شهر رمضان والتأثير التربوي على الأطفال

 

في موضوع تربية الأطفال هناك ما يشغل بال العلماء وهي قضية الانفعالات لدى الأطفال كما اختلفت الآراء حول المرحلة العمرية التي يظهر فيها. هناك من يذكر بأنها تظهر في فترة الميلاد، وآخر يذكر بأنها تتكون بعد الميلاد، والآراء الحديثة تؤيد بأنها موجودة لدى الجنين وهو في بطن أمه.

والظاهر أن جميع الأفراد وفي مختلف الأعمار يحملون انفعالات مختلفة في حدتها وفي نوعيتها، وتتناسب انفعالات الطفل تناسياً طردياً مع نموه، فتتسع دائرة الحب لديه كلما زاد نموّه حتى يشمل الغرباء من أطفال وكبار بعد أن كانت مقتصرة على أفراد العائلة، ويتوتر الوليد لأتفه الأسباب، ويزداد توتره إذا جاع أو ابتل، ويشعر بالراحة عكس ذلك.

أما انفعال الخوف فيكون على أشده، فيخاف من الكبار والغرباء ويلجأ إلى أمه أو إخوته حين يتعرض إلى مصدر يثير الخوف لديه، ويخبئ رأسه عندهم كي لا يرى هؤلاء الغرباء، ونجده يحافظ على رأسه أكثر من الأعضاء الأخرى من جسمه، أما إذا مس الغريب شيئاً خاصاً به فإنه يسحبه بقوة وامتعاض.

أما عامل الغيرة فيكون لديه شديداً، ويتميز بالعدوان والصياح وإحداث الضوضاء والحركة غير الاعتيادية، ويغار على أمه أكثر من أي فرد آخر، لأنها مصدر إشباع حاجاته.

وكذلك انفعال الغضب لديه فيكون على أشده ويعبر عنه بالصراخ والبكاء والرفس والعناد والتمرد على الأوامر وما إليها من سلوكيات غضبية.

ويصاحب هذه الانفعالات سرعة دقات القلب والتعرق وحركات تشنجية تختلف في شدتها من طفل لآخر، وتعتمد تلك السلوكيات والحالات على التفاعل الاجتماعي القائم بين الأم والرضيع، كما تعتمد على طريقة الرضاعة المتبعة وما تصاحبها من أساليب تفاعلية فللرضاعة الطبيعية تأثير كبير على حالات انفعال الطفل، وذلك لأنه يشعر بالراحة والاطمئنان عند الإرضاع والتماس مع الأم.

ويختلف النمو الانفعالي لدى المراهق عن النمو لدى الأطفال في المراحل السابقة وذلك بسبب الاطراد في النمو الجسمي عنه في نمو الجوانب الأخرى، ويختلف المراهقون في نموهم هذا، هناك من يحمل انفعالات عنيفة متهورة، ويستجيب بعنف للمثيرات الخارجية لا تتناسب مع حجم المثير، كما تكون انفعالات المراهق متناقضة بين الحب والكراهية، أحياناً يسلك سلوك الكبار وأخرى سلوك الأطفال، يميل المراهقون للإنطواء والتمركز حول الذات وقد يشعر المراهق بالذنب والخطيئة وذلك بسبب بعض أفكاره التي تدور حول الجنس. كما يستغرق المراهق في أحلام اليقظة، ويصاحب هذه الأحلام قلق شديد أحياناً، وتوتر نفسي أحياناً أخرى.

ويطغى انفعال الحب لدى المراهق على الانفعالات الأخرى، ويبحث المراهق عن الحب بقوة وبشدة ويطلبه من الوالدين والأقرباء والأصدقاء، فهو يجب كل شيء ويريد أن يكسب مثل ذلك الحب، يعمل هذا الحب لدى المراهق على تقوية العزيمة والثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية.

يعاني المراهق من صراعات نفسية مختلفة وعلى رأسها الصراع القائم بين تقاليد ومعايير المجتمع وبين دوافعه الحسية، قد يؤدي هذا الصراع إلى القلق والى تفكك الشخصية واضطرابات عقلية كحالات الإصابة بالسلوك القصري والعصابي.

كما تزداد مشاعر الغضب والتمرد لدى المراهق لشعوره الدائم بالظلم والحرمان والإساءة والاستغلال، كما يشعر بفقدان العدالة الاجتماعية بين الأفراد في المجتمع، ويشعر بجرح في كرامته وعزته أحياناً، يعبر عن غضبه هذا بالسلوك العدواني بمختلف أشكاله كالضرب والتحطيم والسلوك اللفظي أو الارتداء إلى النفس وذلك بلومها وتعنيفها.

وتعتري المراهق مواقف مفعمة بالخوف، قد يظهره أو يكتمه كالخوف من الامتحانات أو المرض أو القصور الاجتماعي والاقتصادي أو العاطفي كالخوف من سيطرة الدافع العاطفي على بقية الدوافع الأخرى أو بالعكس الخوف من القصور فيه.

ولمواجهة تلك الانفعالات هناك توصيات من الخبراء في عدة أمور:

1- الاهتمام بالتفاعل الاجتماعي بين الطفل والأم وأفراد العائلة.

2- اعتماد الرضاعة الطبيعية السليمة.

3- تهيئة الظروف المناسبة للنمو الانفعالي كإتاحة الفرصة للطفل لتكوين الصداقات.

4- تجنب المواقف التي تثير غيرة الطفل أو خوفه أو غضبه أو المواقف التي تثير السلوك العدواني للطفل.

5- إشباع حاجات الطفل الاجتماعية والاقتصادية ومساعدته للتعبير عما يشعر به.

6- ينبغي الحد من أحلام اليقظة الحادة لدى المراهق وذلك بانشغاله بأنشطة تبعده عن تلك الأحلام كالرياضة والأنشطة الاجتماعية والدينية والعائلية.

7- محاولة إشعار المراهق بالعدالة الاجتماعية وبعدم اغتصاب حقه.

8- احترام آراء المراهق وتقوية شخصيته ومساعدته لاجتياز مرحلة المراهقة بسلام.

9- وأفضل توجيه للطفل والمراهق هو حثه وتشجيعه بتعاليم شهر رمضان ففيه من أنواع مختلفة من العبادات والفضائل ما يربي الطفل والمراهق بل والكبير على حد سواء. وخصوصاً الصيام والالتزام بما يوافق صيامه من حسن الخلق والدعة واللين والسكونة والثقة بالنفس والصبر والإرادة والشخصية المتزنة.