الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء.. نهجان متناقضان

نزار حيدر

التفجيرات الدموية التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد وعدد من المدن الاخرى منها مدينة كربلاء المقدسة والحلة، والتي استهدفت مواكب ومجالس العزاء الحسيني، ومثل هذه الافعال الاجرامية دليل على استمرارية النهج الاموي الذي ارتكب في كربلاء في عاشوراء عام 61 للهجرة افضع جريمة واسوأ عدوان على رسول الله (ص) بقتله السبط الشهيد الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) واهل بيته واصحابه الشهداء الميامين، فسيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام الذي مثل نهج الحق والعدل والكرامة الانسانية في ذلك اليوم، مثل الامويون وطاغيتهم يزيد بن معاوية حفيد آكلة كبد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله (ص) مثلوا من جانبهم نهج الظلم والعدوان وسحق الحرمات والكرامة الانسانية، وان ما يفعله الارهابيون اليوم والقتلة والمجرمون بحق محبي وعشاق الحسين السبط عليه السلام من قتل وتفجير وترويع وانتهاك للحرمات، يمثلون نفس ذاك النهج الاموي الذي استمر طوال التاريخ ومنذ مقتل الحسين الشهيد والى اليوم، بل والى يوم يبعثون، لان عاشوراء مثلت نهجين متناقضين لا يجتمعان ابدا، ولذلك ظل نهج الباطل يعتدي على نهج الحق، الاول الذي يمثله كل الظلمة والجبارين والمستبدين والطغاة، والثاني الذي يمثله الثوار والمجاهدون السائرون على نهج الحق والتي تتمثل غايتهم بانتزاع حقوق الناس من الظالمين، مهما كانت هويتهم وزيهم وخلفياتهم.

 والى هذا المعنى اشار الحسين السبط (ع) عندما رفض البيعة للطاغية يزيد بقوله {مثلي لا يبايع مثله} فهو نهج ويزيد الطاغية نهج، نهجان متناقضان لا يجتمعان ابدا مهما امتد الزمن وتغيرت الظروف والمكان.

 والا، ماذا يعني ان يتعرض الانسان البرئ الى العدوان والقتل بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة لمجرد انه يحاول التعبير عن حبه لمعشوقه ولامامه ولمن ضحى بكل شئ من اجل دينه وكرامته، ومن اجل الحق والحرية والعدالة والكرامة الانسانية؟ ماذا يعني ان يقتل المواطن لمجرد انه يسير على قدميه ويقطع المسافات ليصل الى قبر حبيبه لزيارته؟ ماذا يعني ان يتعرض الناس للتفجير بالاحزمة الناسفة فتتطاير اشلاءهم واعضاءهم لمجرد انهم اجتمعوا في مجلس عزاء ينوحون فيه ويبكون على حبيبهم، حبيب رسول الله (ص) الذي آثر السلة (السيف) على ان يعيش ذليلا تحت سلطة الطاغوت الظالم، ابن الطلقاء يزيد بن معاوية، حفيد (حمامة) صاحبة الراية في زمن الجاهلية؟.

 لماذا يجب ان يقتل الانسان في القرن الواحد والعشرين لمجرد انه يحاول التعبير عن رايه في رجل هو رمز في كل شئ؟ اين هي اذن حرية التعبير؟ واين اذن هي حقوق الانسان؟ واين اذن هي حقوق المواطن في العراق والتي كفلها الدستور ونصت عليها كل القوانين والاعراف الدولية؟.

 ان على المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته، وان على الدولة العراقية ان تضع حدا لكل هذا الاستهتار بدم الانسان لمجرد انه يعبر عن رايه بما يعتقد، من افكار ورموز، من دون ان يعتدي على احد او يتجاوز على حقوق احد او يتجاوز حدوده، والا فاننا اليوم امام كارثة حقوقية يسيل بسببها الدم بلا ذنب او اكتراث.

 لقد تعرض محبو اهل البيت عليهم السلام هذا العام الى مجازر دموية في اكثر من بلد احيا فيه المسلمون ذكرى الحسين السبط (ع) الاليمة في عاشوراء، وتلك الفاجعة التي شهدتها كربلاء عام 61 للهجرة، فلقد استشهدت اعداد غفيرة منهم في العراق واليمن والباكستان والهند وغيرها من البلدان العربية والاسلامية، فلماذا تواجه كل هذه الدماء بعدم اكتراث من قبل المجتمع الدولي؟ لماذا لا يصار الى تبني تشريع دولي يجرم القتل على الهوية، والقتل بسبب التعبير عن الراي، لازال مجردا عن العنف والتجاوز على الاخرين؟.

 لماذا يحق لكل انسان في هذا العالم، مهما كان دينه ومذهبه وخلفيته الثقافية، ان يعبر عن رايه بافكاره وآرائه وبما يعتقد ويتبنى من رموز، تاريخية كانت او معاصرة، وبالطريقة التي يراها مناسبة، ولا يحق ذلك لعشاق الحسين السبط عليه السلام ابن بنت رسول الله (ص)؟.

 لماذا يحق لمن له دين ولمن ليس له دين ان يعبر عن حبه لمحبوبه وبالطريقة التي يختارها من دون اكراه او تعدي او تجاوز من احد عليه، ولا يحق ذلك لمن يؤمن بالحسين سيد شباب اهل الجنة وسبط رسول الله وشهيد كربلاء؟ فتراه يتعرض للقتل والتفجير بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، وامام انظار العالم الذي تلفع بالسكوت والصمت الذي يشبه الى حد بعيد صمت اهل القبور؟.

 ماذا يريد الامويون الجدد، التكفيريون والقتلة المجرمون، من محبي وعشاق سيد الشهداء؟ وماذا يتصورون عندما يقتلونهم ويفجرونهم وينثرون اشلاءهم؟ هل يتصورون بانهم سيتركون الحسين الشهيد؟ هل يتصورون بانهم سيتوقفوا عن احياء عاشوراء؟ هل يتصورون بانهم، وبمثل هذه الافعال الشنيعة، انهم يخيفون محبي الحسين عليه السلام؟ هيهات، فكلما قتلتموهم وكلما زادوا من اجرامهم، فانهم يزدادون حبا وعشقا وجنونا بالحسين عليه السلام، فعاشوراء ليست حدثا تاريخيا ولى مع الزمن لتنساه الاجيال؟ انها ليست حدثا عاديا ليندرس اثره بمرور الايام والسنين، ابدا، انها حدث تاريخي حي تتجدد ذكراه مع تجدد الايام والسنين، ولذلك فان من يظن بان القتل والتفجير والتدمير سيمنع الاجيال من احياء عاشوراء واستذكار من استشهد فيه، اعني الحسين السبط عليه السلام، فانهم واهمون، ولقد اثبتت تجارب التاريخ، وهكذا اراد الله تعالى رب الحسين الشهيد، ان ذكرى عاشوراء لا تتجدد الا بالدم الاحمر القاني الذي يراق كل عام من نحور محبي وعشاق الحسين الشهيد عليه السلام على يد ارذل خلق الله تعالى واقصد بهم الامويون الذين يجددون بيعتهم في كل عام مع ذاك النهج الاموي المنحرف كلما ذكر الحسين عليه السلام وكلما ذكرت عاشوراء، وكلما ذكرت كربلاء.

 لقد جرب من كان قبلكم ممن مثل النهج الاموي على مر التاريخ، ان يحد من اندفاع المؤمنين لاحياء عاشوراء وكربلاء وذكرى الحسين السبط عليه السلام، كل الطرق والاساليب والوسائل، فما نفعت، بل لم تزد المؤمنين الا اصرارا على احياء الذكرى وتمثلا بالنهج الحسيني الخالد، وما تجربة الطاغية الذليل صدام حسين مع الشعائر الحسينية ببعيدة عن الذاكرة، فلماذا تعيدون الكرة كل يوم؟ ان القتل لا يزيد المؤمنين الا اصرارا وعزيمة على الاندكاك اكثر فاكثر مع الحسين عليه السلام ونهجه الانساني الخالد.

 لقد نشر النهج الاموي الحاقد على الانسانية وعلى البشرية الرعب والخوف في كل مكان من العالم، من خلال النهج التكفيري الذي ترعاه المؤسسة الدينية المحمية بنظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، واعني به نظام آل سعود الذي يغدق عليه اموال البترودولار بلا حساب ويغطيه بالاعلام الطائفي الحاقد، هذا النهج الذي ظل آل سعود يغذونه بالعناصر المغرر بهم الذين تنتجهم المدارس الدينية التكفيرية المنتشرة في الجزيرة العربية وفي مختلف دول العالم، والتي تغذي المتلقين بالكراهية والحقد والغاء الاخر والتكفير، وبعودة سريعة الى المناهج التعليمية التي تعتمدها هذه المدارس سيتضح لكل ذي عين بصيرة ما اقصده.

 ان هذا النهج الاموي المعاصر، النهج التكفيري، هو الذي نشر الرعب واسال الدماء الطاهرة في العراق ولبنان والباكستان وفي مختلف البلاد العربية والاسلامية، بل وفي العديد من دول العالم، وها هو اليوم ينشر الرعب والدم في سوريا تحت مسميات الديمقراطية والثورة وحقوق الانسان، فاية ديمقراطية تلك التي ياتي بها النهج التكفيري؟ واي حق من حقوق الانسان ذاك الذي يصونه النهج التكفيري؟ ان حديث الارهابيين التكفيريين عن الديمقراطية كحديث الامويين عن الشورى؟ وان حديث الارهابيين عن الاصلاح والتغيير كحديث الامويين عن حقوق الانسان في ظل دولتهم الذي قال عنها احدهم (انما السواد بستان لقريش، ما شئنا اخذنا منه وما شئنا تركناه) او قول الاخر (لناخذن حاجتنا من هذا الفئ وان رغمت انوف اقوام).

 وسيستمر النهجان المتناقضان، الحسيني والاموي، لازال هناك من يتمثل بهما وينشدهما ويحرص على تقمصهما، كل بطريقته، والعاقبة للمتقين {يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين}.

* مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/كانون الأول/2012 - 17/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]