الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

للحسينين فقط!

حيدر السلامي

إخوتنا في الحب الحسيني:

قبل أن نحكم بالسلب أو بالإيجاب على الشعائر والمراسيم التي يقيمها إخوتنا في الإيمان والحب الحسيني، لا عن علم ودراية بل تلقين وترديد.. فلنسأل أنفسنا:

ـ هل هؤلاء يمارسون الحرام ويرتكبون الآثام؟

ـ هل يبتدعون في الدين؟

ـ هل هم مجتهدون مخطئون؟

ـ أم إنهم مقلدون يتبعون فتاوى وتعاليم المراجع العظام؟

ـ هل يضربون أنفسهم أم يعتدون على الآخرين؟

ـ هل فيهم ملتزم بالأحكام الشرعية والأخلاق الحسينية أم كلهم مخالفون وهمج رعاع؟

ـ إذا أبيح لنا حق الاختيار قولا وفعلا.. فلماذا لا نترك الآخرين لممارسة حقوقهم في الاختيار مثلهم مثلنا؟

ـ كم من المراجع العظام أفتى بجواز الشعائر الحسينية بما فيها التطبير مطلقاً؟

ـ من مِن المراجع أفتى بالحرمة وتحت أي ظرف؟

ـ هل يرضى المخالف لعقيدتنا ويكف لسانه عنا بمجرد تركنا للشعائر الحسينية؟

ـ هل يوجب استهزاء الآخرين بنا ترك مهمة إحياء أمر الأئمة عليهم السلام بالطرق المعتادة؟

ـ لو فرضنا عدم وجود الدليل على الشعائر ومنها التطبير.. فهل يوجد دليل على دعوى الحرمة؟

ـ وما الدليل على رجحان الطرق البديلة والمبتكرة لإحياء الذكرى الحسينية كالندوة والمؤتمر والتبرع بالدم... إلخ. هل فعلها الأئمة مثلا؟ إن كان لا يصح إيراد هذا الإشكال في المقام فلا يصح إيراده في مقام إبطال الشعائر ومنها التطبير أيضاً.

ـ ورد عن الإمام المهدي عليه السلام في الزيارة الناحية المقدسة قوله مخاطبا جده الإمام الحسين عليه السلام (لأبكين عليك بدل الدمع دما). هل الإمام المعصوم الذي هو حجة علينا بقوله وفعله وتقريره يتحدث مجازا أو على نحو المجاملة في هذا المقام؟ وإذا كان قوله حقيقة أي إنه يبكي دما فهل دمنا أغلى من دمه الشريف؟ وأيهما أكثر إيلاما ووقعا في النفس وصعوبة: خروج الدم من الرأس بخدش أم خروجه من العين بفعل التأثر والبكاء؟ ومثل ذلك قول الإمام الرضا عليه السلام: (إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا).

ـ أخيراً.. هل يصح لنا استفزاز إخوتنا في العقيدة والتهجم عليهم مع بداية كل محرم؟ ولو نشب فيما بيننا الخلاف ووقع الصراع ـ لا سمح الله ـ فمن المستفيد من ذلك؟ الدين؟ الحسين؟ الوطن؟ العدو؟

 وقبل أن نتسرع بالجواب نفياً أو إثباتاً.. تعالوا نقرأ هذه السطور ونتأمل ما فيها عسى أن ترشدنا إلى الموقف السليم:

ـ الطبيعة البشرية تقول إن أكثر مرتكبي الحرام يتسترون، فما بال إخوتنا لو كانوا يأتون قبحاً يتفاخرون ويعلنون ويجاهرون ويصرخون حيدر أو يا حسين أثناء إقامتهم للشعائر..

ـ هل التذكير بفاجعة كربلاء ولو بالصور التي ترسمها الشعائر الحسينية بدعة في الدين؟ والبدعة كما يعرفها العلماء هي إدخال ما ليس من الدين في الدين.

ـ إذا كان أخوتنا مجتهدين مخطئين فلهم أجر اجتهادهم وينبغي حملهم على الصحة مع تقديم النصح لهم وإسداء الموعظة وفسح المجال أمامهم للحوار والمناقشة الهادئة الموصلة إلى الحق. فإن قبلوا كان بها وإلا فلا سلطان لنا عليهم.

ـ إن المسلم الشيعي مرتبط بمرجعيته الدينية ويستقي منها التوجيه في كل شؤون حياته (أفعاله وتروكه) عملاً بوصية صاحب الأمر عليه السلام.

ـ إنهم يضربون أنفسهم ولا يعتدون على الآخرين بل أكثرهم طيبون صالحون مسالمون في حقيقتهم ولو كان فيهم الجاهل والعالم. والقاعدة تقول (الناس مسلطون على أنفسهم وأموالهم).

ـ إن كان بينهم عدد قليل من الجهلة وغير الملتزمين بالآداب الشرعية فهل يصح التعميم في الحكم؟ ثم أليس في هذه الأجواء الروحية الطقوسية ما يساعد الجاهل على التعلم وغير المتأدب على التأدب؟

ـ هب أننا رضينا بعقولنا (علما أن الدين لا يصاب بعقول الرجال وليس العقل الجمعي حجة شرعية) ومارسنا حقنا في فهم الدين واختيار الموقف الذي نراه مناسبا فلا يجوز أن نسلب الآخرين حق الاختيار ولو كان فهمهم مغايراً لفهمنا..

ـ المشهور بين الفقهاء ومراجع الدين قديما وحديثا جواز الشعائر الحسينية مطلقا ولا تخصيص لبعضها دون الآخر والمعروف أن ثلة قليلة جدا لا يتجاوز عدد أصابع اليد خالفوا المشهور وأفتوا بحرمة بعض الشعائر لا كلها ولظروف معينة وأحوال خاصة يعرفها المتتبع وأغلبها انطلقت من منطلقات حزبية ومصالح سياسية أو استثناءات محدودة بزمان ومكان معينين.

ـ لقد استهزأ الناس بالرسل والأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين كما أخبرنا القرآن والأحاديث واتهموا نبينا الكريم بالسحر وقالوا عنه شاعر مجنون ولم يرض الناس يوماً على مصلح أبداً. يقول تعالى: (وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ).

ـ إذا كنا نريد كف ألسنة المخالفين لعقيدتنا فلا يتم هذا الأمر بالتخلي عن ثوابتنا ومحو شعائرنا. بل بالرد عليهم ومناقشتهم بالحجة والبرهان. ومع كل الوسائل فـ(إنك لن تهدي من أحببت) و(لست عليهم بمسيطر). فلا ينفع الكلام مع المعاندين الحاقدين.

ـ يقترح بعض الأخوة الطيبين آلية للخروج من دائرة الجدل فيقول: لو عرضنا هذه القضية على الملأ من خلال استطلاع للرأي سنجد الرأي الأعم يرفض التطبير والزنجيل والمشي على الجمر ويقبل سائر الشعائر..

والملاحظ عليه أنه يقترح آلية التصويت والاقتراع الحر وهذا من بركات الديمقراطية وقبل أن نقول له بأن الإسلام أرقى درجة من الديمقراطية وأكمل منها نظاما وآليات. نتنزل ونفترض صحة ونفع ما يذهب إليه فنقول حينئذ: ما يصح على قضية يصح على غيرها مع الفارق طبعا وبهذه الحالة إذن علينا أن نعرض قضايانا الدينية ومعتقداتنا وشعائرنا وكل شيء في حياتنا يثار حوله الجدل نعرضه على الملأ في مزاد التصويت العلني لنرَ كم يبقى من الإسلام وهل سيبقى شيء أصلا؟!

ـ أخ طيب ثان ذهب خلال مناقشتي معه إلى القول بأن العقل هو مناط التكليف وأيدته بالتأكيد فالعقل هو النبي الباطن والحجة الأولى على الإنسان به يثاب وبه يعاقب وقد أودعه الله القوانين التي تساعده على معرفة الحق والاهتداء للخير والصلاح والجمال.. وبعد هذه المقدمة يخلص إلى النتيجة التالية: عقلي لا يقبل هذه الممارسة ويستقبحها.. ولا أتلو عليه قول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (الدين لا يصاب بعقول الرجال) ولكني أسأله: هل يمكن التعويل على العقل في كل الأمور كلية وجزئية؟ وأي عقل ذاك المقصود.. هل عقل كل فرد من البشر أم عقل الجماعة أي الأمة (من قبيل ما يرويه أخواننا السنة: لا تجتمع أمتي على ضلالة) أم عقل المعصومين؟ أم العقل الأول بحسب المتصوفة والعرفانيين؟ لا أدري.. وإذا جرينا معه طويلا سندخل إلى من أبواب متفرقة وعوالم غريبة قد لا تساعد على ولوجها أدواتنا المعرفية القاصرة أو أدواتي أنا لا أقل.. ولكن برأيي القاصر أقول: إذا كان العقل بعيدا عن نور النبوة ولم يستضئ بشمسها الساطعة فلا يمكن التعويل عليه مطلقا.. ولا يمكنه لوحده معرفة الحق نظراً فضلا عن إصابته عملاً ثم أن العقل البشري مهما كان عظيما فهو محدود لا يمكنه إدراك كل ما زاد على حده وهذه ليست فلسفة كما يبدو للوهلة الأولى ولا تحتاج إلى مزيد تأمل وإنما هي ثابتة بالحس والعقل معا.

 ثم أن قضية الشعائر هي قضية جزئية وصغيرة بالقياس لأمهات المسائل الشرعية وهذا ما يقره المعارضون لها فلم كل هذه الجلبة وهذا الاهتمام بإثارتها ومناقشتها كل حين بهذه الضراوة العبقرية؟!

في تصوري أن الجدل حول الشعائر الحسينية سيطول ويستمر ويتشعب ويزداد مع بداية كل محرم ولن ينتهي لأنه صفحة من كتاب كبير عنوانه (عاشوراء الحسين) وقد شاء الله تعالى بأن يبقى هذا الكتاب مقروءاً أبداً ولسوف نعيد قراءته مئات المرات ونكتشف مع كل قراءة شيئا جديدا لم تقع عليه أعيننا في القراءة التي سبقتها وهكذا سنظل نثير الأسئلة الباحثة عن الإجابات المطمئنة ونغلي مراجل الجدل وندور في حلقات النقاش وزوبعات الاختلاف وتتغير القناعات وتتبدل المواقف ولا ننتهي عند نقطة واحدة أو نقف عند محطة واحدة لأنها مشيئة الله تعالى وسره العظيم الذي أودعه في الحسين ونهضته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/كانون الأول/2010 - 16/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]