الغلاء والفقر يسرق بهجة رمضان من المصريين

  

شبكة النبأ: تستعد الأسر المصرية حاليا لاستقبال العام الدراسي الجديد الذي جاء هذا العام متزامنا مع أواخر شهر رمضان وعيد الفطر المبارك ما شكل عبئا ماديا مضاعفا أثقل كاهل المصريين من ذوي الدخل المتوسط والمحدود لاسيما في ظل ارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم.

وفي الوقت الذي تبذل فيه الحكومة المصرية جهودا مكثفة لتوفير السلع والمستلزمات الدراسية وضبط الاسواق للحيلولة دون تفاقم ارتفاع الاسعار يجد المواطن البسيط مشقة في الوفاء بكل هذه الالتزامات المادية التي جاءت مجتمعة في نفس الوقت بدءا من ملابس وادوات الدراسة والمصروفات المدرسية مرورا بالمصاريف اليومية لشهر رمضان ووصولا الى ملابس العيد ونفقاته.

وانتقل ازدحام المواطنين سريعا من أسواق "الياميش" ومستلزمات شهر رمضان الى محلات الملابس الجاهزة بوسط القاهرة وغيرها من أسواق الملابس والمستلزمات الدراسية ذات الاسعار المعتدلة كوكالة البلح والعتبة.

وأكد موظف بسكك حديد مصر ورب اسرة محمد عبد العال في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اثناء شرائه ملابس الدراسة لأبنائه بوسط القاهرة أنه ما ان غطى نفقات المصيف لاسرته حتى وجد نفسه أمام التزامات شهر رمضان ثم العيد وبدءالعام الدراسي متسائلا "كيف يمكن ان يتحمل المواطن البسيط كل هذه الأعباء براتبه المتواضع".

وقال انه كان يتمنى ان تتسم قرارات الحكومة بالمرونة الكافية لتأجيل موعد الدراسة الى فترة ما بعد العيد "وهو ما لم يحدث حيث أصرت على أن تكون يبدأ العام الدراسي يوم السبت المقبل الذي يوافق العشر الاواخر من رمضان ثم عيد الفطر المبارك".

وينتظر أن ينتظم 18 مليون طالب وطالبة بالمدارس والجامعات الحكومية والخاصة من بداية الاسبوع المقبل. أما حنان السيد وهي ربة منزل فرأت أن هذه الأعباء أثرت على فرحة البيوت المصرية بالشهر الكريم والعيد المبارك مشيرة الى ان لديها ثلاثة ابناء في مراحل دراسية مختلفة ولا مناص من توفير كافة متطلباتهم المدرسية وملابس العيد الجديدة.

وأشارت الى ان مصروفات المدارس ولاسيماالخاصة شهدت ارتفاعا كبيرا هذا العام ما ضاعف من أعباء أولياء الامور لأكثر مما يطيقون.

ومن جانبه اوضح الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد بالطبعة العربية لصحيفة الأهرام المصرية سالم وهبي أن ارتفاع معدل التضخم الشهر الماضي الى 6ر25 في المئة يعد دليلا واضحا على الازمة الاقتصادية التي تعاني منها البيوت المصرية حاليا.

وأضاف أن هذا المعدل المرتفع يعني أن المواطن المصري يحتاج الى ما يعادل اكثر من ربع دخله اضافة الى دخله الشهري ليتمكن من الوفاء بالتزاماته المادية.

وحول الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لضبط الاسواق والحد من ارتفاع معدل التضخم أشار وهبي الى أن البنك المركزي المصري قام برفع أسعار الفائدة للمرة السادسة في هذا العام لمواجهة هذا المعدل المرتفع.

وأضاف أن وزارة الاستثمار تعكف حاليا على تطوير نحو 3 الاف مجمع استهلاكي لتوفير متطلبات المواطنين من الأغذية وغيرها بسعر الجملة للحيلولة دون وقوع المواطن البسيط فريسة لاستغلال التجار والممارسات الاحتكارية لبعضهم مشيرا الى انه تم بالفعل تطوير اكثر من 160 مجمعا استهلاكيا في هذا الاطار.

وأشار كذلك الى قرار الحكومة باضافة الأسر الجديدة الى البطاقات التموينية الصادرة قديما بهدف توفير السلع الغذائية الاساسية باسعار مدعمة فضلا عن تعليمات مجلس الوزراء التي صدرت مؤخرا باقامة معارض متخصصة لمستلزمات المدارس بالمحافظات تتيح هذه المستلزمات من المنتج الى المستهلك مباشرة.

ورغم هذه الجهود الحكومية تظل هذه الأعباءالمادية تحديا حقيقيا لا تجد الأسر المصرية أمامه سوى الدعاء في هذه الايام المباركة بأن "تمر الأيام العصيبة المقبلة على خير".

الغلاء يسرق بهجة رمضان في مصر

يجلس عم احمد الى جوار فوانيسه البلاستيكية التي رصها على الرصيف في انتظار زبون يشتري منه بضاعته مع بداية شهر رمضان الذي يبدو هذا العام خاليا من البهجة.

ويقول عم احمد "لم تعد الامور كما كانت من قبل فهناك زبائن اقل (..) في السابق كانت الناس تشتري من دون ان تحسب".

وتوجد كل انواع البضائع في الشارع التجاري الذي يفترشه عم احمد في حي السيدة زينب الشعبي في القاهرة.

ويعرض الباعة كميات كبيرة من التمر المجفف والزبيب والفوانيس ولكن الزبائن قليلون.

وسجلت مصر رقما قياسيا جديدا للتضخم في اب/اغسطس الماضي اذ بلغ معدله السنوي اكثر من 23% وتجاوزت نسبة الارتفاع في اسعار بعض السلع الغذائية 70%. بحس الـ فرانس برس.

وتقول زينب وهي صاحبة محل صغير يتوافد عليه الزبائن اكثر من غيره ان "الاسعار ارتفعت بنسبة تفوق 50% منذ العام الماضي ويفترض ان يكون رمضان شهر البهجة ولكن هذا العام الاسعار مرتفعة للغاية والناس لم تعد تستطيع التوسع في الشراء".

وتضيف "يشتري الزبائن كميات اقل من ياميش رمضان وهم يفعلون ذلك اضطرارا لانهم يجب ان يدعوا اقاربهم على الافطار في رمضان".

وطبقا للتقاليد السائدة في مصر فان الاسر تتبادل في شهر رمضان الدعوات على الافطار وهي عادة يحاول غالبية المصريين الحفاظ عليها.

ويقول حسن وهو مهندس في الثلاثين من عمره ورب اسرة "اصبحت الحياة لا تطاق وصار رمضان بالنسبة لي عبئا احاول ان افرح بالشهر الكريم ولكني لا استطيع".

وتضاعفت اسعار التمر المجفف الذي يتناوله المصريون على افطار رمضان سيرا على سنة النبي محمد الذي كان يتناوله مع الحليب وقت الافطار.

ويقول احد الباعة "التمر مرتفع السعر هذا العام لان موسم الحصاد لم يبدأ بعد وزاد ثمنه بنسبة 25%".

ويبلغ سعر كيلوغرام الزبيب 21 جنيها (قرابة 4 دولارات) ومن التمر المجفف قرابة 6 جنيهات (اكثر من دولار) ومن جوز الهند 18 جنيها (2,5 دولار) وهي ما يجعل اجمالي الاسعار في غير متناول للمواطن المصري العادي في بلد يعيش 40% من سكانه حول خط الفقر.

وشهدت مصر منذ مطلع العام الجاري توترات اجتماعية تمثلت في تظاهرات ضد الغلاء واضرابات واحيانا اضطرابات.

وشهدت مدينة المحلة الصناعية احد مراكز صناعة النسيج الكبرى في دلتا النيل اعنف الاضطرابات في نيسان/ابريل الماضي اذ اصيب العشرات في صدامات مع الشرطة واعتقل 300 شخص على الاقل.

ولكن الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان يستبعد وقوع اضطرابت اجتماعية في رمضان.

ويقول "تاريخيا لم تحدث اي اضطرابات اجتماعية في رمضان فالناس تصبر لانهم يعتبرون ان رمضان شهر مبارك وهذا جزء من عقيدهم الراسخة".

ويزيد من صعوبة الحياة بالنسبة للمصريين ان رمضان يتزامن هذا العام مع بدء العام الدراسي وما يفرضه من مصاريف اضافية على الاسرة المصرية.

وينتظر عم احمد رغم كل شيء زبونا ويقول "لو تمكنت من بيع فانوسين فيمكنني شراء السحور لاسرتي".

من جهة اخرى يحرص كثير من المصريين على شراء فانوس معدني كبير يعلقونه في مداخل منازلهم او حتى في المتاجر والشركات كرمز للاحتفال بالشهر.

وذكر رجل يدعى محمد في سوق بحي السيدة زينب بالقاهرة أن لشهر رمضان جانبا احتفاليا تقليديا يحرص المصريون على التمسك به.

وقال رجل يدعى محمد عمر كان يشتري الاطعمة التقليدية التي يقبل عليها الصائمون في مصر خلال رمضان ان شراء الفوانيس للاطفال الذين يجدون فيها بهجة كبيرة أصبح غاية عسيرة المنال.

وغزت الفوانيس الصينية الصنع رخيصة الثمن السوق المصري وزحزحت الفانوس المصري التقليدي عن موقعه

وفانوس رمضان قديم قدم الدولة الفاطمية في مصر. ويذكر التاريخ ان المعز لدين الله الفاطمي عندما دخل القاهرة فاتحا استقبله السكان بفوانيس تضيؤها الشموع.

وذكر تجار انه برغم انهم يقدمون بضائع باسعار تنافسية الا ان المستهلكين بدخولهم المحدودة لا يقبلون على الشراء.

وارتفعت اسعار الاصناف التقليدية التي يقبل المصريون على تناولها في وجبتي الافطار والسحور مثل التمور والتين المجفف وقمر الدين والزبيب وغيرها.

ويوفر شهر رمضان للمسلمين في جميع انحاء العالم فرصة لالتئام شمل الاسرة والتزاور. وحاليا يكتفي كثيرون بالبقاء في المنازل لمشاهدة المسلسلات التلفزيونية الرمضانية التي تملا ساعات البث من بعد الافطار الى ما بعد السحور. بحسب رويترز

لكن مازالت شوارع القاهرة تفعم عادة بعد الافطار بالحركة والنشاط ومظاهر الاحتفال المميزة لشهر رمضان حيث تمتليء المقاهي بالزبائن وتمتليء المساجد ايضا بالمصلين وتقام الموائد الجماعية في السحور والافطار.

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 17/أيلول/2008 - 16/رمضان/1429

[email protected]