الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الثورة الحسينية منهاجا للوحدة

رسول الحجامي

حينما نقول إن ثورة الحسين منهاج للوحدة فإننا قطعا لا نقصد بها أي من نظريات الوحدة التي تنتجها النخب ثم تحاول أن تسوقها في المجتمع سواء بشفاه السياسة أو عصى السلطة.

وبالطبع لا نقصد بالوحدة تلك العصارة من التمييز العنصري للعرق أو القومية أو الطائفة.

وهذه هي عظمة الوحدة ببريقها الإنساني فهي تعبر عن الإنسان ضد لا إنسانيته، ضد الظلم والجور وسفك الدماء والإفساد وضد كل توحش يجرح الإنسان أو يعطل إنسانيته، لذا كان القريشي مع الحسين وكان القحطاني والعدناني وكان العربي والأعجمي كان المسلم وغيره مع الحسين. هم ثلة من أنصاره الذين استطاعوا اختراق صفوف العدو والوصول اليه محاصرا في قلب الصحراء.

لذا كانت الخطة العسكرية للسلطة الأموية أن يعزل الحسين بعيدا عن أنصاره، ومن هم أنصاره؟ أي إنسان.. بدليل إن مقدمة الجيش الأموي منعت الحسين(ع) حتى من الاقتراب الى أي قرية.. لماذا؟ السبب بسيط: وهو إن الحسين كان يعبر عن جميع أفراد الأمة بل عن كل إنسان بغض النظر عن دينه وقوميته وعرقه وموقفه السياسي..

فقط أولئك الظلمة الغارقين في سفك الدماء وسلب حقوق الناس كانوا يقاتلون الحسين(ع) بعدوانية ونقصد بالعدوانية هو وجود دوافع عدوانية تجاه الحسين بالطبع كانت هناك ألوف كثيرة ممن خرجوا مع الجيش الأموي سواء بالترغيب أو الترهيب، خوفا أو طمعا قد تغلبت عليهم الدوافع الدنيئة لمواجهة ومقاتلة الحسين لكن حتى أكثر النصوص تاريخية تعاطفا لقصة استشهاد الحسين(ع) لم تذكر إلا عدد قليل جدا جدا مما كانت لديهم دوافع عدوانية وكانوا يستمتعون بالاعتداء على آل بيت النبي ويناصبونهم العداء وإلا فان قيادة ذلك الجيش والالتحام في القتال وانسحاب الحر ابن يزيد الرياحي وتردد الجيش في الإجهاز على سيد الشهداء كلها كانت تمر بمراجعات وترددات كثيرة لعبت فيها زيادة دوافع المادية دورا كبيرا لارتكاب المجزرة.

نعم كان عمر بن سعد وشبث ابن ربعي وحجار بن ابجر قتلة مأجورين ومرتزقة من اجل الدنيا لكنهم لم يكونوا من الذين يبيتون لقتل الحسين(ع) ومواجهته وان كان هذا لا يعفيهم من مسؤولية الجريمة التي ارتكبوها ولا يغير من هويتهم من إنهم سفاحين مأجورين.

لكنه يبين لنا كيف كان الحسين(ع) صوتا لكل إنسان على تلك الأرض بل كانت ثورته الشرارة التي أطلقت صوت الأمة فأعلنت عن نفسها بثورات ومواقف كانت تجعل من ثورة الحسين منارا تهتدي وتقتدي به.

ومن يقرا التاريخ الإسلامي يجد إن ثورة الحسين قد أطاحت بدولة آل أبي سفيان ثم آل مروان ثم أنهت الدولة الأموية بالثورة للرضا لآل محمد أو ما تعرف بالثورة العباسية ثم استمرت الأمة في حراكها المتنوع والمتعدد ضد كل سلطة ظالمة.

إن ما يجعل ثورة الحسين(ع) منهاجا للوحدة هو إنها ثورة من اجل الإنسان لذا ما أن بدا شرق العالم وغربه يكتشفها حتى بدا يجلها ويقتبس منها ويجعلها رمزا للفداء المقدس من اجل الإنسانية ولشهرة ما قيل لا أجد حاجة الى تسطير ما قاله عظماء الإنسانية ومفكريها بحق ثورة الحسين ممن لا ينتمون الى دينه أو قوميته لكنهم وجدوا في الحسين وثورته خلاصة وعصارة لكل ما هو إنساني ومن هنا يبدأ البعد العالمي لثورة الحسين.

ولعل قائل يقول إن الحسين(ع) ثار من اجل دينه الإسلامي، والدين بالرغم من كل فضاءاته الواسعة يبقى عنوانا ضيقا ينطبق على هذا الإنسان ولا يحمله الإنسان الآخر وبذلك فانه يمكن أن يكون بعدا للتمييز العنصري.

لعل مثل هذه التساؤلات تصدر بسبب الرؤية الجزئية للحسين ولثورته وكذلك تصدر عن الفهم المشوش لحقيقة الدين الإسلامي باعتباره دين الإنسانية جمعاء لا بما يميزه عن الأديان الأخرى بل لان رسالته هي رسالة إنسانية، والحسين يمثل الأنموذج الناطق للرسالة الإسلامية وهو يجسد مواقف الإسلام الحق في الحياة، فالفهم الإسلامي الصحيح للقران هو سلوك الإمام المعصوم فإننا لهذا نعد سلوك الإمام المعصوم وموقفه حجة يجب الاقتداء بها.

فالحسين(ع) كان يمثل ويجسد الموقف الحقيقي للقران الكريم والسنة النبوية الشريفة لذا استمات الأمويون في تحريف تأويل القران ووضع الأحاديث المكذوبة عن الرسول لإيجاد نوع من التناقض بين سلوك الإمام وهو التطبيق الصحيح للقران والسنة النبوية وبين تأويلات مفسري السلطة ووضاعي الحديث المأجورين كما في هذا الحديث الذي وضعه الأمويين وهو واحد من عشرات الأحاديث المزيفة والتي ما يزل – للأسف – قسم كبير من المسلمين يتداولها ويعملون بها ويربون عليها أبنائهم كما روي مسلم في صحيحه عن حذيفة قال :

(قال رسول الله يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم منهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس.

قال : قلت : كيف اصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟

قال : تسمع وتطيع للأمير، وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع وأطع)

(مختصر صحيح البخاري 3 / 1319، صحيح مسلم 3 / 1476).

لقد ضللوا الأمة بأحاديث الاستعباد والعبودية وكانوا وما يزالون يحاربون ذكر الحسين ع ومواقفه وثورته، الى أن استفاقت الأمة على دماء الحسين ع وثورات أنصاره في التاريخ المعاصر لتعلن سقوط أحاديث الزيف الأموية بربيع من الثورات هزت عروش الطغاة وملوك الجريمة.

أما المحور الآخر في الإجابة على هذا التساؤل فهو إن ثورة الحسين(ع) كانت على من يدعون الإسلام ويخدعون الأمة بأنهم يطبقون أحكام القرآن لكنها ثورة أوسع من عنوان الدين كمفهوم للتمايز (ضد دين أو معتقد ما) بل من اجل تجسيد الإسلام الصحيح (الإنساني).

الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين، الإسلام الذي لا يفرق بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى (مقدار اكتسابنا للقيم الإنسانية)، الإسلام الذي سعى لا لتسطير قوانين عادلة فقط بل هدف لبناء إنسان عادل، ومجتمع عادل، الإسلام الذي ساوى بين الناس كأسنان المشط، الإسلام الذي خلص البشرية من كل سموم التمييز العنصري، وأعاد ارتباط المسلم بأخيه الإنسان (أما أخ له في الدين أو نظير له في الإنسانية).

أما كل ما نجده اليوم من فايروسات التمييز العنصري في العالم الإسلامي سواء كانت قومية أو عرقية أو طائفية أو مذهبية أو قبلية فإنها ثمار انحرافات السلطات الظالمة المتوحشة التي تسلطت فوق رقاب المسلمين، أموية، وعباسية، وعثمانية، ومن سار في ركابهم من أنظمتنا المعاصرة.

وغنيا عن القول إن القوى الاستعمارية و الاستكبارية لو لم تجد في هذه الأنظمة الدكتاتورية المعاصرة ما يخدم مصالحها وما يتطابق مع مخططاتها لما ظلت تدافع عنها حتى هذه اللحظة وتمدها بكل أسباب القوة لكي توقع خراب أكثر وسفك دماء أعظم للمستضعفين أبناء هذه الأرض بغض النظر عن الهوية والمعتقد.

ثورة الحسين ضد سلطة الإفساد وسفك الدماء والتوحش التي تخوفت منها الملائكة في قصة الخلق حينما قالت(أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء) لكن عين الله كانت على الحسين(ع) حينما طمئن الملائكة قائلا (إني اعلم ما لا تعلمون).

نعم بالحسين(ع) ومن يسير في ركبه سوف يسقط الظلم والجور والانحراف وسفك الدماء والخراب والفساد، بالطبع ليس الحسين(ع) أول إمام أو مصلح أو قديس ثائر لكنه من وهب كل حياته وأهل بيته وأنصاره لمواجهة التوحش في ملحمة لن تتكرر، ومن يومها أصبح الدم ينتصر على السيف.

فكانت هناك عاشوراء في النجف وبغداد وطهران وجنوب لبنان وتونس والقاهرة وطرابلس والقطيف والمنامة، كانت هناك عاشوراء في كل ارض وفي كل زمان، وفي كل ارض تجثم فوقها سلطة للظلم واللاانسانية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/كانون الأول/2011 - 16/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

[email protected]