الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الشعائر الحسينية مصدّ للذوبان الحضاري

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: كل أمة تعتز بهويتها الحضارية ومنظومتها الثقافية من تقاليد وعادات وسلوكيات، بل تعمل على تصديرها الى الآخرين وتجعلها مصدر إلهام للآخرين على أنها الأصحّ. وأهم وابرز غاية وراء هذا الحرص، إيجاد نوع من الحصانة والمناعة الثقافية امام الثقافات الاخرى، فان كون هذا النمط من الثقافة او تلك، هو الأصح، ليس كافياً على صعيد الواقع، في عالم يعجّ بصراع الافكار والثقافات، وكل أمة اليوم في العالم تحاول تصدير ثقافتها للآخرين بوسائل شتّى، منها الازياء والاعلام والمواد الغذائية وحتى نوع الطبخ وبناء البيوت وغيرها من ابواب النفوذ الثقافي.

والامة الاسلامية، كونها صاحبة منظومة ثقافية وحضارية معروفة في العالم، ولو على شكل حكايات وحوادث في بطون الكتب، إلا انها هي الاخرى بحاجة الى عوامل مناعة ومصدّات ثقافية تحصنها من الثقافات الاخرى. ولو أن البعض يتحدث عن امكانية الاستفادة من الايجابيات والتطورات الحاصلة في هذه الامة وتلك واستثمار التجارب في مجالات شتّى، لكن تبقى الخصوصية الثقافية دونها خطٌ أحمر.

والسؤال: كيف نحصل على هذه المصدّات والموانع التي تحفظ لنا هويتنا وقيمنا؟.

سماحة آية الله الفقيه الشهيد السيد محمد رضا الشيرازي – قدس سره- في كتابه "الشعائر الحسينية والتحديات الحضارية" يشير الى حقيقة خطر الذوبان الثقافي الذي يهدد الشعوب الأمم، كما يضيئ لنا السبيل لدرأ هذا الخطر من خلال المزيد من إقامة الشعائر الحسينية وتكريسها في النفوس والاذهان. ويورد سماحته مثالاً على القوة الحقيقية القادرة على توفير هذه الحصانة الثقافية، في مملكة المغول التي أتت من القوة العسكرية ما مكنها اجتياح رقعة واسعة من العالم والسيطرة والهيمنة لفترة طويلة، بيد أن بطشهم وقوتهم العسكرية والرعب الهائل الذي زرعوه في نفوس المسلمين، لم يغط الضعف الثقافي والحضاري فيهم، فكانت النتيجة ذوبانهم في الحضارة الاسلامية، وتحوّل الكثير من الحكام المغول الى الاسلام، بل والاستبصار بأهل البيت، عليهم السلام.

إذن؛ فالقوة والمنعة لن تكون بالمال والسلاح والمخابرات ولا التحالفات الاقليمية والدولية، إنما بالعمق الحضاري والثقافي الذي يوفر قوة التأثير على الآخرين، وهذا ما تحتاجه الامة اليوم، وهو ما نلاحظه في الشعائر الحسينية، ويؤكد سماحته بانها "من نقاط القوة التي نمتلكها نحن الموالون لأهل البيت، عليهم السلام، فلو فتشت العالم كله من أقصى الشرق الى أقصى الغرب، لن تجد أمة تملك قوة مثل قوة سيد الشهداء، عليه السلام".

ورب سائل عن مغزى هذه القوة التي تحملها الشعائر الحسينية، بحيث تكون مصدّاً ومانعاً حضارياً وثقافياً، في وقت تبحث الأمم والشعوب عن ذلك ولا تجد بغيتها فتكون فريسة الثقافات الاخرى؟.

إن القيم والمبادئ التي تحملها الشعائر الحسينية، ليست من بُناة افكار خاصة لهذا المفكر او ذاك المثقف، رغم إن بعض الافكار المطروحة في أزمان مختلفة، ربما تكون لها جانباً من الصحة والصواب، حسب الظروف المحيطة بها، ولذا نجد الشعائر الحسينية منذ قرون من الزمن أعطت زخماً معنوياً هائلاً للتشيع جعله عصيّاً على الانحناء أمام الحكام والطغاة، وحتى التضعيف التحجيم رغم حجم الممارسات المريعة المستخدمة من قبل حكام وأنظمة حكم بالغت في القتل الجماعي والتشريد والحرمان، وهذا ما يشير اليه سماحة الفقيه الشيرازي في كتابه. بمعنى أن أقوى سلاح وأدهى سياسة لن تكون قادرة على استيعاب القيم والمبادئ التي من شأنها الارتقاء بشأن الانسان وحفظ كرامته ووضعه على طريق الرقي والتقدم. فهذه هي رسالة الامام الحسين، عليه السلام، يوم عاشوراء، وهي الرسالة نفسها التي يحملها المنبر الحسيني، وكذلك سائر انواع الشعائر الحسينية، فاقامة المجالس الحسينية وتسيير المواكب وإطلاق الهتافات في الشوارع ضمن مسيرات منظمة، تعمّق الوعي بالحاضر والمستقبل، وتجعل الانسان بصيراً في شؤون الحكم والعلاقة الصحيحة والمطلوبة مع الحاكم والمسؤول السياسي، فلن يكون هنالك مجالاً للظلم والطغيان والانحراف أمام هذه المسيرات، بل حتى تكون هنالك فرصة للإصلاح الذاتي والاجتماعي والتطوير والتقدم. كذلك الحال بالنسبة للبكاء وإنزال الأذى بالنفس، هي من وسائل التغيير والإصلاح الذاتي الشديدة والسريعة التأثير، كلها تُحظى بقواعد ثابتة لا تتغير رغم تقادم السنين والايام.

هذه الميزة والخصوصية هي التي تمنح التشيع القوة الهائلة التي تحصنه من الثقافات الوافدة مهما كانت قوية، ومهما وقفت خلفها من قوى المال والسياسة والتضليل. بل نجد هذه القوة تتحول الى اشعاع يمتد اليوم الى اصقاع الارض ويترك تأثيره في النفوس والضمائر، في هذا الشعب وتلك الامة، فنجد اليوم اسم الحسين، عليه السلام في اميركا الجنوبية كما هو في الشمالية، ونجده في البلاد الافريقية وفي الشرق الاقصى وفي القارة الاسترالية، وعلى قمم الجبال وفي كل مكان، وكل من يحمل قبساً من هذا النور ويأتي الى كربلاء او يتحدث عن النهضة الحسينية في بلده، يضمّن كلامه القوة العجيبة لنهضة الامام الحسين، عليه السلام، والصلابة التي تتمتع بها دون ما يُطرح في العالم أجمع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/تشرين الثاني/2014 - 11/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]