الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الإمام الحسين في حديث صحفي

لقاء في الذاكرة

حيدر السلامي

 

"إنْ لَمْ تَنصُرُونَا وَتُنصِفُونَا قَوِي‌َ الظَّلَمَة عَلَيكُم، وَعَمِلُوا فِي‌ إطْفَاءِ نُورِ نَبِيِّكُم"

 

• للناس في كل العصور أقول: "لم أخرج أشراً ولا بطراً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح..."

• قلت لأعدائي وأكررها اليوم ثقة بالله: "لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى‌ هَدْمِ مَجْدِي‌ وَمَحْوِ عِزَّتِي‌ وَشَرَفِي‌"

• اعلموا أنّ حوائج الناس إليكم، مِن نِعم الله عليكم، فلا تملّوا النعمَ فتتحوّلَ إلى غيركم

 

شبكة النبأ: كلما ألمّ بنا خطبٌ فادح أو هزنا حدث فاجع أو أظلتنا سحابة دكناءُ، لجأنا إلى الماضي المجيد نستنطقه عِبرة ونستلهمه درساً وعظة لمواجهة الحاضر وتفسير الواقع وإنتاج الموقف المطلوب، ولقد دأبت كغيري من المشتغلين في تصفح أوراق التاريخ الصفراء، أقارن وأحلل، وأراجع المتون وأطالع الشروح لأستلّ منها الرأي الصائب واستشف الحقيقة من وراء حجابها. فلما نظرتُ إلى ما يدورُ على الساحة الاجتماعية والثقافية اليوم، وخبرت بعض ما يجري فيها ويستشري من آفاتٍ ومخاطرَ حمّلت نفسي المسؤولية وأخذت أبحث عن أسباب ما أرى وأسمع، فولهتْ نفسي إلى لقاء خبير مشير، ناصح أمين، فالتفتُ يميناً وشمالاً، فوجدت الإمام الشهيد الحسين بن عليٍّ، حاضراً للجواب عن كل سؤالٍ يعنّ لي، فحملت أوراقي وأقلامي وذاكرتي مع حيرتي وأسئلتي وأتيته ظامئاً كمثله يوم عاشوراء، مسترشداً بهديه الخيّر وفكره النيّر، فتهللّ وجهه مبتسماً كعادته، وأجلسني بين يديه، وقربني إليه، ودار بيننا هذا الحديث:

• بداية أسألك عن أحوالك يا سيدي الحسين.. كيف أنت عافاك الله؟

"السّلام قبل الكلام، عافاك الله، (فـ) لا تأذنوا لأحدٍ حتّى يُسلِّم".

• أعتذر.. يبدو أن هيبتك ولهفتي للحديث مع شخصك العظيم قد أذهلتني وأنستني السلام.. أكرر اعتذاري..

"إيّاك وما يُعتَذرُ منه، فإنّ المؤمن لا يُسيء ولا يعتذر، والمنافقُ كلَّ يوم يُسيء ويعتذر".

• ما نصيحتك لشخص يتدخل في كل ما يعنيه وما لا يعنيه؟

نصيحتي له: "لا تتكلّمنّ فيما لا يَعنيك؛ فإنّي أخاف عليك الوزر. ولا تتكلّمنّ فيما يَعنيك حتّى ترى للكلام موضعاً؛ فرُبّ متكلِّمٍ قد تكلّم بالحقّ فعيب! ولا تُمارينّ حليماً ولا سفيهاً؛ فإنّ الحليم يَقليك(أي يبغضك)، والسفيه يؤذيك".

• ما قولك يا سيدي في رجل لا يذكر إخوانه إلا بسوء ويغتابهم صباحَ مساءَ؟

أقول لهذا الرجل: "كُفَّ عن الغيبة؛ فإنّها إدامُ كلاب النار" و "لا تقولنّ في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إلاّ ما تحبّ أن يقول فيك إذا تواريتَ عنه. واعملْ عملَ رجل يعلم أنّه مأخوذٌ بالإجرام، مجزيٌّ بالإحسان".

• ما قولك لمن يخاف على غيره ولا يخاف على نفسه من ارتكاب المعاصي وإتيان الذنوب؟

قولي لمن كانت هذه صفته: "إيّاك أن تكون ممّن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمنُ العقوبةَ من ذنبه! فإنّ الله تبارك وتعالى لا يُخدَع عن جنّته، ولا يُنال ما عندَه إلاّ بطاعته".

• كيف أتصرف مع من ينال بلسانه أعراض الناس؟

"إِذا سَمعتَ أحداً يَتَناولُ أعراضَ الناسِ، فاجتَهِد أنْ لا يَعرِفك".

• يسود في عصرنا مبدأ الغاية تبرر الواسطة، هل تراه صائباً يا سيدي؟

"مَن حَاولَ أمراً بمعصيةِ اللهِ، كَان أفوَت لِما يَرجُو وَأسرَع لِما يَحذَر".

• يشهد زماننا تنافساً محموماً على طلب المناصب الحكومية وكراسي البرلمان، سواء بين أهل السياسة أو الجاهلين بها، وكثير منهم لا يفي بوعوده الانتخابية، فما قولك لمن يفعل ذلك؟

أقول لمن كانت هذه سجيته: "لا تَتَكلَّف مَا لا تُطيق، ولا تَتَعرَّض لِمـا لا تُدرِك، ولا تَعِدُ بِما لا تقدِرُ عليه، ولا تُنفِقُ إلا بقَدَر ما تستفيد، ولا تَطلبُ مِن الجزاء إلا بِقَدر مَا صَنَعت، ولا تَفرَح إِلاَّ بِما نِلتَ من طاعة الله، ولا تَتَنَاوَلْ إلا ما رأيتَ نَفسَكَ أهلاً لَه".

• ماذا تقول لحكام هذا العصر الذين لا يسعَون في قضاء حوائج الناس ويتثاقلون من تقديم الخدمات إلى شعوبهم؟

أقول لهم "اعلموا أنّ حوائج الناس إليكم، مِن نِعم الله عليكم.. فلا تملّوا النعمَ فتتحوّلَ إلى غيركم. واعلموا أنّ المعروف مُكْسِبٌ حمداً ومُعْقِبٌ أجرا". ثم أقول: "صَاحبُ الحاجَة لَم يُكرم وَجهَهُ عَن سُؤالك، فَأكرِمْ وَجهَكَ عَن رَدِّه".

• وماذا لو كان معظمهم بخيلاً في إجابة المحتاجين؟

فليعلموا إذن أن "مَن جاد.. ساد، ومَن بَخِل.. رَذِل".

• سيدي الإمام، لقد اختلطت عليّ الأمور فلم أعد أميز الكريم ولا البخيل ولا غيره؟

"إنّ أجود الناس مَن أعطى مَن لا يرجوه. وإنّ أعفى الناس مَن عفا عن قدرة. وإنّ أوصل الناس مَن وصَلَ مَن قطَعَه، والبخيل مَن بخل بالسلام".

• وما أكثر صفات الحكام سلبية؟

"شر خصال الملوك: الجبن من الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عند الإعطاء".

• وماذا عن الصدق؟

"الصدق عز والكذب عجز.."

• كيف تجد العلم والعلماء، أليس من الصحيح أن يتولى شؤون البلاد علماؤها أو ما يعرفون اليوم بالتكنوقراط ؟

مَجَارِي‌ الأمور والأحكام عَلَى‌ أَيْدِي‌ العلماء بِاللَهِ، الأْمَنَآءِ عَلَى‌ حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ" و "دراسة العلم لقاح المعرفة، وطول التجارب زيادة في العقل، والشرفُ التقوى".

• وكيف نميز العالم من الجاهل؟

"َمِن دَلائل العَالِم انتقَادُه لِحَديثِه، وَعِلمه بِحقَائق فُنون النظَر".

• ما نصيحتك لمن يجهد في طلب الرزق من حلال وحرام، كبعض الساسة في عصرنا يعدّ المنصب غنيمة وفرصة لتأمين الرفاهية له ولعائلته؟

"يا هذا، لا تجاهد في الرزق جهاد المغالب، ولا تتكل على القدر اتكال مستسلم، فإنّ ابتغاء الرزق من السنّة، والإجمال في الطلب من العفّة، ليست العفّة بممانعة رزقاً، ولا الحرص بجالب فضلاً، وإنّ الرزق مقسوم، والأجل محتوم، واستعمال الحرص طلب المأثم".

• يكثر الكلام ويحتدم النقاش بين المسلمين حول مسألة خروجك على نظام الحكم الأموي.. فلو بينت لقرائنا الأسباب والأهداف؟

لله تعالى أقول: "اللَهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنَّا تَنَافُساً فِي‌سُلْطَانٍ، وَلاَ الْتِمَاساً مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلَكِنْ لِنَرَي‌ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الإصْلاَحَ فِي‌ بِلاَدِكَ، وَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَيُعْمَلَ بِفَرَائِضِكَ وَسُنَنِكَ وَأَحْكَامِكَ.." وللناس في كل العصور أقول: "إنِّي‌ لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلاَ بَطِراً وَلاَ مُفْسِداً وَلاَ ظَالِماً؛ وَإنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاَحِ فِي‌ أُمَّةِ جَدِّي‌ مُحَمَّدٍ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ؛ أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَي‌ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي‌ وَسِيرَةِ أَبِي‌ عَلِي‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، وَأَنَّ الْبَاطِلَ لاَ يُتَنَاهَي‌ عَنْهُ؟!....".

• ما تصفه واقعٌ في عصرنا نحن أيضاً، فماذا نفعل إزاء ذلك؟

"إنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّى‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: مَنْ رَأَى‌ سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلاّ لِحُرَمِ اللَهِ ، نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَهِ ، مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّى‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، يَعْمَلُ فِي‌ عِبَادِ اللَهِ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ بِفِعْلٍ وَلاَ قَوْلٍ؛ كَانَ حَقّاً عَلَى‌ اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ".

• لكن النتيجة محسومة سلفاً وهي القتل؟

"مَرْحَباً بِالْقَتْلِ فِي‌ سَبيلِ اللَهِ". سبق وقلت لأعدائي وأكررها اليوم ثقة بالله: "لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى‌ هَدْمِ مَجْدِي‌ وَمَحْوِ عِزَّتِي‌ وَشَرَفِي‌؛ فَإذاً لاَ أُبَالِي‌ مِنَ الْقَتْلِ". بل "خُيِّرَ لِي‌ مَصْرَعٌ أَنَا لاَقِيهِ؛ كَأَنِّي‌ بَأَوْصَالِي‌ تَتَقَطَّعُهَا عُسْلاَنُ الْفَلَوَاتِ بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلاَءَ؛ فَيَمْلاَنَ مِنِّي‌ أَكْرَاشاً جُوفاً، وَأَجْرِبَةً سُغْباً".

• ما نظرتك إلى الموت؟ وكيف تستسهل الإقدام عليه؟!

"لَيْسَ الْمَوْتُ فِي‌ سَبِيلِ الْعِزِّ إلاَّ حَيَاةً خَالِدَةً؛ وَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ مَعَ الذُّلِّ إلاَّ الْمَوْتَ الَّذِي‌ لاَ حَيَاةَ مَعَهُ". ولقد "خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى‌ وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلاَدَةِ عَلَى‌ جِيدِ الْفَتَاةِ". "وَمَا أَوْلَهَنِي‌ إلَى‌ أَسْلاَفِي‌ اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إلَى‌ يُوسُفَ.. أَفَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِي‌؟! هَيْهَاتَ؛ طَاشَ سَهْمُكَ، وَخَابَ ظَنُّكَ! لَسْتُ أَخَافُ الْمَوْتَ. إنَّ نَفْسِي‌ لأكبر مِنْ ذَلِكَ، وَهِمَّتِي‌ لأعْلَى‌ مِنْ أَنْ أَحْمِلَ الضَّيْمَ خَوْفاً مِنَ الْمَوتِ". و "مَوْتٌ فِي‌ عِزٍّ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي‌ ذُلٍّ". "لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي‌ لِقَاءِ اللهِ مُحِقّاً؛ فَإنِّي‌ لاَ أَرَى‌ الْمَوتَ إلاَّ سَعَادَةً، وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إلاَّ بَرَماً".

• ماذا قلت لمن جاءوا لنصرتك يوم عاشوراء وماذا تقول لشيعتك ومن يريد اتباعك اليوم؟

قلت لهم: "مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ، وَمُوَطِّناً عَلَى‌ لِقَاءِ اللهِ نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ مَعَنَا". وأقول للجميع الآن: "إنْ لَمْ تَنْصُرُونَا وَتُنْصِفُونَا قَوِي‌َ الظَّلَمَةُ عَلَيْكُمْ، وَعَمِلُوا فِي‌ إطْفَاءِ نُورِ نَبِيِّكُمْ".

• وبعد ما رأيت من أصحابك وأقاربك من تفانٍ وإخلاص وإقدام على القتل في سبيل الحق.. ماذا قلت فيهم؟

(قلت)"َإنِّي‌ لاَ أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوفَي‌ وَلاَ خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي‌، وَلاَ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَ لاَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي‌؛ فَجَزَاكُمُ اللَهُ عَنِّي‌ خَيْرَ الْجَزَاءِ".

• ولماذا يبذل المرء نفسه فيكم، كما تقول؟

(لأن) "رِضَا اللهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ". (و) "لَنْ تَشُذَّ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّى‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لُحْمَتُهُ، وَهِي‌َ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِي‌ حَظِيرَةِ الْقُدْسِ، تَقِرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ، وَيُنْجَزُ لَهُمْ وَعْدُهُ".

• ما رأيك بالناس ـ عامة الناس ـ وعلاقتهم بالدين؟

"النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَالدِّينُ لَغْوٌ (لعق) عَلَى‌ أَلْسِنَتِهِمْ؛ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ بِهِ مَعَايِشُهُمْ؛ فَإذَا مُحِّصُوا بِالْبَلاَءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ".

• ولكن ما حيلة غير القادر، هل يكلف بشيء؟

"مَا أخذَ اللهُ طَاقَةَ أَحَدٍ إِلاّ وَضع عَنه طَاعَتَه، ولا أخَذَ قُدرتَه إِلاَّ وَضَعَ عنه كُلفَتَه".

• جرت بينك وبين خصومك مخاطبات عديدة أملوا منها تغيير موقفك الرافض للظلم والنزول عند طاعة الحاكم الأموي، فماذا كانت كلمتك النهائية؟

"لاَ وَاللهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي‌ إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ".

• وهل صارحت أصحابك بهذا الموقف الحازم؟

بالتأكيد، وقلت لهم: "أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ: بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ" وقلت: "يَأْبَى‌ اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ، مِنْ أَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَى‌ مَصَـارِعِ الْكِرَامِ". وبيّنت لهم: "أَلاَ وَإنَّ هَؤُلاَءِ قَد ْلَزِمُوا طَاعَةَ الشَّيْطَانِ، وَتَرَكُوا طَاعَةَ الرَّحْمَنِ، وَأَظْهَرُوا الْفَسَادَ، وَعَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَاسْتَأْثَرُوا بِالْفَيْءِ، وَأَحَلُّوا حَرَامَ اللهِ، وَحَرَّمُوا حَلاَلَهُ".

• لو لم يجبك أحد من أصحابك إلى الجهاد ماذا كنت تفعل.. هل كنت سترجع مثلا؟

أنا لم أنتظر جواباً من أحد، بل قلت مؤكداً: "أَلاَ وَإنِّي‌ زَاحِفٌ بِهَذِهِ الأسرة مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ، وَخَذْلَةِ النَّاصِرِ".

• وإن كنا لا نقوى على الخروج مثلك بسبب المؤامرات الدولية والاحتلال الأجنبي والإرهاب والفساد والتطرف والطائفية والتدخلات الإقليمية والأزمات الداخلية الخطيرة وأمثالها؟

في مثل هذه الحال "نَصْبِرُ عَلَى‌ بَلاَئِهِ (تعالى)، وَيُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِينَ".

• ما أعظم صبرك وأشد بأسك يا سيدي، وما كانت قولتك لما قتل طفلك الرضيع عبد الله في حجرك وكنت تسأل له شربة ماء واحدة؟

قلت مناجيا ربي: "اللهم لا يكون أهونَ عليك من فصيل ناقة صالح" وأخالك ستسألني عن قولي عند مقتل ولدي علي الأكبر أمام ناظرَيّ..

• نعم، بالفعل..

خاطبت ربي قائلاً: "لك العتبى.. إن كان هذا يُرضيك فخذ حتى ترضى".

• الله أكبر.. ولما أثقلتك الجراح، ملأت كفك دماً ورميت به نحو السماء، ماذا قلت ساعتها؟

قلت: "هَوَّنَ عَلَي‌َّ ما نَزَلَ بي‌ أنَّهُ بِعَيْنِ اللهِ" فلم‌ يسقط‌ من‌ ذلك‌ الدمِ قطرةٌ إلى الأرض، ثُمّ وَضَعتها ثانياً فلمّا امتلأت‌ لطّخت به‌ رأسَي‌ ووجهَي‌ ولحيتي‌ وقلت:‌ "هكذا أكونُ حتّى‌ أَلقى‌ اللهَ وَجدِّي‌ رَسُولَ اللهِ".

• وشوهدتَ لما اشتد بك الحال ترفع رأسك إلى السماء مناجياً ربك، فماذا كنت تقول وأنت تنازع الموت؟

كنت أقول: "صَبْراً عَلَى‌ قَضَائِكَ يَا رَبِّ، لاَ إلَهَ سِوَاكَ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ" وقلت أيضاً: "يا رب إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى".

• الله.. يا لرباطة جأشك ويا لعظم تسليمك لربك.. ولكن عذراً يا سيدي.. كأني رأيت الأمر قد اختلف عندما سقط العباس صريعاً جنب النهر..

تقصد قولي "الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي" ألم تلحظوا قولي السابق لأبي الفضل في عاشوراء أيضا " بنفسي أنت"؟!

• نعم يا سيدي.. جميعنا قرأ قولك هذا وبعضنا استغرب ودهش..

ألا يكفيكم قول ولدي عليّ زين العابدين: "رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه" أو قول ولدي جعفر الصادق: "كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السّلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً"؟! وهل نسيتم قولة العباس يوم عاشوراء لما طلبتُ ممن كان معي أن يرحل إن أراد وهو منهم فانتفض قائلاً: "ولِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً". وحين قدم إخوته الثلاثة للقتل في سبيل الله قال لهم: "تقدموا يا بني أمي حتّى أراكم نصحتم لله ولرسوله". العباس صاحب لوائي وقائد جيشي وهو نعم الأخ الناصح لأخيه.

• رأيناك تبكي يوم عاشوراء.. سيدي هل يبكي الرجال ولأي شيء؟

"البُكَاءُ مِن خَشيةِ اللهِ نَجاةٌ مِن النار" وكنت في يوم عاشوراء "أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي".

• أطمع منك بموعظة تخصني بها أو تعم بها غيري، فالأمر لك يا سيدي؟

"افعلْ خمسة أشياء وأذنب ما شئت.. فأوّلُ ذلك: لا تأكلْ رزقَ الله وأذنب ما شئت. والثاني: اخرجْ من ولاية الله وأذنب ما شئت. والثالث: اطلبْ موضعاً لا يراك الله وأذنب ما شئت. والرابع: إذا جاءك ملَكُ الموت ليقبض روحك فادفعْه عن نفسك، وأذنب ما شئت. والخامس: إذا أدخلك «مالِكٌ» في النار فلا تدخلْ في النار، وأذنبْ ما شئت".

• قبل أن أختم مع سيادتكم هذا الحديث الصحفي، هل من وصية للقراء الكرام؟

"أُوصيكم بتقوى الله؛ فإنّ الله قد ضمن لمَن اتّقاه أن يحوّلَه عمّا يكره إلى ما يحبّ، ويرزقَه مِن حيث لا يحتسب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/كانون الأول/2010 - 12/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]