اجواء مأساوية تخيم على شهر رمضان في العراق

 

 في العراق بدأ العراقيون اكثر شهور رمضان قتامة منذ عشر سنوات على الاقل يوم الاربعاء في ظل حرب تلوح في الافق وعقوبات يرزحون تحت ثقلها منذ 12 عاما.

فمظاهر الاحتفال التي ترافق شهر الصوم في العديد من الدول الاسلامية الاخرى تكاد تكون قد اختفت من العراق.

وكان العراق بلدا غنيا نسبيا بفضل نفطه. فكان العراقيون يقيمون مآدب افطار غنية باللحوم والدجاج والاسماك وأفضل انواع المشهيات. أما الآن فهم محدودون بحصص شهرية من الارز والفول والعدس والسكر والدقيق (الطحين) والشاي والحليب توفرها الحكومة للمواطنين بما يتيحه لها اتفاق مبادلة النفط بالغذاء الموقع مع الامم المتحدة.

وقالت زهرة عبد الله (47 عاما) وهي أم لخمسة أطفال في منزلها في حي الفضل الفقير في بغداد "كنا نعيش في رغد. كنا نختار بصعوبة بين الاطعمة الكثيرة في رمضان." وأضافت "الآن اصبح كل ذلك من قبيل الاحلام. نحن نعيش على ذكريات هذه الايام."

وقالت منيرة محمد (45 عاما) ان مرتب زوجها البناء الذي يبلغ 40 ألف دينار (20 دولارا) في الشهر لا يكفي لاطعامهما مع اولادهما الخمسة ناهيك عن دفع ايجار البيت والكهرباء. وأضافت "أصبح رمضان شهر عذاب. هناك الكثير الذي لا نستطيع شراءه."

ويسمح للعراق ببيع النفط لتمويل شراء المواد الغذائية بمقتضى الاتفاق مع الامم المتحدة. وفرضت العقوبات على العراق بعد غزوه للكويت عام 1990 الذي أفضى الى حرب الخليج في العام التالي.

ودفعت العقوبات شعب العراق الى حال من الفقر المدقع ودمرت اقتصاده الذي كان من قبل غنيا بالنفط. ويلقى العراق باللوم على الولايات المتحدة. لكن واشنطن تقول ان الرئيس صدام حسين هو المسؤول عن معاناة شعبه.

وتقول الارملة نداء شمران وهي ام لسبعة من منزلها في حي الفضل "كل عام يمر علينا والعقوبات مستمرة يزيد من بؤس حياتنا. رمضان هذا العام أصعب من الاعوام الماضية. نظل نتمنى ان تأتي ايام افضل لكن الاوضاع تزداد سوءا باستمرار."

وتطعم نداء أسرتها من العمل في الخدمة لدى أسر أغنى منها. وحتى قبل وفاة زوجها منذ اربعة اعوام كانت قد باعت غسالتين كانت تملكهما وسجادا ومدفأة واثاثا واجهزة كهربائية لتوفير الغذاء والدواء لاطفالها. وهي الآن تقيم مع اطفالها في غرفتين بسيطتين.

ويتذكر العراقيون كيف كانوا يحتفلون برمضان قبل عام 1990 عندما كانوا يتمتعون بثروة من مبيعات نفط سنوية قيمتها 20 مليار دولار.

وعندما فرض جورج بوش الاب العقوبات على العراق قال انه يأمل ان تؤدي لسقوط حكم صدام ولكن ثبت خطأ فكرة ان الضغوط الاقتصادية قد تدفع العراقيين للثورة للاطاحة به.

ويشعر كثير من العراقيين بالمرارة ويلومون الولايات المتحدة على الحصار الذي أفقر الشعب كله ودمر البنية الصناعية وعطل التعليم ونظم الرعاية الصحية التي كانت مثار حسد في العالم العربي.

وقال مصطفى حمدان (33 عاما) الذي يوزع حصص الغذاء في متجر في حي الفضل "أشعر بالالم والاسى وأنا أرى شعب العراق قد وصل الى هذا الحال... العراقيون لا يستحقون هذا الظلم."

والى جانب العوز يشعر العراقيون المعروفون بعزة النفس بالظلم والمهانة تجاه دفعهم للعيش في عصر ما قبل الثورة الصناعية منذ حرب الخليج عام 1991.

فقد شهد العراق الذي تضم اراضيه ثاني اكبر احتياطيات نفطية في العالم تراجعا في متوسط دخل الفرد من 3900 دولار سنويا الى مستوى ضئيل لا يذكر هذه الايام.

ويبلغ الراتب الشهري الاساسي حاليا عشرة الاف دنانير (خمسة دولارات) في المتوسط في حين يبلغ سعر الكيلوجرام من اللحم اربعة الاف دينار (نحو دولارين).

وقال حسين شمري (30 عاما) الذي يملك متجرا للحلويات في السوق "بعض الناس أفقر من أن يشتروا أي شيء لكنهم يأتون للمشاهدة. يملاون أعينهم ويعودون دون شراء شيء."