شبكة النبأ: قال تعالى( ياأيها الذين
أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) صدق
الله العظيم، يقينا بأن لغة الصوم هي أبعد ما تكون عن ثقافة الامساك عن
الطعام والشراب من طلوع الفجر الى غاية المغيب، وهي اعمق من عدم ارتكاب
المعاصي والموبقات طيلة الشهر العظيم فقط، ولكن ثمة دلالات أكيدة تنبري
من خلال تلك الفريضة التي أسنّها الله سبحانه وتعالى على المسلمين كأحد
فرائض الاسلام التعبدية الخمسة، وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة،
أذن نحن أمام تجربة أخلاقية اجتماعية أنسانية تتجلى من خلالها معطيات
ترسم حالة التكافل الاجتماعي فضلا عن خلق حالة ألاستشعار بالمحرومين،
ومن دروس شهر رمضان المبارك هي حالة المساواة بين الرجل والمرأة من
خلال عملية التكليف بالصوم وشهر رمضان عبارة عن ثلاثون يوما فقط اذا
اكتمل الشهر.
وللوقوف عند أبعاد ومضامين هذه الفريضة التعبدية وما هي الاهداف
المرجوة منها في الدنيا والاخرة كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه
الوقفة مع بعض الشخصيات الدينية والاجتماعية فكانت الحصيلة ما يلي:
أول من تحدثنا اليه الشيخ(كاظم ساهي) حيث قال: بالتاكيد هناك
مستلزمات لكل الفرائض التعبدية فما بالك بحالة الصوم فهي لزاما تستند
على قاعدة شرعية تحكم هذه الفريضة وما عداها يصبح عكس مبدأ الصوم وهو
الافطار.
وللحديث عن الإفطار هناك ثمة أمور تجوز فيها عملية الافطار فمنها
حالة السفر ومنها حالة المرض أما بالنسبة للمرأة فتصدق حالة النفاس
والحيض على الافطار غير المتعمد كما تصدق الحالة على الرجال والنساء من
كبار السن حيث لايتسنى لهم القدرة على الصوم.
كذلك المرأه الحامل والمرضع والتي يشكل لديها اتمام الصوم ضرر في
جانب معين كحالة الطفل الرضيع او حالة الجنين، أذن مبداء الصوم مطلب
أنساني قبل ان يكون مطلب الهي لذا ترى التعاليم تمنح الشخص المكلف فرصة
أتمام عملية الصوم في ظروف أفضل.
أما فيما يخص فوائد الصوم فهي كثيرة وبرغم ما تمتلكه تلك الفريضة من
أنساق تعبدية فهي تمتلك دلالات أخرى كونها تمثل رياضة للجسم وثقافة
روحية تسهم بكبح لجام الشهوات النفسية، كما تحمل أبعاد أخرى تتضمن حالة
الصبر وضبط النفس، ناهيك عن حالة الارتباط بالله سبحانه وتعالى من خلال
التوجس من كل شىء في السر والعلن فضلا عن حالة الارتقاء بالنفس البشرية
والسمو فوق الفوارق الطبقية وايجاد حالة التكافل الاجتماعي وأشعار
الاغنياء بالم الجوع والعطش هذا مما ينعكس بصورة ايجابية على بناء
المجتمع الاسلامي، بالاضافة الى ذلك فأن الصوم هو أشبه ما يكون بالحمية
من مختلف امراض سوء الهضم وامراض أخرى، اما بالنسبة لمفسدات الصوم فهي
تتضمن الاكل او الشرب عمدا او القيء المتعمد.
أما محطتنا التالية فكانت مع السيد(عقيل هادي شريف) وهو موظف، حيث
قال لـ(شبكة النبأ): بعد الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اهل بيته
الطيبين الطاهرين، شهر رمضان يمتلك خصوصية تختلف نوعا ما عن بقية
الاشهر ففيه تغلق النار ابوابها وتفتح ابواب الجنان، هذا مما يمنح
الانسان مساحة اكبر ان يعيد النظر بالكثير من تصرفاته اليومية، ويمثل
كذلك قاعدة انسانية عالية يمكن الانطلاق من خلالها لمد جسور الود
والوئام في أنساق المجتمع الاسلامي، والا تصبح عملية الامساك عن الاكل
والشرب بمثابة عقوبة ليس إلا.
ومن ثم أنتقلنا الى السيد(ابو حيدر) حيث قال: أن رمضان المبارك هو
شهر الله وهو شهر البركات والصوم واحمد الله دوما أنا وعائلتي لانه
مكننا من أداء هذه الفريضة العظيمة، ولكن ما يحز بالنفس ان هناك الكثير
من الاخوه يعلنون افطارهم بحجة العمل الشاق او اعذار اخرى واهية، تمهد
لهم الطريق للافطار ومنها ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها، اما بخصوص
الاستحضارات لهذا الشهر فأني لا اتدخل بل ان زوجتي هي التي تتكفل
بتحضير كل متطلبات شهر رمضان المبارك.
أما الحاج(شاكر علاوي) فقد بدأ حديثه بالقول: ان شهر رمضان قد تغير
عما كان عليه في السابق فالعادات والتقاليد ليست كما كانت سابقا، واضاف
نادرا جدا ما نشاهد شخصا مفطرا اما الان فانا اشاهد الكثيرين من الذين
يجهرون بافطارهم والاسباب تافهه جدا فشهر رمضان عتق من النار، وهو فرصة
لتكفير الذنوب وزيادة حسنات المؤمن ، اما من جهة التحضيرات فكنا نهييء
له كما كنا نهيىء للعيد فهو عيد اخر لنا فلحظات الافطار هي اجمل ما
فيه.
أما محطتنا الاخيرة فكانت مع السيد(هاشم عزيز) فحدثنا قائلا: في شهر
رمضان هناك ثمة استحضارات او طقوس يجب الالتزام بها، واول تلك
الاستحضارات أن نقوم انا وزوجتي بشراء جميع متطلبات شهر رمضان رغم
علمنا بان الاسعار يتملكها الارتفاع عند حلول هذا الشهر الفضيل،
بالاضافة الى ذلك أحرص على جلب بعض الكتب الدينية ليتسنى لي قراءتها في
ليالي رمضان المباركة، وهناك التزام أخر بحكم قربي من المرقدين
الشريفين للامام الحسين واخيه العباس(عليهما السلام) يتضمن زيارة
المرقدين الشريفين انا وعائلتي بعد الافطار، علما باني اب لثلاث اولاد
من الذكور والاناث وانا عودتهم منذ الصغر على ممارسة فريضة الصوم، لذلك
ترى اجواء البيت تفوح منها رائحة الالتزام بهذه الفريضة التي وجبت على
كل مسلم ومسلمة.
ومن هنا نستخلص بأن عطر الصوم يوحي بالكثير من المعاني الانسانية
وهو بمثابة رسالة تحاول ان تصهر الذات الانسانية من اجل بناء كيان
اسلامي يحمل على عاتقه مسؤولية الشعور بالاخرين فضلا عن كون مبدء الصوم
يحمل بين طياته معاني يصعب على الانسان ان يدرك ابعاده الايجابية
اللامتناهية. |