من الآراء السياسية للشهيد حسن الشيرازي

عبد الرزاق الفيلي

لقد عمل الشهيد حسن الشيرازي من أجل رفع راية الإسلام في عراق المقدسات منذ أن بدأ وعيه بالتبلور في أولى سنوات شبابه، أي في عقد الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي.

كانت للشهيد قدرات متنوعة، لذلك لم يقصر عمله الإسلامي على مزاولة التحصيل الديني العلمي وتعليمه للطلبة بل تجاوزه. فقد مارس الدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه في العديد من مناطق العالم كالعراق ولبنان وبعض الدول الأفريقية، وأسس الحوزات (المدارس) الدينية العلمية، وأنشأ الكثير من الحسينيات – التي تجمع المسلمين في صلواتهم وأفراحهم وأتراحهم -، وأنشد الشعر السياسي في العديد من المناسبات المهمة.

من خلال أبيات شعره سنتعرف على بعض المبادئ السياسية للشهيد الراحل حسن الشيرازي، وهي:

1- قيادة الدولة بأيدي العلماء.

لقد عبّرت الثقافة الإسلامية عن هذا المبدأ السياسي في كتب وأقوال وأحاديث كثيرة، أهمها قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) (المائدة: 55) و(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين) (النساء: 144).

بالرغم من اختلاف فقهاء المسلمين حول صلاحيات القائد وطريقة عمله، إذ هناك نظريات ولاية الفقيه المطلقة وولاية الفقيه المقيدة وشورى المراجع والمرجعية الرشيدة والمؤسسة المرجعية، إلا أنهم اتفقوا على وقوفه في طليعة علماء الإسلام ومن أحرصهم على مصالح المسلمين ومن أكثرهم إلتزاماً باستغلال القرار السياسي الوطني ومن أصلبهم عوداً في مواجهة الخيانة والعمالة والخضوع للأجنبي أو الائتمار بأوامره.

إن بالإمكان معرفة مدى إيمان السيد الشهيد بهذا المبدأ من خلال كلماته التالية، التي خاطب بها أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الاحتفال الديني الذي أقيم في عام 1964م في كربلاء المقدسة بمناسبة ولادة هذا الإمام الهمام:-

فالشعب نحن وأنت أنت إمامنا ورعاتنا العلماء لا العملاء.

2- المطالبة بوحدة الأمة الإسلامية

لقد آمن السيد الشهيد بوحدة الشعوب المنتمية إلى أمة الإسلام وبوحدة الشعب المسلم في الدولة الواحدة، لأن تعدد الانتماءات والولاءات السياسية لأبناء هذا الشعب سيؤدي إلى ظهور مراكز قوى متصارعة – بسبب حرص بعض أصحاب تلك الولاءات على مصالحهم الخاصة أو تورطهم بفتنة مفتعلة من قبل قوى خارجية أو غير ذلك من أسباب.

إن بروز مثل هذه القوى وتورطها في صراعات سيؤديان إلى استنزاف طاقات البلد الإسلامي وتحويل نظامها السياسي من نظام متكامل، تتنافس فيه قواه السياسية المتعددة من أجل بناء الوطن بصورة أفضل، إلى نظام ناقص أو غير مكتمل، تتصارع قواه السياسية من أجل إبداله – أي من أجل استلام السلطة وإقامة نظام بديل، إن هذا المطلب أو المبدأ السياسي يمكن تحديده من خلال كلمات السيد الشهيد التالية:-

لا توجد الأحزاب في أوطاننا فمناورات تلك أو ألعاب

أما سبب استنتاج هذا المبدأ من هذه الكلمات فيعود إلى إيمان السيد الشهيد بقوله تعالى: ومن يتولى الله ورسوله والذين أمنوا فإن حزب الله هم الغالبون. (المائدة: 56).

إن هذه الآية المباركة قد أشارت إلى أن المسلمين حزب واحد وليسوا أحزاب متفرقة متطاحنة.

وقد عبر السيد الشهيد عن رفض الامتثال الحزبي بقوله:-

الحزب حزب الله ليس سواه في الإسلام أحزاب ولا أنصاب

إن هذه الكلمات قد استندت إلى قوله تعالى في كتابه المجيد: (فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون) (المؤمنون: 53).

3- المطالبة بتحقيق الاستقرار السياسي الداخلي

إن تحقق الاستقرار السياسي في أية دولة هو شرط أساسي لبناءها وتقدمها بصورة سريعة وآمنة. أما دخولها في حروب وصراعات داخلية فلن يجلب لها إلا التخلف واستنزاف الموارد الاقتصادية المادية والبشرية والوقوع في فخ المديونية الخارجية وربما الوقوع تحت سيطرة قوى دكتاتورية أو قوى استعمارية خارجية.

ولكي تتمكن دولة الإسلام من تحقيق نمو حضاري سريع فقد آمن السيد الشهيد بضرورة إدخالها في مناخ سياسي مستقر أو بعيد عن القلاقل والتوترات، وذلك ما يتضح من كلماته التالية:

يتنازع المستعمرون وإنما كبش الفداء شراذم وشباب

فضلاً عن إيمان هذه الكلمات بضرورة تجنيب بلاد المسلمين النزاعات فإنها قد آمنت أيضاً بالفكرة القائلة بأن بعض الصراعات المحلية ما هي إلا ترجمة لصراعات قوى استعمارية يقوم بها وكلاءها المحليون (الشراذم) وبعض الشباب المغفل المنساق وراء قوى لا تخاف رب العالمين ولا تؤمن بتعالميه ولا يهمها إلا تحقيق مصالحها والدفاع عن امتيازاتها.

4- ضرورة بناء نظام سياسي متكامل

في الدول التي تؤمن بالشورى الإسلامية، أو على الأقل بالديمقراطية النزيهة والبعيدة عن الغش والخداع والتي تحترم الآراء ولا تحول الخلاف بالرأي إلى سبب للصراع والامتثال بين أصحاب الآراء المختلفة، يسود الاستقرار والأمان، وذلك ما يجعلها قوية البناء ومرهوبة الجانب.

إن هذا النظام الذي تتصارع فيه كل القوى السياسية المحلية صراعاً سلمياً من أجل تحقيق مصالح الشعب أو الدولة، هو ما يسمى في علم السياسة المعاصر بالنظام السياسي المتكامل أما النظام الذي تتقاتل فيه القوى السياسية من أجل الوصول إلى سدة الحكم والسيطرة على البلاد دون منازع فيسمى في علم السياسة المعاصر بالنظام غير المكتمل، لأن صراع قواه السياسية ليس في داخله بل عليه.

لقد طالب السيد الشهيد بنظام سياسي متكامل ورفض النظام الذي تتصارع فيه القوى السياسية من أجل الفوز بالسلطة.

أن هذا المطلب يتضح من كلماته التالية:-

يتقاتلون على المناصب والذي سنَّ المبادئ أنها أبواب

في هذه الكلمات اعتبر السيد الشهيد الصراع على السلطة أو على النظام بمثابة صراع من أجل اقتحام أبواب جهنم.

5- ضرورة السلام والمحبة والتعاون بين أبناء الأمة

لقد أمر رب العالمين جميع المسلمين بالتوحد تحت راية الإسلام وكلمة الله أكبر من كل كبير مستعلي بسبب منصبه السياسي أو الطائفي أو ولاءه العشائري أو غير ذلك، وذلك في قوله في كتابه الكريم: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء: 92).

إن هذه الوحدة الاجتماعية هي إحدى الوسائل المهمة لتحقيق وإدامة السلام في الوطن الصغير أو الكبير، وهي خير ما يعبر عن روح التعاون القائمة بين أبناء الأمة أو الشعب، وهي كذلك خير ما يدلل على تحابب هؤلاء الناس وابتعادهم عن العصبيات المعبرة عن انفلاق أفكار أصحابها وانانيتهم واستعلاءهم بدون مبرر شرعي.

إن كلمات السيد الشهيد الآنفة قد عبرت عن هذا المطلب السياسي:

والمشركون مذاهب ومشارب والمسلمون جميعهم أحباب

6- المطالبة بإعلاء كلمة الإسلام

إن الرسول محمد (ص) قد جاء الناس برسالة سماوية لتنظيم العلاقات بين الناس وبين المخلوق وخالقه، ولولا صلاح تلك الرسالة، بما تتضمنه من تعاليم وقابليتها للتطبيق ورعاية مصالح البشر على مر الأزمان لما جعلها رب العالمين أخر رسالاته إلى البشر، وتأكيداً على علو كلمة الإسلام قال جلّ وعلا في كتابه الكريم: وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا.(التوبة: 40).

إن هذه الحقيقة تكذّب إدعاء بعض أصحاب العقائد الوضعية بأفضلية أفكارهم ومبادئهم وسموّها وعلوّها على مبادئ الإسلام، بل إن هذه الحقيقة تتهم أصحاب هذه العقائد الضالة المضللة بالكفر وتزييف الحقائق ومحاولة الضحك على ذقون السذج والبسطاء وحسني النية.

لقد قال السيد الشهيد الكلمات التالية تعبيراً عن التزامه بمبدأ سمو كلمة الإسلام وأفضليتها على ما سواها من العقائد:-

أمل الشعوب ومجدها الإسلام وسواه كفر زائف وظلام

7- لا طائفية في الإسلام

إن الدين الإسلامي واحد، بالرغم من سماحه لبعض فقهاءه بالاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأساسية، لكن بعض ذوي المصالح الخاصة قد حولوا الاجتهاد بالرأي إلى سبب لتمزيق كلمة المسلمين وتحويلهم إلى طوائف دينية.

مع مرور السنوات وتعاقب الأجيال تحوّلت الطائفية إلى فتنة عمياء لا ترحم أحداً من المسلمين لأنهم جميعاً وقعوا ضحية ما جلبته من عنف وإرهاب في مناسبات عديدة وبسبب مجموعة من قصيري النظر أو ذوي المصالح الخاصة الأنانية لألحاقها الأذى بالمسلمين وتمزيقها لصفهم واستنزافها لقواهم وخيراتهم رفضن السيد الشهيد الطائفية، إذ قال عنها:

والطائفية ويلها من فتنة عمياء يوقظ حقدها الأقزام

والطائفية جددت تأريخها فإذا لها الحكام والأحكام

والطائفية لونت أزياءها وتطورت في عرضها الأفلام

لكنها هي لم تغير ذاتها فشعارها الإرهاب والإرغام

8- القرآن دستور الدولة.

إن استناد القانون الاساسي، اي الدستور، إلى اجتهادات أشخاص بعيدين عن تعاليم السماء سيعمل على تحكيم اجتهادات أولئك الأفراد في رقاب المسلمين، بالرغم من أن القرآن الكريم هو دستورهم أو الأساس الذي تقوم عليه باقي القوانين المنظمة لحياة الشعب والدولة الإسلامية وقد جاء في القرآن الكريم ما يؤكد هذه الحقيقة، كقوله تعالى:

- إنا سمعنا قرآنا عجباً. يهدي إلى الرشد فأمنا به. (الجن: 1- 2).

- إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق (الأحقاق: 30).

- (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) (الاسراء: 9).

لقد أمن السيد الشهيد بالمبدأ القائل بأن القرآن هو دستور الدولة الإسلامية أو بلاد المسلمين، وذلك ما يتضح من قوله:

دستورنا القرآن نهتف باسمه وشعارنا في العالم الإسلام

9- رفض الاستعمار

إن الاستعمار يعني فرض قوة ما لسيطرتها أو إرادتها على شعب أو أمة بهدف استعبادها واستغلالها، وهذا الوضع يتنافى مع ضرورة تمتع الإنسان بالحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.

على أرض الواقع قامت العديد من الدول الصناعية، مستغلة تفوقها التكنولوجي على أرض الواقع، باستعمار شعوب عديدة في العالم، وذلك ما اشار إليه السيد الشهيد في قوله:

مشت الشعوب يقودها استعمار يحدو لها الصاروخ والأقمار

في هذه الكلمات أشار السيد الشهيد إلى التفوق التكنولوجي للدول الاستعمارية، بامتلاكها للصواريخ والأقمار الصناعية، كما اشار فيها إلى انقياد ض الواقع قامت العديد من الدول الصناعية، مستغلة تفوقها التكنولوجي على أرض الواقع، بها، وهذا ا لوضع من قوله:

الأفراد في رقاب الالشعوب الضعيفة وراء اصحاب هذه التكنولوجيا لقد استهجنت تلك الكلمات سيادة منطق القوة في العالم، لتؤكد على ضرورة نبذه لإدخال البشرية في عهد من السلام والأمان – تحترم فيه حقوق الإنسان ولا تداس بإقدام الأقوياء.

10- لا إرهاب في دولة الإسلام

إن الإرهاب المشار إليه هنا والمرفوض إسلامياً هو استخدام السلطة أو معارضيها أو كلامها لمنطق القوة بحجج غير صحيحة ولا تدعمها أحكام شريعة الإسلام.

وقد عبر السيد الشهيد عن هذا الإرهاب وتلك الذرائع الواهية المنافية للحقيقة بالكلمات التالية:-

وتطايرت باسم السلام حمائم من ريشها تتناثر الأقدار

إن هذه الكلمات قد أشارت إلى قوة سبق لها أن رفعت شعار السلام لكنها بدل أن تطير حمائم السلام طيرت لمعارضيها قنابل مختلفة، أوقعت بعضهم في الأسر وعرضت غيرهم للقتل والتشويه – كأنها وزعت أقدار مختلفة على أولئك المعارضين السياسيين.

وتأكيداً منه على رفض مبدأ الإرهاب فقد تحدث عنه مرة أخرى بهذه الكلمات: والعالم العملاق أصبح لعبة يجتاحها الإرهاب والإنذار.

11- ضرورة وضع الشخص في الوظيفة المؤهل لها علمياً وعملياً.

إن تعدد الوظائف العامة يتطلب وجود أشخاص ذوي مهارات خاصة ومتنوعة لكي تنجز مهام تلك الوظائف بكفاءة ودون هدر للجهود، وهذا ما يساعد على تسريع عملية التنمية الوطنية والنهوض بالبلد إلى مستوى حضاري أعلى وتقليص الحاجة إلى المساعدات والقروض الخارجية ويغني عن ربط الاقتصاد الوطني بمجهزي السلع الأجانب أما لو شغل أشخاص غير مؤهلين من الناحيتين العلمية والعملية وظائف معينة، خاصة المتعلقة بالمصالح العليا للمسلمين، لما نال الناس، سادتهم الحقيقيين وعامتهم، إلا الويل والثبور أو العذاب الشديد والمعاناة طويلة الأجل.

عن هذه الحقيقة قال السيد الشهيد:

ويل الشعوب شرارها أسيادها ويسود أسياد الشعوب شرار

12- الإيمان أساس التنمية

منذ مئات السنين ابتليت أمة الإسلام بالعديد من ظواهر التخلف كأنتشار الفقر والأمراض والأمية. وبالرغم من التطور العلمي الذي شهدته البشرية منذ القرن التاسع عشر لا زالت أمة الإسلام تعاني بهذا القدر أو ذاك من ظواهر التخلف.

لقد اعتقد السيد الشهيد بأن الطريق الوحيد الممكن للمسلمين أن يسلكوه للتخلص من تلك الظواهر هو تحكيم شريعة الإسلام في بلدانهم، إذ قال:

قل للعزيز أصابنا الضراء فحياتنا داء وأنت دواء

إن طريق النجاة هذا قد أشير إليه في القرآن الكريم في عدة آيات، مثل:-

- (فقلت استغفروا ربكم أنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدراراً. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً) (نوح: 10 – 12).

- (ولو أن أهل الكتاب أمنوا وأتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف: 96)

13- الحاكم خادم المحكوم.

إن استلام فرد أو مجموعة لقيادة البلاد لا يبرر له أو لهم الاستعلاء على الجماهير الخاضعة لحكمهم، لأن السلطة تكليف وليس تشريف، كما أن اشغال هذه الوظيفة يوجب على شاغلها التفكير الدائم بمصالح المحكومين إن الالتزام بهذا الواجب وأمثاله يظهر مقدار ما يحمله صاحبه من روح تضحية وإيثار، ومقدار نبذه لأخلاق مذمومة في التشريع الإسلامي – كالأنانية والتكبر علىالناس.

إن السيد الشهيد قد حث الحاكم في بلاد المسلمين على التحلي بروح التضحية، وذلك ما يتضح في قوله التالي الناقد للحاكم الذي لا يفكر بمصلحة الشعب:

والشعب آخر من يفكر فيه مسؤول وأهداف الورى أهواء

لا ذل إلا للشعوب وإنما للحاكمين الكبر والغلواء

لقد امتدح رب العالمين الحاكم المتواضع لأبناء شعبه والذي يؤثر مصالحهم على مصالحه، إذ قال سبحانه في كتابه الكريم (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (الحشر: 9)

و(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) (آل عمران: 159).

14- ضرورة اهتمام الحاكم بالفقراء.

في التشريع الإسلامي هناك عدة مبادئ وطرق لمواجهة ظاهرة الجوع أو الفقر أو العوز في المجتمع الإسلامي، باعتبارها إحدى علامات سوء توزيع الدخل الوطني في بلاد الإسلام وأمراً سلبياً مهدداً لأمن المجتمع واستقراره وواقعاً مرفوضاً واجب التغيير.

إن الزكاة والخمس والكفارات والنذور والفيء هي بعض أهم وسائل الإسلام وتشريعاته لمكافحة مظاهر الفقر.

استناداً إلى مبادئ الإسلام المعادية لظاهرة الفقر فقد انتقد السيد الشهيد أي حاكم يرفض معالجة تلك الظاهرة، وذلك ما يتضح من قوله:

فمن الذي في الكوخ أبصر حاكماً قد ارقته حشاشة سغباء

15- المطالبة بعدالة توزيع الدخل

إن العدالة هي إحدى أهم صفات قائد المجتمع الإسلامي. ومن مصاديق تحلي القائد بهذه الصفة هي حرصه على توزيع الدخل الوطني دون تحيز ومحاباة لفرد قريب أو عشيرة أو حزب أوطائفة أو منطقة جغرافية، لكي لا تظهر في الدولة طبقة ثرية متمتعة بالخيرات ومرفهة وأخرى محرومة من أبسط مقومات الحياة.

إن هذه العدالة لن تجعل المجتمع الإسلامي في معاناة طويلة أو قصيرة الأجل من ظاهرة التفاوت الطبقي، التي أرقت أمم وشعوب كثيرة وتسببت في انهيار نظم سياسية وبروز أخرى ووفاة الكثيرين بسبب الفقر والأمراض الناجمة عنه.

إن هذه الحقائق هي التي دفعت السيد الشهيد لنقد الحاكم غير العادل حيث قال:

أو من يواس المسلمين فلا يحيف به العطاء ولا يجور قضاء

إن هذه الكلمات قد ذكرت حكام المسلمين بعدالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في توزيع العطاءات على أبناء الأمة ومشاركته فقراءهم في جشوبة العيش.

16- المطالبة بسلطة لا تعتدي على المال العام

لقد أوصى الإسلام اتباعه بحفظ الأمانة واستهجن وهدد بالعقاب كل من يتصرف بها بسوء أو يرفض إعادتها إلى أصحابها، إذ قال تعالى في كتابه الكريم: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (النساء: 58) و(فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته) (البقرة: 283).

ولكون الأموال الموجودة في بيت المال (الخزينة العامة) هي ملك الأمة فإن على المؤتمنين عليها، أي مختلف موظفي الحكومة، إدارتها بكفاءة والامتناع عن الاعتداء عليها.

على ضوء هذه التعاليم الإسلامية انتقد السيد الشهيد السلطة التي تعتدي على أموال الشعب بهذه الطريقة أو تلك، إذ قال:

سلب الرفاق ثرى الورى وثراءهم فغدوا حيارى لا ثرى وثراء

من خلال السطور السابقة نتعرف على بعض ملامح المشروع السياسي للسيد الشهيد حسن الشيرازي.