لم يدرك الامويون الاثار التي ترتبت على جريمتهم بقتل ابن بنت
رسول الله عليهما السلام ولو كانوا يعلمون لما اقترفوا هذا الجرم
ولكنهم اقترفوا الجرم وتحمل تبعيته اتباعهم بالامس واليوم،
والمشكلة التي تؤرقهم ان المسير صوب ضريح الحسين عليه السلام ليست
مجرد كراديس تسير وتقول يا حسين وهذا يبذخ الطعام والاخر ينعم بهذه
العطايا، مسالة تزايد العدد هذا امر حتمي لا يقدر على احتوائه مهما
تكالب اعداء الحسين من اقزام وحكام بل اننا اعتدنا ان موسم
التفجيرات هو عاشوراء وصفر، ولكن الذي اصبح خارج التوقع هي المشاعر
التي تسير صوب كربلاء مع السائرين في زيارة الاربعين والتعاطف
الجياش اتجاه هذه الجموع المليونية، والكارثة والتي هي من وجهة نظر
الحكام الطغاة انها كارثة ان ابناء بلدهم بدأوا يعدون العدة للسفر
الى كربلاء لإحياء ما يتعلق بسيد الشهداء وخصوصا اخواننا الابطال
من دول الخليج، اما الاجانب فحدث ولا حرج.
ظاهرة جديدة رائعة استجدت مع الشعائر الحسين قام بها الاخوة
اتباع اهل البيت في بلاد المهجر فقد اقدم الاخوة في الولايات
المتحدة الامريكية واستراليا ودول اخرى بالاعلان عن مسيرة على
الاقدام يوم الاربعين مشاركة منهم بهذه المناسبة العظيمة والاتجاه
الى الجوامع او الحسينيات التي يتجمعون بها هذا ناهيك عن بقية طقوس
الشعائر الحسينية التي يحيوها بكل فخر وولاء حسيني.
في كربلاء مع كل زيارة اربعينية نجد ظواهر مستجدة وصور مشرقة
يجسدها الحسينيون القادمون من شتى اصقاع الارض من داخل العراق
وخارجه، ولو ان الامور الامنية والمؤامرات الارهابية والاحقاد
الوهابية لم تكن بشكلها الحالي فانا اجزم ان بعض المدن وحتى الدول
تلزم بان تمنح عطلة رسمية لمدة ثلاثة ايام او اكثر بسبب زيارة
الاربعين.
ماذا فعل الحسين عليه السلام حتى يزداد عشاقه؟ ليست المسالة
مجرد حرب سفكت بها دماء ابطال الطف، لان هذه المسالة تعتبر مسالة
عسكرية عابرة وكثيرا ما حدثت على مر التاريخ مثلها ولكن واقعة الطف
بهذه الصورة اصبحت منهل ثقافي فكري سياسي اخلاقي تاريخي ينهل منه
كل حسب اختصاصه هذا ما لا يمكن احتوائه بدراسة او ببحوث موسعة.
كل المهرجانات يعد لها العدة ويرصد لها الاموال وتخصص لها
اللجان والخبراء والمؤسسات بل حتى تشرف عليها حكومات دول لاقامتها
الا مهرجان الحسين عليه السلام فان المنظم والمشارك والباذل
والمشرف هو شخص واحد اسمه " حسيني ".
يرى هذا السائر نحو الحسين انه ملزم بالمسير مهما كانت العوارض
ولابد له من ان يصل الى كربلاء وكانه عهد الزم به نفسه وهذا يجعل
مسيره فيه رائحة حسينية ولابد له من بلوغ الهدف، ونحن نامل ان يكون
هذا الالتزام له اثر على واقعنا الذي نعيشه بان نلزم انفسنا بكل
الواجبات التي يحث عليها الاسلام والتي بسببها استشهد الحسين عليه
السلام فالمصداق لصدق مسيرنا في زيارة الاربعين هي الالتزام بكل ما
يقربنا من الله عز وجل وليكن الوفاء لدماء الحسين الرقي باخلاقنا
والسمو بايماننا والنجاة بارواحنا من مهالك الدنيا. |