الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

لماذا يحاربون الشعائر؟

قبسات من فكر الإمام الشيرازي

 

شبكة النبأ: في سلّم الارتقاء البشري تبحث الامم والمجتمعات كافة في التجارب الانسانية التي سبقتها، وتحاول أن تستخلص منها ما يصبّ في تطوير أفرادها وزيادة وعيهم في المجالات الحياتية كافة، والتجارب هنا لا تنحصر بما تتركه الجماعات لغيرها في سجل التأريخ، بل حتى تلك التجارب والانشطة الفردية التي تمكنت من أن تترك تأثيرها وحضورها الدائم بحيث لا يمكن للتأريخ أو غيره إغفالها او تجاوزها او طمرها بسب تأثيرها العميق في الامم والافراد على حد سواء.

فثمة شخصيات شكّلت علامات مشرقة في تأريخ الرحلة البشرية وثمة علامات كانت اكثر اشراقا من غيرها، بل وثمة علامة هي الأعلى والاقوى اشراقا في التأريخ البشري وهي وقفة الامام الحسين بن علي عليهما السلام واعلانه الثورة على الطاغوت، فسجل بذلك تجربة ثورية خالدة نهلت منها الانسانية ولا تزال دروسا في التحرير لا يمكن ان تصل الى حد.

ومثل هذه العلامات المشرقة لا يستطيع الانسان ان يغمض عينه عنها او يتناسها او يتجاوزها، لأنها تفتح له الطريق نحو سلّم الرقي دائما وابدا، وهو الباحث الدؤوب منذ نشأته عن سبل التنوير والوصول الى مراتب أعلى مع امتداد الزمن وتوالي الايام والسنون والقرون والى ما شاء الله تعالى.

ولذلك فإن إحياء ذكرى المصلحين المؤمنين الذين وضعوا تجاربهم في خدمة الانسان، ستصب في صالح من يقوم بالاحياء اولا، وتتوزع أنشطة احياء المؤمن كما يقول الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في كتابه الثمين الموسوم بـ (إحياء الشعائر) تتوزع على بعدين هما:

(الأول: البعد المادي، المتمثل بالجسد وملازماته، من الطول والقصر واللون وما إلى ذلك...

الثاني: البُعد الروحي، أي آثاره العلمية، وسيرته الطيبة، وكلماته البنّاءة، فهذا البعد - الذي نحن بصدده الآن - يعتبر بمثابة الإشعاع، وبحثنا يدور حول الفائدة التي نحصل عليها منه).

بمعنى أن الناس تبحث بالفطرة عما تراه مفيدا ومناسبا لها من التجارب الانسانية ذات البعد الروحي الذي يقدم لها الافكار البناءة القادرة على دفعها الى درجة أعلى في سلم الارتقاء البشري، وهي بمثابة الدروس الخلاقة التي أنبتتها الروح المؤمنة في تربة التأريخ لتشع بأنوارها وافكارها المتوقدة فتضيء الدروب المظلمة للانسان، واذا ما تم التمسك بمثل هذه التجارب والعلامات الخالدة في سجل التأريخ، فإن الفوز سيكون لصالح الانسان المؤمن القويم وليس لصالح الانسان المفسد وهم كثر في عالم اليوم، حيث تراهم يرتعبون من احياء ذكرى الامام الحسين (ع) ولعل السبب الاساس هو انتشار الفكر الرافض للظلم وزيادة الوعي البشري الذي سيرفض ويقوّض ظلمهم وادواتهم، لهذا غالبا ما نراهم محاربين اشداء للفكر الانساني الذي يقوم على رفض الظلم مهما كان نوعه او قوته ومصدره، وفي هذا المجال يقول الامام الشيرازي (رحمه الله) في كتابه المذكور:

(إن الأجهزة الاستعمارية اليوم، تعارض وبشدة، إقامة مثل هذه المجالس والشعائر، في مختلف المناسبات، خوفاً من امتداد إشعاع الأئمة )ع) على كل طبقات المجتمع، فيفيق من نومه ويصحو كاشفاً مخططات الاستعمار فيفشلها، ولابد من ذلك اليوم الذي تهدّ فيه أعمدة الكفر. أما كيف كان الاستعمار يحارب المجالس فذلك عبر أساليب عديدة ومن جملة تلك الأساليب هو زرع أو تربية عملاء لمحاربة الدين وربما كان يتظاهر بعضهم بخدمة الدين. وهذا ما حصل بالفعل).

لقد بات واضحا ومنذ أمد بعيد ذلك الدور الكبير والمؤثر لاحياء مآثر اهل البيت (ع) في زيادة وعي الناس البسطاء ومعرفتهم بحقوقهم وتشبثهم بها ودفاعهم المستميت عنها من خلال تشبثهم بالفكر الحسيني الرافض للظلم، وقد بدا واضحا خطر ذلك على طواغيت العصر وغيرهم، وهنا يقول الامام الشيرازي (رحمه الله) في كتابه القيّم نفسه:

إن محاربتهم للشعائر دليل واضح على مدى أهميتها، وقوة تأثيرها على أفراد الأمة، وإلاّ لم يكن هناك مبرر ومقتض لمنع الناس عنها، ومنعها عنهم.

إن لمجالس العزاء أهمية كبيرة لا يمكن تجاهلها، وإن للمنبر الحسيني والشعائر دوراً عظيماً في إحياء الشعوب. وهذا مما لا ينكر.. وإن لمحافل القرآن أثراً فعّالاً في النفوس، حيث يبقى صدى القرآن يرنّ في مسامع المؤمنين، وتطمئن قلوبهم لذكر الله، فيدخل القرآن في وجودهم وتكون آياته منطلقاً لهم.. فالقرآن يرفض الظلم والعدوان،وأكل حقوق الناس،ومصادرة حرياتهم، واستعبادهم) .

وهكذا يكون الاحياء الروحي لذكرى واقعة الطف سبيلا الى تحرر الانسان من الظلم وهذا تحديدا ما يرعب الطاغوت ويجعله فاقدا لرشده، بسبب تطور الوعي ومحاربة الجهل بصورة متواصلة مما يتيح لعامة الناس رؤية اكثر وضوحا لحقوقهم، وقد اشار الامام الشيرازي (رحمه الله) لخطورة الجهل إذ قال:

(وحذّر الإسلام من الجهل باعتباره من عوامل التخلف، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: -الجهل مميت الأحياء ومخلد الشقاء-)، (غرر الحكم ودرر الكلم: ص 75 ق1 ب1 الفصل6 ح1164).

وهكذا كان دور أئمة أهل البيت عليهم السلام تنويريا مضيئا يفتح نوافذ العلم امام البصائر والأفئدة كي ترى السبيل الأقوم وتحث الخطى فيه وصولا الى الرقي الذي تنشده ممثلا بالحياة الحرة الكريمة التي دعا لها الامام الحسين (ع) وقدم روحه قربانا لها، وهذا ما جعل الطواغيت يخافون الفكر الحسيني على مر التأريخ، حيث يقول الامام الشيرازي (رحمه الله):

(من هنا عمل الطغاة على منع ومحاربة المنابر، ومجالس العزاء، التي تفضح المجرمين وتبشرهم بالعذاب الأليم، وتكشف الحقائق للأمة، وتجعلهم على دراية من الأمر).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/كانون الثاني/2009 - 19/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م

[email protected]