«إفطار صائم» مشروع يقترن بشهر رمضان، حيث يكثر
البر والخير و يتقرب فاعلو الخير من خلاله الى الله تعالى ويكسرون حلقة
انشغالهم خلال شهور العام الأخرى بمشاغلهم الدنيوية التي قد تكون
جرفتهم نوعا ما عن العبادة الخالصة. هذا المشروع بدأت به مؤسسات خيرية
ترفع هذا الشعار باعتباره جزء هام من عملها، الا ان الملفت مؤخرا ان
هذا النشاط لم يقتصر على تلك الهيئات، ولكن تلاحمت معها جهود فاعلي
الخير من الافراد والمطاعم والمؤسسات التجارية، لتقديم وجبات افطار
مجانية للصائمين. وتتنوع المشاركات في هذه الشهر الكريم حيث يقوم فاعلو
الخير من الأفراد بدفع قيمة الوجبات للقائمين بتجهيزها، أما المطاعم
فإنها تقوم بطرح الوجبات بأسعار رمزية تختفي منها هوامش الربحية التي
اعتادوها. يقول محمد جمال الطش صاحب بوفيه في مطعم «المراسم» إنهم
بدأوا هذا العام مشروع إفطار صائم بتقديم وجبة تشتمل على تمر، مياه،
عصير برتقال، لبن، ربع كبسة دجاج بسعر يتراوح بين 1 إلى 3.5 ريال،
ويؤكد على أن هذا السعر مؤشر على أن الهدف الأساسي من هذا المشروع هو
فعل الخير، حيث تكاد تنعدم الربحية، وخاصة أن الأمر قد يتعدى التكلفة
المعتادة التي تشمل تكلفة المواد المستخدمة والأجور والمصاريف
التشغيلية الأخرى إلى تكاليف النقل المجانية، ولا يقتصر توصيل الوجبات
على المساجد القريبة فقط بل يتعدى الأمر أحيانا توصيلها إلى مسافات
طويلة ولمساجد بعيدة. ويشير إلى أن الكثير من المصانع والمزارع تساهم
بشكل جيد كذلك في هذا المشروع من خلال تقديم عروض بأسعار جيدة خلال هذا
الشهر.
ويتفق نديم سعيد جابر مشرف تغذية في «مؤسسة ثلوج
لبنان للتجارة» مع الطش في أن هذا المشروع يهدف إلى فعل الخير حيث يقدم
وجبة كاملة مع ماء بـسعر 4 ريالات، إلا أن هذا الهدف لا يتعارض مع
تحقيق مكاسب معقولة للمؤسسات التجارية القائمة به، وذلك لتغطية
المصاريف ولضمان الاستمرارية بكفاءة بدون تعرض لمشاكل تحول من دون
استمراره. ويحدد مستوى الربحية ما بين 10 إلى 15 في المائة لتغطية
المصروفات والمواد الغذائية ومختلف التجهيزات. ويعتبر العمل في هذا
المشروع كبيراً فلديه 11 موظفا يقومون فقط بإعداد التجهيزات الخاصة
التي تضمن اعداد وتوصيل الوجبات الى عدد من الجمعيات والمساجد لإطعام
حوالي 400 شخص في أماكن متفرقة. ويبدأ تجهيز الوجبات من الساعة 11
صباحا، لضمان وصول الوجبات للصائمين طازجة قبل الافطار بوقت كاف وبلا
تأخير. ومع ترتيب الأولويات في هذا العمل، فإنه يؤكد أن توصيل الوجبات
في الوقت المحدد له الاولوية، لتجنب أي تأخير يسبب إرباكا في تسليم
الوجبات في الوقت المحدد، ولذا فان فاعل الخير هو آخر من يفطر بعد ان
يطمئن الى وصول كل الوجبات الى الصائمين، ولذا فان سياراته الثلاث تكون
مستعدة للحركة عند الساعة 4 بعد العصر. اما زهير عبد الرحمن مندوب
مبيعات مطعم المثلوثة فرع منطقة الدخل المحدود في الرياض، فيشير الى
انهم بدأوا نشاط إفطار صائم منذ 7 سنوات ولأن المشروع خيري في المقام
الاول فان سعر الوجبة ثابت خلال هذه الفترة عند 4 ريالات برغم زيادة
تكلفة الوجبة بنسبة لا تقل عن 25 في المائة. ولقد ساهم دخول الكثيرين
لهذا النشاط في احتدام المنافسة بين العاملين في هذا النشاط خلال هذا
الشهر، مما ساعد في زيادة الكثير من الخدمات في هذا المجال أو تنويع
الوجبة مثل إضافة حليب، أو لبن أو عصير للوجبة.
ويشير زهير إلى انه في هذا الشهر الكريم يكثر قيام
فاعلي الخير بدفع مبالغ للمطاعم لتجهيز وجبات افطار صائم كل حسب مقدرته،
ومنهم من يوكلون المطاعم بالتوزيع ولا يحضرون للمطعم بعد دفع المبلغ،
في حين يحب البعض ان يحضر عملية التجهيز والتوزيع للوجبات التي دفع
ثمنها، وبعضهم يحدد المساجد التي يتم فيها التوزيع لدرايته بوجود
مستحقين اكثر في هذا المكان. من جهة اخرى يشير سامي عبد الرحمن القميزي
صاحب صالات افراح الى انه يسخر شهر رمضان لعبادة الله بعد 11 شهرا
استحوذ العمل فيها على جل وقته، ولذا فإنه يباشر عملية افطار صائم بشكل
فردي وعلى حسابه الخاص منذ قرابة 7 أعوام، اضافة الى مؤونة كاملة
مجانية تصل الى البيوت المحتاجة خلال شهر رمضان. وفي هذا العام ازداد
نشاطه في هذا المجال وخاصة بعد ان توسع نشاطه التجاري ليشمل المطاعم،
فقد كان مجهوده الشخصي لا يتعدى اكثر من مسجدين يحويان 160 وجبة، اما
هذا العام فانه يوزع الوجبات على 40 مسجدا فيهم 4000 شخص. ويرى ان
المشكلة الكبرى التي تواجه العاملين في هذا النشاط هي القدرة على توصيل
الوجبات في الوقت المحدود، الا ان اقبال فاعلي الخير من طلبة المدارس
والموظفين والمؤذنين وائمة المساجد على توزيع هذه الوجبات مجانا
بسياراتهم من اماكن تجهيزها الى المساجد، ساهم في حل جزء كبير من هذه
المشكلة. وينصح القميزي فاعلي الخير من المؤسسات التجارية ان تقتصر
ربحيتهم من خلال هذا المشروع في هذا الشهر المبارك على تغطية تكاليف
الوجبات والعمالة مما يحقق الثواب والخير المرجو منه. ويستهجن بعض
المؤسسات التي تعمل حاليا في هذا المجال بقصد تحقيق مكاسب تجارية،
والتي تغالي في سعر الوجبة، وخاصة ان غالبية المقبلين على هذه الوجبات
من المحتاجين سواء كانوا مقيمين او مواطنين. |