شبكة النبأ: مع أطلالات الذكرى
السادسة لرحيل المفكر الاسلامي الامام الشيرازي(قده) ما أنفكت ذاكرة
الزمن الا أن تشيط غضبا حيال تلك القراءات والافكار الزاخرة بالكثير من
المعاني والدلالات التي أستطاعت أن تخترق حاجز الصمت المطبق انذاك أزاء
ذلك الوعي الذي لا يتعدى فكرة الحيض والنفاس حتى يصل به الامر الى
مستويات بسيطة ومتواضعة هي أقرب ما تكون الى حالة الانسجام والتجاذب
نحو النظم الاجتماعية والانسانية السائدة في الازمان الغابرة.
وفي ظل أجواء تلك الذكرى العطرة كان لمراسل(شبكة النبأ المعلوماتية)
هذا الحضور على خارطة الوعي الديني الصحيح والذي يتنسم من عبق أريج
صاحب هذه المناسبة نفحات من شدو الرسالة المحمدية الخالدة فكانت
الحصيلة ما يلي:ـ
أول من تحدثنا اليه كان الاستاذ(محمد حديد) وهو بكالوريوس تربية،
حيث قال: لاشك بأن التعرض لحياة الامام الشيرازي(قده) تستقطب مزايا
مهمة وهي أقرب ما تكون الى أنتهاج سبل الخروج على المعتاد او المتعارف
عليه، وذلك من خلال اذكاء عملية التغيير او الالتفات الى المفاهيم
الجديدة ومحاولة رفض الانساق التقليدية أو القوالب الجاهزة على أعتبار
أن الانسان يضع في ذهنه المقاييس الوضعية القاصرة، والتي هي بالتاكيد
لا تنسجم مع جوهر التغيير مهما كانز
أذن نحن أمام أنعطافة أنسانية كبيرة تتجلى من خلالها مسيرة التغيير
التي أتخذها الامام الشيرازي(قده) عبر بوابة البحث في سبل صياغة عملية
التغيير التي أصبحت من ضرورات قيام النهضة الإسلامية الحديثة لمواكبة
عملية التطور التي تشهدها البشرية.
غير أن هذه الابحاث عانت من عدة سلبيات جعلتها تفتقر إلى الواقعية
إضافة إلى الشوائب التي حملتها معها نتيجة محاولة اقتباس بعض التطبيقات
البعيدة عن النهج الإسلامي الذي ترتكز عليه هذه الدراسات. كما أنه من
المفروض أن تكون هذه المهمة من اختصاص العلماء وحدهم فهم القادرون على
فرز الملابسات التي تطرأ على عملية التغيير.
وكان لسماحة المرجع الديني سماحة الامام الشيرازي(دام ظله) دوراً
استثنـــائياً في إرساء هذه القاعـــدة الإسلامـــية وفق الرؤية
الشرعية التي يتفق عليها أغلب علماء الامة، ولعل كتابَي (السبيل إلى
انهاض المسلمين) و(الصياغة الجديدة لعالم الايمان والحرية والرفاه
والسلام) هما مفتاح هذه العملية الحديثة العهد بالبحث المنهجي تحت
الشروط التي أشرنا إليها، ويأتي كتاب (ممارسة التغيير) إكمالاً للخطوات
الحثيثة لسماحته والتي ثبتها في الكتابين المذكورين.
أما الاستاذ (علي الخباز) وهو رئيس جريدة صدى الروضتين في كربلاء،
قال لـ(شبكة النبأ): ثمة الكثير من التكهنات التي تحاول أن تذهب بعملية
التغيير الى حلول كونية مستحيلة حيث ترمي بكاهل الفشل على الدولة
الاستعمارية أوالاستبدادية من دون أن تحمل نفسها وزر هذا الاخفاق تحت
ذريعة الغرب وذلك لاذكاء حالة الفشل لدينا، وهم بذلك يحاولون جاهدين
أسقاط نظرية الشروع بأي منجز مهما كان، ومن هنا يجب أن نؤمن بأن
التغيير يحتاج إلى صبر طويل، ومثابرة وتكرار، وعدم يأس، وقد نقل أحد
الأصدقاء لي بأن ممثل السفير الايراني انذاك كان يسيء إلى أهالي
كربلاء فذهب هذا الرجل إلى الوزير في طهران لينقل ذلك الموظف لكن
الوزير كان من أصدقاء ذلك الموظف فلم يعر لكلامه أذناً، وهكذا كان يطرق
هذا الصديق الأبواب لمهمته ولا يتمكن من قلعه كلما طرق الأبواب،
وأخيراً التجأ إلى الملك وعرض له القصة فنقله الملك مما سبب تعجب ذلك
الموظف الكبير وأسياده الذين كانوا يسندونه في بقائه.
ويضيف الاستاذ الخباز، نقل صديق آخر قصة ثانية تفيد أن المثابرة
والاستمرار توجب الوصول إلى الهدف وهو أن أحد الموظفين كان يسيء إلى
أهالي كربلاء فذهب أحد الوجهاء إلى الوزير ليعاقب ذلك الموظف لكن
الوزير رفضه رفضاً باتاً، فلم ييأس الرجل وإنما ذهب إلى أصدقاء الوزير
واحداً واحداً وتمكن أن يؤثر فيهم فأثروا على الوزير فقلع الموظف.
ومثل هذه القصص كثيرة وقد مرّت على كل إنسان جرّب الحياة، فعلى
الممارسين للتغيير أن لا ييأسوا من مرة ومرة، وعشر مرات، ومائة مرة،
وحتى من ألف مرة.
أما(حسن عبود) وهو أستاذ في علم الاجتماع، فقال لـ(شبكة النبأ):
يقينا بأن قراءات الامام الشيرازي(قده) كانت تؤكد على أن الإنسان
الممارس للتغيير يجب أن يعرف أن تجمع القطرات تسبب تكوّن البحار،
وتجمّع صغار الرمال يسبب تكوّن الصحاري، وتجمّع الخلايا الصغيرة يكوّن
بدن الإنسان والحيوان والشجر إلى غير ذلك فعلى الإنسان الذي يريد
ممارسة التغيير أن يجمع القطرات من أجل هدم الأبنية السابقة وتشييد
الأبنية الجديدة مهما طال الزمن ومهما احتاج إلى ضم قطرة إلى قطرة وذرة
إلى ذرة وعمل إلى عمل وجهاد إلى جهاد وذلك بفارغ الصبر، وجميل
الإنتباه.
وأضاف الاستاذ حسن، قد نقل بهذا الصدد أن إحدى مراكز العبادة في بلد
من البلاد الغربية احتاج ترميمه وتقويته وجلب الناس إليه إلى كمية من
المال قدّرت بثلاثة ملايين على أقل تقدير، ولما لم يتمكنوا من جمع هذا
المال من الأثرياء والمتبرعين من أهل الخير، فكروا في طريقة أخرى وهو
أن يجمعوا المال من خلال جمع رؤوس قناني المشروبات التي تلقى في
الشوارع، فاستأجروا عدداً من العمال وزوّدوهم بعربات ليدوروا في
الشوارع ويجمعوا رؤوس القناني التي يلقيها الناس في الشوارع بعد شربهم
المشروبات فجمعوا خلال سنة من رؤوس القناني ما كان ثمنه ثلاثة ملايين.
أما الاستاذ(علي جابر) وهو مدرس، حيث قال: لربما كان حلول الذكرى
السادسة لرحيل الامام المفكر السيد الشيرازي(قده) في ظل تلك الظروف لهو
بارقة أمل تستنهض فينا أمور عدة طالما أكد عليها الامام الراحل في
حياته من خلال بلؤرة العديد من الافكار التي أستطاعت أن تفرضها نفسها
عنوة على المشهد المعاصر كونها تشكل معطى مهم في الية التغيير والنهوض
بحالة هذا الامة في ظل الواقع الراهن ونحن اليوم أحوج ما نكون الى
أسقاط تلك النظريات على أرض الواقع الملبد بالكثير من الارهاصات
والمنغصات التي باتت تجهض على بناء المشروع الوطني، هذا مما يفضي بنا
الى أستذكار تلك المعاني السامية التي جاءت على لسان السيد
الشيرازي(قده) وهي تحاول ان تنسخ من على ذاكرة الوعي الاسلامي نواة
أستحالة التغيير من دون تدخل قوى خارقة، وهذا الفكر بحد ذاته خطر لا
يمكن السكوت أزاءه لما له من عواقب من شأنها أن تصهر الفرد نحو الية
الاستسلام أو الانهزام، لذا يجب أن تكون هكذا مناسبات بمثابة الوهج
الذي يستنهض فينا الهمة من أجل الارتقاء بالواقع العربي والاسلامي على
حد سواء.
الشيخ(ستار الكعبي)، رجل دين، قال: لزاما أن تكون هذه المرحلة رغم
صعوبتها هي بمثابة محطة مهمة للولوج الى عالم المصارحة والاستبيان في
أستنطاق الحقائق الغائرة تحت وطأة التماهي والجهل في أمور الدين
والدنيا، الا أننا ومن خلال تلك المناسبات العظيمة نحاول أن نستحضر تلك
الرموز التي طبعت في ذاكرة الوعي الاسلامي مفاهيم هي أصدق ما تكون
للتعبير عن وجدان ديننا الحنيف الذي كان وما يزال يحرص على أن يكون
الانسان هو سر الوجود وديمومة بقائه، لذا ينبغي أن لا تمر تلك
المناسبات الا أن نضع أصابعنا عن مواطن القوة والوهن في مسيرتنا التي
تكاد أن تتعثر في ظل ما يكتنفها من أدوات النكوص والانحراف عن جادة
الصواب، والتي هي بالتاكيد في متناول أيدينا من خلال التعرض الى سيرة
أولئك العظام أمثال السيد الشيرازي(قده) الذين حاولوا جاهدين أن يقهروا
داء الاستكانه في الذات الانسانية من خلال التحرر من عنفوان الماضي
المستقر في ذات السكون.
ومن هنا نستشعر بأن الاراء تكاد أن تتفق وهي تستذكر الذكرى السادسة
لرحيل مفكر هذه الامة الامام الشيرازي(قده)، وهي تصفها بأنها خندق تصطف
من حوله كل الخصائص والخصال العالية، هذا مما يلقي على عاتق هذه الامة
مسؤولية التعاطي مع الذكرى السادسة لفقيدنا الراحل كفلسفة لا ينبغي لاي
منا أن يفرط بها او يمنع نفسه من التزود منها ليطفىء لضى الانحسار بين
الحياة كمشعل ينير كل الدروب وبين الارتماء في أحضان الجسد ولا يمتد
الى أبعد من ذلك مهما تغير الزمن. |