كلما حل شهر رمضان حلت البركة والاطمئنان في قلوب المسلمين لما فيه
من روحانية تعمل على تصفية القلوب كما انه ياتي مصطحبا معه عادات
وتقاليد تميزه عن بقية الاشهر وتختلف من مكان الى اخر في جميع انحاء
العالم الاسلامي.
وثمة عواصم في العالم يرد اسمها كلما ذكر رمضان وفي مقدمتها دمشق
التي تكاد تنفرد بتقاليد مميزة عن مثيلاتها من الحواضر العربية
والاسلامية في تعايش الناس مع شهر رمضان المبارك فيها.
ويمارس اهل دمشق عادات قديمة عريقة توارثوها عن اجدادهم تحكي روح
التراث والاصالة والمحبة والتواصل الديني والاخلاقي والحياتي فيما
بينهم وهي عادات تكاد ان تندثر هذه الايام الا من بعضها.
وحول العادات والتقاليد الرمضانية في سوريا قال المواطن خالد الابري
في لقاء مع وكالة (كونا) انه سادت لدى افراد الشعب السوري عادات
وتقاليد منذ بدء دخول الاسلام فيه ومنذ الفتوحات التي نشرت الاسلام في
اصقاع بلاد الشام وكان للعادات وتقاليد الشعوب الاخرى التي انصهر
افرادها مع افراد المجتمع السوري من اكراد وتركمان وشراكس وفرس وصقالبة
واتراك ومغاربه اثرا في افراز وتداول عادات اجتماعية وتقاليد غذائية
واخرى في اللباس والمسكن والعادات الاخرى مما اثرى التراث الثقافي
والاجتماعي السوري لاحقا.
واضاف ان السوريين يقدسون شهري رجب وشعبان فيحتفلون باحياء ليلتي
الاسراء في السابع والعشرين من رجب والخامس عشر من شعبان وذلك بالصيام
في هذين اليومين وقيام ليلتهما ويقوم بعض الافراد بصيام يومي الاثنين
والخميس طاعة لله عز وجل .
ويتم كعادة دمشقية متبعة تناول وجبات الحلويات الدمشقية المشهورة
كالبرازق والعجوة والغريبه اثناء احياء ليلة النصف من شعبان عند
العائلات الدمشقية.
واوضح الابري ان السوريين يتلهفون لقدوم شهر رمضان حيث يستيقظ
السوريون صباح كل يوم على مدفع السحور ونغمات المسحراتي الذي يدعى
شعبيا "ابو طبله" حيث يتجول في الاحياء الشعبية داعيا بنغماته وطرقات
طبلته الصائمين لعبادة الله وقيام الليل واعداد وجبة السحور.
وقال ان السوريين يجتمعون حول موائد السحور الشهية الغنية
بالمأكولات الشائعة المحضرة من الخضار واللحم والسمن وبقية الاطعمة
كالزيتون والبيض والجبن والشاي والمربيات والزعتر وغيرها .
وتابع انه بعد اداء فرائض الصلاة يغادر المصلون لاخذ قسط من النوم
ثم يذهبون لاداء اعمالهم المعتادة فتكتظ الاسواق بالمستهلكين وتعمر
المساجد بالمصلين حين اوقات الصلاة والذين يقرأون القرآن ويدعون الله
عز وجل لهم بالقول بالقبول والطاعة.
وقال ان من اهم ملامح العادات الرمضانية الاعلام بقدوم الشهر بمدفع
الاثبات الذي تطلق قذائفه عصر اليوم السابق لشهر الصيام وفي الاسواق
ينتشر باعه الحلويات الشهيرة كالكنافة والنهش (وهي حلوى من سكر وعجين
وقشطة وفستق حلبي) والمعجنات كالمعروك (نوع من خبز رمضان مزين بالسمسم)
والناعم (طبق شعبي من العجين مقلي بالزيت ومزين بالدبس) ومحلات بيع
الحمص والفول والسوس والمخللات حيث يتنافسون في عرض بضائعهم على
المشترين والمستهلكين.
وقال الابري انه يسود لدى الدمشقيين مثل سائد يقول "العشر الاول من
رمضان للمرق" كناية عن الاهتمام باعداد وجبات الطعام "والعشر الاوسط
للخرق" أي شراء ثياب وكسوة العيد "والعشر الاخير لصر الورق "كناية عن
الانهماك باعداد حلوى العيد كالمعمول وغيره في الاسواق كما ينتشر بائعو
الخضار والفواكه والمجففات وغيرها عارضين بضائعهم ويتكثف الازدحام خاصة
في العشر الاخير في اسواق دمشق التقليدية كالحميدية والبزوريه وخان
الجمرك والعصرونية والحمراء والصالحية وابورمانة والقصاع.
وقال الابري ان اواصر المحبة والالفة بين افراد المجتمع السوري في
شهر رمضان المبارك تشتد حيث يتبادل المصلون تحيات الود والمحبة وتقوى
هذه الاواصر من خلال تبرع الموسرين على المحتاجين بالهبات والزكاة
والصدقات والكفارات التي يقوم بها افراد مختصون يجمعون المال والسلع
الاخرى لتوزع على الفقراء ولايمنع الموسرين او متوسطي الحال من دعوة
اقاربهم واصدقائهم الى موائد الافطار.
واوضح ان اهم الوجبات هي الكبه والمحاشي وغيرها من الوجبات المحببة
لدى اهل الشام مع السلطات الغنية بالخضار ووجبات الحلويات المشهورة
دمشقيا كالعوامه والقطايف.
وحول العادات الرمضانية في المحافظات السورية الاخرى قال المواطن
احمد المدني ل(كونا) ان المظاهر الرمضانية تتماثل في المحافظات الاخرى
ففي الساحل تسود وجبتا السمك مع الرز والخضار واللحوم .
واشار الى ان جو شاطئ البحر المعتدل هناك يسمح للصائمين بعد الافطار
بالتمشي والسمر على الساحل الجميل وتزدحم المساجد بالمصلين وينتشر
استهلاك حلويات خاصة بالساحل مثل الجزريه وهي نوع من الحلوى محببة
محشوة بالقلوبات والمكسرات وغيرها.
وقال المدني اما في المناطق الوسطى حمص وحماة وادلب فلا خلاف على
هذه المظاهر عنها في بقية المحافظات وتسود لدى العائلات اطباق غذائية
متباينة اهمها في حمص الشعيبيات وهي حلوى محببة تصنع من العجين والجوز
والقشطه وحلويات اخرى. وفي حلب تكتظ الاسواق الشعبية (خان الجمرك)
وغيرها بالزبائن خلال النهار وبعد الليل يتسامر الحلبيون بعد اداء صلاة
التراويح في شوارع حلب ومقاهيها قرب القلعه طريق المسلميه حيث تنتشر
المنتزهات الطبيعية وتعتبر الوجبات الحلبية المتداولة غنية بالاطعمة
اللذيذة من انواع الكبه الصاجيه والمقلية اللبنية المشويه وحميص الفحم
المشوي بنوعيه الشقف والسادة وانواع كل المحاشي وورق العنب .
اما في المحافظات الشمالية الشرقية فتسود وجبات المنسف (الرز مع
اللحم والسمن العربي)مع اللبن الرائب على موائد السكان الذين يتداولون
طعامهم في المضافات العربية المتسعة للمفطرين والتي تتوزع فيها الوسائد
مرفقة بالسلطات والعصير ويستهلك التمر والعجوة والحلويات الشعبية
وغيرها وتعمر المساجد بالمصلين .
واكد ان العادات والتقاليد الرمضانية في سوريا تتميز بانواع
المأكولات التي يتفنن بها البعض مثل الفتوش والتبولة والكبة والفطائر
وحلويات الكنافة النابلسية والمذلوقة وشقائق النعمان وكذلك شراب العرق
سوس الذي لا يخلو من مائدة افطار سورية. |