شبكة النبأ: يعتبر صيام اول يوم لدى
اطفال المغرب في شهر رمضان المبارك حدثا عائليا مميزا في المجتمع لما
للمبادرة الروحية من قيمة رمزية تفصح عن الكثير من التقاليد والعادات
ودلالة انسانية مهمة تؤسس لوداع عالم الطفولة والدخول الى عالم الكبار.
وترتبط الاسر المغربية بهذه المناسبة الروحية بفيض من الطقوس
المتنوعة التي تختلف حسب المناطق المغربية والقبائل وعاداتهم وتقاليدهم
الخصبة في هذا الشهر المبارك الكريم.
وقالت الحاجة فطومة اللازم من جهة وسط المملكة لوكالة الانباء
الكويتية (كونا) ان اول صيام لدى الاطفال يتميز بكثير من العادات
القديمة التي ورثناها عن اجدادانا القدامى كالاستحمام قبل الصوم ثم
صلاة ركعتين تقربا الى الله سبحانه وتعالى حتى يعينه على صيام النهار
باكمله.
واضافت ان فطور الطفل يكون مميزا وشهيا احتفاء به وتكريما له لقدرته
على الصبر والتحمل وتفوقه على اقرانه فضلا عن مجاراته للكبار في القدرة
على بلوغ احد اركان الاسلام الخمسة.
وقالت سمية البلدي معلمة في مدرسة ابتدائية بمدينة سلا ضواحي الرباط
ل ان وجبة الطفل الصائم غالبا ما تتكون من البيض والماء وسبع تمرات
والحليب مع تقديم فطائر تقليدية يطلق عيلها اسم "بغرير" او بوشيار"
ممزوجة بعسل النحل والسمن البلدي.
واكدت ان العائلات المغربية تحافظ على وضع الحناء في الكف اليمنى
للصغير على شكل قرص في اول يوم صوم له معتبرة ان الشكل الدائري للحناء
ياخذ شكل شمس صغيرة تحمل رمز الخير والامل والغد المشرق.
من جهتها قالت عزيزة صفاري المربية في مؤسسة خاصة للاطفال بالرباط
ان طقوس الصبايا تختلف عن طقوس الذكور في كل شيء مؤكدة ان الاسر
المغربية تجعل من السنة اولى صيام للصبايا عرسا صغيرا تتزين فيه بابهى
حللها التقليدية الجميلة بعد الافطار ثم تذهب مع والدتها الى المسجد
للصلاة.
واوضحت ان الطفلة لدى عودتها من المسجد يقدم لها الحليب والتمر
وتجلس في مكان يطلقون عليه "العرش" كما تقام حفلة صغيرة بالمناسبة
يحضرها بعض صديقات المحتفى بها والاقارب كما تقدم حلويات واكلات شعبية
للضيوف من بينها "السفوف" و"الشباكية" ثم "الكسكس".
واكدت ان الاسر تحرص على احترام الطقوس القديمة ومنها وضع تاج على
راس الطفلة وتزيينها بابهى الحلل ذات الارتباط الوطيد بالتاريخين
المغربي والعربي العريقين والتقاليد الامازيغية والاندلسية القديمة.
وقالت انسية الحمالي وهي ربة بيت ان الاطفال في اول صوم يلبسون
ازياء تقليدية منها الجلابية والسلهام والجبادور مع وضع طربوش احمر على
رؤوسهم" وعند الانتهاء من تناول الفطور يرافقون اباءهم الى المسجد
لاداء الصلاة بلباسهم التقليدي الجميل.
وذكرت ان الصبايا والصغيرات يحرصن على ان يلبسن بهذه المناسبة ازياء
تقليدية وغالبا ما تلبس في الاعراس والمناسبات الدينية ومنها "الشقة"
و"الجلابية والتكشيطة" و"القفطان" المطرز بالحرير و" الصابرة".
وقالت ان الاطفال يلبسون "جلابية" ثوبها من النوع الرفيع يسمى
"السوسدي "مع "بلغة فاسية" وهي عبارة عن نعال تقليدية لها الوان مختلفة
فيما تنتعل الصبايا" شرابيل" مطرزة بالحرير و"الموزون والعقيق". واضافت
الباحثة في العلوم الانسانية والترث الزهراء الزريق ان عادات وتقاليد
صيام اول يوم بشمالي المملكة تتميز بعادات متنوعة ترتبط بالتراث
الاندلسي العريق بحكم قرب مدن الشمال من اسبانيا.
واوضحت ان من عادات اطفال الشمال تسلقهم سلالم خشبية تعبيرا روحيا
ووجوديا على السفر الى الاعلى والتقرب الى خالق السماء بنجومهما وقمرها
وعوالمها الغيبية الرائعة التي لا يعملها الا الله في هذا الشهر
الكريم.
وشددت على ان اطفال المنطقة يحرصون على الحضور باستمرار مع ابائهم
او احد افراد عائلاتهم الى تلك المسامرات الروحية فضلا عن حرصهم على
جلسات دينية اخرى تقام بعد صلاتي العصر والعشاء ويلقي فيها ثلة من
الفقهاء والعلماء دروسا دينية قيمة.
وتنتشر في صفوف الاطفال ايضا عادات اخرى تعرف ب "التخياط" وهي اقل
اهمية من صوم النهار باكمله بحيث ان الطفل يصوم نصف اليوم ثم يفطر وفي
الغد يصوم النصف الاخر ليكمل يوما باكمله الى اخر الشهر الفضيل.
وبهذه الطريقة تساعد العائلات ابناءها على الصوم والقدرة على الصبر
والتحمل ومنافسة الكبار واقرانهم من اجل نيل رضى الوالدين والجزاء
الاوفر في شهر التوبة والغفران. وفي الارياف غالبا لا يجلس الاطفال على
مائدة افطار الكبار حيث يكون اذان المغرب لاولئك الاطفال فرصة مناسبة
لاحياء العديد من الالعاب وانواع الرياضات البدوية القديمة التي تمارس
في الخلاء منها" سوب سوبيت" و" سالوم".
اما الاطفال الذي يتميزون بالقدرة على الصبر والجلد والصيام يوما
باكمله فهم الذين يحظون بتقدير الجميع بتنويه كبير من قبل افراد
العائلة وكذلك بحصة وفيرة من الطعام الشهي عند الفطور. |