
شبكة النبأ: يتميز شهر رمضان المبارك
لفئة العمال وحرفيي الحرف اليدوية القديمة والصناعات التقليدية في تونس
لاسيما في قطاع النسيج بتقاليد وعادات حافظوا عليها وتمسكوا بها على مر
الاجيال والاعوام سواء لطقوسهم الخاصة بالافطار او بنظام العمل
وتوقيته.
ففي شهر رمضان يتحول ليلهم الى نهار للعمل والابداع والانتاج
والنهار الى ليل للنوم والراحة حتى ساعة متأخرة من بعد الظهر تصل
احيانا الى موعد الافطار.
وبينما ينتظر معظم الصائمين سماع صوت مدفع الافطار في بيوتهم حول
موائد الافطار يتوجه الحرفيون العاملون في قطاع النسيج اليدوي التقليدي
الى دكاكين ومحلات عملهم قبل نحو ساعة من موعد الافطار من اجل الاعداد
للعمل الليلي.
ويتناولون في افطار جماعي بعيدا عن الاسرة كأس قهوة وبيضة مشوية على
الفحم الحجري وبعد ذلك يتناولون العشاء الذي يتسلمونه من اسرهم بشكل
جماعي ايضا في اماكن عملهم تجسيدا لروح التضامن والتالف التي تسود عادة
في مثل هذه المحلات الصغيرة للحرف والمهن اليدوية التقليدية.
وعقب الانتهاء من طقوس الافطار الخاصة بهم والتي تمسكوا بها اب عن
جد يبدأ الحرفيون العمل كل حسب اختصاصه بكل جد وكد واتقان وابداع لما
يصنعونه من منسوجات تقليدية عديدة ومتنوعة.
ويتواصل العمل الليلي حتى ساعة السحور ليعودوا الى منازلهم والخلود
الى النوم طول النهار استعدادا للعمل والكد من جديد في الليلة التالية.
وفسر عميد الحرفيين في قطاع النسيج اليدوي وصاحب احد المناسج بمدينة
صيادة المعروفة بانتاج المنسوجات اليدوية بمنطقة الساحل الشرقي التونسي
الهادي الرياني لوكالة الانباء الكويتية (كونا) هذا التقليد القديم
للحرفيين بالتخلص من ضغط الصيام الذي ينتابهم بالنهار وما يترتب عليه
من عطش وضعف بدني قد يحول احيانا دون القيام بمثل هذه المهن اليدوية
التي تتطلب مجهودا بدنيا كبيرا ولساعات.
كما يحرص الحرفيون في قطاع النسيج على العمل اثناء الليل في رمضان
الكريم للحفاظ على مستوى الانتاج نظرا لانتعاش الطلب على مختلف
المنسوجات اليدوية بمثل هذا الوقت سواء من ملابس تقليدية نسائية
ورجالية جديدة لعيد الفطر المبارك او من الاغطية والملابس الصوفية
المتنوعة لفصل الشتاء المقبل.
ويعد هذا التقليد في العمل الليلي ظاهرة رمضانية بارزة بقطاع النسيج
اليدوي بالساحل الشرقي التونسي نظرا لان هذه الحرفة منتشرة بشكل خاص في
العديد المدن والقرى فاصبحت كل قرية او مدينة متخصصة في انتاج منسوجات
وملابس تقليدية معينة.
والى جانب قطاع النسيج اليدوي فقد بدأ بعض الحرفيين بمهن اخرى
كالنجارة والحدادة في السنوات الاخيرة يعملون بدورهم في الليل ايضا
خلال شهر رمضان في محاولة للتغلب على متاعب الصيام اثناء النهار
والمحافظة على الانتاج الذي يشهد ركودا وتراجعا في شتى القطاعات خلال
هذا الشهر الفضيل ليس في تونس فحسب بل في معظم الدول العربية
والاسلامية الاخرى. |