تطلع علينا الليالي البيضاء من شهر رمضان المبارك وتزداد بياضا
بولادة الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام. ومع هذه
الاطلالة البهية وفي شهر رمضان المبارك نرفع ازكى آيات التهاني
والتبريكات الى المسلمين جميعا الذين انتهجوا بسيرة النبي وآله (ع)
وصحبه المنتجبين، وعاهدوا اللّه ، وثبتوا على عهدهم.
أن لشخصية الإمام الحسن الرائعة، أبعاد عديدة تجلت بالجهاد والشهادة
والكرم، وكذلك بالبعد الروحي والعرفاني والمعنوي التي يفتقد إليها
الكثير من المسلمين اليوم.
ان الامام الحسن عليه السلام منهجا إصلاحيا وثوريا وأنه حالة قسرية
طغت على الطبيعة من خلال رؤيته المستقبلية للحياة . فكيف إذا كان هذا
الامام أحد الخمسة الذين شملتهم آية التطهير ( إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وكذلك في آية القربى ( لاأسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى). و في آية المباهلة ( فمن حاجك من
بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم
وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). كذلك في
سورة الدهر.
هذه الولادة الخالدة قضت على الكثير من عصور وسلالات الجور، والتي
كان أثرها ملموساً في كل الأزمنة على مدى التاريخ و زادت الكثير من
الضعفاء القوة والعزة، ونفحت العزم في قلوب الكثير من الشعوب المحرومة
والمقهورة، واعدت قوة للناس تتمثل بسلاح الصمود في سبيل اللّه.
ان وجود الامام الحسن عليه السلام يتمثل قمة في حركة المستقبل
والحياة ، فعندما يقول الرسول صلوات الله عليه وآله: ( هذان ولداي
واشار الى الحسن والحسين عليهما السلام) فانه يتجاوز المفهوم المادي
باعتبارها جزءا من الرسالة ، فالامامة تمثل امتدادا للرسول والرسالة
(ص). إن الذكرى من الولادة ، تبقى موقفا يتجاوز الحالة المادية للانسان
باعتبارها يوم يمتثل جميع المحبين نحوه رؤى واخلاق ومسيرة .
و مما يجب على كل واحد منا ، وكل من يرى على عاتقه مسؤولية ازاء
أمانة الإسلام ، في حياة الإنسان الحاضرة والمستقبلية، ويرى لقيم
الإسلام دوراً وأهمية، أن يعلم ان هذه المناسبات نستذكر منها تلك
المواقف النبيلة التي تريد للانسان أن يكون في أعلى مراتب الايمان وقمة
في الشجاعة وراية حق ترفرف فوق رؤوس الضعفاء ونهج يحتذى به في كل
المعاني السامية. |