الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الجواهري وقصيدتيه عن " عاشوراء".. و" آمنت بالحسين"

رواء الجصاني

** بعيداً عن الخوض في عوالم النجف الروحية، ولا في الاجواء الدينية والادبية للاسرة الجواهرية، وتاريخها واثارها العلمية، دعونا نجيب على التساؤل الذي يحمله عنوان هذه الكتابة، وما يشى به، وذلك من خلال التوقف عند قصيدتين للشاعر الخالد، راحتا تعنيان بذكرى مأثرة "الطف" واحداثها الاليمة، والعبر المستوحاة من الثورة الحسينية، ومنابعها وجذورها ومبادئها وافاقها..

** والقصيدة الاولى من تينك القصيدتين هي "عاشوراء" المنظومة والمنشورة عام 1935 وكانت بثمانية وستين بيتاً، استعرض فيها الجواهري، ووثق خلالها العديد من الاحداث التاريخية، الثورية والمأساوية في ان واحد، وبالأسماء المقرونة بالأوصاف التي تليق – بحسب رؤاه – بالمضحين من اجل المبادئ، من جهة، وبمعارضيهم، بل ومحاربيهم وقتلتهم، من جهة ثانية...

هيَ النفسُ تأبى أن تُذَلّ وتُقهَرا... ترَى الموتَ من صبرٍ على الضيم أيسَرا

وتختارُ محموداً من الذِكرِ خالداً...على العيش مذمومَ المَغَبّة مُنكَرا…

** وكما هو ديدنه الثابت، شبك الجواهري العام بالخاص، وبحورات مع الذات اساساً، ليستخلص وفي ابيات محدودة، ولربما في بيت واحد متفرد، عبرة العبقري الخابر للحياة:

ونُكّسَ يومَ الطفّ تاريخُ أمة... مشى قبلَها ذا صولةٍ متبختِرا

فما كان سهلاً قبلَها أخذُ موثق على عَرَبيّ أن يقولَ فيغدِرا...

** وسيرا على عادته، ايضا، يوجز الشاعر المنوّر عظات واقعة الطف، وما سبقها وتلاها من بطولات وامجاد خالدة، ثم يروح موجهاً دون وجل او تردد:

أقول لأقوامٍ مَضَوا في مُصابه... يسومونه التحريفَ حتى تغيّرا..

دعُوا رَوعةَ التاريخ تأخذْ مَحَلّها... ولا تُجهِدوا آياتِه أن تُحوّرا

وخلّوا لسانَ الدهر يَنطقْ فإنّه...بليغٌ إذا ما حاولَ النطقَ عَبّرا

** واذ جاءت "عاشوراء" في زمانها، والجواهري آنذاك في عقده الثالث وحسب، مباشِرة في المعاني والتصريح، واقرب للتوثيق التاريخي، هدر الشاعر الخالد بعد مرور اثني عشر عاماً، بعصماء "امنت بالحسين" التي فاضت بالتعبير عن المواقف والمفاهيم الطافحة بالإباء والشموخ، والممجدة للفداء والتضحيات، كما هي الحال في الفرائد الجواهرية العديدة، وان اختلفت في الصور والاستعارة:

فداء لمثواك من مضجعِ... تنوّر بالابلج الأروعِ

ورعياً ليومك يوم "الطفوف"... وسقياً لأرضك من مصرع

تعاليت من مُفزع للحتوف... وبورك قبرك من مَفزع

** وفي مقابل ذلك تماماً، لم يجامل الشاعر الكبير أو يتهاون في هجو الخنوع والانحناء، وأولئك المقيمين على الذل، بل وحتى من يتوسط "كاللبن الخاثر" وغيرهم من اللاجئين "لأدبار الحلول فسميت وسطاً، وسميّ أهلها، وسطاءَ"..

ولربما نجتهد، ونصيب، فنرى في "آمنت بالحسين" مجمعاً للشواهد والأدلة الأبرز على الرؤى الجواهرية المتميزة، وبمقاييس بالغة الرفعة في تبجيل "الواهبين النفس" فداءً للمبادئ التي يؤمنون بها، وتلكم بلا شك التضحية الأضخم للدفاع عن القيم والذود عنها، كما يرى صاحب "آمنت بالحسين...

** وفي مقاطع تالية من العصماء ذاتها يستمر الجواهري في الاتجاه الذي يريد اعلانه عن تضحيات الحسين الثائر و"نهجه النير" الذي بات "عظة الطامحين العظام" لأولئك "اللاهين عن غدهم" والقنوعين دون احتجاج وتمرد أو ثورة... كما يفيض عديد آخر من أبيات القصيدة بعواطف ومشاعر انسانية فائقة التعبير في تقديس الثبات والصمود لرجل يوم "الطفوف" و"الملهم المبدع" الثابت أمام "سنابك خيل الطغاة" دون خوف أو رهبة... وبهدف أن يُطمر "جديب الضمير بآخر معشوشب ممرع...

شممتُ ثراك فهب النسيم... نسيم الكرامة من بَلقعٍ

وطفت بقبرك طوفَ الخيال... بصومعة المُلهم المبدع

تعاليت من صاعق يلتظي... فان تدجُ داجية يلمع

** ثم يروح الجواهري ليتمثل مأثرة الحسين التاريخية، ويمحص الأمر دون أن يرتهب من "الرواة" أو يخدع بما ينقلون، ويمضي هادفاً للحقيقة لا غيرها، وبدون "تزويق" أو مبالغات... وبعد ذلك فقط، يجد الشاعر أن في فداء الحسين دفاعاً عن مبادئه، وقائع لا أعظم منها، وهو "أن يطعم الموت خير البنين، من الاكهلين الى الرضع "... ثم يحل مسك الختام، فتجدد القصيدة تقديس ذلك الصمود والعطاء الذي "نوّر" من ايمان الجواهري، وفلسفته في الإباء والفداء، والتي تجسدت، كما سبق القول، في الكثير من قصائده ومن بينها: "سلام على مثقل بالحديد - 1951 " و"بور سعيد - 1956" و"كردستان - موطن الأبطال- 1962" و"فلسطين الفداء والدم - 1970" فضلاً عن قصائد الوثبة، الشهيرة، عام 1948...

تمثلتُ يومك في خاطري... ورددت "صوتك" في مسمعي

ومحصت أمرك لم "ارتهب"... بنقل "الرواة" ولم أخدع

ولما ازحت طلاء "القرون"... وستر الخداع عن المخدع

وجدتك في صورة لم أُرعْ... بأعظمَ منها ولا أروع

** وللاستزادة، نقول أن قصيدة "امنت بالحسين" المتفردة في المبنى والمعنى، والرؤى، نشرت في جميع طبعات ديوان الجواهري، ومنذ العام 1951، وقد خُط خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيس للرواق الحسيني في كربلاء، كما أُنشدت، وتُنشد، في مختلف المجالس والمناسبات الاحيائية لواقعة "الطف" التي تصادف كما هو معروف في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، كل عام....

www.jawahiri.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/تشرين الثاني/2012 - 12/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]