شبكة النبأ: لقد سلخت الامة ادوارها
البدائية متوفرة ضخمة على خلاف سيرة الامم التي تنشأ ضئيلة هزيلة، لأن
الله قد خصها بالمقدسات وخصها التاريخ بالحضارات، وخصها الاسلام بمناعة
ارتطمت على جبروتها اعتى الامواج الزاحفة من كل مكان لطمسها وكبت
ارادتها المتدفقة.
ثم جاءت بعد فترة التضخم فترة الهزال ونفضت اللحوم عن العظام،
فانحرفت جاعلة كل شئ تراثا، بعدما كانت قيادة قررها النص الرباني
بالعصمة.
ثم كانت ثورة الحسين بن علي عليه السلام وتوالت من بعده الثورات
المسلحة وغير المسلحة الى ان انتهت هيمنة الدولة الاموية ثم تلقفها
العباسيون، ومن بعدهم توغلت الامة في المتاهات ثم عاش حكام الامة
الجبارين بعد ان أبادوا القبائل وشحنوا السجون مردة جبارين، حتى قيّض
الله هولاكو لإنهاء ذلك العهد الموبوء بالشرور لكنها ايضا عادت
الى النكوص من جديد.
يقول الشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) في وصف ذلك الأذل
المزري:
بقيت الامة في رقادها المفروض تقتات القيود وتمض الانين ثم تفرش
الارض بالجباه الحامية تملقا لجلالة الجلادين وان كان الخشوع كذوبا
يفرضه النير والكابوس بقيت الامة تسبغ الموت والصمت على سعير صخّاب،
ظلت الامة حتى مات ثوارها ولم يخلفوا غير الخانعين
وكان ان وجدت الهشاشة والضعف مما اغرى بالغرب ان يغزوهم وينتصر
عليهم كونه تمتع بالحرية لأربعة قرون.
واخيرا اعلنت الامة استسلامها السياسي والفكري مرة واحدة!، واذا هي
تسير في ركاب الاستعمار.
فما هي الاستفزازات التي شكلت بوادر الايقاظ للامة الغافية على
امجادها وهي تتوسد التاريخ؟.
يقول السيد الشهيد حسن الشيرازي واضعا تلك المؤثرات في نقاط منها:
1ـ ان الامة تبخرت مناعتها ايام الحكم العثماني عندما تحطمت تلك
المناعة تحت القنابل وعرفت انها تواجه صفحة
جديدة.
2ـ بهرها بريق الحضارة المصدّرة اليها فانقادت طوعا بلا قيد او شرط.
3ـ خروجها من النفق العثماني بنظرة ممسوخة عن الاسلام، فكانت تظن ان
العهد العثماني هو التجسيد العملي الحيّ لأقصى ما يهدف اليه الاسلام.
4ـ فصل الامة عن دينها كان عملا جريئا قامت به القوات الفاتحة، ثم
جرى بعد ذلك التخريب الفكري بصورة مركزة.
5ـ غياب المرجيات الفكرية انتج تخلف مضاعف في ظل رؤى مشوشة.
وبعد هذه الاسباب التي اوجزها السيد حسن الشيرازي ماذا على الامة ان
تسلكه.. وهل ثمة امل للنهوض؟.
ويضيف الشهيد السيد الشيرازي: فلنكن مفكرين يعملون بالهام الفكر
المدبر والعقل المتربص قبل ان نكون عاطفيين ولنشهد كياننا المتوقع من
القاعدة حتى القمة ونعزز سيرنا بالتعبئة الفكرية المدروسة التي ترحب
بالتصحيح والتطوير، قاعدة فكرية واقعية تتوالد باطراد فالامة المسلمة
اليوم تطوي فترة الانتقال من الردة الجماعية الى الاسلام وهي احوج الى
الوعي والحذق والاتقان.
والامة الاسلامية اليوم حيث تستشرف الكتل العامة لإنقاذها وتتطلع
الى السبيل الذي يبلغها الهدف العظيم تتطلع اليها الاطماع الجشعة من كل
مكان،وكل اسلوب وصبغة.
لا بد للاسلام ان يلبي نداء رغبتها الرغبة المتفجرة من الاعماق
ويطلق كلمته القوية الصريحة.
هذا الاشتباك والمتاهات والاضطراب ليس له خلطة سحرية في واقع الامر
وانما فقط ان تفكر وتستخدم الجوهرة التي منحها الله سبحانه وتعالى
للانسان هي الكفيلة الوحيدة بايجاد الحلول الناجعة لكل المعضلات، وهي
المنفذ الوحيد لانقاذ الامة نظيفة من ادران التخلف والجهل والنكوص.
وهنا يقول الشهيد الشيرازي(رحمه الله):
اقحام الاسلام في واقع الحياة رسالة تتطلب الف عنصر وعنصر، وأحد هذه
العناصر بعث الوعي الاسلامي الصحيح في معارض الفكر، ودحض الافكار
الدخيلة والتشوهات المنتجة مما خلفه الطغاة المستبدون الذين قاموا على
امور المسلمين او الذين يقومون، وما افرزه الاستعمار.
ان المسلمين يمتلكون ذخيرة هائلة من الفكر والتجارب ولهم العمق
الحضاري الكبير وهذا العمق والفكر انما يراد قرائته مجددا وباسلوب
مختلف بحيث انه يتفاعل مع الحياة الواقعية بصورة حميمة وانسانية وذلك
بكون الاسلام هو حق لكل الشعوب ومن ضمن هذه الشعوب هو الآخر المختلف،
كونه شريك الحياة والتواجد وهو ايضا معني بالدين والدنيا.
ومن هذا المنطلق يمكن قراءة النهوض الاسلامي بشكل صحيح وعملي وله
مردودات متوقعة وليست ضربا بخيالات طوباوية او مثالات لا يمكن ايجادها
إلا في خيالات الحالمين. |