الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء بين إعلامين

مصداقية الإعلام وأدواته

برير السادة

المرحلة الاولى: قبل الاستشهاد

يلعب الإعلام دورا مهما في صياغة الرأي العام وفي صناعة القرارات بمختلف تشكيلاتها. كما أضحى أداه من أدوات المعرفة والتعليم, وبلورة الوعي. من هنا فان حركات التغيير والثورات تعتمد في جزء من نجاحها وتمكنها على الإعلام المصاحب لتقنيات النجاح من التنظيم والتخطيط...

الإعلام الحسيني استطاع بمصداقيته ومنهجه اختراق وتحطيم الإعلام المضاد, الذي حاول من بداية الثورة الحسينية تشويه أهدافها , وتصويرها بشكل مغاير لغايتها الإصلاحية كما أعلنها الإمام الحسين في قوله (إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي..) وذلك بكونها فئة خارجة عن إجماع المسلمين تطمع في الوصول إلى الحكم والفوز بالمغانم السياسية...

فاستخدم التضليل والتخويف في دعايته ومنهجه الإعلامي, فقام بعدة خطوات أبرزها  تصوير مسيرة الإمام الحسين حرب زعامات, ليس لها علاقة بالمسلمين أو طبيعة الحكم الإسلامي, فظهر شعار " الحسين سلطان ويزيد سلطان.. ولا دخل لنا بين السلاطين).

 كما أشاع في صفوف المجتمع الكوفي ضخامة وقوة الجيش الشامي القادم إلى الكوفة للسيطرة على الأوضاع المضطربة واستعان في لذلك الهدف برؤساء القبائل ووعاظ السلاطين وبعض المنتمين للتيار الحاكم.

يقول الإمام الشيرازي في كتابه الرأي العام والإعلام" ثم من العواطف المؤثرة في الرأي العام عاطفة الخوف, فالخوف يدفع بالإنسان إلى إن يبادر إلى أي شي يزيله"

وهو إن استطاع أن يحيد غالبية الكوفيين عن نصرة الإمام الحسين, ويزرع في نفوسهم الرعب والخوف , ويفرض طوقا امنيا ورقابة إعلامية على الأمصار الأخرى حتى استشهاد الإمام الحسين. فانه لم يستطع الاستمرار لقوة ومصداقية الإعلام الحسيني المتمثل في ركب السبايا.

في المقابل قامت الحركة الحسينية بعدة خطوات للتعريف بأهداف ومبادئ الحركة منها إرسال السفراء إلى الزعامات الدينية في الكوفة والبصره...  إلقاء الخطابات التعريفية والتذكرية بمكانته وكونه الامتداد الشرعي والطبيعي لرسول الله (ص) في الحج والمنازل التي مر عليها في مسيره لكربلاء.. وهو لهذه الغاية كان يرتدي عمامة رسول الله ويتقلد سيفه , ويذكر نسبه, ومنهجه وسيرته التاريخية وطبيعة مطالبه...يقول في خطبته الأولى " أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي الست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمة وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله..." ويقول ابن المقرم في كتابه مقتل الحسين (ع) عن خطبة الإمام الثانية " ثم إن الحسين (ع) ركب فرسه واخذ مصحفا ونشره على رأسه ووقف بإزاء القوم وقال: يا قوم إن بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله (ص) ثم استشهد عن نفسه المقدسة وما عليه من سيف النبي (ص) ولامته وعمامته.."

وللحد من تأثير هذا الزخم المعرفي في صفوف الجيش الاموي, قامت قيادات الجيش بمقاطعة الإمام الحسين وإثارة الضجيج والصخب, كما في قول الشمر للإمام الحسين في خطبته الأولى " هو يعبد الله على حرف إن كان..."

المرحلة الثانية: بعد الاستشهاد

بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) استمر الإعلام المضاد في تشويه صورة الركب الحسيني وفرض التعتيم الإعلامي على الحقيقة وذلك بتعريفه ركب السبايا (بالخوارج), إلا أن الركب الحسيني استطاع أن ينفذ الأكاذيب الإعلامية, عبر توجيه صدمة استشهاد الإمام الحسين وأصحابه  والمساس بقدسيته للتعريف بالحركة الحسينية وأهدافها واستثمار عاطفة الحب للنبي وأهل بيته عليهم السلام لفضح النظام الحاكم , وتأليب الرأي العام عليه يقول الإمام الشيرازي في هذا الصدد في كتابه الرأي العام والإعلام "وقد يبدو أن التغيرات في الرأي قد تحدث عرضا عند تغيير الخطاب من أسلوب إلى أخر"

ويقول في أهمية استثمار الجانب العاطفي " إذا لولا العاطفة لم يتحرك الإنسان لنصرة المظلوم ودفع الظالم وإعطاء الحقوق, ولم تكن له لذة فكرية في ما يتلو من الأشعار والأقوال و.... ولذا فكما أن للعقل أهمية كبيرة بالنسبة الى الرأي العام في مجالات الاقتصاد والسياسة... ومااشبه ذلك, فللعاطفة نفس تلك النسبة فهما وان كانا في مجالين لكن الرأي العام ينجم منهما معا " " وكيفما كان: فالمقصود الآن من كلام العقل والعاطفة أن هذين الأمرين صانعان للرأي العام"

ولاشك أن أجواء الحصار والخوف والتعذيب والانتقام تفقد العقل القدرة على التفكير السليم او تحد من صوابية الأفكار والراء. من هنا كان التعويل على العاطفة لتوجيه الرأي العام وزرع الوعي وسيلة ناجعة في مواجهة الترسانة الإعلامية للنظام الحاكم والتي سخرت كل إمكاناتها في سبيل تضليل ومسخ الوعي الفكري للجماهير.

وفي هذا السبيل تأتي أهمية إبقاء زخم الشعائر الحسينية في نفوس الشباب, لكونها وسيله من وسائل الاتصال والارتباط مع الحسين, فالشعائر ليست ممارسه همجية تفرضها القوة الاجتماعية والامتداد الشعبي لسلوك ديني او تيار مذهبي.. وإنما هي حركة تكاملية –تفاعلية مع الحركة الفكرية والثقافية التي ترسمها عاشورا في منبرها وعزائها.

فالانشداد العاطفي لمأساة كربلاء والذي يبلغ ذروته في البكاء واللطم, تصاحبه دعوة للتأسي بقيم الحسين وتعقل أهدافه وقيمه, من هنا فان حركة الشعائر ليست ممارسة مستلبة, تتشكل في العقل الباطن بتأثير العقل الجمعي, والدليل قدرتها على الإجابة على مجمل التساؤلات في هذا المجال. وثانيا لان الممارسات المتشكلة في العقل الباطن بفعل الأساطير, والدفع الاجتماعي عاجزة عن بعث الوعي والفكر كما في الحوار الإبراهيمي مع قومه عبدة الأصنام, يقول تعالى "قال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا ينطقون"   

لدى من الأهمية التأمل في إعلام الحركة الحسينية والاستفادة منها في رسم صورتنا الإعلامية والتي ترتكز على المصداقية, واختيار الأدوات الفاعلة, ووضوح الأهداف والغايات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الاول/2009 - 5/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]