|
الحديث عن شخصية الإمام علي عليه السلام هو حديثا عن أفضل شخصية في
الأمة نالت أعلى المراتب والمناقب، وأجمعها للفضائل، وأعلمها بكتاب
الله وسنة نبيه، وأكثرها تورعا وعبادة لله، وجهاداً مميزا، يدل عليه
سيفه في دحر صولة الكافرين.
بين لحظتين الأولى عندما ولد أمير المؤمنين والثانية عندما قال بعد
أن نزل على رأسه سيف المرادي: "فزتُ وربِّ الكعبة" بين الّلحظتين تاريخ
حي، وساعات تضاهي الدهور فأية لحظة من سيرة أمير المؤمنين لم تكن
موضوعا يكتب عنه؟
منذ ان كان طفلا في بنيته الجسمية آمن بالنبي (ص) وبايعه رغم تخلف
كبار عشيرته ووقف يصلي خلف النبي فريدا وكان يدافع بابعاد الاذى عنه.
بات في فراش النبي ليلة وما أقدسها من ليلة وهو يحتضن فراش النبي
متبركا به ، يقدم نفسه ويفدي أبن عمه.
وفي ساحة الجهاد حيث كان عمرو بن ودّ العامري يهتف بالمسلمين ان
يبرزوا للقتال يوم الخندق، و كان الرسول حينها قد ضمن الجنة لمن يبارز
العامري، وشعر المسلمون عندها بالخوف لانه يعدل ألف فارس ، فأحجموا عن
مواجهته، إلاّ عليّ، حيث قال: .. وأنا علي.
وفي ساحة أحد، إذ كان الشيطان يتربص بالمؤمنين الدوائر وكان نعيقه
المتشائم قد مات محمد، حيث كان عليا بالمرصاد يضرب بسيفه دون الرسول
حتى اخذ القتال منه بتحطم السيف وقد أثخن جسده بسبعين جرحا، حينها نزل
جبرائيل عليه السلام بسيف قر فيه عين علي هدية من الله وإكرما له وقد
هتف مناد من السماء: "لا فتى إلاّ علي ولا سيف إلاّ ذو الفقار". وهكذا
ساحات الجهاد التي توالت حيث خيبر وصفين وحنين وغيرها من ساحات الجهاد
المباركة.
"ياعلي"
اما فضائله فقد روي أنّ يهودياً كان يمشي، وعلي وهو قائد خمسين
دولة يمشي وراءه صدفة، فأراد اليهودي عبور نهر، فتمتم بكلمات وعبر،
وعبر خلفه الإمام، فسأله عمّا قال: فإجاب بأنّ لديه وِرداً ورثه عن
أجداده الذين أوصوه بايراده عند المواقع الصعبة وهو قوله " يا علي".
فسأله الإمام: وهل تعرف من علي هذا؟ فقال اليهودي: لا. فقال أمير
المؤمنين : أنا علي. فأسلم اليهودي ببركة علي عليه السلام.
الحديث عن الامام علي بن ابي طالب لا يسعه حيز ولاتحصيه الأرقام ،
حتى قال ابن عباس لو أنّ الشجرَ اقلامٌ، والبحرَ مدادٌ، والإنس والجن
كتّاب وحسّاب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.
{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد}،
{إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون}، «يا عليّ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبيّ بعدي»، «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتِ
من الباب»، «عليّ مع الحق والحق مع عليّ يدور معه حيثما دار»، «من كنت
مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر
من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار».
"أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجرٍ شتّى".
ذلك هو الامام (ع) في الكتاب والسنة، نلتقي بذكراه في الواحد
والعشرون من شهر رمضان، في ذكرى استشهاده. إنّ كل لحظات علي عليه
السلام دروس ربانيّة، وتاريخ حافل بالدين.
و في هذا المقام يمكن التعبير بإظهار الحزن والأسى لمناسبة
الاستشهاد. ولكن رغم ذلك ينبغي على الانسان ان يتجه نحو اتمام الفضائل،
وعن إكمال الدين والإيمان والولاية.
و قال المعصوم من اهل البيت عليه السلام " كمال ولاية الله ولاية
الرسول، وكمال ولاية الرسول بولاية أهل بيته، وكمال ولاية أهل بيته
بولاية شيعتهم".
ولذلك عندما يقف الزائر للعتبات المقدسة يقول: إنّي "موالٍ لمن
والاكم، ومعادٍ لمن عاداكم، وسلمٌ لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم".
واذا ما اردنا ان نكمل ولايتنا ونحن في هذه الفترة الزمنية الحرجة
نعيش مرحلة معقدة للغاية من مراحل حياة الشيعة. فالمأساة تطال المؤمنين
في شتى بقاع العالم، حيث تعرضهم للفكر التكفيري و إلى أبشع أنواع القتل
والتعذيب، فضلاً عن محنة نقص الاموال والثمرات والأنفس؛ المحنة التي
يعيشها أبناء العراق ابناءعلي والحسين ، حيث تساقط الأطفال أمام حاجز
المرض والفقر والحرمان.
وكذلك ما يعانيه اتباع اهل البيت في العالم من هجمات طائفية ،
الموالون الذين لم تستطع حقبة السنين الغابرة من الحكم البعثي والطائفي
أن تزحزحهم عن إيمانهم. إنّ ولاية أهل البيت تعني الكثير منها تعني
المساعدة لكل من يحب أهل البيت؛ من توفير الدواء والمال للمؤمنين وفي
كل موطن وموقف.. كما تعني السعي الدؤوب لحل مشاكلهم.
فابشروا ايها المؤمنون بهذه الولاية، وابشروا بطيب الولادة والشهادة
A_alialtalkani@yahoo.com |
