شبكة النبأ: تحت شعار (الإمام
الشيرازي سيرة جهادية وتاريخ مشرق) أقامت مؤسسة الرسول الأعظم (ص)
مهرجاناً تأبينياً كبيراً بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لرحيل سماحة
آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قده).
وقد ابتدأ المهرجان بقراءة آيات من الذكر الحكيم من ثم الوقوف
لقراءة سورة الفاتحة على أرواح العلماء والشهداء، وقد ألقيت خلال
المهرجان مجموعة من الكلمات التي تحدثت عن سيرة وعلوم هذه الشخصية
الإسلامية الكبيرة التي رفدت الإسلام بتراث ومؤلفات عظيمة أسهمت ببناء
المجتمع والإنسان.
فقد تحدث آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري متطرقا إلى شخصية هذا
العالم الربّاني الكبير معرّفاً ببعض مؤلفاته القيمة في المسائل
الشرعية، منبّهاً على ضرورة الاستفادة من هذا الفكر العظيم والخلّاق،
وبالأخص موسوعة الفقه في جوانبها المتعددة، من باب الطهارة الى
الديّات، حيث الكثير من المسائل التي لم يتطرق إليها أحد من قبل، والتي
تتميز بجانبين الأول، من حيث السعة فقد تكلفت بايراد أقوال الفقهاء
ابتداءا من الشيخ المفيد والى المعاصرين، والثاني إثارات فقهية جديدة،
حتى انها ناهزة الألف مسألة.
من ثم ألقى آية الله السيد مرتضى القزويني كلمة عن عِظم هذه الشخصية
معرفاً ببعض انجازاتها القيمة في خدمة الإسلام والمسلمين مطالباً في
الوقت ذاته من السادة المسؤلين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الأستاذ نوري
المالكي بضرورة الاهتمام والسعي لإحياء الحوزات العلمية، هذه الحوزات
التي خرَّجت أمثال السيد الشيرازي (قدس) وعشرات العلماء الذين أسهموا
ببناء المجتمع بفكرهم النيّر.
واضاف آية الله القزويني: ماذا أقول في عالِم عامِل عابد زاهد ورع
عاشرتهُ لأكثر من نصف قرن من الزمن، كنّا معاً في السراء والضراء في
الشدة والرخاء، اشتركنا في الدروس والمباحثات، ماذا أقول في شخص عاش
مظلوماً ومات مظلوماً، ولا أريد أن أحدد مَن ظَلمَهُ إلا انهم ظلموه من
كل الجهات، ومع ذلك كان كالجبل الشامخ الصلد، يؤمن بالعمل لا يكل
ولايمل، وكان زاهداً قضى سنوات عمره الشريف وقد عفى نفسه من الطيبات
فكان زاهداً في مأكله وملبسه عاش ولم يملك شبراً من الأرض.
وتابع آية الله القزويني، كان المجدد الثاني رضوان الله عليه
مجاهداً بقلمه ولسانه، كتب أكثر من الف ومائة وستين كتاباً في مختلف
جوانب الحياة وفروعها. وكان سماحة السيد الإمام متميزاً بعلمه، ففي علم
الأصول قد برع وفي الفقه كذلك كان نابغة ومتفوقاً، لمستُ ذلك منه منذ
أيام التحصيل الدراسي وكان رضوان الله عليه لا تأخذه في الحق لومة
لائم.
من ثم ألقيت في المهرجان قصيدة شعرية بحق الفقيد الراحل ألقاها
الشاعر علي حميد الشويلي من محافظة ذي قار.
ثم ألقى الدكتور أحمد باهض، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات
الاستراتيجية، كلمة قيّمة ختم بها المهرجان، كان عنوانها، الأزمة
الإقتصادية الراهنة وأطروحاتها في فكر الإمام الشيرازي الراحل، تحدث
خلالها حول مثالب النظام الرأسمالي وسلبياته على الواقع العالمي
ومايشهده اليوم من أزمة مالية عالمية حقيقية، أثر وجود هذا النظام. وقد
أشار الى ذلك الإمام الراحل في كتبه القيمة.
ودعى الدكتور تقي الى ضرورة تبني إطروحات الإمام الراحل الإقتصادية
والمالية والمستمدّة أصلاً من تعاليم الدين الحنيف والشريعة المقدسة
والسنة الشريفة.
هذا وقد التقت (شبكة النبأ المعلوماتية) مجموعة من الشخصيات الحاضرة
والتي تحدثت عن هذه الشخصية العظيمة وعن انجازاتها الكبيرة. وكانت
وقفتنا الأولى مع آية الله السيد مرتضى القزويني حيث قال: في هذه
الليلة مدينة كربلاء وبقية الحوزات العلمية يجددون الذكرى السابعة
لرحيل آية الله العظمى السيد الشيرازي (قدس سره)، في الحقيقة ان هذا
الرجل كان أعجوبة الدهر، كان وحيداً في دهره قلّما يوجد له نظير.. كتب
من المؤلفات (1160) كتاباً في مختلف العلوم مضافا إلى مقامة الزهد
والتقوى.. عاش عمره وما وضع حجراً على حجر، كان زاهداً في طعامه وفي
لباسه وفي مسكنه.
ما مللك شبراً من الأرض لا هو ولا أولاده ولا أصهاره. لم يخلّف إلا
كتبه وتلاميذه الذين رباهم وعمله الصالح، فالحسينيات التي بناها تجاوزت
الـ(800) حسينية ومركز أسلامي ومسجد في شرق الدنيا وغربها.. بدءا من
اليابان والصين والهند وصولاً إلى أمريكا وأستراليا وأفريقيا وأوربا
التي بنا فيها مؤسسات أسلامية وأرسل دعاة ومبلغين، وألوف من الشباب
دخلوا الإسلام بسبب جهوده. وكثير من النساء غير المحجبات تحجبن بفضله.
وآثاره التربوية قلما يكون لها نظير. ونحن نغتنم هذه الفرصة وندعو
العلماء والدعاة والمبلغين إلى أن يقتدوا بهذا السيد بجهاده وبسيرته
وبأيمانه وأخلاقه. ونطلب من الله له الرحمة والغفران..
أما العلامة السيد مصطفى الشيرازي حفيد الامام الشيرازي، فقد تحدث
لـ شبكة النبأ قائلا: يقول الرسول(ص) بوصية له لأحد المبلغين الذين
وفدوا إلى اليمن: (وأظهِروا الإسلام كله صغيرة وكبيرة).. السيد الراحل
الإمام الشيرازي (رحمه الله) كان يمتثل لهذا الأمر الوارد في رسالة
النبي الأعظم (ص). ففي كتبه وأفكاره كان يريد أن يظهِر الإسلام كله
صغيره وكبيره، وهنالك من المفكّرين ومن القادة من يقول، ان الاهتمام
بالكليات وكبار المسائل الشرعية والإسلامية هو المهم أما الإمام
الشيرازي (رحمه الله) فكان يرى أن كل الأحكام الشرعية وكل مبادئ
الإسلام الصغيرة والكبيرة لابد أن تطبق وهي مهمة بمجموعها.. فهو في
كتابه (الى نهضة ثقافية إسلامية) يقول، حتى الألفاظ الإسلامية لابد أن
تُعاد. ولعل هنا من يسأل لماذا الاهتمام بصغائر مسألة شرعية خاصة؟
والجواب على ذلك, أن هذه الأمور الصغيرة هي التي تشكل ثقافة التطبيق
للأمور الوسطية والكبيرة. وبعبارة أخرى انها نواة للقوى المصطلحة
بالقوة الناعمة. فالغربيون بدأوا بالغزو عبر القوى الناعمة وعبر
الاهتمام بصغائر الأمور ومن ثم إلى الأيدلوجية الكبيرة التي تبنوها،
فهذه الرواية صادقة بحق الإمام الشيرازي(رحمه الله) (وأظهروا أمر
الإسلام كله صغيرة وكبيرة)، نسئل الله عز وجل أن يوفقنا إلى ذلك..
أما الأستاذ عبد العال الياسري، رئيس مجلس محافظة كربلاء المقدسة
فقال لـ شبكة النبأ: نتجمع اليوم في الذكرى السابعة لرحيل العالم
الرباني السيد الشيرازي (رحمه الله) واحتفاءاً بالمبادئ الإسلامية التي
ضحى من أجلها هذا العالم الجليل. فهو بالإضافة لكونه موسوعة فكرية
كبيرة ليس في جانب الفقه فقط بل في كل العلوم الإسلامية الأخرى
والاجتماع والسياسة، كان بحق مدرسة للفقه الإسلامي بل لكل الأفكار
النيرة التي نحن بحاجة إليها اليوم. لهذا أني أرى أن سماحة السيد جاء
في زمن غير زمانه وبذلك أستحق كل هذا الاحتفاء.
واضاف السيد الياسري، أن ذكرى السيد الشيرازي (رحمه الله) تتجدد في
نفوس جميع المؤمنين ومحبي أهل البيت وستبقى مدرسته تنير العالم والفكر
الإسلامي بشتى العلوم...
السيد حسين الطويل مسؤول حركة الرفاه والحرية قال: نحضر الآن مناسبة
إحياء ذكرى رحيل المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي
(رضوان الله عليه) وهي مناسبة تستحق أن تحيى بأفضل ما يكون، فما أمتلكه
السيد الراحل من صفات عظيمة وما أمتلكه من موقع علمي ومرجعي رفيع وبما
حمله من هماً لهذه الأمة ولهذا المجتمع لينتشل الإنسان والأمة ويرتقي
بهما إلى أعلى المستويات.
واضاف السيد الطويل، لقد وظف الامام الشيرازي (قده) كل حياته وكل
علمه ووظف فكره ووقته وجهده وقدرته وطاقته بلا تحفّظ من أجل أن يصل إلى
هذا الهدف النبيل والمقدس.. وفي الحقيقة احتفائنا هذا هو أقل الوفاء
الذي نقدمه إلى سماحة المرجع الراحل هذه الشخصية العظيمة، فنحن لا نقدر
أن نوفي حقه.. نسئل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته ونحن مطمئنون
أن سماحة السيد المرجع الراحل رحلَ عنّا بجسمه ولكن خطّه سيبقى خالداً
ان شاء الله وستبقى الأجيال سائرة على طريقة ونهجه حتى تكسب رضا الله
والسعادة في الدنيا و الآخره..
كما والتقت (شبكة النبأ) بأحد الزائرين العرب الذين حضروا المهرجان
وهو الأخ علي عبد الله من العوامية، منطقة القطيف في الملكة السعودية،
حيث تحدث لنا بهذه المناسبة قائلا: ماذا أتحدث عن السيد الشيرازي وقد
شاهدته عدة مرات والتقيت به كثيراً..إن اللسان ليعجز عن وصف مثل هكذا
شخصية، فهو سيد في الأخلاق والتواضع حنون روؤف متسامح يسئل الجميع عن
أحوالهم وأمورهم ومتطلباتهم.. كُنّا نزوره في محل أقامته في دولة
الكويت ايام (الخميس والجمعة) من كل أسبوع تقريباً، لأجل الصلاة خلفه
والإستفادة من فكره النيّر والإنتهال من بعض علومه، كان رحمة الله
يعطينا الكثير من وقته كان يزوّدنا بما نحتاجه من كتب قيمة ومطبوعات،
وكنّا نخبره بصعوبة إدخالها عبر الحدود الى السعودية، لكنه كان يجيبنا
مبتسماً ان شاء الله ستدخل تلك الكتب وستصل، وتستفيدون منها، كان
معتمداً مؤمناً بالله.
واضاف الاخ علي عبد الله لـ شبكة النبأ، حتى بعد انتقاله إلى مدينة
قم المقدسة لم ننقطع عنه.. أني أعجز عن وصف علمه وأخلاقه وتواضعه لقد
كان أباً عطوفاً يسئل عن الجميع في كل مكان. كان رحيماً مجسداً لأخلاق
العالم الرباني الحقيقي كيف لا وهو من تربّى بخلق الرسول (ص) وتعلّم من
علوم أهل البيت (ع).. ونسئل الله له أعلى المراتب في جنان الخلود بحق
محمد واله الطاهرين.
هذا وقد شهد المهرجان حضور العديد من الشخصيات الدينية وممثلي مكاتب
المرجعيات الدينية وشخصيات سياسة وعشائرية مثَّلت مختلف التوجهات
والأحزاب، بالإضافة لمجموعة من الوفود وعدد كبير من أبناء المحافظة
والزائرين، ونقل المهرجان على الهواء مباشرة من قبل عدة قنوات فضائية
منها فضائية الأنوار.
|