الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

يزيد بن معاوية... وصمة عار ابدية في تاريخ البشرية

محمد الصفار

 

شبكة النبأ: حقيقةً يأنف القلم عن ذكر هذا المجرم الذي شوهت مخازيه و بوائقه صحائف التاريخ، فسيرته البشعة يندى لها جبين الانسانية ويقشعر لها الضمير الانساني الحي.

فهذا المنحرف الذي نشأ جانحاً نحو كل رذيلة ميالاً الى كل موبقة لم يترك كبيرة أو صغيرة من الآثام والجرائم إلا وجاء بها فكان خليعاً مستهتراً مدمناً على الخمور واللهو والعبث مع الكلاب والقردة، ملحداً حاقداً على الاسلام و النبي (ص) وأهل بيته (ع).

ورث هذا الحقد عن أبيه وجده رأسي الكفر والنفاق أنه يزيد بن معاوية سليل الشجرة الملعونة في القرآن، الذي تولى الخلافة بعد أبيه معاوية لمدة ثلاث سنين أرتكب فيها من الجرائم البشعة والمجازر الرهيبة والفظائع المهولة، ما لم ترتكبه طواغيت العصور.

فلوث التاريخ بصحائفه البشعة وجرائمه المنكرة، التي جعلته في الحضيض الأدنى من الغي والظلال ومزابل التاريخ.

في السنة الاولى لخلافته المشؤومة قتل سيد شباب أهل الجنة وسبط الرسول الامام الحسين (ع) وأهل بيته (ع) وأصحابه في كربلاء، ولم يسلم من القتل حتى الطفل الرضيع، وسبي النساء آل بيت النبوة من كربلاء الى الشام.

أما في السنة الثانية فقد أرسل جيشاً أستباح به مدينة رسول الله (ص) المدينة المنورة ثلاثة أيام، وفي السنة الثالثة رمى الكعبة المشرفة بالمنجنيق، وفي أثناء ذلك عجل الله بروحه الى النار. ولرب سائل يسأل ما الذي يدعو الى الكتابة عن هذه الشخصية المتوحشة التي أمتلأت جوانبها بالمخازي والوحشية و السادية، وأي جانب من جوانبها يستحق الكتابة؟

فعلى الرغم من أن كتب التاريخ أمتلأت بمخازي هذا المنحرف، وذكر المؤلفون والمؤرخون والمحققون على مر العصور كفره و زندقته و فسقه ووحشيته ما لا مجال لحصره، إلا أنك تجد من تحدر من تلك الشجرة الملعونة وأشرب في قلبه نزعاتها الاجرامية وراقت له قسوتها ووحشيتها وجبلت نفسه على شاكلتها فراح يبرء ساحة ذلك المجرم ويبرر أعماله الوحشية، أليس من العجيب أن تجد من يقول: (أن الحسين قتل بسيف جده لأنه خرج على امام زمانه يزيد بعد أن تمت البيعة له وكملت شروط الخلافة بأجماع أهل الحل و العقد ولم يظهر منه ما يشينه ويزري به)!

والله أن هذا الكلام لهو العجب العجاب والاعجب من هذا أن هذه الكلمات المسمومة التي أطلقها أبن عربي في العواصم والقواصم "قصم الله ظهره" لم تكن الوحيدة، فقد نسج على منوالها الضال عدد من المنحرفين ووعاظ السلاطين، من هم على شاكلة شريح القاضي وأبي هريرة وسمرة بن جندب، فحذا حذو أبن عربي في غيه وضلالته عبد المغيث بن زهير الحربي، فألف كتاباً في فضائل يزيد بن معاوية ! ولا أدري هل جعل شرب الخمر فضيلة والعربدة مع القرود والكلاب من أفضل الفضائل؟

وجرى في هذا الضلال والاسفاف ايضاً الحفناوي، في كتابه أبو سفيان شيخ الأموين وتبعه في زمرة الضلالة والانحراف محمد الخضري، الذي شجب جميع الثورات التي قامت ضد السلطة الاموية وأعتبرها خروجاً على الدولة!

كان أبن العربي ومن جرى مجراه من هؤلاء قد نسوا أو تناسوا الاحاديث الشريفة الكثيرة، في وجوب مقارعة الظلم والاستبداد والثورة على الظالمين، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كأن في أذانهم وقراً، ولم يسمعوا الحديث الشريف: (أفضل الجهاد عند الله كلمة الحق في وجه سلطان جائر) والحديث الشريف: (من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهده مخالفاً لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله).

هذا ما دعى الامام الحسين (ع) للخروج على يزيد و رفع راية الرفض ضده وقد صرح هو (ع) بهذا الهدف السامي الذي قصده عند خروجه قائلاً: (أني لم أخرج أشراً و لا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً أنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله (ص) أريد أن أمر بالمعروف و أنهى عن المنكر واسير بسيرة جدي (ص) وأبي علي بن أبي طالب).

كلا أنهم لم ينسوا هذه الاحاديث ولكنها لا تعنيهم كما كانت هذه الاحاديث الشريفة لا تعني أبا هريرة و سمرة بن جندب، فالذي يعنيهم ما تدر أحاديثهم المنحرفة والمختلفة من أرباح من قبل السلطة.

فالتاريخ يشهد على جرائم يزيد البشعة وأعماله القذرة وهو كافً لفضح هؤلاء المرتزقة من وعاظ السلاطين، ومن حذا حذوهم فهذا الشوكاني ينتفض على هذه الضلالات فيقول في كتابه نيل الاوطار ج 7 ص 147: (و لقد أفرط البعض فحكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغً على الخمير السكير الهاتك لحرمة الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنه الله فيا للعجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود).

فمن يتحرى حقائق التاريخ يجد تلك الشخصية الشاذة على حقيقتها البشعة الدموية نقطة سوداء وبؤرة رجس ووصمة عار، كانت ولادته المشؤومة عام 26 هـ حينما كان ابوه عاملاً على الشام من قبل عثمان، أمه ميسون بن بجدل الكلبية أبوه معاوية من الطلقاء ومن الذين أسلموا كرهاًُ بعد عدائه الطويل للأسلام و الرسول (ص)، ثم تزعم الفئة الباغية التي قاتلت أمير المؤمنين (ع) في صفين عمه حنظلة بن أبي سفيان من رؤوس الكفر قتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يوم بدر، جده أبو سفيان ألد أعداء الرسول محمد (ص) وهو القائل: (احب الناس ألينا من أعاننا على عداوة محمد).

جدته هند بنت عتبة بترت بطن الحمزة (ع) عم الرسول (ص) واخرجت كبده بعد أستشهاده في معركة احد هذا هو نسب يزيد الموغل في عدائه للإسلام، والعريق في محاربته الرسول (ص) فكيف يكون من ينشأ في هذه الاجواء؟

لقد نشأ متمرداً على الاسلام حاقداً على المسلمين وخاصة على آل الرسول (ص) منحرفاً عن المبادىء الانسانية شاذاً عن القيم الاخلاقية والدينية.

أما تاريخه فأليك بعض أقوال المؤرخين فيه، روى أبو الفرج الاصفهاني الانمائي ج 16 ص 68: (كان يزيد بن معاوية أول من سن الملاهي في الاسلام، وأظهر الفتك و شرب الخمر و كان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه و الاخطل الشاعر النصراني).

وروى مثله البلاذري في انساب الاشراف وابن كثير في البداية والنهاية وقال الجاحظ في رسائله ص 298 الرسالة الحادية عشر في بني أمية: (المنكرات التي أقترفها يزيد من قتل الحسين وحمله بنات رسول الله (ص) سبايا و قرعه ثنايا الحسين بالعود واخافته أهل المدينة وهدم الكعبة تدل على القسوة والغلظة والنصب وسوء الرأي والحقد والبغضاء والنفاق والخروج من الايمان فالفاسق ملعون ومن نهى عن شتم الملعون فملعون).

وقال الذهبي في سيرة النبلاء: (كان يزيد بن معاوية نا صبياً فظاً غليظاً جلفاً يتناول المسكر ويفعل المنكر أفتتح دولته بقتل الحسين الشهيد وختمها بوقعة الحرة فمقته الناس ولم يبارك في عمره).

وقال السيد مير علي الهندي في كتابه (روح الاسلام) ص 216: (فكان أي "يزيد" قاسياً غداراً كأبيه ولكنه ليس داهية مثله بل كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة وكانت طبيعته المنحلة وخلقه المنحط لا تتسرب اليها شفقة ولا عدل كان يقتل ويعذب نشداناً للمتعة واللذة التي يشعر بها وهو ينظر الى آلام الآخرين وكان بؤرة لأبشع الرذائل وهاهم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك لقد كانوا حثالة المجتمع).

وقال محمد عبده في تفسير المنار ج 1 ص 367: (أذا وجدت في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع وحكومة جائرة تعطله وجب على كل مسلم نصر الاولى ثم قال: ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين سبط الرسول (ص) على إمام الجور والبغي الذي ولى المسلمين بالقوة والمكر يزيد بن معاوية خذله الله و خذل من انتصر له).

هذا غيض من فيض من اقوال المؤرخين والمؤلفين من المتقدمين والمتأخرين في يزيد، عدا قصص الخلاعة والمجون وأشعاره التي صرح فيها بكفره ومجالس اللهو التي كان يقيمها والتي لا يسعنا ذكرها فهي تحتاج الى فصل مطول.

أما لهوه واستهتاره فينقل ابن الطقطقي في الآداب السلطانية فصل 1 ص 38 والفخري في تاريخه ص 45 هذه الرواية: (كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد لاهياً به و كان يلبس في الصيد الاساور من الذهب و الجلاجل المنسوجة منه و يهب لكل كلب عبداً يخدمه).

أما جرائم يزيد فأليك واحدة منها من مصادر التاريخ كان من أبشع جرائمه بعد مقتل سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه جريمته في واقعة الحرة فقد روي الواقدي وأبن اسحاق وغيرهما من المؤرخين: أن جماعة من أهل المدينة وفدوا على يزيد سنة أثنين وستين بعد ما قتل الحسين (ع) فرأوه يشرب الخمر و يلعب بالطنابير و الكلاب فلما عادوا الى المدينة أظهروا سبه وخلعوه و طردوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان وقالوا لأهل المدينة: قدمنا من عند رجل لا دين له يسكر ويدع الصلاة وينكح الامهات وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل فكان حنظلة يقول: يا قوم والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء فأرسل اليهم يزيد المجرم مسلم بن عقبة المري فدخل المدينة وأباحها لجيشه ثلاثة أيام يسفكون الدماء ويعبثون بالإماء فأفتض فيها ألف عذراء من بنات المهاجرين والانصار كما نص على ذلك السيوطي في تاريخ الخلفاء والشبراوي في الاتحاف، وقتل يومئذُ من المهاجرين والانصار وأبناؤهم وسائر المسلمين أكثر من عشرة الاف كما في الامامة و السياسة لأبن قتيبة الدينوري وغيره من التواريخ.

ويروي المؤرخون صورة مروعة من صور هذه المجزرة الرهيبة فروي: (وقتل من النساء و الصبيان عدد كثير و كان الجندي يأخذ برجل الرضيع فيجذبه من أمه ويضرب به الحائط فينشر دماءه على الارض وأمه تنظر أليه)، فهل شهد التاريخ مثل هذه الوحشية؟

أنك لا تجد مثل هذه البربرية حتى عند اكثر الاقوام وحشية وهمجية ثم أمروا بالبيعة ليزيد على أنهم خول وعبيد أن شاء أسترق وأن شاء أعتق فبايعوه على ذلك وأموالهم مسلوبة ورحالهم منهوبة ودماؤهم مسفوكة واعراضهم مهتوكة، وبعث المجرم بن عقبة برؤوس أهل المدينة الى يزيد.

هذه جريمة واحدة من جرائم يزيد ولنا أن نسأل أبن عربي ومن حذا حذوه ورأى رأيه في تبرئته هذا المجرم ما هو قولكم في هذه المجزرة؟

وأين هي من قول رسول الله (ص) في دعائه على من أخاف أهل المدينة: (من أخاف أهل المدينة أخافه الله عزوجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فكيف يكون دعاؤه (ص) على من أباحها وأبادها وأستفتي الهراسي في يزيد فكتب فصلاً واسعاً من مخازيه حتى نفذ الورق ثم قال: لو مددت ببياض لممدت العنان في مخازي هذا الرجل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/كانون الأول/2010 - 4/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]