- يلزم الاستفادة من ذكرى
عاشوراء لتركيز الإيمان والفضيلة والتقوى والمثُل الاخلاقية
الرفيعة في المسلمين وتوسعة دائرتها
- ان تحلّي المسلمين بالصفات
النفسية الرفيعة يمنحهم الحصانة من الامراض النفسية المنتشرة في
العالم المادي
- من الضروري ان نجعل موسم
محرّم منطلَقاً للإرشاد والتبليغ ونشر أحكام الله وتعاليم الرسول
(ص) الداعية الى الحياة الطيبة
شبكة النبأ: عندما تتبادر الى ذهن
الإنسان المسلم كلمة عاشوراء، يحضر في ذهنه معنى البطولة والإقدام
والشهادة، وابرز الكلمات التي حفظها التاريخ للبشرية قول الإمام
الحسين (ع): "إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا
احراراً في دنياكم".
وإنما قام الإمام الحسين عليه السلام في سبيل إحقاق الحق ونشر
العدالة الإلهية والحرية الحقيقية، ومحاربة الباطل وأهله.. وليكون
درساً للحق يقتدى به، فجميع ما عمله الإمام عليه السلام، من بذل
حياته، وأهل بيته وكل شيء في الدنيا، كل هذا ابتغاء مرضاة الله
تعالى، وتطبيقاً لأوامره. ومن هذا أنطلق الإمام السيد محمد
الشيرازي (قده) في بيان أهمية ثقافة عاشوراء وفق العديد من المحاور
ذات الاهمية القصوى للمجتمع الاسلامي:
الحصانة من الامراض النفسية
ما دامت كربلاء حية في القلوب والضمائر، فستبقى مصدراً للإشعاع
الديني ومدرسة للخطباء والكتّاب، ومركزاً للفضيلة والايمان
والاخلاق. فيلزم الاستفادة من ذكرى عاشوراء لتركيز الإيمان
والفضيلة والتقوى والمثل الاخلاقية الرفيعة في المسلمين، وتوسعه
دائرتها.
ان تحلّي المسلمين بالصفات النفسية الرفيعة، يمنحهم الحصانة من
الامراض النفسية المنتشرة في العالم المادي، كما يجب توسعة دائرة
هذه المثل والقيم لأشتمالها على مراتب ودرجات.
ومن الضروري ان نجعل موسم محرم منطلقاً للإرشاد والتبليغ ونشر
احكام الله وتعاليم الرسول (ص) الداعية الى الحياة الطيبة عبر
تطبيق الشورى وإطلاق الحريات الاسلامية والامة الواحدة والاخوة
الاسلامية والسلام وعبر تطبيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالرسول الاعظم (ص) والإمام امير المؤمنين (ع) والامام الحسن
(ع) جاهدوا من اجل تطبيق هذه المفاهيم وتركيزها في المجتمع، وسار
على خطاهم الإمام الحسين (ع) في ثورته المباركة.
تنوير الذهنية
يبادر الإمام الشيرازي (قده) الى تنوير الذهنية المسلمة
بالحقائق المستوحاة من معاني البطولة، الاقدام، الشهادة، الحق،
العدالة، الحرية، الايمان، الفضيلة، التقوى، المثل... ليضعها لبنات
في عملية البناء و التغيير من اجل استعادة:
1- الشورى
2- الحريات الإسلامية
3- الامة الواحدة
4- السلام
خلاص المسلمين
ويبدي الإمام الشيرازي (طاب ثراه) اهتماماً كبيراً بأيام محرم
الحرام، ويؤكد على محورين أساسيين، يمثلان الاهداف المتوخاة
لأطروحته في خلاص المسلمين وغيرهم، من اشكال الاضطهاد والتخلف
والضياع، وهذان المحوران هما:
1- وجوب تطبيق كل الاحكام الشرعية وجميع القوانين الإسلامية
الثابتة عن طريق القرآن والسنة المطهرة.
2- وجوب هداية الناس جميعاً وخاصة هداية غير المسلمين الى
الاسلام، فرؤية في محوره الاول منزعة من قول الإمام الحسين عليه
السلام: ( اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منّا تنافساً في
سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنرى المعالم في دينك،
ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومين من عبادك، ويُعمل بفرائضك
وسنتك واحكامك، فأن لم تنصرونا وتنصفونا، قوى الظلمة عليكم، عملوا
في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله وعليه توكلنا واليه أنبنا واليه
المصير).
سيرة الرسول
يقول الامام الشيرازي بصدد سيرة الرسول الاكرم (ص): ( في
التاريخ نرى ان الرسول (ص) لم يحصر نفسه، ولم يحبس دينه على جماعة
خاصة، ولا على قوم خاصين، وإنما سعى سعياً حثيثاً، وجداً اجتهاداً
كبيراً في ان يهدي الناس الناس كافة، من اي قوم ولغة كانوا، وفي اي
بلد ومنطقة سكنوا، ونحن المسلمين، امرنا الله تعالى بأن نقتدي
برسوله (ص) في كل شيء، ومنها هداية الناس الى الاسلام، وخاصة في
هذا اليوم، الذي اتسعت فيه شبكات الارتباطات وسهل التعرف فيه لكل
منا على الاخرين، واصبح العالم كبيت واحد، وافراده كأفراد اسرة
واحدة، وهذا ما يثقل مسؤوليتنا، ويعظم واجبنا وتكليفنا، ويحتّم
علينا ان نستفيد من كل الوسائل والامكانات لهداية الناس، كل الناس
الى الاسلام).
توظيف الافكار
يستفيد الإمام الشيرازي رحمه الله من قوله تعالى: (يأخذوا
بأحسنها) الاعراف / 45، في توظيفه الافكار وكيفية ذلك في أبعاد
اجتماعية شتى، في ايام محرم على الوجه الاكمل، ومن هذه الابعاد:
1- التكافل الاجتماعي، حيث يقول( إن الاهواء النفسانية من جهة،
والسياسية الاستعمارية غربية وشرقية من جهة اخرى، جعلت كثيراً من
المسلمين يعرضون عن قوانين الله، يتكالبون على الدنيا وملذاتها،
لذلك بقيت الملايين من الحاجات معطلة، فقلت نسبة الزواج وتفشت
العزوبية، بتما تحمله من سلبيات، واصبح كثير من الناس دون مسكن
وماوى، وفقد الدواء أو اقل أرتفعت قيمته ولم يتوفر العدد الكافي من
المدارس والمعاهد العلمية، وتقلصت موارد الاكتساب وتعقدت شرائطه
وكثرت قيوده، فما زاد في نسبة العاطلين عن العمل، كما بقيت كثير من
الخدمات العامة متوقفة امثال: الكهرباء والماء وتعبيد الطرق وتوفير
شبكات الري... وغيرها).
ويرى الامام الشيرازي، ان للخطيب في المجالس الحسينية، والهيئات
التي يمكن ان تنبثق من كل مجلس حسيني، وبمساهمة الخيرين بين ابناء
الامة الاسلامية من التجار والاثرياء، بمساعدة كل هؤلاء توجيهاً
وارشاد أو مساهمة ادوار في قضاء حوائج المحتاجين ووضعها في أوليات
اهتمامهم، ويقول في هذا الصدد:( من الضروري استثمار موسم محرم لجمع
الحقوق الشرعية من اخماس وزكوات لصرفها في مواردها من تقوية
الحوزات العلمية والمؤسسات الاسلامية، ويؤكد على الخطباء والمبلغين
بقوله:( وعليهم التبليغ وتحريض الناس بالوصية بـ (الثلث) للأمور
الخيرية والمؤسسات الاسلامية، ثقافية كانت أو صحبة او مهنية.
كما يجب ملاحظة صرف التبرعات وفق قانون (الاهم والمهم) و(الحسن
والاحسن) فمثلاً جمع التبرعات للفقراء والمحتاجين قد يعطي بصورة
آنية، وقد يعطي نماؤه بعد ان يوضع رأس المال في المضاربة، أو يشتري
الاملاك للانتفاع من أيجارها ويستأجر للفقراء منازل يسكنون فيها..
2- الاهتمام بالمؤسسات الاسلامية، كمّاً وكيفاً، بأن يهتم
الخطباء وأصحاب المجالس بإنشاء المؤسسات، وذلك بتحريض الناس
وتشجيعهم على الإسهام في تهيئة الرسائل والمقدمات.
3- حل المشكلات السياسية التي تعاني منها الامة الاسلامية والتي
اضرمتها الدوائر الاستعمارية.
4- الحث على الكسب والاكتساب، لأن الاقتصاد الناجح أنما يكون
بالاكتساب والاستثمار والزراعة والتجارة والصناعة وحيازة المباحات،
فمن الضروري ان يحرض الناس على النشاط والهمة والتوسع في الاعمال،
وهذا ما يوجب في تقليل البطالة بين صفوف المسلمين وغيرهم.
5- إزالة المنكرات أو التقليل من شيوعها وانتشارها.
ويحدد الامام الشيرازي (قده) طريقتين للتوصل الى ذلك:
الاولى: الطلب من الحكومات بل الضغظ عليها لإلغاء القوانين
المنكرة والمبيحة للمحرمات.
الثانية: الإهتمام الجماعي أو الفردي لإزالة المنكرات قدر
المستطاع.
6- الإهتمام بالشباب والنساء والعجزة والاطفال، بأسلوب تربوي،
اجتماعي، اخلاقي.. فأما الشباب فهم عماد المستقبل والغفلة عنهم
توجب انحرافهم عن المنهج السليم والافكار الصحيحة، وانحرافهم مع
التيارات السقيمة، ووقوعهم في شبكات الألحاد والفساد والأفساد..
فتتحول الطاقات الخيرة الى معاول للهدم.
وأما العجزة، فأنهم أولى بالرحم. وأما الاطفال، فأن الشعوب التي
تبحث عن سعادتها، لابد ان تهتم بجيلها المستقبلي، بأن يكون صحيح
الجسم، خالياً من العقد النفسية.
..........................................................
المصادر/ كتاب الاستفادة من عاشوراء للإمام
الشيرازي |