القران في رمضان بين التلاوة والتدبر

برير السادة

يلمس المتتبع لبعض كتب الأدعية والروايات كثرة الحث على الإكثار من تلاوة القران في شهر رمضان, والتي بشرت القارئين والتالين لآيات القران الكريم بالكثير من الفضل والثواب, كما في خطبة النبي (ص) " ومن تلا فيه آية من القران كان له مثل اجر من ختم القران في غيره من الشهور" , ويقول الشيخ عباس القمي  في كتابة المعروف مفاتيح الجنان ص229 " واعلم أن أفضل الأعمال في ليالي شهر رمضان وأيامه هو تلاوة القران الكريم وينبغي الإكثار من تلاوته في هذا الشهر ففيه كان نزول القران وفي الحديث أن لكل شي ربيعا وربيع القران هو شهر رمضان ويستحب في سائر الأيام ختم القران ختمه واحدة في كل شهر واقل ما روي في ذلك هو ختمه في كل ستة أيام واما شهر رمضان فالمسنون فيه ختمه في كل ثلاثة أيام ويحسن إن تيسر له أن يختمه ختمه في كل يوم"

وبلا شك أن هذا الحث يؤسس لسؤال عن مغزى هذا الحث وهذه الدعوة للإكثار من تلاوة القران في شهر رمضان, وعن أهمية التدبر والتفكر في الآيات القرآنية وموقعها في هذا الشهر, بمعنى أخر أين هي الروايات التي تدعوا للتدبر في القران في شهر رمضان؟؟ وماذا عن ثواب المتدبرين فيه؟؟

لابد لنا قبل أن نحاكم تساؤلنا أن نوضح انه ليس هناك تعارض بين كثرة القراءة والتدبر, بل إن التدبر هو نتيجة الإكثار من تلاوة القران..والتلاوة مقدمة واجبة للتدبر من هنا فان الدعوة إلى الإكثار من قراءة القران في شهر رمضان تبدو منطقية , وذلك لكونها تؤسس لعلاقة مع القران بعد قطيعة دامت لعدة اشهر . فكيف يتدبر القران من لا يتلو آياته آنا الليل وأطراف النهار؟؟ هذا أولا.

وثانيا: لان كثرة القراءة مدخل للأنس بالقران وهي مرحلة لها تجليات على المستوى المعنوي والمادي باعتبار القران كتاب مباركا له انعكاسات وتأثيرات على مجمل ميادين الحياة.  من هنا فان كثرة التلاوة هي نوع من تهيئة النفوس والقلوب لتلقي فيض العناية الإلهية, واكتساب المعارف القرآنية التي تزداد كلما ازداد الفرد طهارة ونورا يقول تعالى "وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر ام القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالاخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون"  وقوله تعالى "وهذا ذكر مبارك انزلناه افانتم له منكرون"  "قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا"

غير انه من المهم التأكيد على تلاوة القران بالطريقة الصحيحة التي دعت اليها الشريعة من الاستعاذة "فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم"  والبسملة و الطهارة وتحزين النفس عند تلاوته واستشعار عظمة الله وعظمة القران "سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى ( و رتل القرآن ترتيلا) فقال : ( تبينه تبيانا ( تبيينا) و لا تهده هد الشعر و لا تنثره نثر الرمل.."

يقول الامام زين العابدين (ع) في دعاء ختم القران " اللهم فإذ قد أفدتنا المعونة على تلاوته وسهلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته ويدين لك بالتسليم لمحكم آياته ..." ويقول " واجعل القران لنا في ظلم الليالي مؤنسا ومن نزغات الشيطان وخطرات الوساوس حارسا ولإقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا ..."

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/أيلول/2009 - 11/رمضان/1430

[email protected]