الامام علي (ع) في الذكر الحكيم

هلال آل فخرالدين

الايات النازلة في فضائل من حبه حسنة لاتضر معها سيئة..اكثر من أن تحصر لان حكمة الله البالغة شائت من بداية حياته في بيت الله وتنتهي به وان يكون قرانا ناطقا وسبيله تبيانا للاشائة الالهية الهادية (وإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل آلعظيم) الحديد:29

سوف أشير الى اصدق مصدر واوثق كتاب واشهد حق الا وهو الفرقان العظيم الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه واقتطف بعضا من الايات القرانية النازلة في فضائل وبيان منزلة سيد الموحدين الامام علي ومناقبه التي لاتعد ولاتحصى وكنجوم السماء تألقا واستشهد فقط بثلة ممن تعرضت وذكرت قسما منها  امهات ومراجع كتب السنة المصنفة من قبل اعلام وائمة القوم..ومن اراد المزيد والمزيد فعليه بتفاسيرهم وكتب المناقب والمسانيد والصحاح ومصنفات السيرة وكتب الرجال والتاريخ..واذكر بعض المفاصل التاريخية الفاصلة للخلافة الاسلامية وبيان طمسها للحقائق وتزييف صنائعهم من مرتزقة المعممين للوقائع وتزوير الاحداث وتأويلها بالدس والافتراء بعدان استيقنتها انفسهم قال تعالى:(ومن أظلم ممن آفترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين) العنكبوت:68

فقد احببت ان يتعظ المؤمن ويعتبر بايات الله كما هو حال القاريء الواعي للذكر الحكيم ويتدبر ويرعوي وما الهداية والسداد والتوفيق الا منه سبحانه تعالى:(انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)..وتبقى الذكرى تنفع المؤمنين.

ولاجل ان يكون المؤمن على بينة من حقائق لايمكن انكارها او التنكر لها الا لمن طبع الله على قلبه (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي إذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرأن وحده ولو على أدبارهم نفورا) الاسراء 46 مع لفت انتباه من يرمي الكلام على عواهنه جزافا (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى  ولاكتاب منير) لقمان 20 ومن غير تدبر واطلاع (ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والصر وآلفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا) الاسراء:36 للاغواء والتحريف (ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله) الحج:9 اوعلى نسق اتباع الطبال ويحسبون انهم محسنون قال تعالى:((قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا* آلذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الكهف:103-104 ومن الناس من ينصت ويطرب للباطل (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) لقمان:6 فنرجوا ان يكف عن مزج العسل بالسم الذعاف للاثارة (ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا آلكتاب من قبل فطال عليهم آلامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) الحديد:16  وإذا كان البعض يتخيل ان التعرض للعقائد وجرح العواطف باب للشهرة على مثل خالف تعرف فقد خاب وخسر خسرانا مبينا (أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون*أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون*فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) الطور:32و33و34

ومن منظور حضاري وانساني يجب احترام الاخر ومشاعر الناس..وهل انتهت مشاكلنا وتقهقرنا وتكالب الاخرين علينا بطرح هكذا سفسطات وتخرصات لاتغني ولاتسمن من جوع وقد كسد سوقها ويحسن تبني النافع وتبيان الحقيقة والكلمة الصادقة هادفة للنهوض بالامة من كبوتها والرسالة من تعثرها  ونسأله سبحانه:(ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا واعفرلنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم) الممتحنة:5 وختاما(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والارض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسوله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) الحديد:21

مسيرة الهدى والفداء والجهاد لامام التقى

لايسعنى الاذكر نتف وأضواء من رحلة أول القوم اسلاما حسب ما يسطرها ائمة السلف ومراجع السنة سواء مانزل في فضائله التي لاتعد ولاتحصى في الذكر الحكيم من تفاسير القوم وصحاحهم ومسانيدهم ومدوناتهم التاريخية او ما صرح به الرسول في حقه وبيان منزلته في  احاديث كثيرة متواترة...

المرتضى أول القوم اسلاما

جاء في الذكر الحكيم قال سبحانه:(والسابقون الاولون من المهاجرين وآلانصار والذين آتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها آلانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز آلعظيم) التوبة 100 اخرج الحافظ الحسكاني في (شواهد التنزيل) عن ابن عباس في قوله:(والسابقون الاولون من المهاجرين وآلانصار..) قال:نزلت في علي سبق الناس كلهم بالايمان وبرسوله وصلى القبلتين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ففيه نزلت هذه الايه  شواهد التنزيل ج1ص:256 

وروى العلامة ابن عدي في (الكامل) عن حذيفة ابن اليمان قال:أخذ رسول الله (ص) بيد علي فقال::(هذا أول من أمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الاكبر وهذا فاروق هذه الامة) الفضائل الخمسه ج2 نقلا عن الكامل لابن عدي.

 علي نفس محمد(ص)

اجمع ائمة التفسير وشيوخ الحديث  ان الامام علي  هو نفس رسول الله (ص)  بنص القران كما في ايه المباهلة التي باهل بها  نصارى  نجران كما اجمع المفسرون  على ان المعني(بانفسنا) من الايه هو الامام علي الذي خرج مع المصطفى للمباهلة

وفي اتحاد المصطفى بالمرتضى جاء في الذكر الحكيم قوله سبحانه:(فمن حاجك فيه من بعد ما جآءكم من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) ال عمران:61 اخرج صاحب تفسير (الجلالين)ج1ص:283 بهامش الفتوحات الالهية والنيسابوري في تفسيره (تفسير غرائب القران ورغائب الفرقان) ج3 ص:213 والامام الطبري في تفسيره (جامع البيان في تفسير القران) ج3 ص:213 والعلامة المراغي في تفسيره ج3ص:171 وابن الجوزي الحنبلي في (زاد المسير في علم التفسير) ص 399 والحافظ ابن جزي الكلبي في تفسيره(التسهيل لعلوم التنزيل) ج1 ص109  والحافظ البغوي في تفسيره (معالم التنزيل) ص 63 والعلامة ابي الحسن الواحدي في تفسيره (تفسير القران العزيز) بهامش تفسير النووي المسى (تفسير مراح لبيد) ج1 ص:102

ان النبي (ص) عندما خرج لمباهلة نصارى نجران اخرج معه لمباهلة القوم الحسن والحسين وفاطة وعلي.فلما نظر العاقب الى تلك الوجوه قال:لاتباهلوه فوالله ان باهلتموه لينزل عليكم العذاب فلايبقى لكم ذكر ابدا  المراد بابناءنا (الحسن والحسين) ونساءنا (فاطمة بنت محمد) وانفسنا (على ابن ابي طالب).

وقول المصطفى(ص):(انا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى)

وقال(ص) لعلي: أنا وانت أبوى هذه الامة

وكذلك عندما امر المصطفى بسد الابواب المشرعة لكافة الصحابة الى مسجده الشريف ماعدا باب بيته(ص) وباب بيت علي ويسري عليهما من الاحكام بخصوص المسجد مالم يسري على غيرهم من الصحابة.  

بأمر رباني علي امير المؤمنين

جاء في الذكر الحكيم قال الباري سبحانه:(يايها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فآثبتوا وآذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الانفال:45 اخرج العلامة الشبلنجي في(نور الابصار) عن ابن عباس قوله:ليس في كتاب الله تعالى:(يايها الذين أمنوا) إلا وعلي أولها وأميرها وشريفها  ص:78 واخرج الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) عن الحكيم بن عيينه قال:اربعة لاشك فيهم انهم ثبتوا يوم حنين فيهم علي ابن ابي طالب ج1ص:252-253

وتذكر الروايات ان مجموع ذلك الجيش (10000)الاف من الصحابة مضاف اليهم اكثر من (3000)الاف من المؤلفة قلوبهم او طلقاء مكة

اقسى انذار للحبيب (ص)

كان المصطفى يحدب كثيرا ويحرص شديدا على ان لا يستثير حفيظة قومه وهم حديثي عهد بالاسلام والاسلام غض غرير بعد لم يشتد ساعده وجمعا من الصحابة من يضمر النفاق ويظهر الاسلام والبعض من مرد عليه والبعض موتور من سيف الله المسلول والبعض مشحون صدره بالحسد له لذلك خشى المصطفى من ان يصرح بولاية من اصطفاه الباري وامر بولايته وطاعته من فوق سبع سموات حتى نزلت:(يايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) التي تعتبر اقسى واشد انذارا من الله الى حبيبه المصطفى (ص)بان يصدع فورا وفي تلك الجموع قبل افتراقها بولاية علي التي اصدع الله بها من فوق سبعت ارقع وان لايخشى  القوم وانه عا صمه من مكرهم وكيدهم ولايحيق المكر السيء الا باهله  فعز على الحبيب الا ان يمتثل لذلك الانذار اللهي الصارم..حتى امر بايقاف  جموع الركب وصدح بما امره به ربه بتنصيب ولي الله الامام على مرجعا للامة وفي سبب نزولها يقول ائمة التفسير انها نزلت في (غدير خم) بعد حجة (الوداع) عندما نصب المختار وصيه خليفة وإماما وكان المصطفى يؤكد هذا الامر بعد كل فقرة من اعلانه وبيانه  بقوله (اللهم اشهد) و(وليبلغ الحاضر الغائب) اي هذه البيعة مستمرة في اعناق الامة الى قيام يوم الساعة ومن بعدها امر الجموع ببيعة على المرتضى خليفة من بعده  وصفق القوم على يديه بالبيعة له ووكدوها..ببخ..بخ يابن ابي طالب اصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني الحنفي في شواهد التنزيل قال في الاية:(يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس وان الله لايهدي القوم الكافرين) في علي ابن ابي طالب ج1ص:188  وروي ايضا عن الصحابي عبد الله بن أبي أوفى قال:سمعت رسول الله يقول يوم (غدير خم) وتلى هذه الاية:(يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته..) ثم رفع يديه حتى صار يرى بياض إبطيه ثم قال (ص):(الامن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثم قال (ص):(اللهم اشهد) شواهد التنزيل ج1 ص:190 واخرجه العلامة بن قتيبة في الامامة والسياسة واخرجه الامام النيسابوري الشافعي في تفسيره عن ابي سعيد الخدري إن هذه الاية:(يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته..) نزلت في فضل علي ابن ابي طالب يوم (غدير خم) وقال:(من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده) فلقيه عمر وقال هنيئا لك يابن ابي طالب اصبحت مولاي ومولاى كل مؤمن ومؤمنة   تفسير غرائب القران ورغائب الفرقان هامش تفسير الطبري ج6 ص:194-195

وذكر الخوارزمي الحنفي ابيات الشاعر حسان بن ثابت في تلك المناسبة مقتل الحسين ج1ص47 

واخرج ابن الاثير الجزري في (اسد الغابة في معرفة الصحابة)ج2ص:28   وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) الفصل الاول  واخرجه الامام احمد في (مسنده) ج4ص:281  والبلخي في (المناقب) ص28  واخرجه المحب الطبري في(ذخائر العقبى) ص67  واخرجه الامام السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج2ص:298  واخرجه الامام الذهبي في (تذكرة الحفاظ) ج6ص10  والعلامة ابن حجر العسقلاني في(تهذيب التهذيب) ج3 ص:327  واخرجه النسائي في (خصائص) ص:89 والعلامة ابن ابي حاتم في (الجرح والتعديل) ج1 قسم 2 ص:573  واخرجه الحافظ ابو نعيم في (اخبار الصبهان) ج1ص:126

تفاقم الهجمة الخوارجية

السلام عليك ياسيد الوصيين ونفس رسول رب العالمين لقد فجعت الامة بك فجيعة ما أعظمها وان اغتيالك هو اغتيال للاسلام وللرسول(ص) وللمسلمين واغتيال للقيم والمباديء السامية وهذا سبيل التحجر والغلو والبغي على مر العصور وعلى مايمكن ان يؤدي اليه التطرف والارهاب والمروق  عندما يتسلط على الوجدان فلايميز التطرف بين الكفر والايمان ولا الارهاب  بين الحق والباطل  ولا المروق بين الدين والضلال  ويصل به الامر لحقد الاوغاد وطيش الجهالة والنزوة الشيطانية الى قتل علي بن ابي طالب (اسد الاسلام وقديسه وصوت العداله الانسانيه)والتلهي عن المثلة به بقراءه القران (الذي لايراقي تراقيهم)حتى لايحرم لحظه من ذكر الرحمان !!

واستمر مسلسل الاساءة الى المصطفى (ص)واهل بته وبالخصوص الامام علي -المحسود على ماحباه الله به وشدته في ذات الله وقمعه للبغي - عميقه وواسعة وذات ابعاد متعددة  ولعلها ترجع الى بدايات الرسالة المحمدية الذي بذلت من اجل محوا ذكره والحط من شأنه وحتى سبه ولعنه وتصفية كل ما يمت اليه بصلة ولو روحية وشنت الحروب وبذلت الجهود الجبارة والاموال الجليلة وشريت  ذمم كثيرة من منافقى الصحابة ومرتزقة الشيوخ وأئمة الضلال فسودوا الصحائف وابتدعوا الاحاديث ولفقوا الاخبار وزوروا النصوص وحرفوا العقائد لدعم مواقف سياسية سيقيفية تبنتها امبراطوريات اموية وعباسية وغيرها ناصبت تحريف الرسالة عن مسارها القويم ونصبت العداء لاهل البيت بالابعاد والظلم والابادة ورفعت شأن اناس بتلفيق فضائل لهم حتى فاق الامر غلوا وتعصبا وجهلا للجاهلية.

لان حكمهم لايستقيم الا بذلك كما اقربذلك معاوية ومن جاء من بعده وجدد تلك الحملة المسعورة المنصور العباسي ومن اخلفه من خلفاء الجور وسلاطين البغي والسفك قال تعالى:(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم*أولئك آلذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) محمد:22و23وقوله تعالى:(وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها  وما يمكرون إلا بانفسهم  وما يشعرون) الانعام 123

ويستمر هذا المسلسل حتى العصر الحديث على ايدي الفكر الخوارجي الوهابي المتطرف المنغلق المكفر الذي نصب من نفسه وصيا على الاسلام وحتى من يدعي الوسطية والتعقل امثال القرضاوي الذي يسلق بلسانه السليط مذهب اهل البيت والشيعة بتخرصات خرقاء لا اساس لها سوى ترديد نعرات وهرطقات السلف وقوله تعالة:(أم حسب آلذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) محمد:29 مع العلم نحن الان احوج مانكون لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف بالموقف السديد والكلمة البناءة  الصادقة والهادفة.

لذلك ابتدعوا المذاهب لتثبيت سلطانهم ودعم ملكهم و وكذلك اثارة فتن هنا وهناك وبالحط والابعاد والتشريد لال بيت الرسول وباشغال الامة في امور جانبية لتفريق صفوف المسلمين ليصفوا لهم الجو..فكانت مكائد ودس عصابات البلاط من معممي طمس الحقائق وتأويل النصوص على نهج  ابن حجر..والذهبي..ابن تيمية..واخيرا شيوخ شياطين الوهابية ومن يدور في فلكهم وكما قال سبحانه:(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم  ويتبع كل شيطان مريد) الحج: 3

وفي هذه دلالات دامغة وبينة تبين مدى التضحيات الكبيرة لائمة اهل البيت في تصديهم لتلك الهجمة الشرسة ومراجع الشيعة والثلة الصالحة وقاوموا ثالوث الغلو والبغي والطغيان في كل تلك الاعصر وحتى الحاضر وان المواقف التاريخية لشاهد على  صمود الشيعة وائمتهم وعلمائهم وحاربوا ثالوث الشر (الغلاة والبغاة والطغاة)بكل قوة وضحوا بكل غالي ونفيس وسارعوا لتقديم انفسهم رخيصة من اجل الحفاظ على الشريعة وبقاء الرسالة نقية كاملة غير محرفة ولامنقوصة وهنا أمرهام وقضية مهمة جدا تستحق البيان وهو: ان خلفاء مدرسة السقيفة ومن اتبعهم وتابعهم جعلوا من الرسالة درء وسياج يحتمون به لتنفيذ مأربهم ويفرضوا تفرعنهم ويبسطوا سلطانهم بينما ائمة اهل البيت وشيعتهم جعلو من ارواحهم دروع لحماية الاسلام وصيانة الرسالة وشتان بين الاثنين وهذا معلوم تاريخيا وثابت حاليا..قال تعالى:  (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) الصف:8

حدث فريد وشرف مؤبد 

حدث فريد لم تكن له سابقة في سجل الانبياء حيال اوصيائهم ولم يخبرنا التاريخ ولا الرواة ان حصل لوصي من اوصياء الانبياء ما فاز به  سيد الوصيين الامام علي من مكرمة ألهية عظمى باقتران اكمال الدين به وكذلك تمام نعمة الدنيا اي خلافته جامعة للدين والدنيا معا ولايتم الاسلام ويرتضى من قبل الباري الابولايته  جاء في الذكر الحكيم:(آليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا)المائدة:3  ثلاث مفردات عظائم جمعت الدين والدنيا والاخرة  اكمال الدين واتمام النعمة والرضى عن الرسالة

اخرج العلامة الحنفي موفق بن أحمد الخوارزمي في (مقتله)عن ابي سعيد الخدري قال:إن النبي (ص) يوم دعا الناس إلى علي في (غدير خم) وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضيعه ثم رفعه حتى نظر الناس الى بياض إبطيهما ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الاية (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فقال رسول الله(ص):(الله اكبر على اكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي) ثم قال:(اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) ثم ذكر جماعة من الصحابة الذين روى الحديث منهم عمر ابن الخطاب وسعد بن ابي وقاص وطلحة وابن مسعود وابو ايوب الانصاري وابو هريرة وزيد ابن ارقم وانس والبراء بن عازب و32 صحابي الخوارزمي في مناقبه ص:80 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1ص 47-48

الامامة لطف الالهي في الاصطفاء

ان مفهوم الإمام، الأئمة  قد ورد ذكره في القرآن الكريم في(اثني عشر) مورداً والذي يشير إليه القرآن وبكل وضوح وجلاءلا لبس فيه ان مفردتي (الإمام، الأئمة) قد جاءت مسبوقتين غالبا بالجعل الالهي التشريعي،حيث جاء في الذكر الحكيم: (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) البقرة، الآية: 124. و(جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) القصص:41.

(وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) الأنبياء، الآية:73. وَ (اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) الفرقان، الآية: 74(وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً يدعون الى النار)  القصص الآية:5.

ويقول الطبري في تفسير قوله تعالى (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) البقرة:124

(أي يؤتم بهم في الخير في طاعة الله في اتباع أمره ونهيه ويقتدى بهم، ويتبعون عليه)الطبري،جامع البيان1/87.

ويقول محمد  رشيد رضا:(الخلافه الاسلاميه  هي الحكومه المثلى  التي بدونها لا يمكن  ان يتحسن حال البشريه) فهي (خير دوله ليس بالنسبه للمسلمين فحسب  ولكنه بالنسبه  لسائر البشر)رشيد رضا -الخلافه او الامامه العظمى-مطبعه المنار بمصر 1341 ص116-128

وان النصوص تؤكد ان لكل نبي وصي من اهله يكمل مشواره ويقوم مقامه فقد صرح القران بخلافة سليمان لداود..لكن المستغرب ان علماء السنة لايولون هذا الامر اهميته ولا يعطونه احقيته بل يجعلونها هلامية وفوضى وفي دائرة تصريف الوصي لامور النبي الخاصة من بعده اوفي اهله و العائلة حتى لايصطدم مع ما تفانوا في اثباته بكل وسيلة من ان النبي (ص)ترك امر الامامة الى الامة لتبرير شرعية من قفز عليها من الخلفاء...! 

والمؤاخذة على علماء السلف انهم يجعلوا للامامة او الخلافة هذه الميزات السامية وانها الحكومة العادلة المثلى ليس بالنسبة للمسلمين فحسب بل لسائر البشر فهل يمثل هذه الامامة او هذه الخلافة معاوية او يزيد او مروان او عبد الملك او المنصور او هارون او المتوكل او سليم و اضرابهم ممن ولغوا في دماء المسلمين وعاثوا في الارض فسادا وفرطوا باموال المسلمين وانفقوها على الشهوات واستباحوا الحرمات ولم يتركوا اي حرمة الا وانتهكوها حتى بزوا باجرائمهم  كل فرعون وكل نيرون..؟

وهنا سؤال خطير يطرح نفسه:ان هؤلاء العلماء والفقهاء والقضاة كيف يجيزوا لانفسهم ان يسحبوا ذلك الناموس المقدس على هؤلاء المردة الفجرة الذين اشاعوا الرعب والخوف الارهاب في امصار المسلمين وظلموا وعتوا وامعنوا في الجور والضلال والفساد بما لايصدق..؟

أهؤلاء هم حقا حملة الرسالة والمبلغين وحمات الدين وأئمة المسلمين وخلفاء الرسول الامين؟؟

أهؤلاء صدقا أئمة الشرع الحنيف وخزان علم الدين وأهل الذكر..؟؟

أهؤلاء أئمة عدل تجب طاعتهم والتسليم لهم والانقياد لاوامرهم ولايجب الخروج عليهم..؟؟

 ان هؤلاء الذين يجعلون الجبابرة والمتسلطين بالقهر والسيف علماء دين وفقهاء شرع وقضاة عدل بما يضلون ويضلون ويبدلون كلام الله ويحرفون الكلم عن مواضعه ويشترون به ثمنا قليلا  (انظر كيف كذبوا على انفسهم) الانعام: 24 انهم يغشوا الامة والغاش لها لايشم ريح الجنة ويكون لجهنم حطبا.حطب جهنم ؟ ان هؤلاء ويوصمهم المصطفى بالنفاق  بقوله  (ص):(اني لا اخاف على امتي  مؤمنا ولا مشركا،اما المؤمن فيقمعه الله،واما المشرك فيقمعه شركه، ولكني اخاف عليكم  كل منافق عليم اللسان يقول ماتعرفون ويفعل  ماتنكرون)نهج البلاغه ج2 ص27

لكن الحق يأبى الا ان يظهر على لسان احد شيوخ السنة الواعين العلامة الشيخ على عبد الرزاق مصرحا بالحقيقة الدامغة في بيان واقع اولئك الخلفاء:(ان الخلفاء والسلاطين   استبدوا  بالمسلمين  وحجبوا  عنهم  نور  الحق  واذلوهم  باسم الدين  وحرموا  عليهم النظر في امور  السياسه  باسم الدين  وخدعوهم  وضيقوا  على  عقولهم  في فهم  الدين  فصاروا  لا يرون  غير الدين مرجعا  حتى  في امور الاداره الصرفه  والسياسه الخاصه  وادى  ذلك  الى موت  ملكه التفكير  الرصين  عند المسلمين).

مما جعله يدين ذلك النظام ويدعوا الى التخلص من كابوسه وشروره  بقوله:(لا شيء  في الدين  يمنع  المسلمين من  ان  يدينوا  ذلك  النظام  العتيق -الخلافه - الذي  ذلوا به  واستكانوا  اليه  وان يبنوا  قواعد ملكهم  ونظام  حكومتهم على  احدث  ما انتجت العقول  البشريه)الشيخ علي عبد الرزاق -الاسلام   واصول الحكم -القاهره      ص36

الامامة منصب إلهي

باعتبار الإمامة من الواجبات الرئيسية بعد النبوة ومن الأمور المفروغ منها والمسلمة لدى عامة المسلمين ويرى أكثرهم بان ما كان من عقل ونقل على النبوة بالذات يصلح لأن يكون من الأدلة على الإمامة لأن النبوة بدونها لاتتفق مع جوهر الإسلام ولأنها استمرار حي للنبوة فيما جاءت به وانطلقت من أجله فلو جوزنا أن تكون الرسالة محدودة ولفترة لا تتعدى حياة الرسول ولم يحتط لها من بعده بوصي أمين وخبير بأهدافها وأسرارها يعمل بأمانة وإخلاص وخبرة وتجرد على انتشارها إلى حيث إرادة الله لها بحسب الزمان والمكان لم تحصل الغاية منها ولم يقدر لها البقاء والانتشار الواسع الذي يوفر للبشرية على امتداد العصور ما أرادها الله لها من الكرامة والسعادة وجميع مقومات الحياة وقد صح عن النبي (ص) انه كان يقول: (في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وزيف المفترين) ومؤدي قوله هذا إن عدول أهل بيته هم الذين يحرسون الدين وينفون عنه تحريف الضالين والملحدين والمحرفين والمشعوذين وينقلونه إلى الأجيال على واقعه حيا سلميا جيلا بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وبناء على ذلك فالإمامة بمعناها الصحيح السليم ليست إلا امتدادا للنبوة في واقع الأمر جيلا بعد جيل من أجل ذلك كانت من الأصول الإسلامية التي رافقت مطلع الإسلام وقد نص النبي (ص) عليها كما نص على غيرها من الأصول منذ فجر الدعوة وظل يؤكدها على المسلمين إلى قبيل وفاته كما أكدت ذلك النصوص الكثيرة المنتشرة في مجاميع الحديث وعلى لسان الثقات من الرواة والمحدثين بالاضافة إلى ذلك فالعقل يؤكدها لدى ابسط تأملاته لواقع النبوة وأهدافها التي نريد من الإنسان أن يكون خليفة الله في أرضه يمثل إرادته ومشيئته التي جاءت الرسالات من أجلها.

  والامامة الهادية الحقة هي جعل الهي وارادة للباري وليست راجعة لرأي الامة او لقرار الشورى انما هي جعل لله سبحانه وما على الناس الا الامتثال لامره لما فيه خيرهم قال سبحانه:(الله اعلم حيث  يجعل رسالته) الانعام 124 والى هذا المعنى يؤكد المصطفى في دعوته قبيلة عامر بن صعصعة للاسلام فاشترطوا دخولهم في الاسلام على ان يكون لهم الامر من بعده فقال:هذا راجع لاشائة الله سيرة ابن هشام واذا كانت شورى فلماذا لم يلتزم ويمتثل للشورى الخلفاء الراشدين انفسهم كما في تولية وتنصيب الثاني للخلافة من قبل الاول وفي كتاب (مختوم) وما على الامة الا السمع والطاعة لماجاء فيه...!!اي ان الامامة ليست بالشورى والاختيار البشري  وهذا يدلل ان الامامة والخلافة كالنبوة منصب الهي مجعول منه سبحانه وليس للانسان فيه اي دخل او اختيار قال تعالى:(اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمن)..وما على رسوله (ص) الا الامتثال وإبلاغ ما امر الله به بنصب  الامام علي اميرا على المؤمنين بامر من الله سبحانه ويوكد ذلك رسول لله (ص)مصرحا ومعلنا في تلك الجموع التي قدرت ب120 الف قائلا:(من كنت مولاه  فعلي مولاه  اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) انظر حديث بيعة الغدير في امهات مصادر السنة كما اثبتها المحقق العلامة الاميني في (الغدير) بلغت حدا فاقت التواتر وقد ذكر العلاة الاميني في الغدير مائة وعشرة من اصحاب النبي(ص)  تروي هذه الحادثة.

 سئل سائل بعذاب واقع 

لكن تابى النفوس المريضة الا الردة والنفاق والكيد  حسدا والاستكبارا علوا فنفخ ابليس في حزبه حتى سولت لهم انفسهم فانكروا ذلك الامر الرباني العظيم وتمردوا عليه وكان أول القوم هذا فقال في ذلك:(وإذ قالوا آلهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم) الانفال 32 ويذكر اصحاب التفسير فما ان اتم ذلك الرجل قوله حتى انزل الله حجر اصاب راسه وخرج من دبره فصارا جثة هامدة. وهذا لم يمنع  احد المجترئين على ذلك انكارا لهذا الحق فقال:فامطر علينا كسفا من السماء فما  ان اتم كلامه حتى اصابته حجاره  من السماء كما اصابت اصحاب الفيل من قبل  وجاء ذكرها في الكتاب العزيز  قال سبحانه (سأل سائل بعذاب واقع *للكفرين ليس له دافع *من الله ذي المعارج) المعارج 1و2و3

ولم يتعض القوم بل استمر مسلسل المكائد والغدر وبادروا لفتل الفتنة الكبرى والمؤامرة العظمى باقصاء من امر الله باتباعه وإطاعته حتى اسف بمنصب الخلافة وتنازل الى الحضيض وتقمصها الطلقاء وابناء الطرداء وكل جبار عنيد وغشوم سفاك للدماء ولازالت فتاوى ائمة الضلال والإضلال تؤكد شرعنة هؤلاء وتستبيح كل محرم قال تعالى:(ومن الناس من يشترى لهو آلحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أؤلئك لهم عذاب مهين)لقمان:6

عظم الله لك الاجر ياسيدنا يارسول الله  وال بيتك الاطهار بوصيك وابن عمك المرتضى على ايدي الاشقياء واحسن لك العزاء وانا الله ونا اليه راجعون

  سلام الله عليك يا امام الهدى وخليفة المصطفى ايها القران الناطق و(آلنبا آالعظيم *ألذي هم فيه مختلفون) النبإ:2و3 ما اعظم الرزية بفقدك سيدي يا امير المؤمنين باغتيالك اغتالوا الذكر..اغتالوا الحق..اغتالوا العدالة..اغتالوا السلام....

فسلام عليك يارباني هذه الامة يوم ولدت ويوم استشدت وفزت ورب الكعبة ويوم تبعث حيا وعلى الحوض ساقيا..(إن هذا كان لكم جزآء وكان سعيكم مشكورا) الانسان:22ونسأله سبحانه ان يوفقنا للتمسك بولايتكم والسيرعلى نهجكم  والحشر معكم.

hilal.fakhreddin@gmail

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/أيلول/2008 - 21/رمضان/1429

annabaa@annabaa.org