شبكة النبأ: ثورة الإمام
الحسين(ع) ثورة فريدة ومتجددة في أهدافها ومعطياتها لكونها ثورة
ترتبط بتعاليم السماء فهي امتداد لدعوى الحق والرسالة المحمدية
السمحاء التي جاء بها خير خلق الله من اجل تحرير وإنقاذ البشرية من
ظلمات الرق والاستعباد والرذيلة التي كانت متفشية في تلك الفترة،
ثورة عاشوراء الحسين(ع) لم تكن ثورة حرب بل كانت ثورة سلام وإصلاح
أريد من خلالها إعادة بناء الأمة وتغير واقعها الذي انحرف بسبب
تسلط الحكام و ابتعادهم عن سبل الرشاد والهداية.
وخير دليل على صحة هذا الادعاء قولة (علية السلام) في أحدى
خطاباته المشهورة حين قال" وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا
مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمة جدّي (ص) أريد
أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن
أبي طالب (عليه السلام) فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن
ردَّ عليَّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير
الحاكمين".
تلك هي أسس وأهداف ثورة الإمام الحسين(ع) التي زلزلت عروش
الطغاة وأذلت جبابرة الدنيا وملوكها عبر كل العصور، إذا فهي ثورة
ضد الانحراف والفساد والطغيان الذي ارد ان ينهي رسالة الإسلام بعد
رحيل الرسول العظيم محمد(ص)، لذا علينا اليوم ان ندرك ان عاشوراء
هي مناسبة مهمة للتغير والإصلاح والنهوض بواقعنا الحالي خصوصا مع
وجود هذا الكم الهائل من التحديات والمشاكل التي أسهمت بابتعاد
الكثير منا عن تلك الأهداف الحسينية ، وهكذا ومع حلول هذه المناسبة
العظيمة لابد لنا من وقفة قصيرة لطرح بعض الأفكار التي قد تساعد في
نشر وتفعيل أهداف الثورة الحسينية خصوصا ونحن نعيش اليوم حرباً
فكرية وثقافية قد تكون أضرارها أكثر خطورة من الحروب التقليدية،
لأنها حربٌ تهدف الى تدمير العقل، فلا بد لنا من حرب مضادة تستلزم
تضافر جميع الجهود وخصوصا من لدن المسؤولين وأصحاب القرار في بلد
الثورة الحسينية ومن هذه الأفكار:
1- الدعوى الى إصلاح وتغير الواقع الحالي سواء كان (سياسيا او
اجتماعيا) من خلال ترك المجاملات وتفعيل دور القانون ليكون في خدمة
المستضعفين وإعادة حقوقهم التي أصبحت مشروعا مباحا لأصحاب النفوس
الضعيفة من المفسدين والمتسلطين من أصحاب النفوذ والامتيازات.
2- العمل على تفعيل دور القائد السياسي من خلال الاقتداء بسيد
الشهداء ذلك القائد الميداني الذي شارك الفقراء فقرهم وتابع
احتياجاتهم بشكل مباشر، لذا فلابد ان يكون قدوة تحث جميع السادة
المسؤولين الذين تطوعوا ان يكونوا أمناء على مصالح الشعب للنزول
الى ميدان العمل المباشر ومشاركة الشعب كل الهموم والمصاعب،
وليعلموا ان لهم وقفه بين يدي حاكم عادل ليسألوا عن ما قدموا كما
اخبر بقولة تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون).
3- العمل على تعزيز وترسيخ قيم الإسلام الحقيقية من خلال تفعيل
المدرسة الدينية(الحسينية) وتعريف الطلبة في كافة مراحل الدراسة،
بمضمون وأهداف ثورة الحسين(ع) من خلال ألقاء محاضرات دورية مستمرة
تكون درس أسبوعي او نصف شهري من قبل أساتذة متخصصين مع أجراء
اختبارات دورية لهذه المحاضرات التي نتمنى ان تكون منهاج تربوي
ثابت كباقي مناهج وزارة التربية.
4- العمل على إشاعة روح التسامح ونبذ الخلافات والتعصب المذهبي
لدى بعض الشباب من خلال إقامة تجمع حسيني وحدوي لجميع ممثليات
المراجع العظام ويكون تحت شعار(مهما اختلفنا فالحسين يوحدنا) الهدف
منه تضيع الفرصة على الافكار المتطرفة المضادة للفكر الحسيني
الانساني.
5- السعي التكوين مؤسسات حسينية خدمية في كافة المناطق والأحياء
تكون مدعومة من لدن الدولة ومكاتب المرجعيات وباقي منظمات المجتمع
المدني والهيئات الحسينية يكون هدفها استنهاض روح الثورة الحسينية
لدى الشباب من خلال إشراكهم بأعمال الخير والمساهمة في جمع
التبرعات للعوائل الفقيرة والمتعففة باعتباره أحدى أهم الأعمال
التي كان يقوم بها الإمام الحسين وأهل بيته (ع) وهي خطوة ستسهم
أيضا بتفعيل أواصر الإخوة والتسامح بين أبناء المجتمع متكامل هذا
بالإضافة إشراكهم في حملات تطوعية أخرى كعمليات التنظيف ومراقبة
المال العام والحفاظ علية ورفع شعار(نعمل لأجل الحسين(ع)) وهي خطوة
لتفعيل حب الوطن في نفوس الجميع.
6- أنشاء مجمعات سكنية متكاملة من خلال توحيد جهود كل المؤسسات
سواء كانت حكومية او مدنية او حوزويه، بهدفه رعاية الأيتام
والأرامل وتوفير كل مستلزماتهم ومتطلباتهم وعلى مدار العام.
7- العمل على إنشاء مؤسسة للثقافة والإعلام متكاملة تأخذ على
عاتقها نشر الثقافة الحسينية من خلال إبراز حكم وأقوال سيد الشهداء
ونشرها في كافة الدوائر والمؤسسات و الساحات والشوارع لتكون أمام
أعين الجميع والسعي الى إصدار صحيفة أسبوعية خاصة تهتم بالفكر
الحسيني فقط، هذا بالإضافة الى تبنيها إجراء بعض المسابقات
الثقافية الشهرية التي تحمل أسماء أئمة وشهداء ثورة عاشوراء يتم
بعدها تقديم بعض الجوائز للفائزين.
8- تفعيل دور المرأة الزينبية فيما يخص نشر الفكر الحسيني من
خلال تأسيس ملتقى ثقافي نسوي يعمل على ترسيخ مبادئ التربية
الحسينية في مجتمعنا من خلال تثقيف المرأة والأم باعتبارها مدرسة
نموذجية لخلق جيل متكامل ومثقف.
وفي الختام علينا أن ندرك ان تكرار نداء سيد الشهداء (ع) يوم
عاشوراء حينما قال (هل من ناصر ينصرنا) لم يكن نداء مقتصراً على
أجواء المعركة ، فقد كرر ذلك النداء ليكون رسالة مقصودة لتنبيه
الأجيال القادمة ونحن منهم بان يكونوا أنصار وأتباعا ومطبقين لكل
أهداف تلك الثورة الخالدة لذا فعلينا ان نكون مع حبيب وعابس والحر
ابن يزيد الرياحي ونلبي هذا النداء المتجدد لأجل الإصلاح والتحرر
من مفاسد النفس وأهوائها. |