها يعودُ عَصِيَّا

هذه بسمةُ الشِفاهِ مَواتٌ

 

فمتى ثغرُها يعودُ ندِيَّا

إنها حُلْكَةُ الظلامِ تعصَّت..

 

وغداً فجرُها يلوحُ سنِيَّا

*********

**

**********

نحنُ جئناكَ والخطوبُ تَلَوَّى

 

حولَ أعناقِنا وتُزْبِدُ غَيَّا

نحنُ طُفْنا على بريقِكَ حُلْماً

 

في عُيونِ السَما يلوحُ جَلِيَّا

وحَمَلناك في الشِغافِ لِواءً

 

فوقَ هامِ الذُرى يرِفُّ عَلِيَّا

وفَرَشْنا الصُدورَ لليأسِ نُطْعاً

 

وامتَشَقْنا من النُحورِ مِدِيَّا

وَحَطَمْنا عنِ الحناجِرِ قيداً

 

بِهُتافٍ عَمَّ الوجودَ شَدِيَّا

أنتَ ياهالَةً من القُدسِ تطويِ

 

في سَناها مُحمداً وعلِيَّا

ستؤُمُّ القُلُوبَ من كُلِّ حَدْبٍ

 

خُشَّعَاً بين راحَتَيكَ هُوِّيَّا

ونُلَبِّي مع الملائِكِ صَفاً

 

ونُصَلِّي مع المسيحِ سَوِيَّا

كُلُّ آمالُنا تموتُ ولكن..

 

عِندَ ذِكراكَ يامُؤَمَّلُ تحيا

*********

**

**********

معتوق المعتوق

 تاروت-القطيف - 15/8/1423هـ