رمضان شهر يصلح ان يكون البداية

عدنان عباس سلطان

شبكة النبأ: ان ايام الله سبحانه وتعالى كلها تصلح ان تكون بداية ومفتاح اي من المغاليق التي تكتنف الانسان في حياته ومشاريعه المادية والمعنوية وليس هناك اوقات بعينها ممكن ان تكون البداية فيها من جهة التوفيق او عدمه فان امور التوفيق في الاعمال انما هو بيد الله المقدر الرزاق الحليم، ولكن عندما نطرح رمضان كبداية انما هو طرح ظرفي بكون شهر رمضان يمر بنا الآن وبكونها فرصة سانحة وهو شهر خير وبركة فيه تنزل الملائكة وفيه ليلة القدر وبين ايامه ولياليه مغفرة للعباد الصائمون سواء كان صيامهم عينا او مؤجلا باسباب سفر او مدفوعا باسباب مرض.

وشهر رمضان يكون بسبب المواصفات التي ذكرنا من افضل الشهور من جانب الخيرات ففيه يجرب الثري معاناة الجائع وعوز المسكين وحرمان المريض ولوعة العطش، ويدرك فيه الانسان ان كل ما يملكه مهما عظم لايمكن ان يعوض به الفيض الوافر من رحمة الله سبحانه وتعالى.

فعندما يغور الماء او تجنح الاشجار الى الموات او تختلّ اي من العناصر في السلسلة الانمائية

ماذا يحدث للانسان وان تحصلت لديه كل كنوز العالم؟.

كذلك يجرب الفقير صبره ويقف شان الاثرياء في موقف يتمثل فيه ان الله موقفهم اياه على قدم المساواة لا فرق بينهم إلا ما تثبت فيه اعمالهم صلاحها وافعالهم جدواها الخير في الحياة الدنيا واعمالهم.

فشهر رمضان مميز بصفات كثيرة وان المرء الذي يطمح الى الخلاص من ادران الماضي والافعال غير الصالحة ويريد ان يبدأ بداية مخلصة فعليه ان يغتنم هذه الفرصة فليس من المحتمل ان تعود المناسبة ويطل علينا شهر رمضان ونحن نمني انفسنا بالتاجيل فان الحياة لمحة غير آتية وان اتت فذاك من نوافل الصدف ان تتعاقب علينا ظروف بمواصفات نحن احتملناها.

فالذي كان في طريق الخطا فليجعل من شهر رمضان تاريخ يؤرخ حياته الصحيحة ومساره المعتدل في خدمة الآخرين سيرا على الطريق القويم.

الذي كان يؤذي جاره عن طريق اي شئ فليصلح ذلك الشئ المؤذي ويجل بدايته من هذا الشهر المبارك ومن ابتلي برفقة سيئه من شلل الاصدقاء المنحرفين ممن يتعاطون المخدرات مثلا فليترك سبيلهم ويتبع سبيل التقوى.

والذي يبيع الغش في دكانه ويتخذ الطرق الملتوية في تمشية البضاعة انما بدايته شهر رمضان لان يستغلها ويتنصل عن سالفه فربما تشفع له توبته وهداه في الطريق السليم.

شهر رمضان فرصة كبيرة يمكن ان يغنمها كل حليم اواب تحضه النفس اللوامة صاحب الضمير الحي الذي اوقعته ظروف متنوعة ومتضاربة وعلى وجوه كثيرة في المكان الخطا والفعل الخطا والزمن الخطا فان نوعا من هذا بين الناس ليس بينه وبين الروح الايمانية إلا شعرة رفيعة هي شعرة التوبة ومن ثم البداية الحقيقية في ممارسة انسانيته المغيبة تحت طائلة اسباب الحياة من وجهها الخاطئ والمنحرف وغير السليم.

فاذا كنت قد سلمت بالقطيعة مع بعض ارحامك فلا تخنع لها وانت في شهر رمضان بادر الى التواصل وازرع وردة في حديقة نفوسهم ولتكن وردة بعطر مميز ونفاذ فانها حتما ستكبر وتكون انت ذا الكرم الكبير في انماء الحب الذي كاد يذبل او يموت.

ان كنت من ذوي العادات السيئة سواء كانت عادات غذائية اي تناول بعض انواع الحبوب او المشروبات او الدخان وانت تحاول منذ زمن ان تتجنب ذلك فان فرصة شهر رمضان فرصة ملائمة لكي تفعل ذلك ان تنتفض بثورية وتقضي على اعداؤك هؤلاء ان تثور على الاغلال وتقطعها وتعتق نفسك من هذه العبودية المقيتة التي كنت في زنازينها المظلمة كثير من السنين.

انهض اليوم حرا قويا لاتتحمل اعباء الاشياء التافهة فان مقامك كانسان ينأى بك عن هذه الترهات والسخافات، فعندما خلقك الله واناط بك خلافة الارض فانه من السقوط ان تستخلف على نفسك الرذائل والموبقات وتجعلها قيام على تلك الخلافة؟.

ليس الصيام كل الهدف اي ان الامتناع عن الاكل والشراب بحد ذاته هو المبتغى وانما المبتغى الحقيقي هو المعنى المنطوي في داخل هذا الحرمان الطوعي والمحدود.

ان الوصول الى شئ جوهري من خلال الجوع انما هو الناتج الفكري الذي تضمره الروح في تجلياته اثناء الصيام وتستشعر الحب الفطري ثم انها تنظر الى تفاهة ما يتكالب عليه الناس من بهارج واشكال واغلفة زائفة وزائلة بعد حين قصير وخاطف!.

شهر رمضان يقدم لك مشروعين مشروع الحياة ومشروع المستقبل فعليك ان تقرر ان تنهض بالمشروعين سويا وفي آن واحد لكونهما يرتبطان بصورة متلازمة لا انفصام بينهما على الاطلاق فانهض لذينك المشروعين ولا تؤجل عمل اليوم المتميز الى الغد المجهول.

© جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 16 أيلول/2007 -3/رمضان/1428

[email protected]