الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

حين بكت السماء دماً على سيد الشهداء الحسين (ع)

 

شبكة النبأ: مئات السنين مرت، ولا، ولن يتوقف سيل الزمن، وهديره، وتدفقه المتواصل الى الابد، فيما العالم، في كل عام بمثل هذا اليوم - الذي استشهد فيه الامام الحسين (ع) وذويه وصحبه الاطهار- يعيش واقعة الطف، التي ارتقى فيها الدم، عرش الحق، وهزم السيف والطغيان الأموي.

ولكن أيّ دم، ذلك الذي أريق على أديم كربلاء؟، وأي جسد طاهر، ذلك الجسد الذي تعفّر بتراب كربلاء؟، إنه دم سبط النبي الاكرم (ص) أشرف خلق الله، وهو دم النبوة التي كان يحمل ارثها، إنه جسد الامام الحسين (ع) الذي أريق دمه بوسائل الظلم والطغيان، فكانت السماء تنظر الى الواقعة بعيون ملؤها السخط، وفي ذلك اليوم، تحولت صفحة السماء، الى لوحة حمراء قانية، وهي تشهد وتشاهد سيف (الشمر) يحز العنق الطاهر، لسبط أشرف الخلق، وكذا تحولت الارض، الى كرة جمرٍ، من غضبها على ما جرى للحسين (ع)، فتحول غبارها الى دم أحمر قانٍ، وتماثلتْ السماء مع الارض، في غضبها، واحتجاجها، على ذلك الانتهاك، الذي لم يجرؤ على ارتكابه أعتى المجرمين والكفرة.

لذا بقي هذا الدم الطاهر شاخصا، في عيون السماء، وبين يديّ أرض كربلاء، التي قدّسها دم الامام الحسين (ع)، وهكذا بقي التأريخ الانساني، يحفظ وقائع هذا اليوم، طالما أن الارض والسماء، لا تزالان تتلونان بحمرة دم الحسين (ع) في مثل هذا اليوم، وطالما أن بني الانسان، في كل أصقاع الارض، تهفو قلوبهم الى ارض كربلاء، فيأتون إليها، زرافات زرافات، معبرين عن نقمتهم وسخطهم على ارتكاب هذه الجريمة النكراء، فتسيل دماؤهم نصرة لدم الحسين، وتبكي عيونهم مواساةً، لما حدث لآل بيت النبوة، رجالاً، ونساءً، وشيوخاً، واطفالاً، أصحّاء ومرضى، فلم يستثنِ الجرم الاموي أحداً، من طغيانه الأهوج، فقتل من قتل، وظلم من ظلم، وشرّد من شرّد، من آل بيت النبوة، في أصقاع الارض، بل حرم الاطفال، والنساء، حتى من شربة الماء.

فأي حقد، وأي ظلم، وأية قلوب هوجاء، تلك القلوب التي كانوا يحملونها بين أضلاعهم؟، في مثل هذا اليوم، الذي تجاوزا فيه على حرمة النبي الأكرم (ص)، من خلال تجاوزهم على حرمة ذويه، وقتلهم، وتشريدهم، وتعذيبهم، أ نسوّْا حقاً ما قدمه لهم نبي الاسلام (ص) الأعظم؟ أ نسوا أفضالَهُ عليهم، حين نقلهم بمبادئ الاسلام، من ظلمة الجهل، والتعصب، الى رحبة النور والبهاء؟ أ نسوا حين دخل النبي (ص) مكة فاتحا، مع المسلمين، فجمعهم (وهم أعتى العتاة)، وقال لهم (إذهبوا فأنتم الطلقاء)، مع أنهم حاصروا المسلمين، وشردوهم من بيوتهم، وسلبوا ممتلكاتهم، واموالهم، واجبروهم قسرا، على الهجرة، وتركوا كل ما يملكون، إلاّ ما يستر أجسادهم؟.

أ هكذا يقابلون الاحسان؟ بمثل هذه الجرائم، التي سيبقى التأريخ الانساني، يتكلم عنها، مابقيت الحياة قائمة؟ ولكن هذا هو حال القلوب التي لا تعرف سوى البغضاء، ولا تعرف سوى العقوق، والجحود، حتى لمن قدم لها معروفا، وأي معروف ذلك الذي قدمه لهم النبي (ص) وآل بيته الاطهار؟

 أ ينسون ما قدمه لهم علي بن ابي طالب (ع) في معارك الاسلام المصيرية، وفي تلك الوقفات الجبارة التي سجلها التأريخ بحروف من ذهب، لبطولاته وشجاعته التي قهرت اعداء الاسلام؟ وساعدت على نشر الرسالة الاسلامية؟ حتى قَوِيَ بها الدين وتعاظم نفوذه وحضوره، وهو نفوذٌ وحضورٌ، للمسلمين كافة، فهل يا ترى نسيَ بنو أمية أفضال النبي وآله (صلوات الله عليهم)، ومواقفه التي لم تفرق، بينهم وبين احد من المسلمين؟.

نعم إنهم نسوا أفضال النبي الأكرم (ص)، بل وتنكروا لكل شيء جلب لهم الخير، وأضاء لهم رحبة النور، فراحوا موغلين بإيذاء النبي (ص) من خلال قتلهم لحفيده، وفلذة كبده، سبطه الامام الحسين (ع)، ولم يكتفوا بذلك بل سبَوْا عائلته، نساءه واطفاله، ومرضاه، وشيوخه، وشرَّدوا من شردوا منهم، وهكذا كافأوا رسول الله (ص) على أفضاله، ومحاسنه، وطيبته في التعامل معهم.

ولكن.. يقف اليوم هنا في ارض كربلاء الحسين، ملايين المسلمين الذين وفدوا من جميع انحاء المعمورة، ليعلنوا رفضهم لذلك النهج المتجبّر، والمجرم، لبني أمية بحق ريحانة رسول الله (ص) الامام الحسين (ع) وذويه الاطهار، وها هم يعبرون عن غضبهم، على اولئك المجرمين، الذين تجاوزا على حرمة النبي في أحفاده وذويه، وها أن الملايين، تحتشد هنا في ارض كربلاء المقدسة، لتحيي مبادئ الامام الحسين (ع) وهي مبادئ الاسلام الحق، في رفضه للنهج السلطوي المتجبر، الذي ذهب بدفة الاسلام نحو الانحراف، ونحو تفضيل الدنيا على الآخرة، وهو بهذا شكل بداية للانحراف الخطير، لمسيرة الاسلام، التي أعادتها وقفة الحسين (ع) الى جادة الصواب.

وهكذا لن تذهب مواقف الفضيلة سدىً، فها هي عيون المسلمين تدمع، وها هي قلوبهم تخشع، وها هي ارواحهم تحوم حول مرقدك الشريف، يا سيدي يا حسين، كالحمائم التي تسترشد بنورك، نحو جادة الامان والسلام والرحمة.

ويا سيدي يا أبا عبد الله، يا ريحانة الرسول وفلذة كبده، ها هي قلوبنا، وعيوننا، وارواحنا، تبكيك دماً، وها هي السماء تبكيك دماً، وها هي ارض كربلاء والمعمورة أجمع تبكيك دماً، وها نحن جميعا، نرفع أيدينا، وقلوبنا مشرعة أمام السماء، لكي تمنحنا شفاعتك، عند الله تعالى، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من اتى ربه بقلب سليم، مملوء بحب الحسين (ع) وآل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم) أجمعين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/كانون الأول/2010 - 9/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org