الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الامام الحسين (ع) مثال للرفعة ورفض الظلم

قبسات من فكر الامام الشيرازي

شبكة النبأ: يعيش العالم الاسلامي في هذه الايام ذكرى استشهاد أبي الاحرار وسيد الشهداء الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) ويسترجع أهالي كربلاء المقدسة أجواء واقعة الطف وما رافقها من رفعة وأنفة وعظمة انسانية مثلها الامام الحسين (ع) وذويه وأصحابه الاطهار وهم يتصدون لخط الانحراف الاموي الذي حاول أن يشتط بمسيرة الاسلام خارج أهدافها الانسانية النبيلة.

فقد امتلأت كربلاء المقدسة مركزا وأحياء وأطرافا، شوارع وساحات وازقة، بمظاهر الحزن وسرادق المواكب والتكيات وغيرها من الاجواء التي تستحضر ملحمة الطف وتستعيد وقائعها لكي تستنهض همم الانسان وتضع أمامه مصابيح الهدى المشعة بأفكار الامام الحسين (ع) وأهدافه التي قدم فيها روحه الطاهرة وارواح ذويه وصحبه الأكرمين قربانا على محراب الحرية، لكي تقدم للانسانية درسا خالدا في حفظ الكرامة وإلاء شأن الانسان وتحصين رفعته ومكانته من الزلل او الهبوط مرتبة الدناءة التي لا تليق بالبشر كما اراد لها اتلطغاة والبغاة ان تكون كذلك على مر التأريخ.

ولا نعني بالأنفة ذلك التكبر الممجوج الذي لا يشكل سوى سمة من سمات النفوس الضعيفة، بل الانفة التي تمتزج بالحس الانساني النبيل الذي يحافظ على محبة الاخرين تطبيقا للقول النبوي الخالد (أحب لأخيك ما تحب لنفسك) وفي هذا المجال يقول الامام آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في كتابه الثمين الموسوم بـ ( الاخلاق الاسلامية:

(الرفعة في الناس، والعز، تلازمان الكبر والاعتلاء في النفوس الضعيفة! فحفظ التوازن لا يكون إلا بالانحطاط عند النفس وذلة باطنة، حتى تكبح النفس عن غلوائها، ولا تنظر إلى عطفها مختالة فخورة).

وبذلك فإن كبر النفس لا يلتقي مع تكبرها، فثمة فرث بين أن تكون النفس كبيرة بجوهرها واخلاقها العظيمة وبين أن تكون متكبرة متعجرفة مغالية في كل شيء وهي صفة من صفات الطواغيت التي لا تمت بصلة للانسان القويم فكرا وقولا.

ولهذا غالبا ما نلاحظ ذلك الارتباط الوثيق بين عظمة الروح الحسينية وأنفتها ورفعتها وبين إنسانيتها التي تتمثل بالاحساس الانساني النبيل الذي لا يفضل نفسه على الآخرين بل ولا يهدف إلا الى رفعة الناس وتطوير فكرهم ورؤاهم وهذا هو الهدف العظيم الذي دفع بالامام الحسين (ع) كي يعلن ثورته على الطاغية الاموي ويعلن رفضه للظلم أيا كان شكله او مصدره، وهذا من سمات النفوس العظيمة التي لا تترفع على الآخرين ولكنها في الوقت نفسه لا تقبل الظلم والانحراف قط.

ويقول الامام الشيرازي (رحمه الله) بكتابه نفسه في هذا المجال:

(فليس في الإسلام تحمل للظلم، حتى يجرئ الظالم، وتبعد الشقة بين القلوب والأفراد فالمظلوم المسلم لابد وان يعمل يده ولسانه حتى يظفر).

من هنا كانت الانطلاقة الحسينية ضد الطغيان قوية ومؤمنة ووثابة لا تعرف التردد او الرجوع عن مقارعة الظلم الاموي الذي حوّل مبادئ الاسلام الانسانية النبيلة الى ادوات تخدم الطغاة حصرا وتيسر لهم اللذائذ والمتع والمحرمات بإسم الدين الذي نهى عن ذلك ودعا الى صناعة النفوس الانسانية العظيمة التي تكرس عمرها وحياتها لخدمة الانسانية والسمو بشأنها عاليا.

ولعلنا لا نخطئ ونحن نراقب المشهد الكربلائي الآن وما يدور فيه الآن من أنشطة وأعمال وافعال متنوعة لاحياء شعيرة عاشوراء ومجريات ملحمة الطف، لا نخطئ حين نقول أن الناس يرفضون الظلم بفطرتهم، لذلك أصبحت شعائر الحسين (ع) وأهل البيت الاطهار (صلوات الله عليهم) متنفسا لهم في تصحيح المسارات الخاطئة للحكام ليس على مستوى التأريخ الماضي فحسب بل في التأريخ القريب والمنظور ايضا، بل وهي رقيب دائم حتى لحكام الحاضر والقادمين أيضا، فطالما يشط الحاكم سيجد صوت الفكر الحسيني الخالد بوجهه رافضا لتوجهاته ومقصيا إياه من سدة الحكم إلا من عمل لصالح الامم والشعوب وخشي ربه بهم وبمصالحهم المشروعة.

لذلك ستبقى عاشوراء ومبادئ الحسين عليه السلام واهل بيته الاطهار الابرار بوصلة المسلمين في الاهتداء الى السبل السليمة في الحياة، ولعلنا جميعا مطالبون بأن نلتزم الفكر المرشد والمصلح لنا، ويقول الامام الشيرازي رحمه الله في هذا المجال بكتابه السديد نفسه:

(أما المسدد المرشد، فتلزم طاعته، ومتابعته..).

وهكذا هي كربلاء وعاشوراء والفكر الحسيني الوقاد، رموزا خالدة لمقارعة الظلم وتثبيت الرفعة وعلو الشأن ممزوجا بالعاطفة والحس  الانساني الذي يهدف الى حياة انسانية تليق بالانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الاول/2009 - 5/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]