الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

التعويض الإلهي لسيد الشهداء عليه السلام

صباح جاسم

في اللحظة التي حطَّ بها الركب الحسيني رحاله في ارض كربلاء تحولت هذه المنطقة المقفرة التي لم يكن لها شأن سابقا الى ومضة خالدة الوهج بفعل بركة القرآن التي حلّت بها، فالليالي المعدودة التي قضاها الامام عليه السلام مع صحبه محاصَرين في تلك البقعة يصلّون لله ويتلون القرآن، كانت أصواتهم تشق الظلام الدامس الذي أحاط بهم من كل جانب (لهُم دوي كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد).

ورغم مرور نحو 1369 عاما على تلك الأيام فإن بركة القرآن ونور الإمامة التي حلَّت بكربلاء حوّلتها الى نبع للثقافة القرآنية بل ان مرقد الإمام الحسين عليه السلام تحول بالفعل الى مركز اشعاع للثقافة القرآنية والمبادئ الاسلامية السمحاء.

 وها هي اليوم أكاليل النجاح والفوز برضا الله تعالى تتوج رؤوس افواج الفتية والفتيات والكبار من المؤمنين وهُم يتخرجون تباعاً في دورات تعليم وحفظ القرآن الكريم من تحت قبة سيد الشهداء عليه السلام.

وهذا التلازم الأبدي بين الامام عليه السلام والقرآن الكريم ليس بمستغرَب اذا ماعلمنا بأن هناك العديد من الصفات التي وشحَّت شخصية الامام عليه السلام ولها تشابُه مع صفات القرآن الحكيم، فالقرآن جاء هدى للناس الى الاسلام وبيّنات من الهدى والفرقان. والحسين هدى للناس الى الايمان، وبينات من الهدى والفرقان بين اهل الحق والباطل، عندما عزم على محاربة الزيف والانحراف الذي طغى على امة الاسلام.

والقرآن الكريم ليلة نزوله ليلة القدر، والحسين ليلة ولادته نزل الملائكة بإذن ربهم لهذا الأمر، بسلام من الله وتهنئة جاء بها جبرئيل.

والقرآن الحكيم شافع لقارئه وحافظه والعامل بهديه، والحسين عليه السلام شافع لمن يزوره وينشر مظلوميته ويحزن عليه ملتزماً نهجه وخطّه الداعي للفلاح والنجاة.

والقرآن معجزة بأسلوبه وبمعانيه وبما جاء به من البينات، والحسين معجزة برأسه وبَدنه وبدمه وترابه، ولسانه الذي لهج بالقران ورأسه على أسنّة الرماح.

والقرآن جديد لا يبلى ولا يُمل بكثرة التكرار، والحسين مصابه يتجدد وتتعمق معانيه، ولا يُمل بكثرة الذكر والتكرار انما يتزايد محبّوه واتباعه.

والقرآن قراءته عبادة واستماعه عبادة، والحسين رثاؤه عبادة، والاستماع لرثائه عبادة، والجلوس في مجلسه عبادة، والبكاء له عبادة، وزيارته عبادة، وتمنّي الشهادة على أهدافه عبادة.

وإذا ما تقصّينا أوجه الشبه بين سيد الشهداء (ع) وجدّه المصطفى خاتم النبيين محمد (ص) نجد ان الحسين هو امتداد لشخص النبي الشريف على قوله صلى الله عليه وآله:" حسين منّي وأنا من حسين". ومعنى ذلك يصبُّ في أطر متشعبة أوّلها، أن مقام الشفاعة الكبرى الذي وهبه الله تعالى لرسوله الكريم إنما هو لأسباب عديدة منها رِضاه عزوجل بشهادة ولده وريحانته الحسين (ع).

وعندما يقول الرسول الأعظم (أنا مِن حسين) فأنه يعني مما يعنيه، ان بقاء ديني وتعاليم شريعتي الى يوم القيامة إنما هو بسبب تضحية الحسين (ع) التي لولاها لانمحت تعاليم الاسلام وسنّة نبيه الكريم. وهنا يصدُق القول، أن النبي واهل بيته صلوات الله عليهم قد خُلقوا من نور واحد ومن طينة واحدة.

وقد جرَت سنّة الله تعالى في هذا الكون على أن لايضيع عمل عامل، فإذا كان عزوجل قد عوّض عملاً متواضعاً او تضحية متواضعة فما هو تعويضه للتضحيات الكبرى التي قدمها سيد الشهداء عليه السلام؟ يقول الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام،" ان الله سبحانه وتعالى عوّض الحسين عليه السلام من قتله بأن جعل الإمامة في ذرّيته، والشفاء في تربته، واستجابة الدعاء عند قبره ولاتُعدُّ أيام زائره ذاهباً وراجعاً من عمره".

فأما كرامة الإمامة في ذرّيته، فهذه خصوصية لايشارك الإمام الحسين عليه السلام فيها أحد، بل لاتوجد عند أي نبي او ولي ولاحتى لأي إمام من الائمة المعصومين عليهم السلام، فضلاً عن انه يشترك مع أخيه الحسن عليه السلام في مجد لايملكه أحد وهذا المجد والشرف هو ان جدّهما خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد (ص) وأبيهما سيد الوصيين امير المؤمنين علي عليه السلام وأمّهما الصديقة الكبرى وسيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام، لكن الإمام الحسين يمتاز بمجد وكرامة إلهية مكتسبة هي ان الله تعالى جعلَ الأئمة التسعة المعصومين عليهم السلام من ذرّيته، وفي هذا يقول ابن العرندس بحسب رواية العلامة الأميني في غديره:

لهُ تربةٌ فيها الشفاء وقبّةٌ       يُجابُ بها الداعي إذا مسّهُ الضرُّ

وذريّةٌ درّية منه تسعةٌ        أئمةُ حقٍ لاثمانٍ ولاعشرُ

وأما الشفاء في تربته، فهذه خصيصة إلهية اخرى اختصّ بها سيد الشهداء حيث يقول الفقهاء ان الإستشفاء بتربة الحسين عليه السلام لايقتصر فقط على الامراض الجسدية وإنما يشمل الامراض الروحية وغيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 23/كانون الاول/2009 - 6/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]