الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عبرٌ دروسٌ من الملحمة الحسينية الخالدة

قبسات من أفكار المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: غادرت جموع الزائرين المليونية، مدينة كربلاء المقدسة، بعد أن أحيت ذكرى أربعينية أبي الاحرار، الامام الحسين عليه السلام، وأعطت هذه الجموع للعالم أجمع، درسا مهما في حب الامام، ونصرته والسير على هدى مبادئه، وأهدافه، التي دعت بالقول والفعل الى مقارعة الظلم والطغيان، والعمل على حفظ كرامة الانسان، بكل السبل والوسائل المتاحة، ومما يثير الفرح في القلوب حقا، أن وسائل الاعلام نقلت وقائع هذه الزيارة العظيمة، الى ملايين بل الى مليارات البشر، الذين تابعوا بصورة مباشرة، تأدية طقوس الزيارة، حيث اكتظت مدينة كربلاء المقدسة، بسيول متدفقة من الزائرين السائرين على أقدامهم، ليل نهار، على مدى أيام وأسابيع متتابعة، لكي يصلوا الى المرقد الشريف، ويعلنوا سيرهم على هدي المبادئ الحسينية الخالدة.

وهكذا فإن هذه الزيارة المليونية التي بلغ أعداد الزائرين فيها، حسب الاحصاءات الرسمية الموثوقة (15) مليون زائر، تثبت بأن وهج الفكر الحسيني، في تزايد وسمو متواصل، وأن وقفة سيد الشهداء عليه السلام، وذويه، وصحبه الطاهرين، وهم قلة في العدة والعدد، لم تذهب سدى، إذ يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في كتابه الموسوم بـ (إضاءات):

(لقد أسفرت هذه المواجهة غير المتكافئة ـ من ناحية العدة والعدد ـ عن إنتصار الحق وإندحار الباطل. وآثار هذا الإنتصار واضحة في كل زمان ومكان وخاصة في شهري محرم وصفر، وبالأخص في يوم عاشوراء).

وهكذا تشعّ مبادئ الملحمة الحسينية، بافكارها المضيئة على المسلمين، والعالم الاجمع، فتستقطب الأخيار، من أبعد الاماكن في عموم المعمورة، ليعلنوا انتماءهم الى هذا الفكر الانساني العظيم، ولينتموا بقلوبهم، قبل أقوالهم الى خط الحسين عليه السلام، الذي لم يكن في يوم ما، حكرا على احد دون غيره، فالحسين عليه السلام بإنسانية أهدافه ومبادئه المعلنة والمعروفة للجميع، يستقطب تأييد الجميع ومحبتهم، ولهذا وقفت معه الملايين، ولاتزال في تزايد مستمر، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بكتابه نفسه:

(هذا هو إسم الإمام الحسين سلام الله عليه يطبق أطراف الدنيا، وهذا هو عَلَمه الخفاق يرفرف في كل بقعة، وهذا هو خطه ـ الذي هو خط رسول الله وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام ـ يزداد في كل يوم إنتشاراً وتألقاً، وهذه هي المجالس تعقد باسمه من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وهؤلاء هم الالوف والالوف من الخطباء، والشعراء، والكتاب يرددون إسمه الشريف، وهذه هي الملايين تهتدي إلى سبيل الحق ببركته).

وهذا ما يؤكد، أن الله تعالى قد أوفى بوعده لأوليائه الصالحين، فجعل من الامام الحسين عليه السلام، فكرا خالدا، وجعل له حضورا أبديا، ما بقي الدهر، حيث يذكر سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد قائلا:

(وبذلك تحقق وعد الله تعالى للإمام الحسين -سلام الله عليه- بالإنتصار، وقد نقلت الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلّى الله عيله وآله فيما ذكرته عقيلة الهاشميين زينب الكبرى سلام الله عليها للإمام السجاد سلام الله عليه: وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والإيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد  أثره إلا ظهوراً، وأمره إلاّ علوّاً).

ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي على الجميع، بأهمية الاهتداء بالفكر الحسيني الخالد، ويحثنا سماحته، على وجوب التحلي بالمبادئ الحسينية العظيمة، التي قدم الامام -عليه السلام- نفسه وذويه، من اجل تثبيتها في نفوس الناس، وأخلاقياتهم، فهناك قيم انسانية عليا، ينبغي على المسلم أن يتمسك بها، وهي القيم التي أراد الامام الحسين عليه السلام غرسها في نفوسنا، لكي نطبقها في أقوالنا وأعمالنا معا، ولكي تكون هذه المبادئ، أكثر يسرا لعموم الناس، وتصبح نموذجا يسعى إليه الجميع، لتحقيق الاصلاح الذاتي الفردي والجمعي معا، ويطرح سماحة المرجع الشيرازي بهذا الشأن، ثلاثة أهداف، يمكن للمسلمين وللناس جميعا، أن يهتدوا بها، فيقول سماحته بكتابه نفسه حول الهدف الاول:

(أن نتعلم من الإمام الحسين -سلام الله عليه- دروس الإعتماد على الله تعالى، والعزة، والتضحية، والأخلاق، وكل فضيلة).

أما الإعتماد على الله سبحانه، فقد روي أن الإمام الحسين -سلام الله عليه- يوم عاشوراء، رفع يديه إلى السماء وقال: «اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة». وأما العزة فقد روي أنه سلام الله عليه قال: «من أقر بالذل طائعاً فليس منّا أهل البيت». وأما التضحية، فقد ضحى سلام الله عليه في سبيل الله تعالى، بنفسه الكريمة، وباسرته الميامين، حتى الطفل الرضيع، كما وضحى بأصحابه الأخيار. وقد ورد في التوقيع الرفيع في زيارته سلام الله عليه: «السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع والمرمي الصريع، المتشحط دماً... المذبوح في حجر أبيه». وأما الأخلاق فيكفي موقفه تجاه الحر وأصحابه، حيث إعترضوه في كتيبة مدججة بالسلاح مؤلفة من ألف فارس ليسلموه إلى إبن زياد، لكنه سلام الله عليه لما رآهم عطاشى قال لأصحابه: «إسقوا القوم وأرووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفاً»).

ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي في الهدف الثاني، على أهمية ووجوب إنقاذ عباد الله، من أية محنة يتعرضون لها، ويشمل هذا الهدف كما هو واضح، التعاون، والتكافل، والمساعدة، وكل ما يمكن أن يقدمه الانسان، لأخيه الانسان، من معونة  قادر على تقديمها، إذ يقول سماحته في الكتاب نفسه:

(أن نحاول تحقيق أكبر قدر ممكن لواحد من أسمى أهداف الإمام الحسين سلام الله عليه في نهضته المباركة، وهو -إنقاذ عباد الله، بما لهذه الكلمة من معنى واسع ـ فقد ورد في الزيارة المروية عن الإمام الصادق سلام الله عليه، وهو يخاطب الله تعالى بشأن الإمام الحسين سلام الله عليه: وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة. ويتم ذلك بالإستفادة من موسم عاشوراء ـ بكل الوسائل المتاحة والمشروعةـ لهداية الناس في جميع أنحاء العالم عبر المجالس، والمواكب، والمسيرات، وغيرها، وبعقد المجالس الحسينية على إمتداد السنة لهذه الغاية).

أما الهدف الآخر الذي يؤكد عليه سماحة المرجع الشيرازي، تزامنا مع هذه الزيارة الخالدة، فهو ضرورة التعبئة المركزة، والعمل على بناء العراق بصورة سليمة ومتوازنة، لتعويض العراقيين عمّا أصابهم من حيف، وظلم، وإجحاف في زمن الدكتاتورية، فيدعو سماحته الى أهمية:

(التعبئة المركزة ـ في هذه المناسبة العظيمة ـ لإنقاذ بلد الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين وسائر الأئمة الأطهار سلام الله عليهم -العراق المظلوم- من المآسي التي يمر بها الآن، بعد ما قضى عقودا سوداء تحت أقسى أشكال الوحشية والإستبداد).

وهكذا تقدم لنا هذه الزيارة الخالدة والراسخة، في قلوب وعقول الملايين، بكل ما تنطوي عليه من مبادئ، وأخلاقيات رائعة، دروسا في كيفية التعاطي السليم مع الحياة، لبناء الذات وإصلاح النفس، من اجل الارتقاء والسمو، بعد الإهتداء بمبادئ إمامنا أبي الاحرار عليه السلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/كانون الثاني/2011 - 22/صفر/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org