الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عالمية عاشوراء والإنسان

موقع الامام الشيرازي

 

لا شك أن واقعة الطف الدامية، في إعلان الإمام الحسين (عليه السلام) ثورته على طاغية عصره يزيد وظلم بني أمية الذي وقع على الأمة، حيث المعركة الدامية في عام (61هـ) هي من أهم الأحداث التي حصلت في تاريخ الإسلام، بل لعلها إلى جانب الخلافة الظاهرية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أهم ماحدث في الإسلام بعد رحيل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ذلك إن هدف ثورة كربلاء استعادة الإسلام، بعد أن شوهته السلطة الأموية وحولته إلى مجرد مظاهر بدون مضمون، كالذي يجري اليوم، حيث اختطف "داعش" وسائر التنظيمات الإرهابية الأخرى صورة الإسلام كدين السلام والعدل والرفاه، حتى بات إسم الإسلام لا يذّكر إلا بعمليات الذبح والسيارات المفخخة والانتحاريين.

كربلاء الرسالة

يقول الإمام الشيرازي(قده): "إن رسالة عاشوراء إحياء الإسلام، وإرجاع القرآن إلى الحياة، وهو ما كان يهدفه الإمام الحسين (عليه السلام) من نهضته وشهادته، ذلك لأن الإسلام الذي أنزله الله تعالى في كتابه، ونطق به قرآنه، وبلّغه رسوله (صلى الله عليه وآله)، وضحّى من أجله أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء يوم عاشوراء، هو الدين الكامل، والقانون الشامل، الذي باستطاعته وفي كل عصر وزمان أن يسعد الإنسان، والمجتمع البشري، ويضمن له التقدم والرقي، والتطلع والازدهار، وذلك في ظل حكام استشاريين، غير مستبدين ولا ظالمين، نص الله على إمامتهم وولايتهم، وفي جوار حكومة عادلة، وإدارة حكيمة، ورعاية واعية، ونظام استشاري".

ولما كانت لثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هذه الأهمية الاستثنائية في تاريخ الإسلام ومستقبله، حيث إنها انطلقت من الإسلام، وفي أدق تفاصيلها تمسك جميع من شارك فيها بمثل الإسلام العليا، لإنجاز حاكمية الإسلام، ولذا استمدت ثورة كربلاء عالميتها من عالمية الإسلام، وأيضاً من مواقفها السامية وتضحياتها الاستثنائية، ونظراً لما لعاشوراء من مقام سامق على صعيد الانتصار للإنسان ولقيم العدل والخير، فقد احتلت ثورة الطف مكانة فريدة في وجدان الأحرار في العالم، وليس حكراً عند الشيعة، وقد امتلأ الأدب العالمي والتراث الإنساني بأجمل الكتابات حول الإمام الحسين (عليه السلام ع) وثورته.

وفي الحقيقة، لا يمكن إدراك حقيقة الحدث العاشورائي بكامل أبعاده، إذا اقتصر نظر قارئ ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) على أنها مجرد ردة فعل على سلطان جائر، إذ لابد من إدراك أهمية التهديد الذي شكلته السلطة الأموية – آنذاك - للدين الحنيف "مظهراً وجوهراً"، فعند انطلاق الإمام الحسين (عليه السلام) من مكة المكرمة نحو الكوفة، أوصى (عليه السلام) أخاه محمد بن الحنفية بما أراد أن يوصيه به، ثم قال له: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله)، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي (صلى الله عليه وآله) وسيرة أبي علي بن أبي طالب).

وبهذا الإعلان أوضح الإمام الحسين (عليه السلام) دوافع ثورته الإيمانية والإنسانية، وبيّن المنهج الذي سيسير عليه، والهدف العظيم الذي يسعى ويبذل له دمه وولده وأهله وصحبه وكل غالٍ ونفيس من أجل تحقيقه.

ومن أجل تحرير المجتمع من طاغوتية الحكم الأموي وخططه لاستلاب إسلام المسلمين ووعيهم وكرامتهم الإنسانية، قام الإمام الحسين (عليه السلام) بثورته، ولأن طريق الخلاص هو طريق الله، بيّن سيد الشهداء (عليه السلام) أن منهجه في التغير والإصلاح والبناء يبدأ ويتحرك على هدى سيرة جده محمد (صلى الله عليه وآله) وأبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد جسدا (في حكومتيهما) النموذج الذي أراده الله للإنسان، وفي كل المواقع التي يتواجد فيها، وخاصة في موقع السلطة.

كربلاء الإنسان

جاء الإسلام إلى تحرير الإنسان من الأغلال، سواء أكانت في حياته المادية أو الفكرية، تحرير يرفع الإنسان (الفرد والمجتمع) من ذل العبودية إلى رحاب عبادة الله تعالى، يقول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (النساء: 48).

ومن الشرك بالله عبودية الإنسان للإنسان، وخضوعه للسلطة، أية سلطة، سواء أكانت حزبية أو فئوية أو حكومية أو قومية أو عرقية، وإن الإنسان المسلم الذي أعلن طاعته لله وعبوديته له تعالى، مخلصاً له الدين، لا يقر بأية طاعة إلا طاعة الله أو طاعة السلطة القائمة بأمره (عزوجل)، التي تتحرك على ضوء مفاهيم القرآن والسنة النبوية الشريفة وتعاليم أهل البيت (عليه السلام). أو السلطة التي تعاهد عليها "مجتمع بشري" في إطار ما يعرف بالدولة المدنية التي تحفظ النظام العام وحريات الناس وكراماتهم وممتلكاتهم.

وبالتالي، فإن الإنسان في ظل حاكمية الإسلام يتحرر من كل أنواع الولاء إلا ما كان لله تعالى، فإن كل صنوف الاستبداد والتحكم والتسلط يرفضها الإسلام، وحرية الإنسان في دولة الإسلام لا حدود لها، إلا حدود الله، وهي الحدود التي ترسم للإنسان سبيل سعادته في الدنيا ونجاته في الآخرة.

إن جهاد الإمام الحسين (عليه السلام) تمثل في رفضه للظلم الذي هو أخطر أزمة تضرب المجتمعات. وإن سيد الشهداء (عليه السلام)، في نهضة كربلاء، قارع سلطة الطغيان وفقهاء السلطة في عصر سُلبت فيه الأمة الوعي والإرادة، ضمن عوامل مركبة وأسباب متعددة، فقام الإمام (عليه السلام) بهز الأسس التي تقوم عليها سلطة الظلم والانحراف، ورفع شعار الثورة ضد الحكم الأموي، وإنْ كلفه ذلك حياته الشريفة، ومن هنا كانت موقعية الإمام الحسين (عليه السلام) عظيمة في قلوب المؤمنين إلى يوم القيامة. فضلاً عن الروايات المستفيضة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) التي بينت – بوضوح - المكانة العالية للإمام الحسين (عليه السلام) حتى أنه لم يكن صحابي إلا ويحمل في نفسه المودة والاحترام والحب للحسين (عليه السلام)، لما سمعوه من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حول الحسنين (عليهما السلام) عامة، وحول الحسين (عليه السلام) خاصة. ومن جملة تلك الأحاديث، قوله (صلى الله عليه وآله): "من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين". وقوله (صلى الله عليه وآله): "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، وابغض الله من أبغض حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط". وقوله (صلى الله عليه وآله): في حق الحسنين (عليه السلام): "من أحبهما فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما فقد أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار".

كربلاء المواجهة

وجّه سيد الشهداء (عليه السلام) كتاباً إلى أهل البصرة، حثهم فيه على النهوض، وجاء فيه: (أما بعد فإن الله اصطفى محمداً (صلى الله عليه وآله) على خلقه، وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته، ثم قبضه الله إليه، وقد نصح لعباده، وبلّغ ما أرسل به (صلى الله عليه وآله)، وكنا أهله وأوصياؤه وورثته، وأحق الناس بمقامه في الناس. وكشف (عليه السلام) للناس حقيقة يزيد، فقال للوليد بن عتبة بن أبي سفيان: (يزيد فاسق، معلن للفسق، شارب للخمر، قاتل للنفس المحرمة، ومثلي لا يبايع مثله).

وأعاد(ع) هذا (الحكم)، على مسامع مروان بن الحكم، ثم عبد الله بن الزبير، وكان يعلن أن يزيد بالإضافة إلى ذلك (يلعب بالكلاب والقرود ويبغض بقية آل الرسول). كما وصف الإمام الحسين (عليه السلام) في خطابه لأصحابه وأصحاب الحر، حال بني أمية (إن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وحللوا حرام الله، وحرّموا حلاله).

وقال سيد الشهداء (عليه السلام) في خطبة له، يحرّض فيها الناس على قتال بني أمية والاستشهاد دون ذلك: (إن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرت جداً، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس العيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه، فليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما). وعليه، فإن دوافع الثورة قائمة، والتكليف الشرعي بالجهاد ضد السلطة الأموية متحقق الشروط، دفاعاً عن الإسلام واستنقاذاً للإنسان.

كربلاء المنهج

في أكثر من مشهد عاشورائي، تجلت مواقف إنسانية فريدة، ومن أبهى تلك المواقف، بكاء الإمام الحسين (عليه السلام)، وهو ينظر إلى جيش عمر بن سعد، فسألته أخته الحوراء زينب (عليها السلام): (أتبكي يا أخي؟ فقال: والله ما على نفسي بكيت، بل على دخول هذه الجموع إلى النار).

وعن المثل الإنسانية الفريدة – على مستوى تاريخ البشرية - التي كانت في واقعة كربلاء، كتب الأديب المسيحي (أنطون بارا) في كتابه (الحسين في الفكر المسيحي): (جدير بقدسية رسالة الحسين أن يقدمها العالم الإسلامي كأنصع ما في تاريخ الإسلام إلى العالم المسيحي، وكأعظم شهادة لأعظم شهيد في سبيل القيم الإنسانية الصافية، الخالية من أي غرض أو إقليمية ضيقة، وكأبرز شاهد على صدق رسالة محمد (صلى الله عليه وآله)، وكل رسالات الأنبياء التي سبقتها).

في كربلاء نهض الإمام سيد الشهداء (عليه السلام)، مقدماً نفسه الزكية وأولاده وإخوته وأصحابه، في واقعة دامية مروعة، أعطى فيها (عليه السلام) كل ما يملك من أجل الإنسان وحريته وكرامته، وتخلى فيها أعداء الحسين (عليه السلام) عن كل ما يمتُّ للقيم الإنسانية من صلة، وللذين يحتفون بعاشوراء الاعتبار والاقتداء، فإن الحسين (عليه السلام) عِبرة وعَبرة، أسوة وقدوة، دنيا وآخرة، وإن في الاعتبار والاقتداء تتجسد المحبة والوفاء لإمام ضحى في كل شيء من أجلنا جميعاً، فهل من وفاء ورد لبعض جميله.

* أجوبة المسائل الشرعية العدد (206)

http://alshirazi.com/rflo/ajowbeh/ajowbeh.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/تشرين الأول/2014 - 2/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]