شبكة النبأ: آن الأوان أن نستفز
ذاكرة التاريخ ونلهبها من وقدة الغضب، كي لا نتحسر في الغد ان لم
نوثق تفاصيل احياء ذكرى عاشوراء قبل فوات الأوان، وعلى لسان من حضر
تلك المناسبة من ذي قبل ليصوروا لنا كيف كانت العائلة الكربلائية
تستقبل ذكرى عاشوراء واهم الممارسات والطقوس الكربلائية في ذاك
الزمان.
الحاج فاضل امين المسعودي اسرد لنا رواية عن ابيه المولود في
كربلاء عام 1888م، وقال" كان المرقد الحسيني له ستة اركان ومحاط
بالبيوت، وعندما قرر القائمين على الحضرة توسيع المرقد وشراء
الاماكن القريبة، عرض المسؤولين عن الحضرة على احد الاشخاص شراء
منزلنه المجاور للمرقد الطاهر، لكنه اشترط عليهم ابلاغه بالاخلاء
المنزل قبل اسبوعين من موعد التسليم، وكان السبب ليرمم منزله من
جديد، وعندما فاتحه مسؤولي الحضرة عن سبب الترميم وهو يعلم مسبقا
بان المنزل سيهدم، قال لهم: "ان اخلاقي لا تسمح لي بأن ابيع بيتا
مشوها للحسين عليهم السلام، وطلب منه ان يقبل مبلغ اضافي على سعر
البيت وهو بقيمة 36 دينار الا انه رفض ان ياخذ الميلغ الاضافي
(قيمة الترميم)"، حيث كانت مساحة البيوت التي اضيف للحضرة انذاك ما
بين الخمسين والسبعين مترا، وتمثل تلك الحادثة في العام 1940 اخلاق
اهل ذلك الزمان لتعطي صورة حية عن أهالي مدينة كربلاء.
وفي ذات الوقت انضم لنا الحاج عصام عطية الغراوي -ابو قيس- وهو
من مواليد 1948 الا انه سكن مدينة كربلاء في العام 1965، الذي استل
بحديثه لنا: " كانت كربلاء صغيرة جدا، وقد كان مقام ابن الحمزة في
سوق العلاوي، الذي يبعد عن مقام الامام العباس عليها السلام مسافة
300 متر تقريبا، عبارة عن بستان، في حين كان موقع دائرة الاوقاف
الحالية تضم مرآب كربلاء الموحد، كما كانت ارضية الصحن الشريف
للامام الحسين (ع) مغطاة (بالفرشي) وموقع (الكيشوانية) هو الاخر
كان داخل الصحن الشريف.
واضاف: "اهم الاشياء التي تمتاز بها كربلاء سابقا في ذكرى
عاشوراء، التوشح بالسواد على واجهات البيوت والمحلات وحتى اعمدة
العمارات، وترفع الرايات السوداء فوق كل البيت ايذانا بشهر الحزن
على مصاب الحسين عليهم السلام، وكانت من اشهر المواكب الرئيسية في
ذلك الوقت ثلاثة مواكب موكب طرف العباسية وموكب باب الخانة وموكب
جواد الشمر يرحمه الله.
وتابع ابو قيس حديثه: "علما بان الشيخ عبد الهادي وشيخ حمزة
الصغير كانوا يقرؤون التعزية في الصحن الحسيني او العباسي، ولا
توجد تكيات كما هو الان، اما بالنسبة للنساء فهي تحيي ليلة
القاسم حيث تقوم بإشعال الشموع وتوضع الحناء، وان الالتزام بذكرى
عاشوراء يشمل حتى الأطفال، حيث تجدهم موشحين بالسواد وتوضع على
رؤوسهم وجباههم قطع من القماش الاسود ويخرجون مع المواكب.
محطتنا التالية كانت مع الشاعر الحسيني رضا حسن النجار
الكربلائي وهو احد شعراء موكب طرف العباسية منذ عام 1963 والذي
استطرد بقوله: "تاسس موكب عزاء طرف العباسية في العام 1888، وكانت
تقام مجالس العزاء في الجوامع والحسينيات والشوارع والازقة، الى
ان جاء العام 1919 حين بنيت اول (تكية) لعزاء العباسية في شارع
العباس مقابل مقهي الزوراء، وقد استمر الحال على ما عليه الى عام
1928، عندما قررت الدولة الملكية في ذلك العهد ان تعطي اجازة لنزول
المواكب الحسينية لتعزية الحسين واخية العباس عليهما السلام على
شكل مواكب وللعلم ان الفترة ما بين 1919 والعام 1928 كان التعزية
تشتمل على ليليتين فقط وهي ليلة التاسع من محرم وليلة العاشر من
محرم وكانوا يلبسون السواد ويحملون في ايديهم الشمعدان وتضاء
بالشموع ومنهم من يحمل البخور ليعزون الحسين واخية العباس (ع)،
وبعدها يعود الكل الى مكانه، واضاف الشاعر الحسيني بقوله: " ان اهم
المواكب في ذلك الزمان هي سبعة مواكب وهي موكب المخيم موكب باب
الطاق وموكب باب السلامة وموكب باب بغداد وموكب باب النجف وموكب
باب الخان وموكب عزاء البلوش".
وعلى الصعيد نفسه قال الكربلائي: " ان محلة طرف العباسية تاسست
بعد ان جاء مدحت باشا في العام 1869، وفتح الجانب الجنوبي من السور
واسس هذه المحلة على شكل اوربي فلذلك اكثر اهالي كربلاء كانوا
يسكنون داخل السور ومن ثمة توسعوا على طرف العباسية"، وقد كانت
كربلاء في السابق محاطة بسور، لأنها كانت مهددة من لدن الوهابية،
والتاريخ شاهد على استباحتها مرات عدة وقد نهبوا كنوز وهدايا
الملوك والمصوغات الذهبية.
من جانب آخر قال الشاعر: "ومن الاشياء الماثورة هي حمل المشعل
وهو يرمز الى سفينة النجاة كون الرسول وصف الحسين عليه السلام،
بانه مصباح الهدى وسفينة النجاة وعلى راس كل مشعل يوجد 14 كرز من
المشاعل وهي ترمز الى الاربعة عشر معصوم وفوق هذا كله هناك قبة
ترمز الى قبر الحسين عليه السلام، اضافة الى ذلك كنا نحمل قبة ترمز
الى قبة العريس القاسم ابن الحسين عليه السلام وكانا تحملها ليلة
السبعة على الثمانية تيمنا بالقاسم".
ويكمل حديثه: "اما بالنسبة للرايات فهي ثلاثة الراية الحمراء
وهي تعني الدم والراية الاخرى تحمل اللون السود وهي ترمز للحزن
والراية البيضاء ترمز الى سلمية حركة الحسين عليه السلام".
وأخيرا: " تستعد العوائل الكربلائية قبل حلول شهر الحزن وتحضر
الملابس السوداء وتبتعد عن التزيين تيمينا بهذه المناسبة العظيمة،
ومواساة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، و يستمر موسم الحداد من
بداية محرم الى وفاة الرسول في 28 صفر الى جانب ذلك تستمر
المناسبات الدينية والتعزيات في البيوت والشوارع والحسينيات،
وطالما تعرضنا الى ظروف حرجة ومضايقات من قبل السلطات، وكان
الكثيرة التعازيات تقام في البساتين ابان النظام السابق، حيث كانا
نردد شعارات مناهضة للسلطة، علما بأن شعيرة التطبير كانت موجود
قديما منذ اربعينيات القرن الماضي الى العام 1974، وحتى التعزيات
استمرت الى ان منعت في العام 1979، ومن بين الاشعار التي نظمتها
شخصيا.
سيدي ما دام بينه نفس نمشي عله الاثر
نسبح بتيار حبك نظل رغم عله الحظر
ندري مقسوم المكدر ندري خوان الدهر
الدين لولاك اندثر ولا جان اسمه الله انذكر
أي وحك شفعا ولوتر بيك هل الدين استقر. |