الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

بين عاشوراء ومفكري المسيحية

على ضوء "نزهة القلم"

قاسم محمد الياسري

 

أردت أن أكتب عن عاشوراء الحسين(ع) فتبادر الى ذهني تصفحُ كتابِ "نزهة القلم.. قراءة نقدية في الموسوعة الحسينية" الذي أهداني إياه مؤلفه الدكتور نضير الخزرجي، الذي يتناول بالقراءة الموضوعية عشرين جزءاً من أجزاء الموسوعة الحسينية الصادرة عن دائرة المعارف الحسينية في لندن التي تحوي نحو 900 مجلد من تأليف آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي. وفي "نزهة القلم"، هذا المؤلف الرائع للدكتور نضير الخزرجي، وجدت الايجاز واقتطفت بعض عمّا قاله الكتاب والمفكرون من كل الأجناس، وهذا الكتاب يوضح الجهد الكبير الذي تقوم به دائرة المعارف الحسينية، خدمةً للرسالة المحمدية العلوية الحسينية، فالكثير من آراء الأعلام ومن جنسيات وأديان ومذاهب من أقطار الأرض تحكي عن حقيقة النهضة الحسينية وديمومتها وتأثيرها المستمر على المجتمعات البشرية في أصقاع الأرض، وكلما استطاع المحبون أن يعرضوا واقعة كربلاء برسالتها الإصلاحية أمكن مد جسور العلاقة بين الإسلام وجميع الأديان السماوية وتقريب رسالة الإمام الحسين (ع) المتصلة برسالة جده محمد (ص) إلى الأذهان، ومن خلالها عمل الخير والإصلاح لإسعاد البشرية بغض النظر عن جميع الفوارق الدينية والمذهبية.. فمأساة أبي عبد الله الحسين في عاشوراء ومأساة بنى هاشم بقتل سيد شباب أهل الجنة وهو يدافع عن الحق دفع ثمنه من دمه ودماء أهل البيت وأصحابه ليتحول استشهاده إلى سيرة بطولية وكرنفال أسطوري لكل من يعاني الظلم في العالم.

 وللحسين مكانته في التاريخ الإسلامي ككل لأنه رمز الفداء حيث استشهد وهو يعلم بمصيره للشهادة أي اختار الموت بدل الحياة وكتبت عنه كل الاقلام والدراسات في معظم الاديان.. وقصة استشهاده كما في البحوث المسيحية تتشابه إلى حد بعيد مع نظرية الفداء المسيحي كما يعتقدون في الديانة المسيحية وإن كان الفداء المسيحي لا يُعد الأصل الوحيد لنظرية الفداء وهي فكرةٌ حقيقية في العقل البشري بشكل عام فلابد من وجود من يضحي بنفسه لصالح البشر والحسين قد تحمل هذا الجانب في السياق الإسلامي عندما أنشأ الشاعر الشيخ محسن أبو الحب الكبير (1225- 1305هـ = 1810- 1887ن) على لسان الإمام الحسين(ع):

إن كان دين محمد لم يستقم... إلا بقتلي يا سيوف خذيني

 وبما أنَّ الحسين(ع) تعرض للظلم من أجل إعلاء كلمة الحق وقتل في سبيله.. يعتقد المسيحيون أنَّ هنالك عوامل مشتركة ما بين الإمام الحسين (ع) والنبي عيسى (ع) تجتمع في المظلومية ومكافحة الباطل الا أنَّ الدكتور نضير الخزرجي في "نزهة القلم" ينقل قول البروفيسور بيير لوري (Pierre Lory) أستاذ العلوم الدينية والتصوف في جامعة السوربون الفرنسية والمولود في باريس سنة 1952 م في أسرة كاثوليكية، وهو يعلق على كتاب "ديوان القرن الثالث" من دائرة المعارف الحسينية: (يبدو لنا بشكل عام أننا نخطئ خطأً كبيراً حين نقارن بين إحياء الشيعة لمعاناة الحسين وبين آلام المسيح عند النصارى، لأن هناك حتما نقاط اختلاف، فالشهادة في الوعي الإسلامي تحمل قيماً عالية وهي تمحو ذنوب الشهيد وتمنحه ثواباً أبدياً.. ومعاناة الحسين وقتله جعلت منه شهيداً في عليين وشفيعاً لأتباعه المخلصين ومن يحبه ومن يتبعه بشكل خاص، هنا لا تصح المقارنة، لأن آلام المسيح قد اكتسبت صفاتها المذكورة عند المسيحية باعتباره ابن الربّ، وهذا المفهوم غريب على الوعي الإسلامي الذي يرفض حتى موت المسيح- القرآن: سورة النساء: 157-158).

تعال معي أيها القارئ لنتعرف من خلال ما ورد في "نزهة القلم" لبعض الكتاب والأكاديميين والباحثين العالميين في الديانة المسيحية، ونبدأ حديثنا بالباحثة الدكتورة صابرينا ليون ميرفن (Sabrina Leon Mervin)، المسيحية الفرنسية الأصل، فعند تناولها الجزء الأول من كتاب الحسين والتشريع الإسلامي.. أحد أجزاء دائرة المعارف الحسينية تجزم من خلاله دراستها لواقع الإسلام والتشيع بحكم عملها كمديرة أبحاث في مركز الدراسات التخصصية في باريس: (إن الحسين بن علي لعب دوراً له صداه في تاريخ وأصول التشيع ويحتل مكانه في سلسلة أئمة أهل البيت بل أنه منح باستشهاده كل المعاني للحركة الدينية التي أنشأتها أسرة أهل بيت النبوة، كما أن الإمام الحسين قد أصبح رمزاً مقدساً بخاصة عند مُحبِّيه وهذا واضح من خلال الشعائر الحسينية والمجالس والمواكب والزيارات) نزهة القلم: 393.. وتعتبر الدكتورة صابرينا ليون ميرفن المولودة في أسرة مسيحية في باريس سنة 1958م، وصاحبة كتاب "تاريخ الإسلام الأصول والمذاهب" وكتاب "الإصلاح الشيعي.. علماء ورسائل جيل كامل منذ نهاية الإمبراطورية العثمانية ولغاية استقلال لبنان"، أنَّ واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين (ع) مع أهل بيته وأصحابه بالصورة المفجعة (يعتبر هذا الحدث في نظر التاريخ زمناً تجديداً في التشيع بل أكثر من ذلك فإن عملية استشهاد الحسين تشكل قصة أساسية. ألم يُقلْ بأنَّ الحسين قد أحيا دين جده بمأساة كربلاء؟ فهي في كل سنّة تُمثَّل وتُعاش وتُصاغ خلال إحياء (عاشوراء) وقد شكلت في ذاكرة المجتمع الذي أعطته السلوك المثالي نموذجا للحياة السياسية ومجموعة من القيم الأخلاقية التي يجب إتباعها وكل هذا من خلال شخص الإمام الحسين) نزهة القلم 395.

ويتحدث البروفيسور قسطنطين ماتييف (1934- 2008م) الآشوري الروسي الأصل عن قراءته لواقعة كربلاء بخاصة وأنه عمل مدرساً للعلوم الإسلامية واللغتين العربية والإنجليزية في معهد الصحافة بموسكو، فقد كتب وهو في معرض التعليق على الجزء الأول من ديوان الأبوذية من دائرة المعارف الحسينية بعد أن استعرض جانبا من وقائع المعركة في كربلاء: (وهكذا فقد استشهد الإمام الحسين استشهاد الأبطال وقد حدث ذلك في العاشر من محرم عام (680م) وكان لمقتله بهذه الطريقة البشعة والفظيعة النكراء نتائج وآثار سياسية ودينية كبيرة على مسلمي العالم أجمع.. وأصبح مقتل الإمام الحسين بشكل دموي، لا لشيء إلا لأنه أراد أن يُرسي قواعد الحق والعدالة ويُعيد سيرة جده رسول الله، رمزاً لنضال المسلمين الشيعة في سبيل مستقبل واعد وخيّر وهم يحافظون اليوم على مبادئ واسم الإمام الحسين بكل أمانة وثقة واعتزاز)..

ويرى البروفيسور قسطنطين ماتفييف (Kostantin Matveev) الذي كان خلال إقامته في المملكة المتحدة يرأس مؤسسة الآشوريين اللاجئين في بريطانيا: (ومن خلال الحسين ومأثرته ظهرت عظمة شخصيته واتساع فكره الجهادي وذلك بتقديم نفسه وأهله قرابين لمصلحة الأمة الإسلامية والشيعة على وجه التحديد. ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن يعتبر الشيعة الإمام الحسين المدافع الحقيقي عن الأمة والإنسان الذي امتلك الإرث الإلهي والخصال المحمدية والبعيد كل البعد عن أية طموحات سياسية وهو الساعي لإحياء وإنهاض دين جده النبي محمد) نزهة القلم: 204- 205.

وللكنيسة السويدية رأي. هل يمكن أن يكون الإمام الحسين (ع) جسراً بين الإسلام والمسيحية؟ هذا السؤال يجيب عليه البروفيسور يان بن آرفيد هنينغسون (Jan Arvid Henningsson)، السويدي الأصل، الذي عمل كأمين عام للجنة الفكرية في مجلس الكنائس السويدية فهو يؤمن أن: (الحسين ليس مظهراً للسلطة السياسية والعسكرية حيث انه في الوقت الذي لا يطالب بالسلطة فإنه لا يتنازل عن المعارضة والمقاومة، من هنا فإن الحسين امتلك بنهضته وشهادته قدرة عظيمة للغاية للحوار بين المسيحية والإسلام.

بالفعل يمكن أن يصبح الحسين جسراً - حلقة وصل- بين المسيحيين والمسلمين) نزهة القلم: 142، ويضيف البروفيسور هنينغسون السويدي المسيحي المولود عام 1950م، المستشار السابق لوزارة الخارجية السويدية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة آبسالا، وهو في معرض التقديم للجزء الأول من (ديوان القرن الرابع) من دائرة المعارف الحسينية إن: (بعض التقاليد والرموز الإسلامية تكون قريبة لقلب المسيحيين، فعلى سبيل المثال فإن من تلك الرموز شخصية سبط الرسول محمد، الحسين بن فاطمة تلك المتألقة وابن ذلك المكافح الحكيم الخليفة علي..هذه مشاعرنا نحن المسيحيين تجاه الحسين أولا والمأساة التي أدت إلى استشهاده وظروفها ثانيا).

 وأخيرا أنصح القراء الاطلاع على الموسوعة الحسينية، وكتاب نزهة القلم، حيث يحق لنا ان نفتخر بهذه الإنجازات والقائمين عليها في دائرة المعارف الحسينية التي هي مصدر معلومات مقالتنا هذه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/تشرين الثاني/2014 - 11/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]