رمضان في جنوب العراق

مدينة العمارة.. طقوس متوارثة وجلسات تراثية

 

شبكة النبأ: تكتسب أيام رمضان في مدينة العمارة جنوب العراق، حالها حال المدن العراقية خصوصية تميزها كثيرا عن باقي أيام السنة، من خلال تفاعل الاهالي وممارستهم لطقوس وعادات وتقاليد متوارثة، فضلا عن جلسات بعد الفطور في الحدائق التي تمتد على أكثر من كيلو مترين على ضفاف نهر دجلة حيث الاماسي والجلسات والمسابقات الثقافية والرياضية وممارسة الألعاب الشعبية  كلعبة المحيبس المعروفة.

الحاج عبد الكريم حسين، متقاعد ويبلغ من العمر 60 عاما ، يقول ان“ أهم مايميز شهر رمضان في محافظة ميسان هو التكافل الاجتماعي من خلال مساعدة العوائل الغنية للعوائل المتعففة  وعملية التبادل اليومية للأطعمة حيث تكون سفرة الصائم متنوعة قد تصل الى سبعة أنواع”.

ويضيف حسين“ التكافل الاجتماعي بين العوائل يلغي الفوارق بين العوائل الغنية والفقيرة  حيث تتوحد قلوب وضمائر ونوايا الجميع حول مائدة الإفطار، يؤدي كل منهما  فرضية الصيام بإيمان كبير تقربا لله” .

في حين يستذكر الحاج عبد الأمير المحمداوي، وهو تاجر  ويبلغ من العمر 55 عاما أيام رمضان في مدينة العمارة ويصفها بالجميلة وكيف كانت العوائل الغنية تستضيف العوائل الفقيرة على مائدة واحدة والتي تسهم في تعميق أواصر العلاقات والمحبة والتعاون بين الجيران وإلغاء الفوارق الطبقية فيما بينهما .

ويبين المحمداوي ان“ أيام رمضان  في السابق  كان لها طعم خاص حيث  كان لكل  لمنطقة فريق خاص يسمى باسم المنطقة ،  يلعبون كرة القدم في النهار و المحيبس في الليل الذي تستمر  جلساته حتى السحور ، إذ كنا نتبارى كل يوم  في منطقة  وكان كل فريق يظم أكثر من 30 متباريا وكانت الجائزة صينية بقلاوة يدفعها الخاسر ويتناولها مع الفائز. بحسب تقرير اصوات العراق.

واستدرك ان“ هناك ألقابا اشتهر بها بعض لاعبي المحيبس في المحافظة قديما  لما يمتلكونه من قوة الفراسة والقدرة على اكتشاف المحبس ومنها الخطّاف والصقر  والذيب والحرامي.

واعتبر الباحث عبد الحسين ألعقبي “ لعبة المحيبس هي اللعبة  الشعبية الرئيسية التي لازالت تمارس في المناطق والمقاهي  الشعبية  في مدينة العمارة منذ مئات السنين ويضم كل فريق من الفريقين المتنافسين الذي يمثل الزقاق أو المحلة أو المدينة أكثر من عشرة لاعبين ويصل أحيانا إلى 50 لاعب في الفرق الكبيرة ومثله في الفريق الخصم”، مبينا ان“ أهداف هذه اللعبة تقوية أواصر المحبة والصداقة بين أبناء الحي الواحد وتوطيد الأخوة والتعارف بين أبناء المدينة الواحدة.

 ولفت الى ان “للعبة قواعد  يجب  إتباعها ومنها اعتبار الفريق خاسراً ويطرد من البطولة إذا ثبت انه يتعامل بـ(محبسين) خاتمين، وكل لاعب عليه مدّ يديه المقفلتين ورفع رأسه إلى الأعلى فيما يقوم رئيس الفريق المقابل بقراءة معالم وجهه ومدى اتزانه ويقرر ان كان حاملا بيديه المحيبس.

وتابع ان“ لعبة المحيبس تكون عادة من جولة أو جولات عدة وعلى الفريق الفائز تحقيق الحد الأعلى من النقاط (21 نقطة( وتمتد مدة اللعبة إلى ساعات أحياناً ويخبئ أحد الفريقين الخاتم بين أيدي لاعبيه ويجتهد لعدم الكشف عنه من قبل الخصم مسجلين النقاط تلو النقاط، و تجري القرعة للاستحواذ على الخاتم مقابل نقطتين للفريق الآخر ويعتمد الفريق عادة على كشاف الخاتم بالدرجة الأساس وبالتالي على حامل الخاتم بالدرجة الثانية.

اما نقيب الفنانين في ميسان جميل التميمي فقد أوضح ان“ أهم مايميز أيام رمضان الحالية هو الجلسات الرمضانية بعد الفطور التي تقام في المقاهي المنتشرة على ضفاف نهر دجلة الخالد، إذ تتميز هذه  المقاهي بان لكل منها تسمية خاصة  فهناك  مجموعة مقاهي للفنانين وللمثقفين وللصحفيين  وللرياضيين وللمعلمين ومقهى خاص للعوائل والتي تستمر حتى ساعة متأخرة من الليل وخاصة بعد التحسن الأمني في المحافظة.

واضاف التميمي ان “هذه المقاهي  تكون مزدحمة وتمارس فيها بعض الألعاب الشعبية كلعبة المحيبس  بالإضافة الى  إقامة المسابقات الثقافية والعلمية والرياضية بين رواد تلك المقاهي  والتي تتخللها بعض المواقف الكوميدية والترفيهية لإضفاء روح المرح والتآلف والوحدة والانسجام ومد جسور المحبة بين طبقات المجتمع العماري. وتقع مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، على مسافة 390 كم جنوب العاصمة بغداد.

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/أيلول/2009 - 18/رمضان/1430

[email protected]