يشعر الاطفال دائما برغبة في تقليد سلوك الكبار خاصة الوالدين
والاقرباء والصوم هو احد الممارسات التي تشد انتباه الصغار لذا يرى علماء
النفس ان يجد هؤلاء الاطفال الاجواء التي تشجعهم على ذلك حتى يقترن
الصوم في حياتهم بذكريات مفرحة وانطباعات ايجابية يكون لها الاثر في
حبهم للصوم والفرحة بقدوم شهره.
والدين الاسلامي لم يفرض الصيام على الاطفال الذين لم يبلغوا سن
البلوغ الا انه دعا الى تحبيبهم به من خلال التدريب والتشجيع المبكر
على ممارسة هذه الفريضة الدينية.
وحول صيام الاطفال في شهر رمضان شدد استاذ علم النفس التربوي
بجامعة الكويت الدكتور بدر الشيباني في لقاء مع وكالة الانباء
الكويتية (كونا) على تشجيع الاطفال الصغار غير المطالبين بالصيام على
صوم شهر رمضان من خلال اعتماد اسلوب الترغيب وليس اسلوب القسوة
والاجبار.
واضاف ان من الممكن تشجيع الطفل على صيام فترة زمنية محددة باليوم
كبداية له سواء من الفترة الصباحية الى صلاة الظهر بعدها يتم مكافأته
لصيامه نصف النهار حتى يترك ذلك في نفسه الاثر الطيب في ان يواصل الى
صلاة العصر حتى يصل الى صلاة المغرب بعدها سيشعر بالسعادة للانجاز
الذي حققه وهو مشاركة اهله الصوم .
ودعا الشيباني الامهات الى تدريب وتشجيع الاطفال على الصيام من
خلال تجزئة فترات الصيام من صلاة الى صلاة وان يكافأ على ذلك بهدية
تفرحه منوها الى عدم التجاوز بالهدايا والعطايا حتى لا يكون للصوم
مكافأته المادية بل من المفروض التركيز على التشجيع المعنوي مثل
الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة.
واوضح ان اكراه واجبار الطفل على الصيام والضغط عليه قد يسفر عن
نتيجة عكسية تؤدي الى عزوفه عن الصيام وعدم الرغبة في اداء هذه
الفريضة لذا قد يلجأ الى وسائل اخرى مثل التمارض وتبني العنف واساليب
الكذب والخداع والمراوغة وكلها اساليب تضر في تركيبة شخصيته
واشار الشيباني الى ضرورة تعويد الاطفال على ان الصيام لا يعني الامتناع
عن الطعام والشراب فقط بل ان هناك قيما كثيرة في هذا الشهر منها الكرم
والتسامح والصبر واطعام الفقراء ومساعدة الاخرين وغيرها.
وحذر من خلق اجواء المنافسة بين الاطفال للصيام الا اذا كانوا في
عمر واحد اما اذا كانت الاعمار متفاوتة فيما بينهم فمن الطبيعي ان
المنافسة ستحسم لصالح الاكبر مما يشعر الاصغر سنا بالفشل وردة فعل قد
تؤثر على نفسيته.
وشدد على عدم ترهيب الطفل الذي بلغ سن البلوغ ولم يصم والضغط عليه
واستخدام اسلوب العنف معه بل لابد من معاملته بالاسلوب الطيب
واحتضانه حتى تكسبه الاسرة بدلا من ان تخسره اذ ان الضرب والحرمان
يكبر الهوة بينه وبين اسرته مع ضرورة معرفة اسباب عزوفه عن اداء هذه
الفريضة التي قد ترجع الى جوانب نفسية لديه او رفاق السوء.
وافاد الشيباني ان عدم صيام الطفل الذي بلغ سن البلوغ يعني ان
الاساليب التي اتبعتها الاسرة معه كانت خاطئة لذا لابد من تجاوز
الاساليب التي اتبعوها سواء كانت معتمدة على اسلوب العنف او الافراط
في اللين والحماية.
وحول تغذية الطفل في شهر رمضان ذكرت مراقب تغذية المجتمع في ادارة
التغذية والاطعام في وزارة الصحة الدكتورة منى الصميعي في لقاء مماثل
مع (كونا) ان الصيام لم يفرض على الاطفال الصغار لكن تشجيعهم على
الصيام امر مستحب ويفضل ان يكون بالتدريج وحسب مقدرتهم ورغبتهم دون
اجبار.
واشارت الى ان الاطفال جبلوا على حب تقليد الكبار ومحاكاتهم لذا
تستهويهم الكثير من العادات والتقاليد الموجودة في هذا الشهر الفضيل
ويرغبون في القيام بها لذا نجدهم يقبلون على الصيام ويصرون عليه فلابد
من تشجيعهم ومساعدتهم على الاستمرار حسب امكانيتهم دون اجبار وقسر .
وقالت الصميعي ان الصيام عبارة عن فترة جوع قصير الامد لفترة
محددة من وقت السحور الى اذان المغرب وهي بمثابة فترة من الراحة لجميع
وظائف اعضاء الجسم خاصة التي لها علاقة بهضم الغذاء والانشطة المصاحبة
له الا ان ذلك لا يعتبر استنزافا لحيوية الجسم او هدما لصحته.
وبينت الصميعي ان من المفاهيم التي تعين الطفل على الاستمرار
بالصيام وتسهله عليه ان الصيام فيه تدريب على الصبر والذي ثوابه الجنة
مشددة على ضرورة اهتمام اولياء الامور بالتغذية الجيدة من خلال تقديم
احتياجات الطفل الاساسية من المغذيات الضرورية في الوجبات الغذائية مع
الحرص على تناول الطفل ثلاث وجبات رئيسية مغذية ومتوازنه خلال فترة
الافطار وهي وجبتان للافطار ووجبة للسحور.
واوضحت انه يفضل ان تقسم وجبة الفطور الى وجبتين تقدم على دفعتين
حتى يتمكن الطفل من تناول اكبر قدر من المغذيات الضرورية له بالاضافة
الى شرب السوائل بما فيها الماء خلال فترة الافطار حتى يعوض ما فقده
الجسم في فترة الصيام.
وبينت اهمية وضرورة الحرص على تأخير وجبة السحور قدر الامكان وان
تكون هذه الوجبة عاليه في المواد النشوية حتى تمد الطفل بالطاقة
والنشاط فترة النهار وتحافظ على مستوى السكر في الدم وتحميه من اعراض
الصداع والارهاق كما يجب ان تحتوي على الحليب او مشتقاته لإعطاء الطفل
احتياجاته الاساسية من الكالسيوم.
ونوهت الى ضرورة تجنب الاطفال الاسراف في تناول الطعام والشراب
حتى لا يفقد الصيام حكمته وهدفه اذ ان الاسراف في تناول الطعام يؤدي
الى الاصابة بالسمنة وبأمراض الجهاز الهضمي ومضاعفات السمنة الكثيرة.
واوضحت الصميعي في ختام حديثها ان الصيام يعد فرصة ذهبية للبدء في
العادات الغذائية الصحية والتعود عليها من قبل جميع افراد الاسرة وذلك
لانهم يجتمعون على الوجبات الغذائية في وقت واحد لذا يأتي دور رب
الاسرة في تعليم الابناء وتوعيتهم بخصوص آداب الطعام والغذاء الصحي
بالاضافة الى تقليل اعتمادهم على الاغذية السريعة الجاهزة التحضير
والمصنعة. |