الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

إعلاء كلمة الله عنوان الثورة الحسينية

احمد الجنديل/ مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام

 

شبكة النبأ: من البديهي أن تكون ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) مدرسة لكل الثائرين بوجه الظلم والكفر والفساد، والمقاومين لكل مشاريع الذل والخنوع والاستسلام، كونها ثورة شاملة رسمت منذ انطلاق شرارتها المباركة منهجاً واضحاً لحياة حرّ ة كريمة قائمة على التحرر والعدل والإيمان.

ومن البديهي أن يكون الإمام الحسين (عليه السلام) معلماً لكل الثوار الذين يتطلعون إلى عالم لا يعرف الانحلال والرذيلة والتبعية، وينشدون مستقبلاً أركانه الإسلام والسلام والعدل، كون الإمام الحسين (عليه السلام) تمتع بكل صفات القيادة مقرونة بروح الإيمان والتضحية والإيثار والشجاعة، التي جعلته أن يرتقي إلى ذروة المجد وعلى مرّ العصور والأجيال.

لقد وقف الإمام الحسين (عليه السلام) عند مفترق طريقين قبل أن يعلن ثورته المباركة، وقبل أن تخرج السيوف من أغمادها، الطريق الأول: يتمثل في معرفة ومعاصرة كل ما حدث من نكث للعهود، إلى إشاعة الموبقات، إلى الانهيار والاستهتار في اقتصاد الأمة وثرواتها، (حتى وصل الأمر بمعاوية أن يعلن بأن بيت المال هو لله، وما دام هكذا فعليه أن يتلاعب به كيفما يشاء)، إلى انتشار المظالم الاجتماعية وإذلال المسلمين والاستهانة بكراماتهم، إلى إعلان الكفر الذي وصل درجة المجاهرة، عندما أعلن يزيد من على عرشه المزيف:

لعبت هاشم بالملك فلا... خبر جاء ولا وحي نزل

هذا الطريق المتخم بالآثام والانحرافات، كانت تفاصيله أمام رؤية الإمام الحسين (عليه السلام)، وهو يرى أنّ مركز جدّه صار إلى سكير متغطرس متهتك، وبأداء يسير وفق تخطيط جاهلي، وينبثق من عقيدة جاهلية قائمة على إشاعة البدع والتحريف والتشويه.

وأمام هذا الطريق، كان طريق آخر يتمثل في قول رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): (من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا فعل، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)، (تاريخ الطبري، ج 4، ص 304).

والإمام الحسين (عليه السلام) وهو المعصوم الخارج من بين النبوة والإمامة، يفهم قوله تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) (سورة التوبة / الآية 112)، وهناك عشرات الآيات التي تدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو (عليه السلام) شاهد على ما روي عن جدّه، انه قال: (ان الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل: وما المؤمن الذي لا دين له ؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر) (ميزان الحكمة ج 5، ص1941).

والإمام الحسين (عليه السلام) سمع قول أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما أعمال البر كلها، والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا كنفثة في بحر لجي) (ميزان الحكمة، ج 5 ص 1940) إلى غيرها من عشرات الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأمام طريق الظلام التي وصلت إليه الأمة في عهد يزيد، وعدم وفاء معاوية بشروط معاهدة الصلح التي أبرمت بينه وبين الإمام الحسن (عليه السلام)، ووصول صيحات الاستغاثة التي أطلقها الآلاف من المسلمين، وهي تعلن البيعة له، وإيمان الحسين (عليه السلام) بأحقيته بالخلافة، ووفق ما جاء على لسان الرسول الكريم (صلوات الله عليه): (الحسن والحسين إمامان إن قاما وان قعدا)، وان بيعة يزيد ما هي إلا بدعة أسسّ لها معاوية بالإغراء والترهيب، ودفع لها من أموال المسلمين الكثير، واشترى لأجلها كل ما هو فاسد.

أمام كلّ ما تقدم، ومع شيوع كل مظاهر الانحراف، وإغلاق كل نوافذ الإصلاح، كان طريق الشهادة واضحا أمام الحسين (عليه السلام)، وعند ما ناداه الله لم يكن أمام سيد الشهداء إلا تلبية نداء الله.

كانت الخطوة الأولى على طريق الشهادة، ومن باب الأمر والمعروف والنهي عن الباطل، صيحته المباركة: (ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وجحور طابت وطهرت، ونفوس أبية، وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).(أعيان الشيعة: ج 1، ص 603). بعدها انطلقت الثورة راسمة أهدافها بوضوح، بقوله (عليه السلام): (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين). (إحقاق الحق، ج 11، ص 602).

لقد كان الإمام الحسين، واضحاً، صريحاً، قوياً في حجته، كاشفاً مواطن الخلل والزيغ، محذراً من عاقبة الظلم، لا يطلب فيما أقدم عليه غير مرضاة خالقه سبحانه وتعالى، لقد رفض بيعة يزيد، موضحاً أسباب الرفض، إلى الوليد ابن عتبة، حين كان والياً ليزيد: (انّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد فاسق فاجر، شارب للخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله) (بحار الأنوار، ج 44، ص 325).

هكذا كان الرد مزلزلاً، واضحاً، شجاعاً، لا لبس فيه ولا غموض، فمن ولد في (بيت كان محط الملائكة، ومهبط التنزيل، في بقعة طاهرة تتصل بالسماء طوال يومها بلا انقطاع) لابدّ وأن يلبي نداء السماء، وأن يغادر دنياه، مخلفاً وراءه ثورة، بقيت على مرّ العصور تلهم الثوار دروساً في التضحية والإباء، وتلقنهم أنبل وأشجع المواقف في السعي من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الكافرين والمنافقين هي السفلى.

لقد خطّ سيد الشهداء بدمه الطاهر الشريف، طريقاً سيبقى إلى يوم الدين، يفوح بشذى الشهادة والجهاد والعطاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/تشرين الثاني/2012 - 4/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]