الأبعاد المعنوية للصوم

* المحرر الثقافي

فريضة الصوم هي من أعظم فرائض الإسلام تأثيراً في النفوس بعد مرتبة فريضة الصلاة والبعد المعنوي الراقي الأول الذي يمكن أن يشار به لبنان المرء الصائم أنه شخص يؤمن بالله سبحانه وتعالى وإلا فما مجبروية الناس أن يصوموا بدل أن يبقوا مضطرين.

السالك لطريق الله العلي القدير واضح من لمحات وجهه.. وعند حلول شهر رمضان السعيد يكتسب المؤمن الصائم نوراً مضافاً لنوره نظراً لارتباطه الروحاني الوثيق مع الله سبحانه وتعالى، ولهذا فالصائم أكثر ما يجلب انتباه الغير له أنه يحظى بالاحترام الزائد على خلفية الشعور أن ما بينه وما بين ربه المجيد هو موضوع أكبر من أن يدرك بسهولة فقد تكون العلاقة متميزة بين الإنسان كـ(عبد) والله تبارك وتعالى (المعبود) أي أن له مرتبة حسنة عند رب السماء جل وعلا.

والإيمان بصفته الممهد لنيل السعادة الأبدية في جنة الخلد فإن الصائم الحاصل على شرائط الإسلام الحقيقية هو إنسان يمر بسلام من مرفأ الدنيا المؤقتة لتستكمل بقية قصة حياته في الآخرة جزاء بما كان له من محاسن في الحياة الدنيا. وفصل الصوم في حياة الإنسان هو التوجه لله القدير والوقوف دوماً بإذلال في محرابه هو اعتراف بخالقيته للوجود.

ومقيم أمر فريضة الصوم فمجرد أن يحس المرء بنفسه أنه صائم فهذا ما يخلق لديه شيء من الشعور بالخشوع والطمأنينة فالصوم يعجل بتسييد مشاعر الخير عند الأجواء المحيطة به ويكاد أن يكون الصوم بمثابة غربال لتصفية الذات من كل الشوائب التي نبه لـ(مخاطرها) على مصيرنا في الآخرة الدين المهدي السمح.

والشياطين المكبلة بهذا الشهر رمضان ويعز عليها أن ترى الناس مستبشرين في صومهم لحري أن يعتبر رمضان مناسبة لتصعيد الدعوة للبشر لعبادة الله الكريم في شهره الكريم إذ ليس من المصادفة أن سمي رمضان بـ(شهر الله) فهو شهر له ميزاته عن بقية الشهور ولعل من أول الآداب الإسلامية فيه هو الإحساس لدى الصائم من كونه صائم في قلبه قبل لسانه والصائم الذي له حضور نافع للغير في حضرة الشهر له ثواب مضاعف في الآخرة.

والتحليق عند الصائم مع موجبات بقية الدين وتخيل الفوز بالآخرة كلها مقدمات تختلج بين جنبات ضلوع المؤمنين وضمن هذا السباق الإيماني فإن الشروع بالصوم فيه تمسك معنوي يطهر النفس الزكية من كل شائنة علقت بها خلال السنة الممتدة من رمضان المنصرم إلى رمضان الجديد.

وشهر الرحمة رمضان يذكر بتعامل الإنسان الصائم مع خلق الله كأن يحفظ أعراضهم وأموالهم فالصوم في الأصل أدب تطهير النفس من كل رجس والصوم بالمطلق مدعاة لإثبات الحقيقة الإنسانية وتوجيه المؤدي لفريضته كي يكون بمستوى التكبيرات الكبرى فيه التي تبدأ من التسبيح لله عز وجل والعبودية له فرمضان رسالة حياة لا ينكرها إلا الخائبون الظالمون لأنفسهم.