لقد قرأ الامام الحسين وهو ذلك الكائن الالهي الممتلىء بفيض
الحرية قرأ بوضوح ماذا يعني وجود الطغاة في منظومة اخلاق الناس،
ليس بتاثيرهم الآني في حياة الشعوب وانما بما سيخلفونه فيما بعد من
وراثة الانحطاط والذل ونهج الاستسلام، وكيف يكون نظام الاستبداد
الفردي الهمجي الذي يغتصب السلطة وياتي عادة بانقلاب (اسود) كيف
يكون مقدمة رائعة للتنازل عن الوطن والتفريط بالمقدسات وفي مقدمتها
الارض ومن ثم هدر كرامة الانسان وطمس حريته ونهب ثرواته وركن
خياراته على قارعة الطريق.
فان الاحتلال الاجنبي المقيت ما هو الا نتيجة لاحتلالات سابقة
وتنسيق تكنوقراطي بينه وبين المجرمين الذين يؤسسون لقدومه، تبدأ
بظلم الحاكم الجائر لرعيته مرورا بنفاق المروجين لغبائه والمدافعين
عن اخطائه.
فالحاكم المنحرف يمهد الارضية الخصبة للقوات الاجنبية لدخول
بلاده بعد ان يميت شعبه ويذيقهم الجوع والتشريد ويحرمهم من الحرية
التي ان فقدها الانسان اصبح فريسة سهلة للاغراء وبالتالي التنازل
عن كل ما هو نبيل.
واول مهام الحاكم الفاسد تشويه الوطن والوطنية في النفوس ومن ثم
قتل الكرامة بعد ان يجفف منابع الضمير والقيم.
لذلك خرج الامام الحسين على طاغوت عصره لانه اراد بذلك انهاء
اول حلقات الانحراف ومن ثم وضع الجدار المنيع( رفض الخضوع
للباطل) بوجه الغزو الاجنبي فيما بعد.
وهو يعرف جيدا ان المجتمع الذي يقبل بهذا الحاكم ويسكت على
جرائمه فانه يخبىء في داخله كافة اشكال الارهاب، فقد اعقب استشهاد
الامام بعد اقل من ساعة اضرام النار في مخيم نساء ال بيت
الرسول(ص)، واقاموا اول مقبرة جماعية بلا رؤوس؛ ليكونوا رموزا(لذباحة)
العصور، وارهبوا الناس عندما استهانوا براس ابن بنت نبيهم، وروجوا
للكذبة الكبرى التي يتشدق بها اعوانهم الى اليوم وهي (الامن......!!)
وما هي بالامن وانما هي عبارة عن اشاعة الخوف في النفوس بعد ان
يظهروا ابشع انواع القسوة في التعامل مع الناس.
وبالمقابل فان اعوان الطواغيت واعداء الثورة الحسينية واصدقاءهم
المحتلين يشتاطون غيظا اليوم من طفل (يحمل) على راسه يافطة تقول
لبيك ياحسين ؛ لان ذلك يعني لهم (لا للطوغيت ولا للارهاب ولا
للاحتلال ونعم للفداء ونعم للاصلاح).
فقد اغلق سيد الشهداء بصبره وذوبانه في حب الله وقبول مصيره
وتنفيذ مشروعه التحرري الاصلاحي جميع الابواب بوجه الفراعنة، فقد
اعلنها صرخة في الاثير، (ان لم يكن لكم دين ولا تخافون المعاد..
فكونوا احرارا في دنياكم )؛ لان الشعب الذي يذوق الحرية لا يمكن ان
يقبل بالظلم الذي هو علامة مميزة للدكتاتورية المؤسسة للاحتلال.
واعلنها صرخة مدوية الى يوم الوقت الموعود بان كل من يهادن
الحاكم الظالم ويروج للقتلة ويبرر للمجرمين عبر الفضائيات فانه قد
ساهم ويساهم بقتل الناس وبقاء المحتلين وارباك خيارات الشعوب.
قال صديقي : ان الله لا يمكن ان يتوب علينا من بلاء الطغاة
والارهابيين والمحتلين الا اذا تبنا من مهادنة هؤلاء واعلنا
البراءة امام العالم من المجرمين.. والتحقنا بمدرسة الحسين الذي
ذاب في الله ومبادئه حتى الموت.
hamedalhumraney@yahoo.com |