الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

إزالة الحدود المصطنَعة بين المسلمين

 

شبكة النبأ: يعيش المسلمون في العالم أجمع، ظروفا قاسية و مؤلمة تنطوي على الكثير من النواقص والاساءات في مجال الحريات والحقوق والعيش الكريم، وهذا ما تؤكده أدلة ومؤشرات كثيرة، تدل على أنهم - المسلمون- يعانون من فقدان معظم مقومات الحياة التي تليق بكرامة الانسان، وتحفظ له مكانته وحقوقه وحرياته وخياراته التي - فيما لو تحققت- تعد من أهم المقاييس الدالّة على حرية العيش، بما يتواءم ويتفق، مع الحاجات الانسانية السليمة التي يرغبها الانسان بالفطرة المغروسة فيه منذ الولادة، لذلك فإن خيار التغيير من الأسوأ الى الأحسن، تبقى قائمة لدى الانسان، بل تشكل أهم ما يتميز به، طالما أنه يمتلك العقل السليم والتفكير الواقعي الذي لا يتوقف عند حد معين، لذلك فالبحث عن البدائل المناسبة لتحسين الحياة، تعد من أهم مواصفات الانسان وطموحاته، بل ومحاولاته الحثيثة عبر التاريخ، للانتقال من وضع أدنى الى مرتبة أعلى، بإصرار لا يكلّ و إرادة لا تلين.

وطالما أن المسلمين يعانون من حالة عيش ادنى، فقد كانت ولا تزال قضية تحسين حياة الامة الاسلامية والانتقال بها من حال ادنى الى افضل، محط تفكير العلماء والمفكرين ورجالات الثقافة والوعي، ومنهم على سبيل المثال سماحة آية الله العظمى، الامام الراحل والمجدد الثاني، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، فقد دأب في جميع مؤلفاته التي تركها لنا، على البحث عن السبل المناسبة لتغيير احوال المسلمين ونقلهم من واقع ادنى الى مراتب أفضل وأعلى، ومن بين اهم الافكار والحلول والمقترحات التي طرحها سماحته في مؤلفاته ومن بين جميل وعميق افكاره ورؤاه، قضية إزالة الحدود المصطنعة بين الدول الاسلامية، فعندما تم اقامة دولة الاسلام في عهد قائدها الأول النبي الكريم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لم كانت هذه الدولة الفتية القوية تمتد على مساحات مترامية الاطراف، وتنتمي الى جغرافية لا تعرف الحدود الاصناعية، فلم تكن فيها لا مقاطعات ولا مدن مسوّرة بحدود مصطنعة او حتى طبيعة، فكان الارض كلها ساحة مفتوحة لحركة وتجوال وتنقّل المسلمين جميعا، الامر الذي قاد هذه الدولة ومرافقها الاقتصادية وفروعها كافة، كالزراعة والصناعة والتجارة وسواها، الى مستويات عالية من النجاح، وهذا ما قاد هذه الدولة الى التطور في مجالات الحياة كافة.

ولعل هذا الامر يشكل درسا واضحا للمسلمين، قادة ومواطنين، ليؤكد لهم أن الوحدة الاسلامية ليست معنية بالتجزئة الجغرافية التي قامت بتقطيع الدولة الاسلامية الى دويلات ضعيفة، ادت بدورها الى اضعاف المسلمين، وهذا بالضبط ما طرحه سماحة الامام الشيرازي في العديد من كتبه ومؤلفاته وطروحاته كافة، إذ ركز سماحة الامام الشيرازي على اهمية رفع الحدود المصطنعة بين الدول الاسلامية، لكن كانت هناك اعتراضات كثيرة عليه حتى من قبل المسلمين انفسهم، وقد اعتبر وان مثل هذه الافكار غير واقعية ومستحيلة التطبيق، وهذا بالضبط هو هدف الذين أقاموا الحدود المصطنعة بين المسلمين لاضعافهم، فعندما تم تقسيم المسلمين الى دول صغيرة من قبل الدول الاستعمارية، فقد كان الهدف معروفا من هذا التقسيم، ومن وضع هذه الحدود المصطنعة، إنها أقيمت لسبب واضح هو تجزئة المسلمين وبعثرة طاقاتهم وقدراتهم، ولنا أن نتصور مدى عظمة المسلمين (يفوقون المليار والربع نسمة)، وقوتهم وتأثيرهم العالمي لو أنهم ظلوا أمة واحدة تعيش على ارض واحدة!.

هذه الافكار تقودنا الى ما يحدث هذه الايام في زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام، وتدفق مئات آلاف الزوار على كربلاء المقدسة، لقد ضاق المسلمون ذرعا بالحدود المصطنعة، واذا فشل السياسيون في رفع هذه الحدود والحد من تأثيرها في اضعاف المسلمين، فإنهم (المواطنون المسلمون) تكفلوا إزالة هذه الحواجز المصطنعة بين المسلمين، علما أن الهدف الذي يقف وراء مثل هذا السلوك يبرر ما فعله الزوار المسلمون، لاسيما القادمون من دولة ايران كونها دولة جارة مسلمة، خاصة اذا كان الهدف من ذلك، هو الوصول الى مرقد الامام الحسين عليه السلام، ابي الاحرار، وسيد شهداء الجنة، وسبط الرسول الأكرم، وهكذا نلاحظ ان تدفق هذه الحشود الكبيرة وصولا الى كربلاء المقدسة التي تضم في ثراها الدم الحسيني الطهور، تأتي كتعبير عن طموح المسلمين الى العودة الى ما كانوا عليه ابان الدولة الاسلامية في العهد النبوي الشريف، وقد يعترض المعترضون بالقول ان الظروف الدولية والاقليمية والسياسية، لم تعد تتواءم او تتسق مع هذا الهدف الاسمى الذي طرحه سماحة الامام الشيرازي قبل عشرات السنين، لكننا نرى ان هذا الاعتراض يمكن معالجته بالطرق المناسبة المدروسة بما لا يضر أحدا، مهما كانت صفته او كيانه الرسمي ارضا وبشرا، وهذه مسؤولية السياسيين، فقد قام المواطنون المسلمون بما عليهم وانجزوا مهمة رفع الحدود بين الدول الاسلامية، من دون أن يلحقوا ضررا بأحد، ويبقى الدور القادم تنظيمي سياسي لا اكثر، وطالما ان القادة السياسيين هم (خدّام) للشعوب، فإن مسؤولية تنفيذ هذا الهدف المشروع لعموم المسلمين، تقع على عاتقهم، كونهم مسؤولين عن تحقيق ما يرغب به المسلمون، ولنا أن نتصور طاقات المسلمين وقدراتهم المادية والفكرية والبشرية وهي تتوحد في بوتقة واحدة، وصولا الى الدولة الواحدة التي تضاهي بامكاناتها وقدراتها اكبر الدول في العالم، إن لم تتفوق عليها جميعا في الطاقات والثروات المادية والفكرية، علما ان هذا الهدف لا يضمر شرّا بأحد، أو طرف آخر في عموم العالم، وانما هو حق مقبول ومشروع للمسلمين، بأن يعيشوا في وضع انساني مناسب، يحقق لهم انسانيتهم وتطلعاتهم وحرياتهم، وحقهم في العيش المعقول والمقبول انسانيا، مثل الآخرين الذين يتمتعون بحريات واسعة، باتت تشكل حلم الكثير من المسلمين المشتتين في بقاع العالم أجمع.

لذلك فإن زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام، جاءت بمثابة الحافز للمسلمين، لتنطلق منها الخطوة الاولى للمسلمين، كي يزيلوا الحدود الاستعمارية المصطنعة التي قام بها واصطنعها المستعمر لأهداف معروفة لازلنا نعيش نتائجها المؤلمة ختى الآن، فجعل المستعمرون من دولة المسلمين الواحدة عدة دول ضعيفة، لا تملك حولا ولا قوة، ولا تقوى على مقارعة التهديدات التي تتعرض لها، لذلك من الافضل للمسلمين كما يرون، العودة الى الوحدة، من اجل تجميع القدرات والطاقات التي يحفل بها جميع المسلمين اينما كانوا في بقاع الارض، وهذه بالضبط هي الفكرة النظرية (العملية) التي طرحها سماحة الامام الشيرازي، في مطالباته المتكررة عن أهمية، بل حتمية تحقيق الوحدة الاسلامية، بما يحفظ كرامة المسلمين، وتاريخهم وانجازاتهم العلمية التي أسهمت بشهادة الآخرين قبل المسلمين، في تطوير البشرية ونقلها من ظلام الجهل الى فضاءات النور اللامحدودة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/كانون الأول/2014 - 16/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

annabaa@annabaa.org